قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومِن أهْلِ الكِتابِ﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ومِن أهْلِ الكِتابِ مَن إنْ تَأْمَنهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ﴾ . قالَ: هَذا مِنَ النَّصارى، (p-٦٢٩)﴿ومِنهم مَن إنْ تَأْمَنهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ﴾ . قالَ: هَذا مِنَ اليَهُودِ، ﴿إلا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا﴾ . قالَ: إلّا ما طَلَبْتَهُ واتَّبَعْتَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿ومِنهم مَن إنْ تَأْمَنهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ﴾ . قالَ: كانَتْ تَكُونُ دُيُونٌ لِأصْحابِ مُحَمَّدٍ ﷺ عَلَيْهِمْ، فَقالُوا: لَيْسَ عَلَيْنا سَبِيلٌ في أمْوالِ أصْحابِ مُحَمَّدٍ إنْ أمْسَكْناها. وهم أهْلُ الكِتابِ، أُمِرُوا أنْ يُؤَدُّوا إلى كُلٍّ مُسْلِمٍ عَهْدَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مالِكِ بْنِ دِينارٍ قالَ: إنَّما سُمِّيَ الدِّينارُ لِأنَّهُ دِينٌ ونارٌ. قالَ: مَعْناهُ أنَّ مَن أخَذَهُ بِحَقِّهِ فَهو دِينُهُ، ومَن أخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ فَلَهُ النّارُ.
وأخْرَجَ الخَطِيبُ في ”تارِيخِهِ“ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الدِّرْهَمِ لِمَ سُمِّيَ دِرْهَمًا؟ وعَنِ الدِّينارِ لِمَ سُمِّيَ دِينارًا؟ قالَ: أمّا الدِّرْهَمُ فَسُمِّيَ دارَ هَمٍّ، وأمّا الدِّينارُ فَضَرَبَتْهُ المَجُوسُ فَسُمِّيَ دِينارًا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿إلا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا﴾ . قالَ: مُواكِظًا. (p-٦٣٠)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿إلا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا﴾ . يَقُولُ: يَعْتَرِفُ بِأمانَتِهِ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا عَلى رَأْسِهِ، فَإذا قُمْتَ ثُمَّ جِئْتَ تَطْلُبُهُ، كافَرَكَ الَّذِي يُؤَدِّي والَّذِي يَجْحَدُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا في الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ﴾ . قالَ: قالَتِ اليَهُودُ: لَيْسَ عَلَيْنا فِيما أصَبْنا مِن أمْوالِ العَرَبِ سَبِيلٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: يُقالُ لَهُ: ما بالُكَ لا تُؤَدِّي أمانَتَكَ؟ فَيَقُولُ: لَيْسَ عَلَيْنا حَرَجٌ في أمْوالِ العَرَبِ، قَدْ أحَلَّها اللَّهُ لَنا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ: ﴿ومِن أهْلِ الكِتابِ﴾ . إلى قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا في الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ﴾ . قالَ النَّبِيُّ ﷺ: ”كَذَبَ أعْداءُ اللَّهِ، ما مِن شَيْءٍ كانَ في الجاهِلِيَّةِ إلّا وهو تَحْتَ قَدَمَيَّ هاتَيْنِ، إلّا الأمانَةَ، فَإنَّها مُؤَدّاةٌ إلى البَرِّ والفاجِرِ“» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ صَعْصَعَةَ، أنَّهُ سَألَ ابْنَ (p-٦٣١)عَبّاسٍ فَقالَ: إنّا نُصِيبُ في الغَزْوِ مِن أمْوالِ أهْلِ الذِّمَّةِ الدَّجاجَةَ والشّاةَ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: فَتَقُولُونَ ماذا؟ قالَ: نَقُولُ لَيْسَ عَلَيْنا في ذَلِكَ مِن بَأْسٍ. قالَ: هَذا كَما قالَ أهْلُ الكِتابِ: لَيْسَ عَلَيْنا في الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ. إنَّهم إذا أدُّوا الجِزْيَةَ لَمْ تَحِلَّ لَكم أمْوالُهم إلّا بِطِيبِ أنْفُسِهِمْ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في الآيَةِ قالَ: بايَعَ اليَهُودَ رِجالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ في الجاهِلِيَّةِ، فَلَمّا أسْلَمُوا تَقاضُوهم ثَمَنَ بُيُوعِهِمْ فَقالُوا: لَيْسَ عَلَيْنا أمانَةٌ، ولا قَضاءَ لَكم عِنْدَنا؛ لِأنَّكم تَرَكْتُمْ دِينَكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ عَلَيْهِ. وادَّعُوا أنَّهم وجَدُوا ذَلِكَ في كِتابِهِمْ، فَقالَ اللَّهُ: ﴿ويَقُولُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ وهم يَعْلَمُونَ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿بَلى مَن أوْفى بِعَهْدِهِ واتَّقى﴾ . يَقُولُ: اتَّقى الشِّرْكَ، ﴿فَإنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ﴾ . يَقُولُ: الَّذِينَ يَتَّقُونَ الشِّرْكَ.
{"ayahs_start":75,"ayahs":["۞ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارࣲ یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِینَارࣲ لَّا یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَیۡهِ قَاۤىِٕمࣰاۗ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوا۟ لَیۡسَ عَلَیۡنَا فِی ٱلۡأُمِّیِّـۧنَ سَبِیلࣱ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ","بَلَىٰۚ مَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ وَٱتَّقَىٰ فَإِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِینَ"],"ayah":"۞ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارࣲ یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِینَارࣲ لَّا یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَیۡهِ قَاۤىِٕمࣰاۗ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوا۟ لَیۡسَ عَلَیۡنَا فِی ٱلۡأُمِّیِّـۧنَ سَبِیلࣱ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ"}