الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ البَزّارُ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ قالَ: «جاءَ العَبّاسُ وعَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالا: يا رَسُولَ اللَّهِ جِئْناكَ لَتُخْبِرُنا أيَّ أهْلِكَ أحَبُّ إلَيْكَ قالَ: أحَبُّ أهْلِي إلَيَّ فاطِمَةُ، قالا: ما نَسْألُكَ عَنْ فاطِمَةَ. قالَ: فَأُسامَةُ بْنُ زَيْدٍ الَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وأنْعَمْتُ عَلَيْهِ، قالَ عَلِيٌّ: ثُمَّ مَن يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: ثُمَّ أنْتَ، ثُمَّ العَبّاسُ. قالَ العَبّاسُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، جَعَلْتَ عَمَّكَ آخِرًا. قالَ: ”إنَّ عَلِيًّا سَبَقَكَ بِالهِجْرَةِ“» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والبُخارِيُّ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، (p-٥٢)وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أنَسٍ، أنَّ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿وتُخْفِي في نَفْسِكَ ما اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ نَزَلَتْ في شَأْنِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وزَيْدِ بْنِ حارِثَةَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنْ أنَسٍ قالَ: «جاءَ زَيْدُ بْنُ حارِثَةَ يَشْكُو زَيْنَبَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ”اتَّقِ اللَّهَ وأمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ“ . فَنَزَلَتْ: ﴿وتُخْفِي في نَفْسِكَ ما اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ قالَ: أنَسٌ: فَلَوْ كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ الآيَةَ، فَتَزَوَّجَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَما أوْلَمَ عَلى امْرَأةٍ مِن نِسائِهِ ما أوْلَمَ عَلَيْها، ذَبَحَ شاةً، ﴿فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنها وطَرًا زَوَّجْناكَها﴾ فَكانَتْ تَفْخَرُ عَلى أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أهالِيكُنَّ، وزَوَّجَنِي اللَّهُ مِن فَوْقِ سَبْعِ سَماواتٍ» . وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وأحْمَدُ ومُسْلِمٌ، والنَّسائِيُّ وأبُو يَعْلى، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أنَسٍ قالَ: «لَمّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِزَيْدٍ: اذْهَبْ فاذْكُرْها عَلَيَّ”. فانْطَلَقَ قالَ: فَلَمّا رَأيْتُها عَظُمَتْ في صَدْرِي، فَقُلْتُ: يا زَيْنَبُ أبْشِرِي، أرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُكِ. قالَتْ: ما أنا بِصانِعَةٍ شَيْئًا حَتّى أُؤامِرَ رَبِّي. فَقامَتْ إلى مَسْجِدِها، ونَزَلَ القُرْآنُ، وجاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ودَخَلَ عَلَيْها بِغَيْرِ إذْنٍ، ولَقَدْ رَأيْتُنا حِينَ (p-٥٣)دَخَلَتْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أطْعَمَنا عَلَيْها الخُبْزَ واللَّحْمَ، فَخَرَجَ النّاسُ وبَقِيَ رِجالٌ يَتَحَدَّثُونَ في البَيْتِ بَعْدَ الطَّعامِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ واتَّبَعْتُهُ فَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ حُجَرَ نِسائِهِ، يُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ ويَقُلْنَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ وجَدْتَ أهْلَكَ؟ فَما أدْرِي أنا أخْبَرْتُهُ أنَّ القَوْمَ قَدْ خَرَجُوا أوْ أْخْبِرَ، فانْطَلَقَ حَتّى دَخَلَ البَيْتَ، فَذَهَبْتُ أدْخُلُ مَعَهُ، فَألْقى السِّتْرَ بَيْنِي وبَيْنَهُ، ونَزَلَ الحِجابُ، ووُعِظَ القَوْمُ بِما وُعِظُوا بِهِ: ﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥٣] الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، والحاكِمُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى بْنِ حِبّانَ قالَ: «جاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْتَ زَيْدِ بْنِ حارِثَةَ يَطْلُبُهُ، وكانَ زَيْدٌ إنَّما يُقالُ لَهُ: زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَرُبَّما فَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ السّاعَةَ فَيَقُولُ: أيْنَ زَيْدٌ؟ فَجاءَ مَنزِلَهُ يَطْلُبُهُ فَلَمْ يَجِدْهُ، وتَقُومُ إلَيْهِ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فُضُلًا، فَأعْرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْها فَقالَتْ: لَيْسَ هو هاهُنا يا رَسُولَ اللَّهِ فادْخُلْ. فَأبى أنْ يَدْخُلَ فَأعْجَبَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَوَلّى وهو يُهَمْهِمُ بِشَيْءٍ لا يَكادُ يُفْهَمُ مِنهُ، إلّا رُبَّما (p-٥٤)أعْلَنَ:“سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحانَ مُصَرِّفِ القُلُوبِ”. فَجاءَ زَيْدٌ إلى مَنزِلِهِ، فَأخْبَرَتْهُ امْرَأتُهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أتى مَنزِلَهُ، فَقالَ زَيْدٌ: ألا قُلْتِ لَهُ أنْ يَدْخُلَ؟ قالَتْ: قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَأبى. قالَ: فَسَمِعْتِ شَيْئًا؟ قالَتْ: سَمِعْتُهُ حِينَ ولّى تَكَلَّمَ بِكَلامٍ ولا أفْهَمُهُ، وسَمِعْتُهُ يَقُولُ:“سُبْحانَ اللَّهِ سُبْحانَ مُصَرِّفِ القُلُوبِ”. فَجاءَ زَيْدٌ حَتّى أتى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَنِي أنَّكَ جِئْتَ مَنزِلِي فَهَلّا دَخَلْتَ يا رَسُولَ اللَّهِ، لَعَلَّ زَيْنَبَ أعْجَبَتْكَ فَأُفارِقُها. فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ فَما اسْتَطاعَ زَيْدٌ إلَيْها سَبِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ اليَوْمِ. فَيَأْتِي إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَيُخْبِرُهُ، فَيَقُولُ:“أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ”. فَفارَقَها زَيْدٌ واعْتَزَلَها، وانْقَضَتْ عِدَّتُها، فَبَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جالِسٌ يَتَحَدَّثُ مَعَ عائِشَةَ إذْ أخَذَتْهُ غَشْيَةٌ، فَسُرِّيَ عَنْهُ وهو يَتَبَسَّمُ ويَقُولُ:“مَن يَذْهَبُ إلى زَيْنَبَ يُبَشِّرُها أنَّ اللَّهَ زَوَّجَنِيها مِنَ السَّماءِ؟ وتَلا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وأنْعَمْتَ عَلَيْهِ أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ القِصَّةَ كُلَّها. قالَتْ عائِشَةُ: فَأخَذَنِي ما قَرُبَ وما بَعُدَ، لِما يَبْلُغُنا مِن جَمالِها، وأُخْرى هي أعْظَمُ الأُمُورِ وأشْرَفُها، زَوَّجَها اللَّهُ مِنَ السَّماءِ، وقُلْتُ: هي تَفْخَرُ عَلَيْنا بِهَذا» . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ عائِشَةَ (p-٥٥)قالَتْ: «لَوْ كانَ النَّبِيُّ ﷺ كاتِمًا شَيْئًا مِنَ الوَحْيِ لَكَتَمَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾، يَعْنِي: بِالإسْلامِ، ﴿وأنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ . بِالعِتْقِ، ﴿أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ . إلى قَوْلِهِ: ﴿وكانَ أمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا﴾ . وإنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمّا تَزَوَّجَها قالُوا: تَزَوَّجَ حَلِيلَةَ ابْنِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أبا أحَدٍ مِن رِجالِكم ولَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وخاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ . وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَبَنّاهُ وهو صَغِيرٌ، فَلَبِثَ حَتّى صارَ رَجُلًا يُقالُ لَهُ: زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ادْعُوهم لآبائِهِمْ هو أقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٥]، يَعْنِي: أعْدَلُ عِنْدَ اللَّهِ» . وأخْرَجَ الحاكِمُ عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: «كانَتْ زَيْنَبُ تَقُولُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أنا أعْظَمُ نِسائِكَ عَلَيْكَ حَقًّا؛ أنا خَيْرُهُنَّ مَنكَحًا، وأكْرَمُهُنَّ سِتْرًا، وأقْرَبُهُنَّ رُحْمًا، وزَوَّجَنِيكَ الرَّحْمَنُ مِن فَوْقِ عَرْشِهِ، وكانَ جِبْرِيلُ هو السَّفِيرُ بِذَلِكَ، وأنا بِنْتُ عَمَّتِكَ لَيْسَ لَكَ مِن نِسائِكَ قَرِيبَةٌ غَيْرِي» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: «كانَتْ زَيْنَبُ تَقُولُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إنِّي لَأدِلُّ عَلَيْكَ بِثَلاثٍ ما مِن نِسائِكَ امْرَأةٌ تَدِلُّ بِهِنَّ، أنَّ جَدِّي وجَدَّكَ واحِدٌ، وأنِّي أنْكَحَنِيكَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ، وأنَّ السَّفِيرَ لَجَبْرائِيلُ» . وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ زَيْنَبَ قالَتْ: «إنِّي واللَّهِ (p-٥٦)ما أنا كَأحَدٍ مِن نِساءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إنَّهُنَّ زُوِّجْنَ بِالمُهُورِ، وزَوَّجَهُنَّ الأوْلِياءُ، وزَوَّجَنِي اللَّهُ رَسُولَهُ وأنْزَلَ فِيَّ الكِتابَ يَقْرَأُهُ المُسْلِمُونَ، لا يُبَدَّلُ ولا يَتَغَيَّرُ: ﴿وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «يَرْحَمُ اللَّهُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، لَقَدْ نالَتْ في هَذِهِ الدُّنْيا الشَّرَفَ الَّذِي لا يَبْلُغُهُ شَرَفٌ، إنَّ اللَّهَ زَوَّجَها نَبِيَّهُ ﷺ في الدُّنْيا ونَطَقَ بِهِ القُرْآنُ» . وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ عاصِمٍ الأحْوَلِ، أنَّ رَجُلًا مِن بَنِي أسَدٍ فاخَرَ رَجُلًا، فَقالَ الأسَدِيُّ: هَلْ مِنكُمُ امْرَأةٌ زَوَّجَها اللَّهُ مِن فَوْقِ سَبْعِ سَماواتٍ؟ يَعْنِي زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ عَنْ قَتادَةَ «فِي قَوْلِهِ: ﴿وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ قالَ: زَيْدِ بْنِ حارِثَةَ، أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالإسْلامِ ﴿وأنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾: أعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ﴿أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتَّقِ اللَّهَ﴾ جاءَ زَيْدُ بْنُ حارِثَةَ فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ إنَّ زَيْنَبَ قَدِ اشْتَدَّ عَلَيَّ لِسانُها وأنا أُرِيدُ أنْ أُطَلِّقَها، فَقالَ لَهُ (p-٥٧)النَّبِيُّ ﷺ: ”اتَّقِ اللَّهَ وأمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ“ . قالَ: والنَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ أنْ يُطَلِّقَها، ويَخْشى قالَةَ النّاسِ إنْ أمَرَهُ بِطَلاقِها، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وتُخْفِي في نَفْسِكَ ما اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ قالَ: كانَ يُخْفِي في نَفْسِهِ ودَّ أنَّهُ طَلَّقَها. قالَ: قالَ الحَسَنُ: ما أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ آيَةٌ كانَتْ أشَدَّ عَلَيْهِ مِنها، ولَوْ كانَ كاتِمًا شَيْئًا مِنَ الوَحْيِ لَكَتَمَها. ﴿وتَخْشى النّاسَ﴾ قالَ: خَشِيَ النَّبِيُّ ﷺ قالَةَ النّاسِ. ﴿فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنها وطَرًا﴾ فَلَمّا طَلَّقَها زَيْدٌ ﴿زَوَّجْناكَها﴾ . فَكانَتْ تَفْخَرُ عَلى نِساءِ النَّبِيِّ ﷺ تَقُولُ: أمّا أنْتُنَّ فَزَوَّجَكُنَّ آباؤُكُنَّ، وأمّا أنا فَزَوَّجَنِي ذُو العَرْشِ، ﴿لِكَيْ لا يَكُونَ عَلى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ في أزْواجِ أدْعِيائِهِمْ إذا قَضَوْا مِنهُنَّ وطَرًا﴾ . أيْ: إذا طَلَّقُوهُنَّ، وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَبَنّى زَيْدَ بْنَ حارِثَةَ، ﴿ما كانَ عَلى النَّبِيِّ مِن حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ﴾: أحَلَّ اللَّهُ لَهُ: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ في الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ﴾ يَقُولُ: كَما هَوى داوُدُ النَّبِيُّ المَرْأةَ الَّتِي نَظَرَ إلَيْها فَهَوِيَها فَتَزَوَّجَها، كَذَلِكَ قَضى اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ تَزَوُّجَ زَيْنَبَ، كَما كانَ سُنَّةُ اللَّهِ في داوُدَ في تَزَوُّجِهِ تِلْكَ المَرْأةَ، ﴿وكانَ أمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ في أمْرِ زَيْنَبَ» . (p-٥٨)وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعانَ قالَ: قالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ: ما يَقُولُ الحَسَنُ في قَوْلِهِ: ﴿وتُخْفِي في نَفْسِكَ ما اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ فَقُلْتُ لَهُ. . . فَقالَ: لا، ولَكِنَّ اللَّهَ أعْلَمَ نَبِيَّهُ ﷺ أنَّ زَيْنَبَ سَتَكُونُ مِن أزْواجِهِ قَبْلَ أنْ يَتَزَوَّجَها، فَلَمّا أتاهُ زَيْدٌ يَشْكُوها إلَيْهِ قالَ: ”اتَّقِ اللَّهَ وأمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ“ . فَقالَ: قَدْ أخْبَرْتُكَ أنِّي مُزَوِّجُكَها، ﴿وتُخْفِي في نَفْسِكَ ما اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿ما كانَ عَلى النَّبِيِّ مِن حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ في الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ﴾ . قالَ: يَعْنِي: يَتَزَوَّجُ مِنَ النِّساءِ ما شاءَ، هَذا فَرِيضَةٌ وكانَ مَن كانَ مِنَ الأنْبِياءِ هَذا سُنَّتُهُمْ؛ قَدْ كانَ لِسُلَيْمانَ بْنِ داوُدَ ألْفُ امْرَأةٍ، وكانَ لِداوُدَ مِائَةُ امْرَأةٍ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، والطَّبَرانِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ في الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ﴾ قالَ: داوُدَ والمَرْأةِ الَّتِي نَكَحَ وزَوْجِها، واسْمُها اليسيه فَذَلِكَ سُنَّةٌ في مُحَمَّدٍ وزَيْنَبَ، ﴿وكانَ أمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾: كَذَلِكَ مِن سُنَّتِهِ؛ في داوُدَ والمَرْأةِ، والنَّبِيِّ ﷺ وزَيْنَبَ. (p-٥٩)وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنْ أبِي سَعِيدٍ قالَ: لا نِكاحَ إلّا بِوَلِيٍّ وشُهُودٍ ومَهْرٍ؛ إلّا ما كانَ لِلنَّبِيِّ ﷺ . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، وابْنُ عَساكِرَ، مِن طَرِيقِ الكُمَيْتِ بْنِ زَيْدٍ الأسَدِيِّ قالَ: حَدَّثَنِي مَذْكُورٌ مَوْلى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ قالَتْ: «خَطَبَنِي عِدَّةٌ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ فَأرْسَلْتُ إلَيْهِ أخِي، تُشاوِرُهُ في ذَلِكَ، قالَ: ”فَأيْنَ هي مِمَّنْ يُعَلِّمُها كِتابَ رَبِّها وسُنَّةَ نَبِيِّها؟ قالَتْ: مَن؟ قالَ: زَيْدُ بْنُ حارِثَةَ، فَغَضِبَتْ وقالَتْ: تُزَوِّجُ بِنْتَ عَمَّتِكَ مَوْلاكَ؟! ثُمَّ أتَتْنِي فَأخْبَرَتْنِي بِذَلِكَ، فَقُلْتُ أشَدَّ مِن قَوْلِها، وغَضِبْتُ أشَدَّ مِن غَضَبِها، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما كانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذا قَضى اللَّهُ ورَسُولُهُ أمْرًا أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦] . فَأرْسَلْتُ إلَيْهِ: زَوِّجْنِي مَن شِئْتَ. فَزَوَّجَنِي مِنهُ، فَأخَذْتُهُ بِلِسانِي، فَشَكانِي إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ لَهُ: إذَنْ طَلِّقْها. فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي، فَلَمّا انْقَضَتْ عِدَّتِي لَمْ أشْعُرْ إلّا والنَّبِيُّ ﷺ وأنا مَكْشُوفَةُ الشَّعَرِ، فَقُلْتُ: هَذا أمْرٌ مِنَ السَّماءِ؛ دَخَلْتَ يا رَسُولَ اللَّهِ بِلا خِطْبَةٍ ولا شَهادَةٍ! قالَ: (p-٦٠)اللَّهُ المُزَوِّجُ وجِبْرِيلُ الشّاهِدُ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ الآيَةَ. قالَ: «بَلَغَنا أنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ في زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وكانَتْ أُمُّها أُمَيْمَةَ بِنْتَ عَبْدِ المُطَّلِبِ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأرادَ أنْ يُزَوِّجَها زَيْدَ بْنَ حارِثَةَ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّها رَضِيَتْ بِما صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَزَوَّجَها إيّاهُ، ثُمَّ أعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بَعْدُ أنَّها مِن أزْواجِهِ، فَكانَ يَسْتَحْيِي أنْ يَأْمُرَ زَيْدَ بْنَ حارِثَةَ بِطَلاقِها، وكانَ لا يَزالُ يَكُونُ بَيْنَ زَيْدٍ وزَيْنَبَ بَعْضُ ما يَكُونُ بَيْنَ النّاسِ، فَيَأْمُرُهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ يُمْسِكَ عَلَيْهِ زَوْجَهُ وأنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ، وكانَ يَخْشى النّاسَ أنْ يَعِيبُوا عَلَيْهِ، أنْ يَقُولُوا: تَزَوَّجَ امْرَأةَ ابْنِهِ. وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ تَبَنّى زَيْدًا» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ، «أنَّ النَّبِيُّ ﷺ اشْتَرى زَيْدَ بْنَ حارِثَةَ في الجاهِلِيَّةِ مِن عُكاظٍ عَلى امْرَأتِهِ خَدِيجَةَ، فاتَّخَذَهُ ولَدًا، فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ أرادَ أنْ يُزَوِّجَهُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما كانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذا قَضى اللَّهُ ورَسُولُهُ أمْرًا أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦] فَقِيلَ لَها: إنْ شِئْتِ اللَّهَ ورَسُولَهُ، وإنْ شِئْتِ ضَلالًا مُبِينًا. فَقالَتْ: بَلِ اللَّهَ ورَسُولَهُ، فَزَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنها فَمَكَثَ (p-٦١)ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ إنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ يَوْمًا بَيْتَ زَيْدٍ فَرَآها وهي بِنْتُ عَمَّتِهِ، فَكَأنَّها وقَعَتْ في نَفْسِهِ. قالَ عِكْرِمَةُ: فَأنْزَلَ اللَّهُ، ﴿وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ . قالَ عِكْرِمَةُ أنْعَمَ اللَّهُ عَلى زَيْدٍ بِالإسْلامِ، ﴿وأنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ يا مُحَمَّدُ بِالعِتْقِ، ﴿أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتَّقِ اللَّهَ وتُخْفِي في نَفْسِكَ ما اللَّهُ مُبْدِيهِ وتَخْشى النّاسَ واللَّهُ أحَقُّ أنْ تَخْشاهُ﴾ . قالَ: عِكْرِمَةُ: فَكانَ النّاسُ يَقُولُونَ مِن شِدَّةِ ما يَرَوْنَ مِن حُبِّ النَّبِيِّ ﷺ لِزَيْدٍ: إنَّهُ ابْنُهُ. فَأرادَ اللَّهُ أمْرًا، قالَ اللَّهُ: ﴿فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنها وطَرًا زَوَّجْناكَها﴾ يا مُحَمَّدُ، ﴿لِكَيْ لا يَكُونَ عَلى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ في أزْواجِ أدْعِيائِهِمْ﴾ . وأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أبا أحَدٍ مِن رِجالِكم ولَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وخاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ فَلَمّا طَلَّقَها زَيْدٌ تَزَوَّجَها النَّبِيُّ ﷺ فَعِنْدَها قالُوا: لَوْ كانَ زَيْدٌ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ما تَزَوَّجَ امْرَأةَ ابْنِهِ» . وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ قالَ: تَفاخَرَتْ زَيْنَبُ وعائِشَةُ؛ فَقالَتْ زَيْنَبُ: أنا الَّذِي نَزَلَ تَزْوِيجِي مِنَ السَّماءِ، وقالَتْ عائِشَةُ: أنا نَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّماءِ في كِتابِهِ حِينَ حَمَلَنِي ابْنُ المُعَطَّلِ عَلى الرّاحِلَةِ، فَقالَتْ لَها زَيْنَبُ: ما قُلْتِ حِينَ رَكِبْتِيها؟ قالَتْ: قُلْتُ: حَسْبِيَ اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ. قالَتْ: قُلْتِ كَلِمَةَ المُؤْمِنِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أبا أحَدٍ مِن (p-٦٢)رِجالِكُمْ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في زَيْدِ بْنِ حارِثَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ في قَوْلِهِ: ﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أبا أحَدٍ مِن رِجالِكُمْ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في زَيْدِ بْنِ حارِثَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أبا أحَدٍ مِن رِجالِكُمْ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في زَيْدٍ؛ أيْ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِابْنِهِ ولَعَمْرِي لَقَدْ وُلِدَ لَهُ ذُكُورٌ، إنَّهُ لَأبُو القاسِمِ وإبْراهِيمَ والطَّيِّبِ والمُطَهَّرِ. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أبا أحَدٍ مِن رِجالِكُمْ﴾ قالَ: ما كانَ لِيَعِيشَ لَهُ فِيكم ولَدٌ ذَكَرٌ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ولَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وخاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ قالَ: آخِرَ نَبِيٍّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿وخاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ . قالَ: خَتَمَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ بِمُحَمَّدٍ، وكانَ آخِرَ مَن بُعِثَ. (p-٦٣)وأخْرَجَ أحْمَدُ، ومُسْلِمٌ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَثَلِي ومَثَلُ النَّبِيِّينَ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنى دارًا فَأتَمَّها إلّا لَبِنَةً واحِدَةً، فَجِئْتُ أنا فَأتْمَمْتُ تِلْكَ اللَّبِنَةَ» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَثَلِي ومَثَلُ الأنْبِياءِ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنى دارًا فَأكْمَلَها وأحْسَنَها إلّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ فَكانَ مَن دَخَلَها فَنَظَرَ إلَيْها قالَ: ما أحْسَنَها إلّا مَوْضِعَ اللَّبِنَةِ. فَأنا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ؛ خُتِمَ بِيَ الأنْبِياءُ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «مَثَلِي ومَثَلُ الأنْبِياءِ مِن قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنى بُنْيانًا فَأحْسَنَهُ وأجْمَلَهُ إلّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِن زاوِيَةٍ مِن زَواياها، فَجَعَلَ النّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ ويَتَعَجَّبُونَ لَهُ ويَقُولُونَ: هَلّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ فَأنا اللَّبِنَةُ، وأنا خاتَمُ النَّبِيِّينَ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «مَثَلِي في النَّبِيِّينَ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنى دارًا، فَأحْسَنَها وأكْمَلَها وأجْمَلَها وتَرَكَ (p-٦٤)فِيها مَوْضِعَ لَبِنَةٍ لَمْ يَضَعْها، فَجَعَلَ النّاسُ يَطُوفُونَ بِالبُنْيانِ ويَعْجَبُونَ مِنهُ، ويَقُولُونَ: لَوْ تَمَّ مَوْضِعُ هَذِهِ اللَّبِنَةِ، فَأنا في النَّبِيِّينَ مَوْضِعُ تِلْكَ اللَّبِنَةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ ثَوْبانَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّهُ سَيَكُونُ في أُمَّتِي كَذّابُونَ ثَلاثُونَ، كُلُّهم يَزْعُمُ أنَّهُ نَبِيٌّ، وأنا خاتَمُ النَّبِيِّينَ لا نَبِيَّ بَعْدِي» . وأخْرَجَ أحْمَدُ عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «فِي أُمَّتِي كَذّابُونَ ودَجّالُونَ سَبْعَةٌ وعِشْرُونَ، مِنهم أرْبَعُ نِسْوَةٍ، وإنِّي خاتَمُ النَّبِيِّينَ لا نَبِيَّ بَعْدِي» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قُولُوا: خاتَمَ النَّبِيِّينَ، ولا تَقُولُوا: لا نَبِيَّ بَعْدَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: قالَ رَجُلٌ عِنْدَ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: صَلّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ الأنْبِياءِ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ. فَقالَ المُغِيرَةُ: حَسْبُكَ إذا قُلْتَ: خاتَمَ الأنْبِياءِ، فَإنّا كُنّا نُحَدِّثُ أنَّ عِيسى خارِجٌ، فَإنْ هو خَرَجَ فَقَدْ كانَ قَبْلَهُ وبَعْدَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ في“المَصاحِفِ" عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قالَ: كُنْتُ أُقْرِئُ الحَسَنَ والحُسَيْنَ، فَمَرَّ بِي عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ وأنا (p-٦٥)أُقْرِئُهُما: ﴿وخاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ فَقالَ لِي: أقْرِئْهُما: وخاتَمَ النَّبِيِّينَ، بِفَتْحِ التّاءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب