قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تَنْفَعُ﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ (p-٢٠٦)قالَ: جُلِيَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا أوْحى الجَبّارُ إلى مُحَمَّدٍ ﷺ دَعا الرَّسُولَ مِنَ المَلائِكَةِ لِيَبْعَثَهُ بِالوَحْيِ فَسَمِعَتِ المَلائِكَةُ صَوْتَ الجَبّارِ يَتَكَلَّمُ بِالوَحْيِ، فَلَمّا كُشِفَ عَنْ قُلُوبِهِمْ سَألُوا عَمّا قالَ اللَّهُ فَقالُوا: الحَقَّ، وعَلِمُوا أنَّ اللَّهَ لا يَقُولُ إلّا حَقًّا. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: وصَوْتُ الوَحْيِ كَصَوْتِ الحَدِيدِ عَلى الصَّفا. فَلَمّا سَمِعُوا خَرُّوا سُجَّدًا، فَلَمّا رَفَعُوا رُؤُوسَهم ﴿قالُوا ماذا قالَ رَبُّكم قالُوا الحَقَّ وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ إذا نَزَلَ الوَحْيُ كانَ صَوْتُهُ كَوَقْعِ الحَدِيدِ عَلى الصَّفْوانِ فَيَصْعَقُ أهْلُ السَّماءِ، ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ﴾ ؟ قالَتِ الرُّسُلُ: ﴿الحَقَّ وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: يَنْزِلُ الأمْرُ إلى السَّماءِ الدُّنْيا لَهُ وقْعَةٌ كَوَقْعَةِ السِّلْسِلَةِ عَلى الصَّخْرَةِ، فَيَفْزَعُ لَهُ جَمِيعُ أهْلِ السَّماواتِ فَيَقُولُونَ: ﴿ماذا قالَ رَبُّكُمْ﴾ ؟ ثُمَّ يَرْجِعُونَ إلى أنْفُسِهِمْ فَيَقُولُونَ: ﴿الحَقَّ وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ .
(p-٢٠٧)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأحْمَدُ ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنِّسائِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ وأبُو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ مِن طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جالِسًا في نَفَرٍ مِن أصْحابِهِ، فَرُمِيَ بِنَجْمٍ فاسْتَنارَ فَقالَ: ما كُنْتُمْ تَقُولُونَ إذا كانَ مِثْلُ هَذا في الجاهِلِيَّةِ؟ قالُوا: كُنّا نَقُولُ يُولَدُ عَظِيمٌ، أوْ: يَمُوتُ عَظِيمٌ. قالَ: فَإنَّها لا يُرْمى بِها لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، ولَكِنَّ رَبَّنا إذا قَضى أمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ العَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أهْلُ السَّماءِ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ العَرْشِ، فَيَقُولُ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ العَرْشِ لِحَمَلَةِ العَرْشِ: ﴿ماذا قالَ رَبُّكُمْ﴾ فَيُخْبِرُونَهم ويُخْبِرُ أهْلُ كُلِّ سَماءٍ سَماءً حَتّى يَنْتَهِيَ الخَبَرُ إلى هَذِهِ السَّماءِ، وتَخْطَفُ الجِنُّ السَّمْعَ فَيُرْمَوْنَ، فَما جاءُوا بِهِ عَلى وجْهِهِ فَهو حَقٌّ، ولَكِنَّهم يُحَرِّفُونَهُ ويَزِيدُونَ فِيهِ. قالَ مَعْمَرٌ: قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: أكانَ يُرْمى بِها في الجاهِلِيَّةِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: أرَأيْتَ: ﴿وأنّا كُنّا نَقْعُدُ مِنها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهابًا رَصَدًا﴾ [الجن: ٩] [الجِنِّ: ٩] قالَ: غُلِّظَتْ وشُدِّدَ أمْرُها حِينَ بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ» ﷺ .
(p-٢٠٨)وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والبُخارِيُّ وأبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِيُّ ﷺ قالَ: «إذا قَضى اللَّهُ الأمْرَ في السَّماءِ ضَرَبَتِ المَلائِكَةُ بِأجْنِحَتِها خُضْعانًا لِقَوْلِهِ، كَأنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلى صَفْوانٍ يَنْفُذُهم ذَلِكَ، إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا: ماذا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا: لَلَّذِي قالَ الحَقُّ، وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ. فَيَسْمَعُها مُسْتَرِقُو السَّمْعِ، ومُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذا واحِدٌ فَوْقَ آخَرَ، ووَصَفَ سُفْيانُ بِيَدِهِ، وفَرَّجَ بَيْنَ أصابِعِهِ، نَصَبَها بَعْضَها فَوْقَ بَعْضٍ، فَيَسْمَعُ الكَلِمَةَ فَيُلْقِيها إلى مَن تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيها الآخَرُ إلى مَن تَحْتَهُ، حَتّى يُلْقِيَها عَلى لِسانِ السّاحِرِ أوِ الكاهِنِ، فَرُبَّما أدْرَكَهُ الشِّهابُ قَبْلَ أنْ يُلْقِيَها، ورُبَّما ألْقاها قَبْلَ أنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَها مِائَةَ كَذِبَةٍ فَيُقالُ: ألَيْسَ قَدْ قالَ لَنا يَوْمَ كَذا، وكَذا: كَذا وكَذا؟ فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّماءِ» .
(p-٢٠٩)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ وأبُو الشَّيْخِ في ”العَظَمَةِ“، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“ عَنِ النَّوّاسِ بْنِ سَمْعانَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”إذا أرادَ اللَّهُ أنْ يُوحِيَ بِأمْرٍ تَكَلَّمَ بِالوَحْيِ، فَإذا تَكَلَّمَ بِالوَحْيِ أخَذَتِ السَّماواتِ رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ مِن خَوْفِ اللَّهِ، فَإذا سَمِعَ بِذَلِكَ أهْلُ السَّماواتِ صَعِقُوا وخَرُّوا سُجَّدًا، فَيَكُونُ أوَّلَ مَن يَرْفَعُ رَأْسَهُ جِبْرِيلُ فَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ مِن وحْيِهِ بِما أرادَ، فَيَمْضِي بِهِ جِبْرِيلُ عَلى المَلائِكَةِ، كُلَّما مَرَّ بِسَماءٍ سَماءٍ سَألَهُ مَلائِكَتُها: ماذا قالَ رَبُّنا يا جِبْرِيلُ؟ فَيَقُولُ: قالَ الحَقَّ وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ، فَيَقُولُونَ كُلُّهم مِثْلَ ما قالَ جِبْرِيلُ، فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُ بِالوَحْيِ حَيْثُ أمَرَهُ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ والأرْضِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ مَرْدُويَهْ وأبُو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ في“الدَّلائِلِ”عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ قالَ: كانَ لِكُلِّ قَبِيلٍ مِنَ الجِنِّ مَقْعَدٌ مِنَ السَّماءِ يَسْتَمِعُونَ مِنهُ الوَحْيَ، وكانَ إذا نَزَلَ الوَحْيُ (p-٢١٠)سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ كَإمْرارِ السِّلْسِلَةِ عَلى الصَّفْوانِ، فَلا يَنْزِلُ عَلى أهْلِ سَماءٍ إلّا صَعِقُوا، ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكم قالُوا الحَقَّ وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ . وإنْ كانَ مِمّا يَكُونُ في الأرْضِ مِن أمْرِ الغَيْبِ أوْ مَوْتٍ أوْ شَيْءٍ مِمّا يَكُونُ في الأرْضِ تَكَلَّمُوا بِهِ فَقالُوا: يَكُونُ كَذا، وكَذا، فَسَمِعَتْهُ الشَّياطِينُ، فَنَزَلُوا بِهِ عَلى أوْلِيائِهِمْ يَقُولُونَ: يَكُونُ العامَ كَذا، ويَكُونُ كَذا. فَيَسْمَعُهُ الجِنُّ فَيُخْبِرُونَ الكَهَنَةَ بِهِ، والكَهَنَةُ النّاسَ: يَكُونُ كَذا وكَذا، فَيَجِدُونَهُ كَذَلِكَ، فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ دُحِرُوا بِالنُّجُومِ، فَقالَتِ العَرَبُ حِينَ لَمْ يُخْبِرْهُمُ الجِنُّ بِذَلِكَ: هَلَكَ مَن في السَّماءِ. فَجَعَلَ صاحِبُ الإبِلِ يَنْحَرُ كُلَّ يَوْمٍ بَعِيرًا، وصاحِبُ البَقَرِ يَنْحَرُ كُلَّ يَوْمٍ بَقَرَةً، وصاحِبُ الغَنَمِ شاةً حَتّى أسْرَعُوا في أمْوالِهِمْ، فَقالَتْ ثَقِيفٌ: وكانَتْ أعْقَلَ العَرَبِ: أيُّها النّاسُ، أمْسِكُوا عَلَيْكم أمْوالَكُمْ؛ فَإنَّهُ لَمْ يَمُتْ مَن في السَّماءِ، وإنَّ هَذا لَيْسَ بِانْتِشارٍ ألَسْتُمْ تَرَوْنَ مَعالِمَكم مِنَ النُّجُومِ كَما هِيَ، والشَّمْسَ والقَمَرَ واللَّيْلَ والنَّهارَ؟ قالَ: فَقالَ إبْلِيسُ: لَقَدْ حَدَثَ اليَوْمَ في الأرْضِ حَدَثٌ، فائْتُونِي مِن تُرْبَةِ كُلِّ أرْضٍ. فَأتَوْهُ بِها فَجَعَلَ يَشَمُّها، فَلَمّا شَمَّ تُرْبَةَ مَكَّةَ قالَ: مِن هَهُنا جاءَ الحَدَثُ، فَنَقَّبُوا (p-٢١١)فَإذا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ بُعِثَ» .
وأخْرَجَ أبُو داوُدَ والبَيْهَقِيُّ في“الأسْماءِ والصِّفاتِ”عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إذا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالوَحْيِ سَمِعَ أهْلُ السَّماءِ الدُّنْيا صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلى الصَّفا فَيَصْعَقُونَ، فَلا يَزالُونَ كَذَلِكَ حَتّى يَأْتِيَهم جِبْرِيلُ حَتّى إذا جاءَهم جِبْرِيلُ، فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، فَيَقُولُونَ: يا جِبْرِيلُ: ماذا قالَ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: الحَقَّ. فَيَقُولُونَ: الحَقَّ، الحَقَّ» .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ في“العَظَمَةِ”، وابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ مِن وجْهٍ آخَرَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: إذا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالوَحْيِ سَمِعَ أهْلُ السَّماواتِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلى الصَّفْوانِ فَيَصْعَقُونَ، فَلا يَزالُونَ كَذَلِكَ حَتّى يَأْتِيَهم جِبْرِيلُ فَإذا أتاهم جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، قالُوا: يا جِبْرِيلُ: ماذا قالَ رَبُّنا؟ فَيَقُولُ: الحَقَّ. فَيُنادُونَ: الحَقَّ الحَقَّ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ (p-٢١٢)قَرَأ: (فُرِّغَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) يَعْنِي: بِالرّاءِ والغَيْنِ المُعْجَمَةِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لَمّا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالوَحْيِ عَلى رَسُولِ اللَّهِ، فَزِعَ أهْلُ السَّماواتِ لِانْحِطاطِهِ، وسَمِعُوا صَوْتَ الوَحْيِ كَأشَدِّ ما يَكُونُ مِن صَوْتِ الحَدِيدِ عَلى الصَّفا، فَكُلَّما مَرَّ بِأهْلِ سَماءٍ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، فَيَقُولُونَ: يا جِبْرِيلُ بِمَ أُمِرْتَ؟ فَيَقُولُ: نُورِ العِزَّةِ العَظِيمِ؛ كَلامِ اللَّهِ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: يُوحِي اللَّهُ إلى جِبْرِيلَ، فَتَفْزَعُ المَلائِكَةُ مَخافَةَ أنْ يَكُونَ بِشَيْءٍ مِن أمْرِ السّاعَةِ، فَإذا جُلِيَ عَنْ قُلُوبِهِمْ وعَلِمُوا أنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِن أمْرِ السّاعَةِ قالُوا: ماذا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا: الحَقَّ.
وأخْرَجَ أبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ في“الإبانَةِ" عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «رَأيْتُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وزَعَمَ أنَّ إسْرافِيلَ يَحْمِلُ العَرْشَ، وأنَّ قَدَمَهُ في الأرْضِ السّابِعَةِ، والألْواحَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإذا أرادَ ذُو العَرْشِ أمْرًا سَمِعَتِ المَلائِكَةُ كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلى الصَّفا فَيُغْشى عَلَيْهِمْ، فَإذا قامُوا قالُوا: ماذا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالَ (p-٢١٣)مَن شاءَ اللَّهُ: الحَقَّ وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ والكَلْبِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ قالا: لَمّا كانَتِ الفَتْرَةُ بَيْنَ عِيسى ومُحَمَّدٍ ﷺ، فَنَزَلَ الوَحْيُ مِثْلَ صَوْتِ الحَدِيدِ فَأفْزَعَ المَلائِكَةَ ذَلِكَ، ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ . يَقُولُ: حَتّى إذا جُلِيَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، ﴿قالُوا ماذا قالَ رَبُّكم قالُوا الحَقَّ وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ في الآيَةِ قالَ: زَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أنَّ المَلائِكَةَ المُعَقِّباتِ، الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلى أهْلِ الأرْضِ يَكْتُبُونَ أعْمالَهُمْ، إذا أرْسَلَهُمُ الرَّبُّ تَبارَكَ وتَعالى فانْحَدَرُوا سُمِعَ لَهم صَوْتٌ شَدِيدٌ، فَيَحْسَبُ الَّذِينَ هم أسْفَلَ مِنهم مِنَ المَلائِكَةِ أنَّهُ مِن أمْرِ السّاعَةِ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا، وهَذا كُلَّما مَرُّوا عَلَيْهِمْ؛ فَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ مِن خَوْفِ رَبِّهِمْ تَبارَكَ وتَعالى.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: إذا قَضى اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى أمْرًا رَجَفَتِ (p-٢١٤)السَّماواتُ والأرْضُ والجِبالُ، وخَرَّتِ المَلائِكَةُ كُلُّهم سُجَّدًا، حَسِبَتِ الجِنُّ أنَّ أمْرًا يُقْضى فاسْتَرَقَتْ، فَلَمّا قُضِيَ الأمْرُ رَفَعَتِ المَلائِكَةُ رُؤُوسَهُمْ، وهي هَذِهِ الآيَةُ: ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ﴾ قالُوا جَمِيعًا: ﴿الحَقَّ وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ قَرَأ: (حَتّى إذا فُرِغَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) بِالتَّخْفِيفِ والرّاءِ والغَيْنِ.
وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنْ قَتادَةَ أنَّهُ قَرَأ: ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ ثُمَّ يُفَسِّرُهُ: حَتّى إذا انْجَلى عَنْ قُلُوبِهِمْ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقٍ آخَرَ عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: ﴿فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ . قالَ: ما فِيها مِنَ الشَّكِّ والتَّكْذِيبِ.
(p-٢١٥)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ . قالَ: فُزِّعَ الشَّيْطانُ عَنْ قُلُوبِهِمْ، فَفارَقَهم وأمانِيَّهم وما كانَ يُضِلُّهُمْ، ﴿قالُوا ماذا قالَ رَبُّكم قالُوا الحَقَّ وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ . قالَ: وهَذا في بَنِي آدَمَ، هَذا عِنْدَ المَوْتِ، أقَرُّوا حِينَ لا يَنْفَعُهُمُ الإقْرارُ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ . قالَ: كُشِفَ الغِطاءُ عَنْها يَوْمَ القِيامَةِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إبْراهِيمَ، والضَّحّاكِ أنَّهُما كانا يَقْرَآنِ ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ يَقُولانِ: جُلِيَ عَنْ قُلُوبِهِمْ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أنَّهُ سُئِلَ: كَيْفَ تَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ أوْ (فُرِّغَ عَنْ قُلُوبِهِمْ)؟ قالَ: ﴿إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ قالَ: فَإنَّ الحَسَنَ يَقْرَأُ: (فُرِّغَ عَنْ قُلُوبِهِمْ)؟ قالَ: (p-٢١٦)إنَّ الحَسَنَ يَقُولُ بِرَأْيِهِ أشْياءَ أهابُ أنْ أقُولَها.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عاصِمٍ أنَّهُ قَرَأ: ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ بِالعَيْنِ مُثَقَّلَةَ الزّايِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أبِي رَجاءٍ، أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: (فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) .
{"ayah":"وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُۥۤ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰۤ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُوا۟ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُوا۟ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡكَبِیرُ"}