قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِن عِبادِنا﴾ قالَ: هم أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ، ورَّثَهُمُ اللَّهُ كُلَّ كِتابٍ أُنْزِلَ، فَظالِمُهم مَغْفُورٌ لَهُ، ومُقْتَصِدُهم يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا، وسابِقُهم يَدْخُلُ (p-٢٨٥)الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسابٍ.
وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ“ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ «فِي هَذِهِ الآيَةِ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِن عِبادِنا فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ومِنهم مُقْتَصِدٌ ومِنهم سابِقٌ بِالخَيْراتِ﴾ قالَ: هَؤُلاءِ كُلُّهم بِمَنزِلَةٍ واحِدَةٍ وكُلُّهم في الجَنَّةِ» .
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ“ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «قالَ اللَّهُ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِن عِبادِنا فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ومِنهم مُقْتَصِدٌ ومِنهم سابِقٌ بِالخَيْراتِ بِإذْنِ اللَّهِ﴾ فَأمّا الَّذِينَ سَبَقُوا فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسابٍ، وأمّا الَّذِينَ اقْتَصَدُوا فَأُولَئِكَ يُحاسَبُونَ حِسابًا يَسِيرًا، وأمّا الَّذِينَ (p-٢٨٦)ظَلَمُوا أنْفُسَهم فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يُحْبَسُونَ في طُولِ المَحْشَرِ، ثُمَّ هُمُ الَّذِينَ تَلافاهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ فَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ إنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ ﴿الَّذِي أحَلَّنا دارَ المُقامَةِ مِن فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ ولا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ﴾ [فاطر»: ٣٥] قالَ البَيْهَقِيُّ: إذا كَثُرَتِ الرِّواياتُ في حَدِيثٍ ظَهَرَ أنَّ لِلْحَدِيثِ أصْلًا.
وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبانَ قالَ: قُلْتُ لِعائِشَةَ: أرَأيْتِ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ﴾ الآيَةَ، قالَتْ: أمّا السّابِقُ فَمَن مَضى في حَياةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَشَهِدَ لَهُ بِالجَنَّةِ. وأمّا المُقْتَصِدُ فَمَنِ اتَّبَعَ آثارَهم فَعَمِلَ بِمِثْلِ أعْمالِهِمْ حَتّى يَلْحَقَ بِهِمْ. وأمّا الظّالِمُ لِنَفْسِهِ فَمِثْلِي ومِثْلُكَ ومَنِ اتَّبَعَنا، وكُلٌّ في الجَنَّةِ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ“ عَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ: «﴿فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ومِنهم مُقْتَصِدٌ ومِنهم سابِقٌ بِالخَيْراتِ﴾ (p-٢٨٧)قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُلُّهم مِن هَذِهِ الأُمَّةِ، وكُلُّهم في الجَنَّةِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ عَنْ عَوْفِ بْنِ مالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: «أُمَّتِي ثَلاثَةُ أثْلاثٍ، فَثُلُثٌ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسابٍ، وثُلُثٌ يُحاسَبُونَ حِسابًا يَسِيرًا ثُمَّ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وثُلُثٌ يُمَحَّصُونَ ويُكْسَفُونَ، ثُمَّ تَأْتِي المَلائِكَةُ فَيَقُولُونَ: وجَدْناهم يَقُولُونَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ. فَيَقُولُ اللَّهُ: أدْخِلُوهُمُ الجَنَّةَ بِقَوْلِهِمْ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ، واحْمِلُوا خَطاياهم عَلى أهْلِ التَّكْذِيبِ، وهي الَّتِي قالَ اللَّهُ: ولَيَحْمِلُنَّ أثْقالَهم وأثْقالًا مَعَ أثْقالِهِمْ، [العَنْكَبُوتِ: ١٣ ] وتَصْدِيقُها في الَّتِي ذَكَرَ في ”المَلائِكَةِ“ قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِن عِبادِنا﴾ . فَجَعَلَهم ثَلاثَةَ أفْواجٍ، ﴿فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ فَهَذا الَّذِي يُكْسَفُ ويُمَحَّصُ ! (p-٢٨٨)﴿ومِنهم مُقْتَصِدٌ﴾ . وهو الَّذِي يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا، ﴿ومِنهم سابِقٌ بِالخَيْراتِ﴾، فَهو الَّذِي يَلِجُ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ بِإذْنِ اللَّهِ، يَدْخُلُونَها جَمِيعًا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمْ، ﴿يُحَلَّوْنَ فِيها مِن أساوِرَ مِن ذَهَبٍ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿لُغُوبٌ﴾ [فاطر»: ٣٥] .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: هَذِهِ الأُمَّةُ ثَلاثَةُ أثْلاثٍ يَوْمَ القِيامَةِ؛ ثُلُثٌ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسابٍ، وثُلُثٌ يُحاسَبُونَ حِسابًا يَسِيرًا، وثُلُثٌ يَجِيئُونَ بِذُنُوبٍ عِظامٍ إلّا أنَّهم لَمْ يُشْرِكُوا، فَيَقُولُ الرَّبُّ: أدْخِلُوا هَؤُلاءِ في سَعَةِ رَحْمَتِي، ثُمَّ قَرَأ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِن عِبادِنا﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ“ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ أنَّهُ كانَ إذا نَزَعَ بِهَذِهِ الآيَةِ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا﴾ قالَ: ألا إنَّ سابِقَنا سابِقٌ ومُقْتَصِدَنا ناجٍ، وظالِمَنا مَغْفُورٌ لَهُ.
وأخْرَجَ العَقِيلِيُّ، وابْنُ لالٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ“ مِن (p-٢٨٩)وجْهٍ آخَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «سابِقُنا سابِقٌ، ومُقْتَصِدُنا ناجٍ، وظالِمُنا مَغْفُورٌ لَهُ. وقَرَأ عُمَرُ: ﴿فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ النَّجّارِ عَنْ أنَسٍ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «سابِقُنا سابِقٌ، ومُقْتَصِدُنا ناجٍ وظالِمُنا مَغْفُورٌ لَهُ» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: السّابِقُ بِالخَيْراتِ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسابٍ، والمُقْتَصِدُ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ، والظّالِمُ لِنَفْسِهِ وأصْحابُ الأعْرافِ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِشَفاعَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ أنَّهُ نَزَعَ بِهَذِهِ الآيَةِ ثُمَّ قالَ: ألا إنَّ سابِقَنا أهْلُ جِهادِنا، ألا وإنَّ مُقْتَصِدَنا أهْلُ حَضَرِنا، ألا وإنَّ ظالِمَنا أهْلُ بَدْوِنا.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ“ عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ الآيَةَ. قالَ: أشْهَدُ عَلى اللَّهِ أنَّهُ يُدْخِلُهم (p-٢٩٠)جَمِيعًا الجَنَّةَ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ البَراءِ قالَ: «قَرَأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِن عِبادِنا﴾ قالَ: كُلُّهم ناجٍ، وهي هَذِهِ الأُمَّةُ» .
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ﴾ الآيَةَ، قالَ: هي مِثْلُ الَّتِي في الواقِعَةِ: ﴿فَأصْحابُ المَيْمَنَةِ﴾ [الواقعة: ٨] [الواقِعَةِ: ٨]، ﴿وأصْحابُ المَشْأمَةِ﴾ [الواقعة: ٩] [الواقِعَةِ: ٩] ﴿والسّابِقُونَ﴾ [الواقعة: ١٠] [الواقِعَةِ: ١٠ ] صِنْفانِ ناجِيانِ، وصِنْفٌ هالِكٌ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ الآيَةَ، قالَ: هو الكافِرُ، والمُقْتَصِدُ: أصْحابُ اليَمِينِ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ عَنْ كَعْبِ الأحْبارِ، أنَّهُ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِن عِبادِنا﴾ . إلى قَوْلِهِ: ﴿لُغُوبٌ﴾ قالَ: دَخَلُوها ورَبِّ الكَعْبَةِ. وفي لَفْظٍ قالَ: (p-٢٩١)كُلُّهم في الجَنَّةِ، ألا تَرى عَلى أثَرِهِ: ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا لَهم نارُ جَهَنَّمَ﴾ ؟ فَهَؤُلاءِ أهْلُ النّارِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ، فَقالَ: أبَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ”الواقِعَةُ“ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي أُمامَةَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَكَرَ أهْلَ الجَنَّةِ فَقالَ: مُسَوَّرُونَ بِالذَّهَبِ والفِضَّةِ مُكَلَّلَةً بِالدُّرِّ، وعَلَيْهِمْ أكالِيلُ مِن دُرٍّ وياقُوتٍ مُتَواصِلَةٌ وعَلَيْهِمْ تاجٌ كَتاجِ المُلُوكِ، شَبابٌ جُرْدٌ مُرْدٌ مُكَحَّلُونَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ، والدَّيْلَمِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يَبْعَثُ اللَّهُ النّاسَ عَلى ثَلاثَةِ أصْنافٍ، وذَلِكَ في قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ومِنهم مُقْتَصِدٌ ومِنهم سابِقٌ بِالخَيْراتِ﴾ . فالسّابِقُ بِالخَيْراتِ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِلا حِسابٍ، والمُقْتَصِدُ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا، والظّالِمُ لِنَفْسِهِ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ﴾ الآيَةَ. قالَ: جَعَلَ اللَّهُ أهْلَ الإيمانِ عَلى ثَلاثَةِ مَنازِلَ (p-٢٩٢)كَقَوْلِهِ: ﴿وأصْحابُ الشِّمالِ ما أصْحابُ الشِّمالِ﴾ [الواقعة: ٤١] [الواقِعَةِ: ٤٢] ﴿وأصْحابُ اليَمِينِ ما أصْحابُ اليَمِينِ﴾ [الواقعة: ٢٧] [الواقِعَةِ: ٢٧ ] ﴿والسّابِقُونَ السّابِقُونَ﴾ [الواقعة: ١٠] ﴿أُولَئِكَ المُقَرَّبُونَ﴾ [الواقعة: ١١] [الواقِعَةِ: ١٠، ١١ ]فَهم عَلى هَذا المِثالِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ قالَ: الكافِرُ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ: ﴿فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ . قالَ: هَذا المُنافِقُ، ﴿ومِنهم مُقْتَصِدٌ﴾ . قالَ: هَذا صاحِبُ اليَمِينِ، ﴿ومِنهم سابِقٌ بِالخَيْراتِ﴾ . قالَ: هَذا المُقَرَّبُ. قالَ قَتادَةُ: كانَ النّاسُ ثَلاثَ مَنازِلَ عِنْدَ المَوْتِ، وثَلاثَ مَنازِلَ في الدُّنْيا، وثَلاثَ مَنازِلَ في الآخِرَةِ، فَأمّا الدُّنْيا فَكانُوا: مُؤْمِنٌ ومُنافِقٌ، ومُشْرِكٌ، وأمّا عِنْدَ المَوْتِ فَإنَّ اللَّهَ قالَ: ﴿فَأمّا إنْ كانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ [الواقعة: ٨٨] الآيَةَ [الواقِعَةِ: ٨٨ ] ﴿وأمّا إنْ كانَ مِن أصْحابِ اليَمِينِ﴾ [الواقعة: ٩٠] الآيَةَ [الواقِعَةِ: ٩٠ ] . ﴿وأمّا إنْ كانَ مِنَ المُكَذِّبِينَ الضّالِّينَ﴾ [الواقعة: ٩٢] الآيَةَ [الواقِعَةِ: ٩٢ ] . وأمّا الآخِرَةُ فَكانُوا أزْواجًا ثَلاثَةً: ﴿فَأصْحابُ المَيْمَنَةِ ما أصْحابُ المَيْمَنَةِ﴾ [الواقعة: ٨] [الواقِعَةِ: ٨ ]، ﴿وأصْحابُ المَشْأمَةِ ما أصْحابُ المَشْأمَةِ﴾ [الواقعة: ٩] [الواقِعَةِ: ٩]، ﴿والسّابِقُونَ السّابِقُونَ﴾ [الواقعة: ١٠] ﴿أُولَئِكَ المُقَرَّبُونَ﴾ [الواقعة: ١١] .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والبَيْهَقِيُّ عَنِ الحَسَنِ: ﴿فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ . قالَ: هو المُنافِقُ سَقَطَ والمُقْتَصِدُ والسّابِقُ بِالخَيْراتِ في (p-٢٩٣)الجَنَّةِ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والبَيْهَقِيُّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ في الآيَةِ قالَ: كُلُّهم صالِحٌ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ صالِحٍ أبِي الخَلِيلِ قالَ: قالَ كَعْبٌ: يَلُومُنِي أحْبارُ بَنِي إسْرائِيلَ أنِّي دَخَلْتُ في أُمَّةٍ فَرَّقَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ جَمَعَهم ثُمَّ أدْخَلَهُمُ الجَنَّةَ جَمِيعًا، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِن عِبادِنا﴾ حَتّى بَلَغَ: ﴿جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها﴾ . قالَ: قالَ: فَأدْخَلَهُمُ اللَّهُ الجَنَّةَ جَمِيعًا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ الحَسَنِ قالَ: العُلَماءُ ثَلاثَةٌ، مِنهم عالِمٌ لِنَفْسِهِ ولِغَيْرِهِ، فَذَلِكَ أفْضَلُهم وخَيْرُهُمْ، ومِنهم عالِمٌ لِنَفْسِهِ مُحْسِنٌ، ومِنهم عالِمٌ لا لِنَفْسِهِ ولا لِغَيْرِهِ فَذَلِكَ شَرُّهم.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أبِي مُسْلِمٍ الخَوْلانِيِّ قالَ: قَرَأْتُ في كِتابِ اللَّهِ أنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُصَنَّفُ يَوْمَ القِيامَةِ عَلى ثَلاثَةِ أصْنافٍ، صِنْفٌ مِنهم يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسابٍ، وصِنْفٌ يُحاسِبُهُمُ اللَّهُ حِسابًا يَسِيرًا ويَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وصِنْفٌ يُوقَفُونَ فَيُؤْخَذُ مِنهم ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُدْرِكُهم عَفْوُ اللَّهِ وتَجاوُزُهُ.
(p-٢٩٤)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ كَعْبٍ في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها﴾ قالَ: دَخَلُوها ورَبِّ الكَعْبَةِ، فَأُخْبِرَ الحَسَنُ بِذَلِكَ فَقالَ: أبَتْ واللَّهِ ذَلِكَ عَلَيْهِمُ ”الواقِعَةُ“ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحارِثِ، أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ سَألَ كَعْبًا عَنْ قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِن عِبادِنا﴾ الآيَةَ، قالَ: نَجَوْا كُلُّهم ثُمَّ قالَ: تَحاكَّتْ مَناكِبُهم ورَبِّ الكَعْبَةِ ثُمَّ أُعْطُوا الفَضْلَ بِأعْمالِهِمْ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ قالَ: أُعْطِيَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ ثَلاثًا لَمْ تُعْطَها أُمَّةٌ كانْتْ قَبْلَها: ﴿فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ مَغْفُورٌ لَهُ، ﴿ومِنهم مُقْتَصِدٌ﴾ . في الجِنانِ، ﴿ومِنهم سابِقٌ﴾ بِالمَكانِ الأعْلى.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِن عِبادِنا فَمِنهم ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ . قالَ: هم أصْحابُ المَشْأمَةِ، ﴿ومِنهم مُقْتَصِدٌ﴾ . قالَ: هم أصْحابُ المَيْمَنَةِ، ﴿ومِنهم سابِقٌ بِالخَيْراتِ بِإذْنِ اللَّهِ﴾ قالَ: هُمُ السّابِقُونَ مِنَ النّاسِ كُلِّهِمْ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ هو الفَضْلُ الكَبِيرُ﴾ قالَ: ذاكَ مِن نِعْمَةِ اللَّهِ.
(p-٢٩٥)وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ“ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَلا قَوْلَ اللَّهِ: ﴿جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِن أساوِرَ مِن ذَهَبٍ ولُؤْلُؤًا﴾ فَقالَ: إنَّ عَلَيْهِمُ التِّيجانَ، إنَّ أدْنى لُؤْلُؤَةٍ مِنها لَتُضِيءُ ما بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِ أهْلِ الجَنَّةِ حِينَ دَخَلُوا الجَنَّةَ: ﴿وقالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ﴾ . قالَ: هم قَوْمٌ كانُوا في الدُّنْيا يَخافُونَ اللَّهَ ويَجْتَهِدُونَ لَهُ في العِبادَةِ سِرًّا وعَلانِيَةً وفي قُلُوبِهِمْ حَزَنٌ مِن ذُنُوبٍ قَدْ سَلَفَتْ مِنهُمْ، فَهم خائِفُونَ ألّا يُتَقَبَّلَ مِنهم هَذا الِاجْتِهادُ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي قَدْ سَلَفَتْ، فَعِنْدَها قالُوا ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ إنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ غَفَرَ لَنا العَظِيمَ وشَكَرَ لَنا القَلِيلَ مِن أعْمالِنا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ﴾ قالَ: حَزَنَ النّارِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ﴾ قالَ: كانُوا يَعْمَلُونَ في الدُّنْيا ويَحْزَنُونَ ويَنْصَبُونَ.
(p-٢٩٦)وأخْرَجَ الحاكِمُ وأبُو نُعَيْمٍ ”فِي الحِلْيَةِ“، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ صُهَيْبٍ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ في المُهاجِرِينَ: هُمُ السّابِقُونَ الشّافِعُونَ المُدِلُّونَ عَلى رَبِّهِمْ، والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إنَّهم لَيَأْتُونَ يَوْمَ القِيامَةِ عَلى عَواتِقِهِمُ السِّلاحُ فَيَقْرَعُونَ بابَ الجَنَّةِ، فَتَقُولُ لَهُمُ الخَزَنَةُ: مَن أنْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ المُهاجِرُونَ، فَتَقُولُ لَهُمُ الخَزَنَةُ: هَلْ حُوسِبْتُمْ؟ فَيَجْثُونَ عَلى رُكَبِهِمْ ويَرْفَعُونَ أيْدِيَهم إلى السَّماءِ فَيَقُولُونَ: أيْ رَبِّ، أبِهَذِهِ نُحاسَبُ؟ قَدْ خَرَجْنا وتَرَكْنا الأهْلَ والمالَ والوَلَدَ. فَيُمَثِّلُ اللَّهُ لَهم أجْنِحَةً مِن ذَهَبٍ مُخَوَّصَةً بِالزَّبَرْجَدِ والياقُوتِ، فَيَطِيرُونَ حَتّى يَدْخُلُوا الجَنَّةَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وقالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ولا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ﴾ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَلَهم بِمَنازِلِهِمْ في الجَنَّةِ أعْرَفُ مِنهم بِمَنازِلِهِمْ في الدُّنْيا» .
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَيْثُ دَخَلُوا الجَنَّةَ قالُوا ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ﴾ قالَ: كانَ حَزَنُهم هَمَّ الخُبْزِ» .
(p-٢٩٧)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ في قَوْلِهِ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ﴾ قالَ: الجُوعُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ﴾ قالَ: طَلَبَ الخُبْزِ في الدُّنْيا، فَلا نَهْتَمُّ لَهُ كاهْتِمامِنا لَهُ في الدُّنْيا طَلَبَ الغَداءِ والعَشاءِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ إبْراهِيمَ التَّيْمِيِّ قالَ: يَنْبَغِي لِمَن لَمْ يَحْزَنْ أنْ يَخافَ ألّا يَكُونَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ؛ لِأنَّهم قالُوا: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ﴾ ويَنْبَغِي لِمَن لَمْ يُشْفِقْ أنْ يَخافَ ألّا يَكُونَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ؛ لِأنَّهم قالُوا: ﴿إنّا كُنّا قَبْلُ في أهْلِنا مُشْفِقِينَ﴾ [الطور: ٢٦] [الطُّورِ: ٢٦ ] .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ في قَوْلِهِ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ﴾ قالَ: حَزَنَ الطَّعامِ، ﴿إنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ قالَ: غَفَرَ لَهُمُ الذُّنُوبَ الَّتِي عَمِلُوها، وشَكَرَ لَهُمُ الخَيْرَ الَّذِي دَلَّهم عَلَيْهِ فَعَمِلُوا بِهِ فَأثابَهم عَلَيْهِ.
(p-٢٩٨)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي رافِعٍ قالَ: يُؤْتى يَوْمَ القِيامَةِ العَبْدُ بِدَواوِينَ ثَلاثَةٍ، فَدِيوانٌ فِيهِ النِّعَمُ، ودِيوانٌ فِيهِ ذُنُوبُهُ، ودِيوانٌ فِيهِ حَسَناتُهُ، فَيُقالُ لِأصْغَرِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ: قُومِي فاسْتَوْفِي ثَمَنَكِ مِن حَسَناتِهِ. فَتَقُومُ فَتَسْتَوْعِبُ تِلْكَ النِّعْمَةُ حَسَناتِهِ كُلِّها، وتَبْقى بَقِيَّةُ النِّعَمِ عَلَيْهِ، وذُنُوبُهُ كامِلَةٌ، فَمِن ثَمَّ يَقُولُ العَبْدُ إذا أدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ: ﴿إنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ . يَقُولُ: غَفُورٌ لِذُنُوبِهِمْ، شَكُورٌ لِحَسَناتِهِمْ، ﴿الَّذِي أحَلَّنا دارَ المُقامَةِ مِن فَضْلِهِ﴾ . قالَ: أقامُوا فَلا يَتَحَوَّلُونَ ولا يُحَوَّلُونَ، ﴿لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ ولا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ﴾ . قالَ: قَدْ كانَ القَوْمُ يَنْصَبُونَ في الدُّنْيا في طاعَةِ اللَّهِ، وهم قَوْمٌ جَهَدَهُمُ اللَّهُ قَلِيلًا ثُمَّ أراحَهم طَوِيلًا فَهَنِيئًا لَهم.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ“ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي أوْفى قالَ: «قالَ رَجُلٌ يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ النَّوْمَ مِمّا يُقِرُّ اللَّهُ بِهِ أعْيُنَنا في الدُّنْيا، فَهَلْ في الجَنَّةِ مِن نَوْمٍ؟ قالَ: لا، إنَّ النَّوْمَ شَرِيكُ المَوْتِ، ولَيْسَ في الجَنَّةِ مَوْتٌ. قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، فَما راحَتُهُمْ؟ فَأعْظَمَ ذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ وقالَ: لَيْسَ فِيها لُغُوبٌ كُلُّ أمْرِهِمْ راحَةٌ فَنَزَلَتْ: ﴿لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ ولا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ﴾ [فاطر»: ٣٥] .
(p-٢٩٩)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ: ﴿لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ﴾ أيْ: وجَعٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لُغُوبٌ﴾ قالَ: إعْياءٌ.
{"ayahs_start":32,"ayahs":["ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَـٰبَ ٱلَّذِینَ ٱصۡطَفَیۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدࣱ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَیۡرَ ٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِیرُ","جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ یَدۡخُلُونَهَا یُحَلَّوۡنَ فِیهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبࣲ وَلُؤۡلُؤࣰاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِیهَا حَرِیرࣱ","وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِیۤ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورࣱ شَكُورٌ","ٱلَّذِیۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا یَمَسُّنَا فِیهَا نَصَبࣱ وَلَا یَمَسُّنَا فِیهَا لُغُوبࣱ","وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَهُمۡ نَارُ جَهَنَّمَ لَا یُقۡضَىٰ عَلَیۡهِمۡ فَیَمُوتُوا۟ وَلَا یُخَفَّفُ عَنۡهُم مِّنۡ عَذَابِهَاۚ كَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی كُلَّ كَفُورࣲ"],"ayah":"جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ یَدۡخُلُونَهَا یُحَلَّوۡنَ فِیهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبࣲ وَلُؤۡلُؤࣰاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِیهَا حَرِیرࣱ"}