الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ﴾ الآيَةَ. (p-١٥)أخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهم مِن أهْلِ الكِتابِ﴾ قالَ قُرَيْظَةَ، ﴿مِن صَياصِيهِمْ﴾ قالَ: قُصُورِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿مِن صَياصِيهِمْ﴾ قالَ: حُصُونِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿مِن صَياصِيهِمْ﴾ قالَ: الحُصُونِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ «فِي قَوْلِهِ: ﴿وأنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهم مِن أهْلِ الكِتابِ﴾ . قالَ: هم بَنُو قُرَيْظَةَ ظاهَرُوا أبا سُفْيانَ وراسَلُوهُ، ونَكَثُوا العَهْدَ الَّذِي بَيْنَهم وبَيْنَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ، فَبَيْنا النَّبِيُّ ﷺ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ يَغْسِلُ رَأْسَهُ، وقَدْ غَسَلَتْ شِقَّهُ إذْ أتاهُ جِبْرِيلُ، فَقالَ: عَفا اللَّهُ عَنْكَ، ما وضَعَتِ المَلائِكَةُ سِلاحَها مُنْذُ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، فانْهَضْ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَإنِّي قَدْ قَطَعْتُ أوْتارَهُمْ، وفَتَحْتُ أبْوابَهم وتَرَكْتُهم في زِلْزالٍ وبَلْبالٍ، فاسْتَلْأمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ سَلَكَ سِكَّةَ بَنِي غَنْمٍ، فاتَّبَعَهُ النّاسُ، وقَدْ عَصَبَ حاجِبَهُ التُّرابُ، فَأتاهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَحاصَرَهم وناداهم: ”يا إخْوَةَ (p-١٦)القِرَدَةِ“ . فَقالُوا: يا أبا القاسِمِ ما كُنْتَ فَحّاشًا، فَنَزَلُوا عَلى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ، وكانَ بَيْنَهم وبَيْنَ قَوْمِهِ حِلْفٌ فَرَجَوْا أنْ تَأْخُذَهُ فِيهِمْ هَوادَةٌ، فَأوْمَأ إلَيْهِمْ أبُو لُبابَةَ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ﴾ [الأنفال: ٢٧] الآيَةَ [ الأنْفالَ: ٢٧] . فَحَكَمَ فِيهِمْ أنْ تُقْتَلَ مُقاتِلَتُهُمْ، وأنْ تُسْبى ذَرارِيُّهُمْ، وأنَّ أعْقارَهم لِلْمُهاجِرِينَ دُونَ الأنْصارِ، فَقالَ قَوْمُهُ وعَشِيرَتُهُ: آثَرْتَ المُهاجِرِينَ بِالأعْقارِ عَلَيْنا. فَقالَ: إنَّكم كُنْتُمْ ذَوِي أعْقارٍ وإنَّ المُهاجِرِينَ كانُوا لا أعْقارَ لَهم. فَذُكِرَ لَنا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ كَبَّرَ وقالَ: ”مَضى فِيكم بِحُكْمِ اللَّهِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وقَذَفَ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ قالَ: بِصَنِيعِ جِبْرِيلَ، ﴿فَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ . قالَ: الَّذِينَ ضُرِبَتْ أعْناقُهم. وكانُوا أرْبَعَمِائَةِ مُقاتِلٍ فَقُتِلُوا حَتّى أتَوْا عَلى آخِرِهِمْ، ﴿وتَأْسِرُونَ فَرِيقًا﴾ قالَ: الَّذِينَ سُبُوا، وكانَ فِيها سَبْعُمِائَةِ سَبِيٍّ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأوْرَثَكم أرْضَهم ودِيارَهم وأمْوالَهُمْ﴾ . قالَ: قُرَيْظَةُ والنَّضِيرُ؛ أهْلُ الكِتابِ، ﴿وأرْضًا لَمْ تَطَئُوها﴾ . قالَ: خَيْبَرُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿وأرْضًا لَمْ تَطَئُوها﴾ . قالَ: خَيْبَرُ، فُتِحَتْ بَعْدَ بَنِي قُرَيْظَةَ. (p-١٧)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وأرْضًا لَمْ تَطَئُوها﴾ قالَ: كُنّا نُحَدِّثُ أنَّها مَكَّةُ. وقالَ الحَسَنُ: هي أرْضُ الرُّومِ وفارِسَ وما فُتِحَ عَلَيْهِمْ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وأرْضًا لَمْ تَطَئُوها﴾ . قالَ هو ما ظَهَرَ عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنْ عُرْوَةَ: ﴿وأرْضًا لَمْ تَطَئُوها﴾ قالَ: يَزْعُمُونَ أنَّها خَيْبَرُ، ولا أحْسَبُها إلّا كُلَّ أرْضٍ فَتَحَها اللَّهُ عَلى المُسْلِمِينَ، أوْ هو فاتِحُها إلى يَوْمِ القِيامَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: «كانَ يَوْمُ الخَنْدَقِ بِالمَدِينَةِ، فَجاءَ أبُو سُفْيانَ بْنُ حَرْبٍ ومَن تَبِعَهُ مِن قُرَيْشٍ، ومَن تَبِعَهُ مِن كِنانَةَ، وعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ومَن تَبِعَهُ مِن غَطَفانَ وطُلَيْحَةُ ومَن تَبِعَهُ مِن بَنِي أسَدٍ، وأبُو الأعْوَرِ ومَن تَبِعَهُ مِن بَنِي سُلَيْمٍ، وقُرَيْظَةُ كانَ بَيْنَهم وبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَهْدٌ، فَنَقَضُوا ذَلِكَ وظاهَرُوا المُشْرِكِينَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿وأنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهم مِن أهْلِ الكِتابِ مِن صَياصِيهِمْ﴾ . فَأتى جِبْرِيلُ ومَعَهُ الرِّيحُ، فَقالَ حِينَ رَأى جِبْرِيلَ: (p-١٨)”ألا أبْشِرُوا“ ثَلاثًا، فَأرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرِّيحَ فَهَتَكَتِ القِبابَ، وكَفَأتِ القُدُورَ، ودَفَنَتِ الرِّجالَ، وقَطَعَتِ الأوْتادَ، فانْطَلَقُوا لا يَلْوِي أحَدٌ عَلى أحَدٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إذْ جاءَتْكم جُنُودٌ فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا وجُنُودًا لَمْ تَرَوْها﴾ [الأحزاب: ٩] [الأحْزابَ»: ٩] . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «خَرَجْتُ يَوْمَ الخَنْدَقِ أقْفُو النّاسَ، فَإذا أنا بِسَعْدِ بْنِ مُعاذٍ ورَماهُ رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ يُقالُ لَهُ: ابْنُ العَرِقَةِ. بِسَهْمٍ، فَأصابَ أكْحَلَهُ فَقَطَعَهُ، فَدَعا اللَّهَ سَعْدٌ فَقالَ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتّى تَقَرَّ عَيْنِي مِن قُرَيْظَةَ وبَعَثَ اللَّهُ الرِّيحَ عَلى المُشْرِكِينَ، ﴿وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ﴾ [الأحزاب: ٢٥]، ولَحِقَ أبُو سُفْيانَ ومَن مَعَهُ بِتِهامَةَ، ولَحِقَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ ومَن مَعَهُ بِنَجْدٍ، ورَجَعَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ فَتَحَصَّنُوا في صَياصِيهِمْ، ورَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى المَدِينَةِ، وأمَرَ بِقُبَّةٍ مِن أدَمٍ فَضُرِبَتْ عَلى سَعْدٍ في المَسْجِدِ. قالَتْ: فَجاءَ جِبْرِيلُ - وإنْ عَلى ثَناياهُ لَنَقْعَ الغُبارِ- فَقالَ: أوَقَدْ وضَعْتَ السِّلاحَ؟ لا واللَّهِ ما وضَعَتِ المَلائِكَةُ بَعْدُ السِّلاحَ، اخْرُجْ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقاتِلْهم فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَأْمَتَهُ، وأذَّنَ في النّاسِ بِالرَّحِيلِ: أنْ يَخْرُجُوا، فَأتاهم فَحاصَرَهم خَمْسًا وعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَلَمّا اشْتَدَّ حَصْرُهم واشْتَدَّ البَلاءُ عَلَيْهِمْ قِيلَ لَهُمُ: انْزِلُوا عَلى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ . قالُوا: نَنْزِلُ عَلى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ. فَنَزَلُوا، وبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ، فَأُتِيَ بِهِ عَلى حِمارٍ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”احْكم فِيهِمْ“ . قالَ: فَإنِّي أحْكُمُ فِيهِمْ، أنْ تُقْتَلَ مُقاتِلَتُهم وتُسْبى ذَرّارِيُّهُمْ، (p-١٩)وتُقَسَّمَ أمْوالُهم. فَقالَ: ”لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ وحُكْمِ رَسُولِهِ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ مُوسى بْنِ عُقْبَةَ قالَ: أنْزَلَ اللَّهُ في قِصَّةِ الخَنْدَقِ وبَنِي قُرَيْظَةَ تِسْعًا وعِشْرِينَ آيَةً فاتِحَتُها: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكم إذْ جاءَتْكم جُنُودٌ﴾ [الأحزاب: ٩] [الأحْزابَ: ٩] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب