الباحث القرآني
﷽
سُورَةُ آلِ عِمْرانَ مَدَنِيَّةٌ
أخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ في ”فَضائِلِهِ“، والنَّحّاسُ في ”ناسِخِهِ“، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، مِن طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ ”آلِ عِمْرانَ“ بِالمَدِينَةِ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”مَن قَرَأ السُّورَةَ الَّتِي يُذْكَرُ فِيها“ آلُ عِمْرانَ ”يَوْمَ الجُمْعَةِ، صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ ومَلائِكَتُهُ حَتّى تَغِيبَ الشَّمْسُ“» .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: مَن قَرَأ ”البَقَرَةَ“ و”النِّساءَ“ و”آلَ عِمْرانَ“، كُتِبَ عِنْدَ اللَّهِ (p-٤٣٩)مِنَ الحُكَماءِ.
وأخْرَجَ الدّارِمِيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: مَن قَرَأ ”آلَ عِمْرانَ“ فَهو غَنِيٌّ، و”النِّساءُ“ مُحَبِّرَةٌ. يَعْنِي: مُزَيَّنَةٌ.
وأخْرَجَ الدّارِمِيُّ، وأبُو عُبَيْدٍ في ”فَضائِلِهِ“، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: نِعْمَ كَنْزُ الصُّعْلُوكِ سُورَةُ ”آلِ عِمْرانَ“ يَقُومُ بِها الرَّجُلُ مِن آخِرِ اللَّيْلِ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنْ أبِي عَطّافٍ قالَ: اسْمُ ”آلِ عِمْرانَ“ في التَّوْراةِ طَيْبَةُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في ”المُصَنَّفِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ الشَّمْسَ انْكَسَفَتْ وهو أمِيرٌ عَلى البَصْرَةِ، فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ قَرَأ فِيهِما بِـ ”البَقَرَةِ“ و”آلِ عِمْرانَ“ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قالَ: قَرَأ رَجُلٌ ”البَقَرَةَ“ و”آلَ عِمْرانَ“، فَقالَ كَعْبٌ: قَدْ قَرَأ سُورَتَيْنِ إنَّ فِيهِما لَلِاسْمَ الَّذِي إذا دُعِيَ بِهِ اسْتَجابَ.
(p-٤٤٠)وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ في ”المَصاحِفِ“ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، مِثْلَهُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الم﴾ ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ الآياتِ.
أخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ في ”المَصاحِفِ“ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أنَّهُ قَرَأ: ﴿الحَيُّ القَيُّومُ﴾ .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: ﴿القَيُّومُ﴾: القائِمُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ.
وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والطَّبَرانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أنَّهُ كانَ يَقْرَؤُها: ( الحَيُّ القَيّامُ ) .
وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي داوُدَ، وابْنُ الأنْبارِيِّ، مَعًا في ”المَصاحِفِ“، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ عُمَرَ، أنَّهُ صَلّى العِشاءَ الآخِرَةَ فاسْتَفْتَحَ سُورَةَ ”آلِ عِمْرانَ“، فَقَرَأ: ( الم اللَّهُ لا إلَهَ إلّا هو الحَيُّ القَيّامُ ) .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي داوُدَ عَنِ الأعْمَشِ قالَ: في قِراءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: ”الحَيُّ القَيّامُ“ .
(p-٤٤١)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: ”الحَيُّ القَيّامُ“ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ، عَنْ أبِي مَعْمَرٍ قالَ: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ يَقْرَأُ ”الحَيُّ القَيِّمُ“ . وكانَ أصْحابُ عَبْدِ اللَّهِ يَقْرَءُونَ: ”الحَيُّ القَيّامُ“ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في ”المُصَنَّفِ“، عَنْ عاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أبِيهِ قالَ: كانَ عُمَرُ يُعْجِبُهُ أنْ يَقْرَأ سُورَةَ ”آلِ عِمْرانَ“ في الجُمْعَةِ إذا خَطَبَ.
وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قالَ: «قَدِمَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وفْدُ نَجْرانَ سِتُّونَ راكِبًا، فِيهِمْ أرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِن أشْرافِهِمْ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنهم أبُو حارِثَةَ بْنُ عَلْقَمَةَ، والعاقِبُ، وعَبْدُ المَسِيحِ، والأيْهَمُ السَّيِّدُ، وهو مِنَ النَّصْرانِيَّةِ عَلى دِينِ المَلِكِ، مَعَ اخْتِلافٍ مِن أمْرِهِمْ، يَقُولُونَ: هو اللَّهُ. ويَقُولُونَ: هو ولَدُ اللَّهِ. ويَقُولُونَ: هو ثالِثُ ثَلاثَةٍ. كَذَلِكَ قَوْلُ النَّصْرانِيَّةِ، فَهم يَحْتَجُّونَ في قَوْلِهِمْ – يَقُولُونَ: هو اللَّهُ - بِأنَّهُ كانَ يُحْيِي المَوْتى، ويُبْرِئُ الأسْقامَ، ويُخْبِرُ بِالغُيُوبِ، ويَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا، وذَلِكَ كُلُّهُ بِإذْنِ اللَّهِ، لِيَجْعَلَهُ آيَةً لِلنّاسِ، ويَحْتَجُّونَ في قَوْلِهِمْ: إنَّهُ ولَدٌ. بِأنَّهم يَقُولُونَ: لَمْ يَكُنْ لَهُ أبٌ يُعْلَمُ، وقَدْ (p-٤٤٢)تَكَلَّمَ في المَهْدِ، شَيْئًا لَمْ يَصْنَعْهُ أحَدٌ مِن ولَدِ آدَمَ قَبْلَهُ. ويَحْتَجُّونَ في قَوْلِهِمْ: إنَّهُ ثالِثُ ثَلاثَةٍ. بِقَوْلِ اللَّهِ: فَعَلْنا وأمَرْنا وخَلَقْنا وقَضَيْنا. فَيَقُولُونَ: لَوْ كانَ واحِدًا ما قالَ إلّا: فَعَلْتُ وأمَرْتُ وقَضَيْتُ وخَلَقْتُ. ولَكِنَّهُ هُوَ، وعِيسى، ومَرْيَمُ. فَفي كُلِّ ذَلِكَ مِن قَوْلِهِمْ نَزَلَ القُرْآنُ، وذَكَرَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ فِيهِ قَوْلَهم. فَلَمّا كَلَّمَهُ الحَبْرانِ قالَ لَهُما رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”أسْلِما“ . قالا: قَدْ أسْلَمْنا قَبْلَكَ. قالَ: ”كَذَبْتُما، مَنَعَكُما مِنَ الإسْلامِ دُعاؤُكُما لِلَّهِ ولَدًا، وعِبادَتُكُما الصَّلِيبَ، وأكْلُكُما الخِنْزِيرَ“ . قالا: فَمَن أبَوْهُ يا مُحَمَّدُ؟ فَصَمَتَ فَلَمْ يُجِبْهُما، فَأنْزَلَ اللَّهُ في ذَلِكَ مِن قَوْلِهِمْ واخْتِلافِ أمْرِهِمْ كُلِّهِ، صَدْرَ سُورَةِ ”آلِ عِمْرانَ“ إلى بِضْعٍ وثَمانِينَ آيَةً مِنها، فافْتَتَحَ السُّورَةَ بِتَنْزِيهِ نَفْسِهِ مِمّا قالُوهُ وتَوْحِيدِهِ إيّاها بِالخَلْقِ والأمْرِ لا شَرِيكَ لَهُ فِيهِ، ورَدًّا عَلَيْهِمْ ما ابْتَدَعُوا مِنَ الكُفْرِ، وجَعَلُوا مَعَهُ مِنَ الأنْدادِ، واحْتِجاجًا عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِمْ في صاحِبِهِمْ، لِيُعَرِّفَهم بِذَلِكَ ضَلالَتَهُمْ، فَقالَ: ﴿الم﴾ ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ . أيْ: لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ شَرِيكٌ في أمْرِهِ، ﴿الحَيُّ﴾: الَّذِي لا يَمُوتُ، وقَدْ ماتَ عِيسى في قَوْلِهِمْ، ﴿القَيُّومُ﴾: القائِمُ عَلى سُلْطانِهِ لا يَزُولُ، وقَدْ زالَ عِيسى» .
