الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ﴾ أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الضَّحّاكِ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ﴾ النَّفَقَةُ في سَبِيلِ اللَّهِ؟ قالَ: لا، ولَكِنْ نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلى نَفْسِهِ وأهْلِهِ فاللَّهُ يُخْلِفُهُ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والبُخارِيُّ في ”الأدَبِ المُفْرَدِ“، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ﴾ قالَ: في غَيْرِ إسْرافٍ ولا تَقْتِيرٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ﴾ قالَ: في غَيْرِ إسْرافٍ ولا تَقْتِيرٍ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنِ الحَسَنِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (p-٢٢٤)«ما أنْفَقْتُمْ عَلى أهْلِيكم في غَيْرِ إسْرافٍ ولا تَقْتِيرٍ فَهو في سَبِيلِ اللَّهِ» . وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: إذا كانَ لِأحَدِكم شَيْءٌ فَلْيَقْتَصِدْ، ولا يَتَأوَّلْ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ﴾؛ فَإنَّ الرِّزْقَ مَقْسُومٌ يَقُولُ: لَعَلَّ رِزْقَهُ قَلِيلٌ وهو يُنْفِقُ نَفَقَةَ المُوَسَّعِ عَلَيْهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ﴾ قالَ: ما كانَ مِن خَلَفٍ فَهو مِنهُ، ورُبَّما أنْفَقَ الإنْسانُ مالَهُ كُلَّهُ في الخَيْرِ ولَمْ يُخْلَفْ حَتّى يَمُوتَ، ومِثْلُها: ﴿وما مِن دابَّةٍ في الأرْضِ إلا عَلى اللَّهِ رِزْقُها﴾ [هود: ٦] [هُودِ: ٦] يَقُولُ: ما أتاهم مِن رِزْقٍ فَمِنهُ، ورُبَّما لَمْ يَرْزُقْها حَتّى تَمُوتَ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «كُلُّ ما أنْفَقَ العَبْدُ مِن نَفَقَةٍ فَعَلى اللَّهِ خَلَفُها ضامِنًا إلّا نَفَقَةً في بُنْيانٍ أوْ مَعْصِيَةٍ» . وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ في ”الكامِلِ“؛ والبَيْهَقِيُّ مِن وجْهٍ آخَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وما أنْفَقَ (p-٢٢٥)المَرْءُ عَلى نَفْسِهِ وأهْلِهِ كُتِبَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ، وما وقى بِهِ عِرْضَهُ كُتِبَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ، وكُلُّ نَفَقَةٍ أنْفَقَها مُؤْمِنٌ فَعَلى اللَّهِ خَلَفُها ضامِنٌ، إلّا نَفَقَةً في مَعْصِيَةٍ أوْ بُنْيانٍ. قِيلَ لِابْنِ المُنْكَدِرِ: وما أرادَ بِما وقى بِهِ المَرْءُ عِرْضَهُ كُتِبَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ؟ قالَ: ما أعْطى الشّاعِرَ، وذا اللِّسانِ المُتَّقى» . وأخْرَجَ أبُو يَعْلى، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ألا إنَّ بَعْدَ زَمانِكم هَذا زَمانًا عَضُوضًا يَعَضُّ المُوسِرُ عَلى ما في يَدَيْهِ حَذارَ الإنْفاقِ، قالَ اللَّهُ: ﴿وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ﴾ [سبإ»: ٣٩] . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «قالَ اللَّهُ: أنْفِقْ يا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ نَحْسًا فادْفَعُوا نَحْسَ ذَلِكَ اليَوْمِ بِالصَّدَقَةِ. ثُمَّ قالَ: اقْرَءُوا مَواضِعَ الخَلَفِ؛ فَإنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ﴾ . إذا لَمْ تُنْفِقُوا كَيْفَ يُخْلِفُ»؟ . وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في ”نَوادِرِ الأُصُولِ“، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ (p-٢٢٦)اللَّهِ ﷺ قالَ: «إنَّ المَعُونَةَ تَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ عَلى قَدْرِ المَئُونَةِ» . وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوّامِ قالَ: «جِئْتُ حَتّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأخَذَ بِطَرْفِ عِمامَتِي مِن ورائِي، ثُمَّ قالَ: يا زُبَيْرُ إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكَ خاصَّةً وإلى النّاسِ عامَّةً، أتَدْرُونَ ماذا قالَ رَبُّكُمْ؟ قُلْتُ: اللَّهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ. قالَ: قالَ رَبُّكم حِينَ اسْتَوى عَلى عَرْشِهِ، ونَظَرَ إلى خَلْقِهِ: عِبادِي أنْتُمْ خَلْقِي وأنا رَبُّكم أرْزاقُكم بِيَدِي، فَلا تَتْعَبُوا فِيما تَكَفَّلْتُ لَكم فاطْلُبُوا مِنِّي أرْزاقَكُمْ، وإلَيَّ فارْفَعُوا حَوائِجَكُمُ، انْصَبُّوا إلى أنْفُسِكم أصُبُّ عَلَيْكم أرْزاقَكْمُ، أتَدْرُونَ ماذا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى: عَبْدِي أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وأوْسِعْ أُوسِعْ عَلَيْكَ، ولا تُضَيِّقُ أُضَيِّقْ عَلَيْكَ، ولا تُصِرَّ فَأُصِرَّ عَلَيْكَ، ولا تَخْزِنْ فَأحْزِنَ عَلَيْكَ. إنَّ بابَ الرِّزْقِ مَفْتُوحٌ مِن فَوْقِ سَبْعِ سَماواتٍ مُتَواصِلٌ إلى العَرْشِ، لا يُغْلَقُ لَيْلًا ولا نَهارًا، يُنْزِلُ اللَّهُ مِنهُ الرِّزْقَ عَلى كُلِّ امْرِئٍ بِقَدْرِ نِيَّتِهِ وعَطِيَّتِهِ وصَدَقَتِهِ ونَفَقَتِهِ مَن أكْثَرَ أُكْثِرَ لَهُ، ومَن أقَلَّ أُقِلَّ لَهُ، ومَن أمْسَكَ أُمْسِكَ عَلَيْهِ. يا زُبَيْرُ فَكُلْ وأطْعِمْ ولا تُوكِ فَيُوكى عَلَيْكَ، ولا تُحْصِ فَيُحْصى عَلَيْكَ، ولا تُقَتِّرْ فَيُقَتَّرَ عَلَيْكَ، ولا تُعَسِّرْ فَيُعَسَّرَ عَلَيْكَ. يا زُبَيْرُ إنَّ (p-٢٢٧)اللَّهَ يُحِبُّ الإنْفاقَ ويُبْغِضُ الإقْتارَ، وإنَّ السَّخاءَ بِالمَرْءِ مِنَ اليَقِينِ، والبُخْلَ مِنَ الشَّكِّ، فَلا يَدْخُلُ النّارَ مَن أيْقَنَ، ولا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن شَكَّ، يا زُبَيْرُ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ السَّخاوَةَ ولَوْ بِفَلْقِ تَمْرَةٍ، والشَّجاعَةَ ولَوْ بِقَتْلِ عَقْرَبٍ أوْ حَيَّةٍ، يا زُبَيْرُ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الصَّبْرَ عِنْدَ زَلْزَلَةِ الزِّلْزالِ، واليَقِينَ النّافِذَ عِنْدَ مَجِيءِ الشُّبُهاتِ والعَقْلَ الكامِلَ عِنْدَ نُزُولِ الشَّهَواتِ والوَرَعَ الصّادِقَ عِنْدَ الحَرامِ والخَبِيثاتِ، يا زُبَيْرُ عَظِّمِ الإخْوانَ وجَلِّلِ الأبْرارَ ووَقِّرِ الأخْيارَ وصِلِ الجارَ ولا تُماشِ الفُجّارَ، وادْخُلِ الجَنَّةَ بِلا حِسابٍ ولا عَذابٍ هَذِهِ وصِيَّةُ اللَّهِ إلَيَّ ووَصِيَّتِي إلَيْكَ» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب