قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾
أخْرَجَ البُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أنَسٍ قالَ: «قالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ: يا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ البَرُّ والفاجِرُ، فَلَوْ أمَرْتَ أُمَّهاتِ المُؤْمِنِينَ بِالحِجابِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الحِجابِ» .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والبُخارِيُّ ومُسْلِمٌ والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ مِن طُرُقٍ عَنْ أنَسٍ قالَ: «لَمّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ دَعا القَوْمَ، فَطَعِمُوا، ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ وإذا هو كَأنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمّا رَأى ذَلِكَ قامَ، فَلَمّا قامَ قامَ مَن قامَ وقَعَدَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فَجاءَ النَّبِيُّ ﷺ لِيَدْخُلَ فَإذا القَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إنَّهم قامُوا، فانْطَلَقْتُ فَجِئْتُ فَأخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ أنَّهم قَدِ انْطَلَقُوا، (p-١٠٦)فَجاءَ حَتّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أدْخُلُ فَألْقى الحِجابَ بَيْنِي وبَيْنَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أنَسٍ قالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَأتى بابَ امْرَأةٍ عَرَّسَ بِها، فَإذا عِنْدَها قَوْمٌ، فانْطَلَقَ فَقَضى حاجَتَهُ فَرَجَعَ وقَدْ خَرَجُوا، فَدَخَلَ وقَدْ أرْخى بَيْنِي وبَيْنَهُ سِتْرًا، فَذَكَرْتُهُ لَأبِي طَلْحَةَ فَقالَ: لَئِنْ كانَ كَما تَقُولُ لِيَنْزِلَنَّ في هَذا شَيْءٌ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجابِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنْ أنَسٍ قالَ: «كُنْتُ أدْخُلُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِغَيْرِ إذْنٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا لِأدْخُلَ فَقالَ: عَلى مَكانِكَ يا بُنَيَّ، إنَّهُ قَدْ حَدَثَ بَعْدَكَ أمْرٌ؛ لا تَدْخُلْ عَلَيْنا إلّا بِإذْنٍ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «دَخَلَ رَجُلٌ عَلى النَّبِيِّ ﷺ فَأطالَ الجُلُوسَ، فَقامَ النَّبِيُّ ﷺ مِرارًا كَيْ يَتْبَعَهُ ويَقُومَ فَلَمْ (p-١٠٧)يَفْعَلْ فَدَخَلَ عُمَرُ فَرَأى الرَّجُلَ وعَرَفَ الكَراهِيَةَ في وجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِمَقْعَدِهِ فَقالَ: لَعَلَّكَ آذَيْتَ النَّبِيَّ ﷺ فَفَطِنَ الرَّجُلُ فَقامَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَقَدْ قُمْتُ مِرارًا كَيْ يَتْبَعَنِي فَلَمْ يَفْعَلْ، فَقالَ عُمَرُ: لَوِ اتَّخَذْتَ حِجابًا فَإنَّ نِساءَكَ لَسْنَ كَسائِرِ النِّساءِ، وهو أطْهَرُ لِقُلُوبِهِنَّ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ الآيَةَ، فَأرْسَلَ إلى عُمَرَ فَأخْبَرَهُ بِذَلِكَ» .
وأخْرَجَ النَّسائِيُّ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «كُنْتُ آكُلُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ حَيْسًا في قَعْبٍ، فَمَرَّ عُمَرُ فَدَعاهُ فَأكَلَ، فَأصابَتْ أُصْبُعُهُ أُصْبُعِي، فَقالَ عُمَرُ: أوْهِ، لَوْ أُطاعُ فَيَكُنَّ ما رَأتْكُنَّ عَيْنٌ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجابِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «نَزَلَ حِجابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في عُمَرَ، أكَلَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ طَعامًا، فَأصابَ يَدُهُ بَعْضَ أيْدِي نِساءِ النَّبِيِّ ﷺ، فَأُمِرَ بِالحِجابِ» .
(p-١٠٨)وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أنَسٍ قالَ: ما بَقِيَ أحَدٌ أعْلَمُ بِالحِجابِ مِنِّي، ولَقَدْ سَألَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنْهُ فَقُلْتُ: نَزَلَتْ في زَيْنَبَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿غَيْرَ ناظِرِينَ إناهُ﴾ قالَ: غَيْرَ مُتَحَيِّنِينَ طَعامَهُ، ﴿ولَكِنْ إذا دُعِيتُمْ فادْخُلُوا فَإذا طَعِمْتُمْ فانْتَشِرُوا﴾ قالَ: كانَ هَذا في بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، أكَلُوا ثُمَّ أطالُوا الحَدِيثَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَخْرُجُ ويَدْخُلُ، ويَسْتَحْيِي مِنهم واللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، ﴿وإذا سَألْتُمُوهُنَّ مَتاعًا فاسْألُوهُنَّ مِن وراءِ حِجابٍ﴾ قالَ: بَلَغَنا أنَّهُنَّ أُمِرْنَ بِالحِجابِ عِنْدَ ذَلِكَ، ﴿لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ في آبائِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٥] حَتّى قالَ: وما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ. قالَ: فَرَخَّصَ لَهُنَّ ألّا يَحْتَجِبْنَ مِن هَؤُلاءِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ قالَ: «كانُوا يَجِيئُونَ فَيَدْخُلُونَ بَيْتَ النَّبِيِّ ﷺ فَيَجْلِسُونَ فَيَتَحَدَّثُونَ لِيُدْرِكَ الطَّعامُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أنْ يُؤْذَنَ لَكم إلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إناهُ﴾ لِيُدْرِكَ الطَّعامُ، ﴿ولا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾ قالَ: لا تَجْلِسُوا فَتَحَدَّثُوا» .
وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ (p-١٠٩)قَوْلِهِ: ﴿غَيْرَ ناظِرِينَ إناهُ﴾ قالَ: الإنى: النَّضِيجُ، يَعْنِي: إذا أدْرَكَ الطَّعامُ، قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ قَوْلَ الشّاعِرِ وهو يَقُولُ:
؎يُنْعِمُ ذاكَ الإنى العَبِيطِ كَما يُنْعِمُ غَرْبُ المَحالَةِ الجُمَلَ
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ يَطْعَمُ ومَعَهُ بَعْضُ أصْحابِهِ، فَأصابَتْ يَدُ رَجُلٍ مِنهم يَدَ عائِشَةَ فَكَرِهَ ذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجابِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عائِشَةَ، «أنَّ أزْواجَ النَّبِيِّ ﷺ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إذا تَبَرَّزْنَ إلى المَناصِعِ، وهو صَعِيدٌ أفْيَحُ، وكانَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: احْجُبْ نِساءَكَ، فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَفْعَلُ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيالِي عِشاءً، وكانَتِ امْرَأةً طَوِيلَةً، فَناداها عُمَرُ بِصَوْتِهِ الأعْلى: قَدْ عَرَفْناكِ يا سَوْدَةُ، حِرْصًا عَلى أنْ يُنْزَلَ الحِجابُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ الحِجابَ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ الآيَةَ» .
(p-١١٠)وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿غَيْرَ ناظِرِينَ إناهُ﴾ . قالَ: غَيْرَ مُتَحَيِّنِينَ نُضْجَهُ، ﴿ولا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾: بَعْدَ أنْ تَأْكُلُوا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿إناهُ﴾ قالَ: نُضْجَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ أرْقَمَ في قَوْلِهِ: ﴿ولا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾ . قالَ: نَزَلَتْ في الثُّقَلاءِ.
وأخْرَجَ الخَطِيبُ عَنْ أنَسٍ قالَ: «كانُوا إذا طَعِمُوا جَلَسُوا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ رَجاءَ أنْ يَجِيءَ شَيْءٌ، فَنَزَلَتْ: ﴿فَإذا طَعِمْتُمْ فانْتَشِرُوا ولا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾ [الأحزاب»: ٥٣] .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا سَألْتُمُوهُنَّ مَتاعًا﴾ . قالَ: أزْواجُ النَّبِيِّ ﷺ عَلَيْهِنَّ الحِجابُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا سَألْتُمُوهُنَّ مَتاعًا﴾ قالَ: حاجَةً.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «فَضَلَ النّاسَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ بِأرْبَعٍ: بِذِكْرِهِ الأُسارى يَوْمَ بَدْرٍ؛ أمَرَ بِقَتْلِهِمْ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ [الأنفال: ٦٨] الآيَةَ [الأنْفالِ: ٦٨]، وبِذِكْرِهِ الحِجابَ أمَرَ نِساءَ النَّبِيِّ ﷺ أنْ يَحْتَجِبْنَ، فَقالَتْ لَهُ زَيْنَبُ: وإنَّكَ لَتَغارُ عَلَيْنا يا ابْنَ الخَطّابِ والوَحْيُ يَنْزِلُ في بُيُوتِنا. (p-١١١)فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وإذا سَألْتُمُوهُنَّ مَتاعًا فاسْألُوهُنَّ مِن وراءِ حِجابٍ﴾، وبِدَعْوَةِ النَّبِيِّ ﷺ: اللَّهُمَّ أيِّدِ الإسْلامَ بِعُمَرَ، وبِرَأْيِهِ في أبِي بَكْرٍ كانَ أوَّلَ النّاسِ بايَعَهُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: أمَرَ عُمَرُ نِساءَ النَّبِيِّ ﷺ بِالحِجابِ، فَقالَتْ زَيْنَبُ: يا ابْنَ الخَطّابِ، إنَّكَ لَتَغارُ عَلَيْنا والوَحْيُ يَنْزِلُ في بُيُوتِنا! فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وإذا سَألْتُمُوهُنَّ﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا نَهَضَ إلى بَيْتِهِ بادَرُوهُ فَأخَذُوا المَجالِسَ، فَلا يُعْرَفُ ذَلِكَ في وجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ولا يَبْسُطُ يَدَهُ إلى الطَّعامِ اسْتَحْياءً مِنهُمْ، فَعُوتِبُوا في ذَلِكَ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ أنَسٍ قالَ: «نَزَلَ الحِجابُ مُبْتَنى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وذَلِكَ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الهِجْرَةِ، وحَجَبَ نِساءَهُ مِنِّي يَوْمَئِذٍ وأنا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ صالِحِ بْنِ كَيْسانَ قالَ: نَزَلَ حِجابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى نِسائِهِ في ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الهِجْرَةِ.
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما كانَ لَكُمْ﴾ الآيَةَ.
(p-١١٢)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿كانَ لَكم أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ. قالَ: نَزَلَتْ في رَجُلٍ هَمَّ أنْ يَتَزَوَّجَ بَعْضَ نِساءِ النَّبِيِّ ﷺ بَعْدَهُ. قالَ سُفْيانُ: ذَكَرُوا أنَّها عائِشَةُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «قالَ رَجُلٌ: لَئِنْ ماتَ مُحَمَّدٌ لَأتَزَوَّجَنَّ عائِشَةَ، فَنَزَلَتْ: ﴿وما كانَ لَكم أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ قالَ: «بَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ أنَّ رَجُلًا يَقُولُ: لَوْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَزَوَّجْتُ فُلانَةَ مِن بَعْدِهِ. فَكانَ ذَلِكَ يُؤْذِي النَّبِيَّ ﷺ، فَنَزَلَ القُرْآنُ: ﴿وما كانَ لَكم أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: «بَلَغَنا أنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قالَ: أيَحْجُبُنا مُحَمَّدٌ عَنْ بَناتِ عَمِّنا ويَتَزَوَّجُ نِساءَنا مِن بَعْدِنا؟ لَئِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ لَنَتَزَوَّجَنَّ نِساءَهُ مِن بَعْدِهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ قالَ: «قالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: لَوْ قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ تَزَوَّجْتُ عائِشَةَ، فَنَزَلَتْ: ﴿وما كانَ لَكم أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ» .
(p-١١٣)وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي قَوْلِهِ: ﴿وما كانَ لَكم أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ . قالَ: نَزَلَتْ في طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، لِأنَّهُ قالَ: إذا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَزَوَّجْتُ عائِشَةَ» .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”السُّنَنِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «قالَ رَجُلٌ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ: لَوْ قَدْ ماتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَزَوَّجْتُ عائِشَةَ، أوْ أُمَّ سَلَمَةَ، فَأنَزَلَ اللَّهُ: ﴿وما كانَ لَكم أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ جُوَيْبِرٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، «أنَّ رَجُلًا أتى بَعْضَ أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ، فَكَلَّمَها وهو ابْنُ عَمِّها، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: لا تَقُومَنَّ هَذا المَقامَ بَعْدَ يَوْمِكَ هَذا. فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّها ابْنَةُ عَمِّي، واللَّهِ ما قُلْتُ لَها مُنْكَرًا، ولا قالَتْ لِي. قالَ النَّبِيُّ ﷺ: قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ؛ إنَّهُ لَيْسَ أحَدٌ أغْيَرَ مِنَ اللَّهِ، وإنَّهُ لَيْسَ أحَدٌ أغْيَرَ مِنِّي. فَمَضى ثُمَّ قالَ: يَمْنَعُنِي مِن كَلامِ ابْنَةِ عَمِّي! لَأتَزَوَّجَنَّها مِن بَعْدِهِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ، فَأعْتَقَ ذَلِكَ الرَّجُلُ رَقَبَةً، وحَمَلَ عَلى عَشْرَةِ أبْعِرَةٍ في سَبِيلِ اللَّهِ، وحَجَّ ماشِيًا تَوْبَةً مِن كَلِمَتِهِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ «عَنْ أسْماءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قالَتْ: خَطَبَنِي عَلِيٌّ فَبَلَغَ ذَلِكَ فاطِمَةُ، فَأتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَتْ: إنَّ أسْماءَ مُتَزَوِّجَةٌ عَلِيًّا، فَقالَ لَها النَّبِيُّ ﷺ: ما كانَ لَها أنْ تُؤْذِيَ اللَّهَ ورَسُولَهُ» .
(p-١١٤)وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”السُّنَنِ“ عَنْ حُذَيْفَةَ، أنَّهُ قالَ لِامْرَأتِهِ: إنْ سَرَّكِ أنْ تَكُونِي زَوْجَتِي في الجَنَّةِ فَلا تَتَزَوَّجِي بَعْدِي، فَإنَّ المَرْأةَ في الجَنَّةِ لِآخِرِ أزْواجِها في الدُّنْيا، فَلِذَلِكَ حَرُمَ عَلى أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ أنْ يُنْكَحْنَ بَعْدَهُ؛ لِأنَّهُنَّ أزْواجُهُ في الجَنَّةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ أبِي أُمامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنْ تُبْدُوا شَيْئًا أوْ تُخْفُوهُ﴾ قالَ: إنْ تَكَلَّمُوا بِهِ فَتَقُولُوا: نَتَزَوَّجُ فُلانَةَ لِبَعْضِ أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ أوْ تُخْفُوا ذَلِكَ في أنْفُسِكم فَلا تَنْطِقُوا بِهِ، يَعْلَمْهُ اللَّهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنِ ابْنِ شِهابٍ قالَ: «بَلَغَنا أنَّ العالِيَةَ بِنْتَ ظَبْيانَ طَلَّقَها النَّبِيُّ ﷺ قَبْلَ أنْ يُحَرِّمَ اللَّهُ نِساءَهُ عَلى النّاسِ، فَنَكَحَتِ ابْنَ عَمٍّ لَها ووَلَدَتْ فِيهِمْ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُقاتِلٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنْ تُبْدُوا شَيْئًا﴾ قالَ: مِمّا يَكْرَهُهُ النَّبِيُّ ﷺ، ﴿أوْ تُخْفُوهُ فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ . يَقُولُ: فَإنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ.
{"ayahs_start":53,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتَ ٱلنَّبِیِّ إِلَّاۤ أَن یُؤۡذَنَ لَكُمۡ إِلَىٰ طَعَامٍ غَیۡرَ نَـٰظِرِینَ إِنَىٰهُ وَلَـٰكِنۡ إِذَا دُعِیتُمۡ فَٱدۡخُلُوا۟ فَإِذَا طَعِمۡتُمۡ فَٱنتَشِرُوا۟ وَلَا مُسۡتَـٔۡنِسِینَ لِحَدِیثٍۚ إِنَّ ذَ ٰلِكُمۡ كَانَ یُؤۡذِی ٱلنَّبِیَّ فَیَسۡتَحۡیِۦ مِنكُمۡۖ وَٱللَّهُ لَا یَسۡتَحۡیِۦ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَـٰعࣰا فَسۡـَٔلُوهُنَّ مِن وَرَاۤءِ حِجَابࣲۚ ذَ ٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ وَمَا كَانَ لَكُمۡ أَن تُؤۡذُوا۟ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلَاۤ أَن تَنكِحُوۤا۟ أَزۡوَ ٰجَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۤ أَبَدًاۚ إِنَّ ذَ ٰلِكُمۡ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِیمًا","إِن تُبۡدُوا۟ شَیۡـًٔا أَوۡ تُخۡفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣰا"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتَ ٱلنَّبِیِّ إِلَّاۤ أَن یُؤۡذَنَ لَكُمۡ إِلَىٰ طَعَامٍ غَیۡرَ نَـٰظِرِینَ إِنَىٰهُ وَلَـٰكِنۡ إِذَا دُعِیتُمۡ فَٱدۡخُلُوا۟ فَإِذَا طَعِمۡتُمۡ فَٱنتَشِرُوا۟ وَلَا مُسۡتَـٔۡنِسِینَ لِحَدِیثٍۚ إِنَّ ذَ ٰلِكُمۡ كَانَ یُؤۡذِی ٱلنَّبِیَّ فَیَسۡتَحۡیِۦ مِنكُمۡۖ وَٱللَّهُ لَا یَسۡتَحۡیِۦ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَـٰعࣰا فَسۡـَٔلُوهُنَّ مِن وَرَاۤءِ حِجَابࣲۚ ذَ ٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ وَمَا كَانَ لَكُمۡ أَن تُؤۡذُوا۟ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلَاۤ أَن تَنكِحُوۤا۟ أَزۡوَ ٰجَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۤ أَبَدًاۚ إِنَّ ذَ ٰلِكُمۡ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِیمًا"}