(p-٤٤٣)وقالَ ابْنُ إسْحاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ أبِي أُمامَةَ قالَ: «لَمّا قَدِمَ أهْلُ نَجْرانَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَسْألُونَهُ عَنْ عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ، نَزَلَتْ فِيهِمْ فاتِحَةُ ”آلِ عِمْرانَ“ إلى رَأْسِ الثَّمانِينَ مِنها» . وأخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الرَّبِيعِ قالَ: «إنَّ النَّصارى أتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَخاصَمُوهُ في عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ، وقالُوا لَهُ: مَن أبَوْهُ؟ وقالُوا عَلى اللَّهِ الكَذِبَ والبُهْتانَ، فَقالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ: ”ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّهُ لا يَكُونُ ولَدٌ إلّا وهو يُشْبِهُ أباهُ؟“ . قالُوا: بَلى. قالَ: ”ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَبَّنا حَيٌّ لا يَمُوتُ وأنَّ عِيسى يَأْتِي عَلَيْهِ الفَناءُ؟“ . قالُوا: بَلى. قالَ: ”ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَبَّنا قَيِّمٌ عَلى كُلِّ شَيْءٍ يَكْلَؤُهُ ويَحْفَظُهُ ويَرْزُقُهُ؟“ . قالُوا: بَلى. قالَ: ”فَهَلْ يَمْلِكُ عِيسى مِن ذَلِكَ شَيْئًا؟“ . قالُوا: لا. قالَ: ”أفَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ في الأرْضِ ولا في السَّماءِ؟“ . قالُوا: بَلى. قالَ: ”فَهَلْ يَعْلَمُ عِيسى مِن ذَلِكَ شَيْئًا إلّا ما عُلِّمَ؟“ . قالُوا: لا. قالَ: ”فَإنَّ رَبَّنا صَوَّرَ عِيسى في الرَّحِمِ كَيْفَ شاءَ، ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَبَّنا لا يَأْكُلُ الطَّعامَ، ولا يَشْرَبُ الشَّرابَ، ولا يُحْدِثُ الحَدَثَ؟“ . قالُوا: بَلى. قالَ: ”ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ عِيسى حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كَما تَحْمِلُ المَرْأةُ، ثُمَّ وضَعَتْهُ كَما تَضَعُ المَرْأةُ ولَدَها، ثُمَّ غُذِّيَ كَما يُغَذّى الصَّبِيُّ، ثُمَّ كانَ يَطْعَمُ الطَّعامَ، ويَشْرَبُ الشَّرابَ، ويُحْدِثُ الحَدَثَ؟“ . قالُوا: بَلى. قالَ: ”فَكَيْفَ يَكُونُ هَذا كَما زَعَمْتُمْ؟“ فَعَرَفُوا، ثُمَّ أبَوْا إلّا جُحُودًا، فَأنْزَلَ اللَّهُ: (p-٤٤٤)﴿الم﴾ ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ [آل عمران»: ٢] .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والطَّبَرانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أنَّهُ كانَ يَقْرَؤُها: ”الحَيُّ القَيّامُ“ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَلْقَمَةَ، أنَّهُ قَرَأ: ( الحَيُّ القَيِّمُ ) .
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ . قالَ: لِما قَبْلَهُ مِن كِتابٍ أوْ رَسُولٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ: ﴿مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ . يَقُولُ: مِنَ البَيِّناتِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلى نُوحٍ وإبْراهِيمَ وهُودٍ والأنْبِياءِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتابَ﴾ . قالَ: القُرْآنَ، مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكُتُبِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ قَبْلَهُ، ﴿وأنْزَلَ التَّوْراةَ والإنْجِيلَ﴾ ﴿مِن قَبْلُ هُدًى لِلنّاسِ﴾: هُما كِتابانِ أنْزَلَهُما اللَّهُ، فِيهِما بَيانٌ مِنَ اللَّهِ، وعِصْمَةٌ لِمَن أخَذَ بِهِ وصَدَّقَ بِهِ وعَمِلَ بِما فِيهِ، ﴿وأنْزَلَ الفُرْقانَ﴾: هو القُرْآنُ، فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، فَأحَلَّ فِيهِ حَلالَهُ، وحَرَّمَ فِيهِ حَرامَهُ، وشَرَعَ (p-٤٤٥)فِيهِ شَرائِعَهُ، وحَدَّ فِيهِ حُدُودَهُ، وفَرَضَ فِيهِ فَرائِضَهُ، وبَيَّنَ فِيهِ بَيانَهُ، وأمَرَ بِطاعَتِهِ ونَهى عَنْ مَعْصِيَتِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ: ﴿وأنْزَلَ الفُرْقانَ﴾ أيِ الفَصْلَ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ فِيما اخْتَلَفَ فِيهِ الأحْزابُ مِن أمْرِ عِيسى وغَيْرِهِ، وفي قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهم عَذابٌ شَدِيدٌ واللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ﴾ . أيْ: إنَّ اللَّهَ مُنْتَقِمٌ مِمَّنْ كَفَرَ بِآياتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِها ومَعْرِفَتِهِ بِما جاءَ مِنهُ فِيها، وفي قَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ في الأرْضِ ولا في السَّماءِ﴾ . أيْ: قَدْ عَلِمَ ما يُرِيدُونَ وما يَكِيدُونَ وما يُضاهُونَ بِقَوْلِهِمْ في عِيسى، إذْ جَعَلُوهُ رَبًّا وإلِهًا، وعِنْدَهم مِن عِلْمِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، غِرَّةً بِاللَّهِ وكُفْرًا بِهِ. ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكم في الأرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ﴾ قَدْ كانَ عِيسى مِمَّنْ صُوِّرَ في الأرْحامِ، لا يَدْفَعُونَ ذَلِكَ ولا يُنْكِرُونَهُ، كَما صُوِّرَ غَيْرُهُ مِن بَنِي آدَمَ، فَكَيْفَ يَكُونُ إلَهًا وقَدْ كانَ بِذَلِكَ المَنزِلِ؟
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿يُصَوِّرُكم في الأرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ﴾ قالَ: ذُكُورًا وإناثًا.
(p-٤٤٦)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ السُّدِّيِّ، عَنْ أبِي مالِكٍ، وعَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وناسٍ مِنَ الصَّحابَةِ في قَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكم في الأرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ﴾ . قالَ: إذا وقَعَتِ النُّطْفَةُ في الأرْحامِ طارَتْ في الجَسَدِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ تَكُونُ عَلَقَةً أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ تَكُونُ مُضْغَةً أرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإذا بَلَغَ أنْ يُخْلَقَ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يُصَوِّرُها، فَيَأْتِي المَلَكُ بِتُرابٍ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ، فَيَخْلِطُ فِيهِ المُضْغَةَ ثُمَّ يَعْجِنُهُ بِها، ثُمَّ يُصَوِّرُهُ كَما يُؤْمَرُ، فَيَقُولُ: أذَكَرٌ أمْ أُنْثى، أشَقِيٌّ أمْ سَعِيدٌ، وما رِزْقُهُ وما عُمْرُهُ، وما أثَرُهُ وما مَصائِبُهُ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ ويَكْتُبُ المَلَكُ، فَإذا ماتَ ذَلِكَ الجَسَدُ، دُفِنَ حَيْثُ أُخِذَ ذَلِكَ التُّرابُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكم في الأرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ﴾ . قالَ: مِن ذَكَرٍ وأُنْثى، وأحْمَرَ وأبْيَضَ وأسْوَدَ، وتامٍّ وغَيْرِ تامِّ الخَلْقِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي العالِيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ . قالَ: العَزِيزُ في نِقْمَتِهِ إذا انْتَقَمَ، الحَكِيمُ في أمْرِهِ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["الۤمۤ","ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَیُّ ٱلۡقَیُّومُ","نَزَّلَ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَ","مِن قَبۡلُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلۡفُرۡقَانَۗ إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدࣱۗ وَٱللَّهُ عَزِیزࣱ ذُو ٱنتِقَامٍ","إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَخۡفَىٰ عَلَیۡهِ شَیۡءࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ","هُوَ ٱلَّذِی یُصَوِّرُكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡحَامِ كَیۡفَ یَشَاۤءُۚ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"],"ayah":"إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَخۡفَىٰ عَلَیۡهِ شَیۡءࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق