الباحث القرآني

(p-٣١٠)سُورَةُ يس مَكِّيَّةٌ أخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ والنَّحّاسُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ ”يس“ بِمَكَّةَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: نَزَلَتْ سُورَةُ ”يس“ بِمَكَّةَ. وأخْرَجَ الدّارِمِيُّ، والتِّرْمِذِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ لِكُلِّ شَيْء ٍ قَلْبًا وقَلْبُ القُرْآنِ ”يس“، ومَن قَرَأ: ”يس“ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِقِراءَتِها قِراءَةَ القُرْآنِ عَشْرَ مَرّاتٍ» . وأخْرَجَ البَزّارُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وقَلْبُ القُرْآنِ يس» . (p-٣١١)وأخْرَجَ الدّارِمِيُّ وأبُو يَعْلى والطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، وابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «مَن قَرَأ ”يس“ في لَيْلَةٍ ابْتِغاءَ وجْهِ اللَّهِ غُفِرَ لَهُ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ حِبّانَ، والضِّياءُ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَن قَرَأ: ”يس“ في لَيْلَةٍ ابْتِغاءَ وجْهِ اللَّهِ غُفِرَ لَهُ» . وأخْرَجَ الدّارِمِيُّ عَنِ الحَسَنِ قالَ: مَن قَرَأ ”يس“ في لَيْلَةٍ ابْتِغاءَ وجْهِ اللَّهِ غُفِرَ لَهُ. وقالَ: بَلَغَنِي أنَّها تَعْدِلُ القُرْآنَ كُلَّهُ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، وابْنُ حِبّانَ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسارٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «”يس قَلْبُ القُرْآنِ، لا يَقْرَأُها عَبْدٌ يُرِيدُ اللَّهَ والدّارَ الآخِرَةَ إلّا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، فاقْرَأُوها عَلى مَوْتاكم» . (p-٣١٢)وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والبَيْهَقِيُّ عَنْ حَسّانَ بْنِ عَطِيَّةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «“مَن قَرَأ ”يس“ فَكَأنَّما قَرَأ القُرْآنَ عَشْرَ مَرّاتٍ» . وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وابْنُ مَرْدُويَهْ والخَطِيبُ والبَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سُورَةُ ”يس“ تُدْعى في التَّوْراةِ المُعِمَّةُ؛ تَعُمُّ صاحِبَها بِخَيْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ، وتُكابِدُ عَنْهُ بَلْوى الدُّنْيا والآخِرَةِ، وتَدْفَعُ عَنْهُ أهاوِيلَ الدُّنْيا والآخِرَةِ، وتُدْعى المُدافِعَةَ القاضِيَةَ؛ تَدْفَعُ عَنْ صاحِبِها كُلَّ سُوءٍ، وتَقْضِي لَهُ كُلَّ حاجَةٍ، مَن قَرَأها عَدَلَتْ لَهُ عِشْرِينَ حَجَّةً، ومَن سَمِعَها عَدَلَتْ لَهُ ألْفَ دِينارٍ في سَبِيلِ اللَّهِ، ومَن كَتَبَها ثُمَّ شَرِبَها أدْخَلَتْ جَوْفَهُ ألْفَ دَواءٍ، وألْفَ نُورٍ، وألْفَ يَقِينٍ وألْفَ بَرَكَةٍ، وألْفَ رَحْمَةٍ، ونَزَعَتْ عَنْهُ كُلَّ غِلٍّ وداءٍ»، قالَ البَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي بَكْرٍ الجُدْعانِيُّ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ مِرْقاعٍ الجُنْدَعِيِّ وهو مُنْكِرٌ. وأخْرَجَ الخَطِيبُ مِن حَدِيثِ أنَسٍ، مِثْلَهُ. (p-٣١٣)وأخْرَجَ الخَطِيبُ عَنْ عَلِيٍّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَن سَمِعَ سُورَةَ ”يس“ عَدَلَتْ لَهُ عِشْرِينَ دِينارًا في سَبِيلِ اللَّهِ، ومَن قَرَأها عَدَلَتْ لَهُ عِشْرِينَ حَجَّةً، ومَن كَتَبَها وشَرِبَها أدْخَلَتْ جَوْفَهُ ألْفَ يَقِينٍ، وألْفَ نُورٍ، وألْفَ بَرَكَةٍ، وألْفَ رَحْمَةٍ، وألْفَ رِزْقٍ، ونَزَعَتْ مِنهُ كُلَّ غِلٍّ وداءٍ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي عُثْمانَ النَّهْدِيِّ قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: مَن قَرَأ ”يس“ مَرَّةً فَكَأنَّما قَرَأ القُرْآنَ عَشْرَ مَرّاتٍ. وقالَ أبُو سَعِيدٍ: مَن قَرَأ ”يس“ مَرَّةً فَكَأنَّما قَرَأ القُرْآنَ مَرَّتَيْنِ. قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: حَدَّثْتَ أنْتَ بِما سَمِعْتَ وأُحَدِّثُ أنا بِما سَمِعْتُ. وأخْرَجَ البَزّارُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوَدِدْتُ أنَّها في قَلْبِ كُلِّ إنْسانٍ مِن أُمَّتِي. يَعْنِي ”يس“» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ والخَطِيبُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أنَسٍ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَن دامَ عَلى قِراءَةِ ”يس“ كُلَّ لَيْلَةٍ ثُمَّ ماتَ، ماتَ شَهِيدًا» . (p-٣١٤)وأخْرَجَ الدّارِمِيُّ عَنْ عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ قالَ: بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «مَن قَرَأ ”يس“ في صَدْرِ النَّهارِ قُضِيَتْ حَوائِجُهُ» . وأخْرَجَ الدّارِمِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: مَن قَرَأ ”يس“ حِينَ يُصْبِحُ أُعْطِيَ يُسْرَ يَوْمِهِ حَتّى يُمْسِيَ، ومَن قَرَأها في صَدْرِ لَيْلَةٍ أُعْطِيَ يُسْرَ لَيْلَتِهِ حَتّى يُصْبِحَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في ”ذِكْرِ المَوْتِ“ وابْنُ مَرْدُويَهْ، والدَّيْلَمِيُّ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «ما مِن مَيِّتٍ يُقْرَأُ عِنْدَهُ ”يس“ إلّا هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ» . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ في ”فَضائِلِ القُرْآنِ“ والدَّيْلَمِيُّ، مِن حَدِيثِ أبِي ذَرٍّ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وأحْمَدُ في ”مُسْنَدِهِ“ عَنْ صَفْوانَ بْنِ عَمْرٍو قالَ: كانَتِ المَشْيَخَةُ يَقُولُونَ: إذا قُرِئَتْ ”يس“ عِنْدَ المَيِّتِ خُفِّفَ عَنْهُ بِها. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنْ أبِي قِلابَةَ قالَ: مَن قَرَأ ”يس“ غُفِرَ لَهُ، ومَن قَرَأها وهو جائِعٌ شَبِعَ، ومَن قَرَأها وهو ضالٌّ هُدِيَ، ومَن قَرَأها ولَهُ ضالَّةٌ وجَدَها، ومَن قَرَأها عِنْدَ طَعامٍ خافَ قِلَّتَهُ كَفاهُ، ومَن قَرَأها عِنْدَ مَيِّتٍ هُوِّنَ عَلَيْهِ، ومَن قَرَأها عِنْدَ امْرَأةٍ عَسُرَ عَلَيْها ولَدُها يُسِّرَ عَلَيْها، ومَن قَرَأها فَكَأنَّما (p-٣١٥)قَرَأ القُرْآنَ إحْدى عَشْرَةَ مَرَّةً، ولِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبٌ وقَلْبُ القُرْآنِ ”يس“ . قالَ البَيْهَقِيُّ: هَكَذا نُقِلَ إلَيْنا عَنْ أبِي قِلابَةَ وهو مِن كِبارِ التّابِعِينَ، ولا يَقُولُ ذَلِكَ إنْ صَحَّ عَنْهُ، إلّا بَلاغًا. وأخْرَجَ الحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قالَ: مَن وجَدَ في قَلْبِهِ قَسْوَةً فَلْيَكْتُبْ: ﴿يس﴾ ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ [يس: ١، ٢ ] في جامٍ بِزَعْفَرانٍ ثُمَّ يَشْرَبُهُ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ مِن طَرِيقِ سِماكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِن أهْلِ المَدِينَةِ، «عَمَّنْ صَلّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الغَداةَ، فَقَرَأ بِ ﴿ق والقُرْآنِ المَجِيدِ﴾ [ق: ١] [ق: ١ ] و ﴿يس﴾ ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ [يس»: ٢] . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَن قَرَأ ”يس“ فَكَأنَّما قَرَأ القُرْآنَ عَشْرَ مَرّاتٍ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبٌ وقَلْبُ القُرْآنِ ”يس“، ومَن قَرَأ ”يس“ فَكَأنَّما قَرَأ القُرْآنَ عَشْرَ مَرّاتٍ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ وأنَسٍ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ، أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ عَلى المِنبَرِ بِ ”يس“ . (p-٣١٦)وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ عَنْ يَحْيى بْنِ أبِي كَثِيرٍ قالَ: مَن قَرَأ ”يس“ إذا أصْبَحَ لَمْ يَزَلْ في فَرَحٍ حَتى يُمْسِيَ، ومَن قَرَأها إذا أمْسى لَمْ يَزَلْ في فَرَحٍ حَتّى يُصْبِحَ، أخْبَرَنا مَن جَرَّبَ ذَلِكَ قالَ: هي قَلْبُ القُرْآنِ. وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ عَنْ جَعْفَرٍ قالَ: قَرَأ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَلى رَجُلٍ مَجْنُونٍ سُورَةَ ”يس“ فَبَرَأ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ في ”العَظَمَةِ“ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ المُقْرِئِ عَنْ أحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الدَّبّاغِ، عَنْ أبِيهِ قالَ: سَلَكْتُ طَرِيقًا فِيهِ غُولٌ، فَإذا امْرَأةٌ عَلَيْها ثِيابٌ مُعَصْفَرَةٌ عَلى سَرِيرٍ وقَنادِيلَ وهي تَدْعُونِي، فَلَمّا رَأيْتُ ذَلِكَ أخَذْتُ في قِراءَةِ ”يس“ فَطُفِئَتْ قَنادِيلُها، وهي تَقُولُ: يا عَبْدَ اللَّهِ ما صَنَعْتَ بِي، يا عَبْدَ اللَّهِ ما صَنَعْتَ بِي؟ فَسَلِمْتُ مِنها. قالَ المُقْرِئُ: فَلا يُصِيبُكم شَيْءٌ مِن خَوْفٍ أوْ مُطالَبَةٌ مِن سُلْطانٍ أوْ عَدُوٍّ إلّا قَرَأْتُمْ ”يس“ فَإنَّهُ يُدْفَعُ عَنْكم بِها. . وأخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمانَ بْنِ أبِي شَيْبَةَ في ”تارِيخِهِ“ والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ عَساكِرَ «عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فاتِكٍ قالَ: خَرَجْتُ في طَلَبِ إبِلٍ لِي، وكُنّا إذا نَزَلْنا بِوادٍ قُلْنا: نَعُوذُ بِعَزِيزٍ هَذا الوادِي. فَتَوَسَّدْتُ ناقَةً وقُلْتُ: أعُوذُ بِعَزِيزٍ هَذا الوادِي. فَإذا هاتِفٌ يَهْتِفُ بِي وهو يَقُولُ: (p-٣١٧) ؎ويْحَكَ عُذْ بِاللَّهِ ذِي الجَلالِ مُنَزِّلِ الحَرامِ والحَلالِ ؎ووَحِّدِ اللَّهَ ولا تُبالِ ∗∗∗ ما كَيْدُ ذِي الجِنِّ مِنَ الأهْوالِ ؎إذْ تَذْكُرُ اللَّهَ عَلى الأمْيالِ ∗∗∗ وفي سُهُولِ الأرْضِ والجِبالِ ؎وصارَ كَيْدُ الجِنِّ في سِفالِ ∗∗∗ إلّا التُّقى وصالِحَ الأعْمالِ فَقُلْتُ لَهُ: ؎يَأيُّها القائِلُ ما تَقُولُ ∗∗∗ أرَشَدٌ عِنْدَكَ أمْ تَضْلِيلُ فَقالَ: ؎هَذا رَسُولُ اللَّهِ ذِي الخَيْراتِ ∗∗∗ جاءَ بِياسِينَ وحامِيماتِ ؎وسُوَرٍ بَعْدُ مُفَصَّلاتِ ∗∗∗ يَأْمُرُ بِالصَّلاةِ والزَّكاةِ ؎ويَزْجُرُ الأقْوامَ عَنْ هَناتِ ∗∗∗ قَدْ كُنَّ في الأنامِ مُنْكَراتِ فَقُلْتُ لَهُ: مَن أنْتَ؟ قالَ: أنا مالِكُ بْنُ مالِكٍ الجِنِّيُّ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى جِنِّ نَجْدٍ، قُلْتُ: أما لَوْ كانَ لِي مَن يُؤَدِّي إبِلِي هَذِهِ إلى أهْلِي، لَأتَيْتُهُ حَتّى أُسْلِمَ. قالَ: فَأنا أُؤَدِّيها. فَرَكِبْتُ بَعِيرًا مِنها، ثُمَّ قَدِمْتُ فَإذا النَّبِيُّ ﷺ عَلى المِنبَرِ، فَلَمّا رَآنِي قالَ: ما فَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي ضَمِنَ لَكَ أنْ يُؤَدِّيَ إبِلَكَ؟ أما إنَّهُ قَدْ أدّاها سالِمَةً» . (p-٣١٨)وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، عَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ في الصُّبْحِ بِ ”يس“» . وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ والخَلِيلِيُّ وأبُو الفُتُوحِ عَبْدُ الوَهّابِ بْنُ إسْماعِيلَ الصَّيْرَفِيُّ في ”الأرْبَعِينَ“، وأبُو الشَّيْخِ والدَّيْلَمِيُّ، والرّافِعِيُّ، وابْنُ النَّجّارِ في ”تارِيخِهِ“ عَنْ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَن زارَ قَبْرَ والِدَيْهِ أوْ أحَدَهُما في كُلِّ جُمُعَةٍ فَقَرَأ عِنْدَهُما ”يس“ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ مِنها» . وأخْرَجَ أبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ في ”الإبانَةِ“ وحَسَّنَهُ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ في القُرْآنِ لَسُورَةً تُدْعى العَظِيمَةَ عِنْدَ اللَّهِ، يُدْعى صاحِبُها الشَّرِيفُ عِنْدَ اللَّهِ، يَشْفَعُ صاحِبُها يَوْمَ القِيامَةِ في أكْثَرِ مِن رَبِيعَةَ ومُضَرَ، وهي سُورَةُ ”يس“» . وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «قالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ: يا رَسُولَ اللَّهِ، القُرْآنُ يَنْفَلِتُ مِن صَدْرِي. فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: ألا أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ، ويَنْفَعُ مَن عَلَّمْتَهُ؟ قالَ: نَعَمْ بِأبِي أنْتَ وأُمِّي. قالَ: صَلِّ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ أرْبَعَ رَكَعاتٍ، تَقْرَأُ في الرَّكْعَةِ الأُولى بِ”فاتِحَةِ الكِتابِ“ و”يس“، وفي الثّانِيَةِ بِ”فاتِحَةِ الكِتابِ“ (p-٣١٩)و”حَم الدُّخانِ“، وفي الثّالِثَةِ بِ”فاتِحَةِ الكِتابِ“ و”ألَم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ“، وفي الرّابِعَةِ بِ”فاتِحَةِ الكِتابِ“ و”تَبارَكَ“ المُفَصَّلِ، فَإذا فَرَغْتَ مِنَ التَّشَهُّدِ فاحْمَدِ اللَّهَ وأثْنِ عَلَيْهِ، وصَلِّ عَلى النَّبِيِّينَ، واسْتَغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِتَرْكِ المَعاصِي أبَدًا ما أبْقَيْتَنِي، وارْحَمْنِي مِن أنْ أتَكَلَّفَ ما لا يَعْنِينِي، وارْزُقْنِي حُسْنَ النَّظَرِ فِيما يُرْضِيكَ عَنِّي، اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّماواتِ والأرْضِ، ذا الجَلالِ والإكْرامِ والعِزَّةِ الَّتِي لا تُرامُ، أسْألُكَ يا رَحْمَنُ بِجَلالِكَ ونُورِ وجْهِكَ أنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حِفْظَ كِتابِكَ كَما عَلَّمْتَنِي، وارْزُقْنِي أنْ أتْلُوَهُ عَلى النَّحْوِ الَّذِي يُرْضِيكَ عَنِّي، وأسْألُكَ أنْ تُنَوِّرَ بِالكِتابِ بَصَرِي، وتُطْلِقَ بِهِ لِسانِي، وتُفَرِّجَ بِهِ عَنْ قَلْبِي، وتَشْرَحَ بِهِ صَدْرِي، وتَسْتَعْمِلَ بِهِ بَدَنِي، وتُقَوِّيَنِي عَلى ذَلِكَ، وتُعِينَنِي عَلَيْهِ، فَإنَّهُ لا يُعِينُنِي عَلى الخَيْرِ غَيْرُكَ، ولا يُوَفِّقُ لَهُ إلّا أنْتَ. فافْعَلْ ذَلِكَ ثَلاثَ جُمَعٍ، أوْ خَمْسًا أوْ سَبْعًا تَحْفَظْهُ بِإذْنِ اللَّهِ، وما أخْطَأ مُؤْمِنًا قَطُّ. فَأتى النَّبِيَّ ﷺ بَعْدَ سَبْعِ جُمَعٍ، فَأخْبَرَهُ بِحِفْظِهِ القُرْآنَ والحَدِيثَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: مُؤْمِنٌ ورَبِّ الكَعْبَةِ عَلِّمْ أبا حَسَنٍ عَلِّمْ أبا حَسَنٍ» . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يس﴾ ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ الآياتِ. أخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ﴿يس﴾ مُحَمَّدٌ ﷺ، وفي لَفْظٍ قالَ: يا مُحَمَّدُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ (p-٣٢٠)الحَنَفِيَّةِ في قَوْلِهِ: ﴿يس﴾ قالَ: مُحَمَّدٌ ﷺ . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: يس، قالَ: يا مُحَمَّدُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿يس﴾ . قالَ: يا إنْسانُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ وعِكْرِمَةَ والضَّحّاكِ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿يس﴾ قالَ: يا إنْسانُ بِالحَبَشِيَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: يس، قالَ: يا رَجُلُ بِلُغَةِ الحَبَشَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أشْهَبَ قالَ: سَألْتُ مالِكَ بْنَ أنَسٍ: أيَنْبَغِي لِأحَدٍ أنْ يَتَسَمّى بِ ”يس“ فَقالَ: ما أُراهُ يَنْبَغِي؛ يَقُولُ اللَّهُ: ﴿يس﴾ ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ يَقُولُ: هَذا اسْمِي، تَسَمَّيْتُ بِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿يس﴾ ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ . قالَ: يُقْسِمُ اللَّهُ بِما يَشاءُ ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الآيَةِ: ﴿سَلامٌ عَلى إلْ ياسِينَ﴾ [الصافات: ١٣٠] [الصّافّاتِ: ١٣٠] . كَأنَّهُ يَرى أنَّهُ سَلَّمَ عَلى رَسُولِهِ. (p-٣٢١)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ يَحْيى بْنِ أبِي كَثِيرٍ في قَوْلِهِ: ﴿يس﴾ ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ . قالَ: يُقْسِمُ بِألْفِ عالِمٍ ﴿إنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ كَعْبِ الأحْبارِ في قَوْلِهِ: ﴿يس﴾ قالَ: هَذا قَسَمٌ أقْسَمَ بِهِ رَبُّكَ قالَ: يا مُحَمَّدُ؛ إنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ قَبْلَ أنْ أخْلُقَ الخَلْقَ بِألْفَيْ عامٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿يس﴾ ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ ﴿إنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ﴾ قالَ: قَسَمٌ كَما تَسْمَعُونَ، ﴿إنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ﴾ ﴿عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أيْ: عَلى الإسْلامِ، ﴿تَنْزِيلَ العَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ قالَ: هو القُرْآنُ، ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ﴾ أيْ: ما أُنْذِرَ النّاسُ قَبْلَهم. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ﴾ قالَ: قُرَيْشٌ لَمْ يَأْتِ العَرَبَ رَسُولٌ قَبْلَ مُحَمَّدٍ ﷺ لَمْ يَأْتِهِمْ ولا آباءَهم رَسُولٌ قَبْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ﴾ قالَ: قَدْ أُنْذِرَ آباؤُهم. (p-٣٢٢)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ﴾ قالَ: قالَ بَعْضُهم: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ﴾ ما أُنْذِرَ النّاسُ مِن قَبْلِهِمْ. وقالَ بَعْضُهم: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ﴾ أيْ: هَذِهِ الأُمَّةُ لَمْ يَأْتِهِمْ نَذِيرٌ حَتّى جاءَهم مُحَمَّدٌ ﷺ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ حَقَّ القَوْلُ عَلى أكْثَرِهِمْ﴾ قالَ: سَبَقَ في عِلْمِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ وأبُو نُعَيْمٍ في ”الدَّلائِلِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ في المَسْجِدِ فَيَجْهَرُ بِالقِراءَةِ، حَتّى تَأذّى بِهِ ناسٌ مِن قُرَيْشٍ، حَتّى قامُوا لِيَأْخُذُوهُ، وإذا أيْدِيهِمْ مَجْمُوعَةٌ إلى أعْناقِهِمْ، وإذا هم عُمْيٌ لا يُبْصِرُونَ، فَجاءُوا إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالُوا: نَنْشُدُكَ اللَّهَ والرَّحِمَ يا مُحَمَّدُ قالَ: ولَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِن بُطُونِ قُرَيْشٍ إلّا ولِلنَّبِيِّ ﷺ فِيهِمْ قَرابَةٌ فَدَعا النَّبِيُّ ﷺ حَتّى ذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، فَنَزَلَتْ ﴿يس﴾ ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ . إلى قَوْلِهِ: ﴿أمْ لَمْ تُنْذِرْهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ قالَ: فَلَمْ يُؤْمِن مِن ذَلِكَ النَّفَرِ أحَدٌ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: «قالَ أبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأيْتُ مُحَمَّدًا لَأفْعَلَنَّ، ولَأفْعَلَنَّ، فَنَزَلَتْ: ﴿إنّا جَعَلْنا في أعْناقِهِمْ أغْلالا﴾ . إلى قَوْلِهِ: ﴿لا يُبْصِرُونَ﴾ فَكانُوا يَقُولُونَ: هَذا مُحَمَّدٌ فَيَقُولُ: أيْنَ هو أيْنَ هُوَ؟ لا يُبْصِرُهُ» . (p-٣٢٣)وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ مِن طَرِيقِ السُّدِّيِّ الصَّغِيرِ، عَنِ الكَلْبِيِّ عَنْ أبِي صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «فِي قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ سَدًّا﴾ قالَ: كُفّارُ قُرَيْشٍ غِطاءً، ﴿فَأغْشَيْناهُمْ﴾ يَقُولُ: ألْبَسْنا أبْصارَهُمْ، ﴿فَهم لا يُبْصِرُونَ﴾ النَّبِيَّ ﷺ، فَيُؤْذُونَهُ وذَلِكَ أنَّ ناسًا مِن بَنِي مَخْزُومٍ تَواطَئُوا بِالنَّبِيِّ ﷺ لِيَقْتُلُوهُ، مِنهم أبُو جَهْلٍ والوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ، فَبَيْنا النَّبِيُّ ﷺ قائِمٌ يُصَلِّي سَمِعُوا قِراءَتَهُ فَأرْسَلُوا إلَيْهِ الوَلِيدَ لِيَقْتُلَهُ فانْطَلَقَ حَتّى أتى المَكانَ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ، فَجَعَلَ يَسْمَعُ قِراءَتَهُ ولا يَراهُ، فانْصَرَفَ إلَيْهِمْ فَأعْلَمَهم ذَلِكَ، فَأتَوْهُ، فَلَمّا انْتَهَوْا إلى المَكانِ الَّذِي هو يُصَلِّي فِيهِ سَمِعُوا قِراءَتَهُ فَيَذْهَبُونَ إلى الصَّوْتِ فَإذا الصَّوْتُ مِن خَلْفِهِمْ فَيَذْهَبُونَ إلَيْهِ فَيَسْمَعُونَهُ أيْضًا مِن خَلْفِهِمْ، فانْصَرَفُوا ولَمْ يَجِدُوا إلَيْهِ سَبِيلًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وجَعَلْنا مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ سَدًّا ومِن خَلْفِهِمْ سَدًّا﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو نُعَيْمٍ في ”الدَّلائِلِ“، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قالَ: «اجْتَمَعَ قُرَيْشٌ، وفِيهِمْ أبُو جَهْلٍ، عَلى بابِ النَّبِيِّ ﷺ فَقالُوا عَلى بابِهِ: إنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أنَّكم إنْ بايَعْتُمُوهُ عَلى أمْرِهِ كُنْتُمْ مُلُوكَ العَرَبِ والعَجَمِ ثُمَّ بُعِثْتُمْ مِن بَعْدِ مَوْتِكم لَكم جِنانٌ كَجِنانِ الأُرْدُنِّ، وإنْ لَمْ تَفْعَلُوا كانَ لَكم مِنهُ ذَبْحٌ، ثُمَّ بُعِثْتُمْ مِن بَعْدِ مَوْتِكم فَجُعِلَتْ لَكم نارٌ (p-٣٢٤)تُحْرَقُونَ فِيها! فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأخَذَ حَفْنَةً مِن تُرابٍ في يَدِهِ ثُمَّ قالَ: نَعَمْ، أنا أقُولُ ذَلِكَ وأنْتَ أحَدُهم. وأخَذَ اللَّهُ عَلى أبْصارِهِمْ فَلا يَرَوْنَهُ، فَجَعَلَ يَنْثُرُ ذَلِكَ التُّرابَ عَلى رُؤُوسِهِمْ وهو يَتْلُو هَذِهِ الآياتِ: ﴿يس﴾ ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَأغْشَيْناهم فَهم لا يُبْصِرُونَ﴾، حَتّى فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن هَؤُلاءِ الآياتِ، فَلَمْ يَبْقَ رَجُلٌ إلّا وضَعَ عَلى رَأْسِهِ تُرابًا، ثُمَّ انْصَرَفَ إلى حَيْثُ أرادَ أنْ يَذْهَبَ فَأتاهم آتٍ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهم فَقالَ: ماذا يَنْتَظِرُ هَؤُلاءِ؟ قالُوا: مُحَمَّدًا. قالَ: خَيَّبَكُمُ اللَّهُ قَدْ خَرَجَ واللَّهِ عَلَيْكم مُحَمَّدٌ، ثُمَّ ما تَرَكَ مِنكم رَجُلًا إلّا وضَعَ عَلى رَأْسِهِ تُرابًا وانْطَلَقَ لِحاجَتِهِ فَما تَرَوْنَ ما بِكُمْ؟ فَوَضَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنهم يَدَهُ عَلى رَأْسِهِ وإذا عَلَيْهِ تُرابٌ، فَقالُوا: لَقَدْ كانَ صَدَقَنا الَّذِي حَدَّثَنا» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الأغْلالُ ما بَيْنَ الصَّدْرِ إلى الذَّقَنِ، ﴿فَهم مُقْمَحُونَ﴾ كَما تُقْمَحُ الدّابَّةُ بِاللِّجامِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ قَرَأ: (إنّا جَعَلْنا في أيْمانِهِمْ أغْلالًا) . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿مُقْمَحُونَ﴾ . قالَ: مَجْمُوعَةٌ أيْدِيهِمْ إلى أعْناقِهِمْ تَحْتَ الذَّقَنِ. (p-٣٣٥)وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ سَألَهُ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿مُقْمَحُونَ﴾ قالَ المُقْمَحُ: الشّامِخُ بِأنْفِهِ، المُنَكَّسُ بِرَأْسِهِ، قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ قَوْلَ الشّاعِرِ: ؎ونَحْنُ عَلى جَوانِبِها قُعُودٌ ∗∗∗ نَغُضُّ الطَّرْفَ كالإبِلِ القِماحِ وأخْرَجَ الخَرائِطِيُّ في ”مَساوِئِ الأخْلاقِ“ عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا جَعَلْنا في أعْناقِهِمْ أغْلالا﴾ قالَ: البُخْلُ، أمْسَكَ اللَّهُ أيْدِيَهم عَنِ النَّفَقَةِ في سَبِيلِ اللَّهِ، ﴿فَهم لا يُبْصِرُونَ﴾ الهُدى. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا جَعَلْنا في أعْناقِهِمْ أغْلالا﴾ قالَ: في بَعْضِ القِراءاتِ: ”إنّا جَعَلْنا في أيْمانِهِمْ أغْلالًا فَهي إلى الأذْقانِ فَهم مُقْمَحُونَ“ . قالَ: مَغْلُولُونَ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿فَهم مُقْمَحُونَ﴾ قالَ: رافِعُوا رُؤُوسِهِمْ وأيْدِيهِمْ مَوْضُوعَةٌ عَلى أفْواهِهِمْ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عاصِمٍ أنَّهُ قَرَأ: (وجَعَلْنا مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ سُدًّا ومِن (p-٣٢٦)خَلْفِهِمْ سُدًّا) بِرَفْعِ السِّينِ فِيهِما، ﴿فَأغْشَيْناهُمْ﴾ بِالغَيْنِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ سَدًّا﴾ الآيَةَ، قالَ: كانُوا يَمُرُّونَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ فَلا يَرَوْنَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «فِي قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ سَدًّا﴾ الآيَةَ، قالَ: اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ بِبابِ النَّبِيِّ ﷺ يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ لِيُؤْذُوهُ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَأتاهُ جِبْرِيلُ بِسُورَةِ ”يس“ وأمَرَهُ بِالخُرُوجِ عَلَيْهِمْ، فَأخَذَ كَفًّا مِن تُرابٍ، وخَرَجَ وهو يَقْرَأُها ويَذُرُّ التُّرابَ عَلى رُؤُوسِهِمْ، فَما رَأوْهُ حَتّى جازَ، فَجَعَلَ أحَدُهم يَلْمِسُ رَأْسَهُ فَيَجِدُ التُّرابَ، وجاءَ بَعْضُهم فَقالَ: ما يُجْلِسُكُمْ؟ قالُوا: نَنْتَظِرُ مُحَمَّدًا. فَقالَ: لَقَدْ رَأيْتُهُ داخِلًا المَسْجِدَ. قالَ: قُومُوا فَقَدْ سَحَرَكم» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: «اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فَبَعَثُوا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ فَقالُوا: ائْتِ هَذا الرَّجُلَ فَقُلْ لَهُ: إنَّ قَوْمَكَ يَقُولُونَ: إنَّكَ جِئْتَ بِأمْرٍ عَظِيمٍ، ولَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ آباؤُنا، ولا يَتْبَعُكَ عَلَيْهِ أحَدٌ مِنّا وإنَّكَ إنَّما صَنَعْتَ هَذا أنَّكَ ذُو حاجَةٍ، فَإنْ كُنْتَ تُرِيدُ المالَ فَإنَّ قَوْمَكَ سَيَجْمَعُونَ لَكَ ويُعْطُونَكَ، فَدَعْ ما تَرى (p-٣٢٧)وعَلَيْكَ بِما كانَ عَلَيْهِ آباؤُكَ فانْطَلَقَ إلَيْهِ عُتْبَةُ فَقالَ لَهُ الَّذِي أمَرُوهُ، فَلَمّا فَرَغَ مِن قَوْلِهِ وسَكَتَ. قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﷽ ﴿حم﴾ [فصلت: ١] ﴿تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [فصلت: ٢] فَقَرَأ عَلَيْهِ مِن أوَّلِها حَتّى بَلَغَ: ﴿فَإنْ أعْرَضُوا فَقُلْ أنْذَرْتُكم صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وثَمُودَ﴾ [فصلت: ١٣] [فُصِّلَتْ: ١-١٣ ] فَرَجَعَ عُتْبَةُ فَأخْبَرَهُمُ الخَبَرَ، وقالَ: لَقَدْ كَلَّمَنِي بِكَلامٍ ما هو بِشِعْرٍ، ولا بِسِحْرٍ، وإنَّهُ لَكَلامٌ عَجِيبٌ، ما هو بِكَلامِ النّاسِ. فَوَقَعُوا فِيهِ، وقالُوا: نَذْهَبُ إلَيْهِ بِأجْمَعِنا. فَلَمّا أرادُوا ذَلِكَ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَعَمَدَ لَهم حَتّى قامَ عَلى رُؤُوسِهِمْ وقالَ: ﷽ ﴿يس﴾ ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ . حَتّى بَلَغَ: ﴿إنّا جَعَلْنا في أعْناقِهِمْ أغْلالا﴾ . فَضَرَبَ اللَّهُ بِأيْدِيهِمْ عَلى أعْناقِهِمْ، فَجَعَلَ مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ سَدًّا ومِن خَلْفِهِمْ سَدًّا، فَأخَذَ تُرابًا فَجَعَلَهُ عَلى رُؤُوسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهم ولا يَدْرُونَ ما صَنَعَ بِهِمْ، فَلَمّا انْصَرَفَ عَنْهم رَأوُا الَّذِي صَنَعَ بِهِمْ، فَعَجِبُوا وقالُوا: ما رَأيْنا أحَدًا قَطُّ أسْحَرَ مِنهُ انْظُرُوا ما صَنَعَ بِنا» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: «ائْتَمَرَ ناسٌ مِن قُرَيْشٍ بِالنَّبِيِّ ﷺ لِيَسْطُوا عَلَيْهِ فَجاءُوا يُرِيدُونَ ذَلِكَ، فَجَعَلَ اللَّهُ ﴿مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ سَدًّا﴾ . قالَ: ظُلْمَةً، ﴿ومِن خَلْفِهِمْ سَدًّا﴾ . قالَ: ظُلْمَةً، ﴿فَأغْشَيْناهم فَهم لا يُبْصِرُونَ﴾ قالَ: فَلَمْ يُبْصِرُوا النَّبِيَّ» ﷺ . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: «كانَ (p-٣٢٨)ناسٌ مِنَ المُشْرِكِينَ مِن قُرَيْشٍ يَقُولُ بَعْضُهم: لَوْ قَدْ رَأيْتُ مُحَمَّدًا لَفَعَلْتُ بِهِ كَذا وكَذا. ويَقُولُ بَعْضُهم: لَوْ قَدْ رَأيْتُ مُحَمَّدًا لَفَعَلْتُ بِهِ كَذا وكَذا. فَأتاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ وهم في حَلْقَةٍ في المَسْجِدِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَرَأ: ﴿يس﴾ ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ . حَتّى بَلَغَ: ﴿لا يُبْصِرُونَ﴾ . ثُمَّ أخَذَ تُرابًا فَجَعَلَ يَذُرُّهُ عَلى رُؤُوسِهِمْ، فَما يَرْفَعُ رَجُلٌ مِنهم إلَيْهِ طَرْفَهُ، ولا يَتَكَلَّمُ كَلِمَةً ثُمَّ جاوَزَ النَّبِيُّ ﷺ فَجَعَلُوا يَنْفُضُونَ التُّرابَ عَنْ رُؤُوسِهِمْ ولِحاهم: واللَّهِ ما سَمِعْنا، واللَّهِ ما أبْصَرْنا، واللَّهِ ما عَقَلْنا» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ سَدًّا ومِن خَلْفِهِمْ سَدًّا﴾ قالَ: عَنِ الحَقِّ، فَهم يَتَرَدَّدُونَ، ﴿فَأغْشَيْناهم فَهم لا يُبْصِرُونَ﴾ . قالَ: سُكِّرَتْ أبْصارُهم فَلا يُبْصِرُونَ الحَقَّ مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ ومِن خَلْفِهِمْ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ سَدًّا ومِن خَلْفِهِمْ سَدًّا﴾ قالَ: ضَلالاتٍ، ﴿فَأغْشَيْناهم فَهم لا يُبْصِرُونَ﴾ هُدًى ولا يَنْتَفِعُونَ بِهِ. (p-٣٢٩)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في الآيَةِ قالَ: جَعَلَ هَذا السَّدَّ بَيْنَهم وبَيْنَ الإسْلامِ والإيمانِ، فَلَمْ يَخْلُصُوا إلَيْهِ. وقَرَأ: ﴿وسَواءٌ عَلَيْهِمْ أأنْذَرْتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ مِن مَنَعَهُ اللَّهُ لا يَسْتَطِيعُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ، أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: (مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ سَدًّا ومِن خَلْفِهِمْ سَدًّا) بِنَصْبِ السِّينِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أنَّهُ قَرَأ: (فَأغْشَيْناهُمْ) . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ . قالَ: اتِّباعُ الذِّكْرِ اتِّباعُ القُرْآنِ، ﴿وخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالغَيْبِ﴾ . قالَ: خَشِيَ عَذابَ اللَّهِ ونارَهُ، ﴿فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وأجْرٍ كَرِيمٍ﴾ . قالَ: الجَنَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب