الباحث القرآني

(p-٥١٢)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ﴾ الآياتِ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وآلَ إبْراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ عَلى العالَمِينَ﴾ . قالَ: هُمُ المُؤْمِنُونَ مِن آلِ إبْراهِيمَ وآلِ عِمْرانَ وآلِ ياسِينَ وآلِ مُحَمَّدٍ ﷺ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: ذَكَرَ اللَّهُ أهْلَ بَيْتَيْنِ صالِحَيْنَ، ورَجُلَيْنِ صالِحَيْنِ، فَفَضَّلَهم عَلى العالَمِينَ، فَكانَ مُحَمَّدٌ ﷺ مِن آلِ إبْراهِيمَ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ في الآيَةِ قالَ: فَضَّلَهُمُ اللَّهُ عَلى العالَمِينَ بِالنُّبُوَّةِ عَلى النّاسِ كُلِّهِمْ، كانُوا هُمُ الأنْبِياءَ الأتْقِياءَ المُصْطَفَيْنَ لِرَبِّهِمْ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِن بَعْضٍ﴾ . قالَ: في النِّيَّةِ والعَمَلِ والإخْلاصِ والتَّوْحِيدِ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أنَّ عَلِيًّا قالَ لِلْحَسَنِ: قُمْ فاخْطُبِ النّاسَ. قالَ: إنِّي أهابُكَ أنْ أخْطُبَ وأنا (p-٥١٣)أراكَ. فَتَغِيبُ عَنْهُ حَيْثُ يَسْمَعُ كَلامَهُ ولا يَراهُ، فَقامَ الحَسَنُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثْنى عَلَيْهِ، وتَكَلَّمَ ثُمَّ نَزَلَ، فَقالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِن بَعْضٍ واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ . وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ بِشْرٍ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ اصْطَفى﴾ . يَعْنِي: اخْتارَ مِنَ النّاسِ لِرِسالَتِهِ، ﴿آدَمَ ونُوحًا وآلَ إبْراهِيمَ﴾ . يَعْنِي إبْراهِيمَ وإسْماعِيلَ وإسْحاقَ ويَعْقُوبَ والأسْباطَ، ﴿وآلَ عِمْرانَ عَلى العالَمِينَ﴾ . يَعْنِي: اخْتارَهم لِلنُّبُوَّةِ والرِّسالَةِ عَلى عالَمِي ذَلِكَ الزَّمانِ، فَهم ذُرِّيَّةٌ بَعْضُها مِن بَعْضٍ، فَكُلُّ هَؤُلاءِ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ، ثُمَّ مِن ذُرِّيَّةِ نُوحٍ، ثُمَّ مِن ذُرِّيَّةِ إبْراهِيمَ، إذْ قالَتِ امْرَأةُ عِمْرانَ بْنِ ماثانَ واسْمُها حَنَّةُ بِنْتُ فاقُودَ، وهي أُمُّ مَرْيَمَ: ﴿رَبِّ إنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما في بَطْنِي مُحَرَّرًا﴾ وذَلِكَ أنَّ أُمَّ مَرْيَمَ حَنَّةَ كانَتْ جَلَسَتْ عَنِ الوَلَدِ والمَحِيضِ، فَبَيْنَما هي ذاتَ يَوْمٍ في ظِلِّ شَجَرَةٍ، إذْ نَظَرَتْ إلى طَيْرٍ يَزُقُّ فَرْخًا لَهُ، فَتَحَرَّكَتْ نَفْسُها لِلْوَلَدِ، فَدَعَتِ اللَّهَ أنْ يَهَبَ لَها ولَدًا، فَحاضَتْ مِن ساعَتِها، فَلَمّا طَهُرَتْ أتاها زَوْجُها، فَلَمّا أيْقَنَتْ بِالوَلَدِ قالَتْ: لَئِنْ نَجّانِي اللَّهُ ووَضَعْتُ ما في بَطْنِي، لَأجْعَلَنَّهُ مُحَرَّرًا. وبَنُو ماثانَ مِن مُلُوكِ بَنِي إسْرائِيلَ مِن نَسْلِ داوُدَ، والمُحَرَّرُ لا يَعْمَلُ لِلدُّنْيا ولا يَتَزَوَّجُ، ويَتَفَرَّغُ لِعَمَلِ الآخِرَةِ، يَعْبُدُ اللَّهَ تَعالى ويَكُونُ في خِدْمَةِ الكَنِيسَةِ، ولَمْ يَكُنْ يُحَرَّرُ في ذَلِكَ الزَّمانِ إلّا الغِلْمانُ، فَقالَتْ (p-٥١٤)لِزَوْجِها: لَيْسَ جِنْسٌ مِن جِنْسِ الأنْبِياءِ إلّا وفِيهِمْ مُحَرَّرٌ غَيْرُنا، وإنِّي جَعَلْتُ ما في بَطْنِي نَذِيرَةً. تَقُولُ: نَذَرْتُ أنْ أجْعَلَهُ لِلَّهِ. فَهو المُحَرَّرُ. فَقالَ زَوْجُها: أرَأيْتِ إنْ كانَ الَّذِي في بَطْنِكَ أُنْثى، والأُنْثى عَوْرَةٌ، فَكَيْفَ تَصْنَعِينَ؟ فاغْتَمَّتْ لِذَلِكَ، فَقالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ: ﴿رَبِّ إنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما في بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إنَّكَ أنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ . يَعْنِي: تَقَبَّلْ مِنِّي ما نَذَرْتُ لَكَ. ﴿فَلَمّا وضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إنِّي وضَعْتُها أُنْثى واللَّهُ أعْلَمُ بِما وضَعَتْ ولَيْسَ الذَّكَرُ كالأُنْثى﴾ [آل عمران: ٣٦]، والأُنْثى عَوْرَةٌ، ثُمَّ قالَتْ: ﴿وإنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ﴾ [آل عمران: ٣٦] وكَذَلِكَ كانَ اسْمُها عِنْدَ اللَّهِ، ﴿وإنِّي أُعِيذُها بِكَ وذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ﴾ [آل عمران: ٣٦] . يَعْنِي المَلْعُونَ، فاسْتَجابَ اللَّهُ لَها، فَلَمْ يَقْرَبْها الشَّيْطانُ ولا ذُرِّيَّتَها؛ عِيسى. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”كُلُّ ولَدِ آدَمَ يَنالُ مِنهُ الشَّيْطانُ، يَطْعَنُهُ حِينَ يَقَعُ بِالأرْضِ بِإصْبَعِهِ، ولَها يَسْتَهِلُّ، إلّا ما كانَ مِن مَرْيَمَ وابْنِها، لَمْ يَصِلْ إبْلِيسُ إلَيْهِما“» . قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لَمّا وضَعَتْها خَشِيَتْ حَنَّةُ أُمُّ مَرْيَمَ أنْ لا تُقْبَلَ أُنْثى مُحَرَّرَةً، فَلَفَتَها في الخِرْقَةِ، ووَضَعَتْها في بَيْتِ المَقْدِسِ عِنْدَ القُرّاءِ، فَتَساهَمَ القُرّاءُ عَلَيْها - لِأنَّها كانَتْ بِنْتَ إمامِهِمْ، وكانَ إمامُ القُرّاءِ مِن ولَدِ هارُونَ - أيُّهم يَأْخُذُها، فَقالَ زَكَرِيّا وهو رَأْسُ الأحْبارِ: أنا آخُذُها، وأنا أحَقُّهم بِها؛ خالَتُها عِنْدِي. يَعْنِي أُمَّ يَحْيى، فَقالَ القُرّاءُ: وإنْ كانَ في القَوْمِ مَن هو أفْقَرُ إلَيْها مِنكَ، ولَوْ تُرِكَتْ لِأحَقِّ النّاسِ بِها، تُرِكَتْ لِأبِيها، ولَكِنَّها (p-٥١٥)مُحَرِّرَةٌ، غَيْرَ أنّا نَتَساهَمُ عَلَيْها، فَمَن خَرَجَ سَهْمُهُ فَهو أحَقُّ بِها. فَقَرَعُوا ثَلاثَ مَرّاتٍ بِأقْلامِهِمُ الَّتِي كانُوا يَكْتُبُونَ بِها الوَحْيَ ﴿أيُّهم يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ [آل عمران: ٤٤] . يَعْنِي: أيُّهم يَقْبِضُها. فَقَرَعَهم زَكَرِيّا، وكانَتْ قُرْعَةُ أقْلامِهِمْ أنَّهم جَمَعُوها في مَوْضِعٍ ثُمَّ غَطَّوْها، فَقالُوا لِبَعْضِ خَدَمِ بَيْتِ المَقْدِسِ مِنَ الغِلْمانِ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ: أدْخِلْ يَدَكَ فَأخْرِجْ قَلَمًا مِنها. فَأدْخَلَ يَدَهُ فَأخْرَجَ قَلَمَ زَكَرِيّا، فَقالُوا: لا نَرْضى، ولَكِنْ نُلْقِي الأقْلامَ في الماءِ، فَمَن خَرَجَ قَلَمُهُ في جِرْيَةِ الماءِ ثُمَّ ارْتَفَعَ فَهو يَكْفُلُها. فَألْقَوْا أقْلامَهم في نَهْرِ الأُرْدُنِّ فارْتَفَعَ قَلَمُ زَكَرِيّا في جِرْيَةِ الماءِ، فَقالُوا: نَقْتَرِعُ الثّالِثَةَ، فَمَن جَرى قَلَمُهُ مَعَ الماءِ فَهو يَكْفُلُها. فَألْقَوْا أقْلامَهم فَجَرى قَلَمُ زَكَرِيّا مَعَ الماءِ، وارْتَفَعَتْ أقْلامُهم في جِرْيَةِ الماءِ، وقَبَضَها عِنْدَ ذَلِكَ زَكَرِيّا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وكَفَّلَها زَكَرِيّا﴾ [آل عمران: ٣٧] . يَعْنِي: قَبَضَها. ثُمَّ قالَ: ﴿فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وأنْبَتَها نَباتًا حَسَنًا﴾ [آل عمران: ٣٧] . يَعْنِي: رَبّاها تَرْبِيَةً حَسَنَةً في عِبادَةٍ وطاعَةٍ لِرَبِّها، حَتّى تَرَعْرَعَتْ، وبَنى لَها زَكَرِيّا مِحْرابًا في بَيْتِ المَقْدِسِ، وجَعَلَ بابَهُ في وسَطِ الحائِطِ، لا يُصْعَدُ إلَيْها إلّا بِسُلَّمٍ. وكانَ اسْتَأْجَرَ لَها ظِئْرًا، فَلَمّا تَمَّ لَها حَوْلانِ فُطِمَتْ وتَحَرَّكَتْ، فَكانَ يُغْلِقُ عَلَيْها البابَ والمِفْتاحَ مَعَهُ، لا يَأْمَنُ عَلَيْهِ أحَدًا، لا يَأْتِيها بِما يُصْلِحُها أحَدٌ غَيْرُهُ حَتّى بَلَغَتْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: اسْمُ (p-٥١٦)أُمِّ مَرْيَمَ حَنَّةُ. وأخْرَجَ الحاكِمُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: حَنَّةُ ولَدَتْ مَرْيَمَ أُمَّ عِيسى. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿نَذَرْتُ لَكَ ما في بَطْنِي مُحَرَّرًا﴾ . قالَ: كانَتْ نَذَرَتْ أنْ تَجْعَلَهُ في الكَنِيسَةِ يَتَعَبَّدُ بِها، وكانَتْ تَرْجُو أنْ يَكُونَ ذَكَرًا. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: نَذَرَتْ أنْ تَجْعَلَهُ مُحَرَّرًا لِلْعِبادَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿مُحَرَّرًا﴾ . قالَ: خادِمًا لِلْبَيْعَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن وجْهٍ آخَرَ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿مُحَرَّرًا﴾ . قالَ: خالِصًا لا يُخالِطُهُ شَيْءٌ مِن أمْرِ الدُّنْيا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: كانَتِ امْرَأةُ عِمْرانَ حَرَّرَتْ لِلَّهِ ما في بَطْنِها، وكانُوا إنَّما يُحَرِّرُونَ الذُّكُورَ، وكانَ المُحَرَّرُ إذا حُرِّرَ جُعِلَ في الكَنِيسَةِ لا يَبْرَحُها؛ يَقُومُ عَلَيْها ويَكْنُسُها، وكانَتِ المَرْأةُ لا (p-٥١٧)يُسْتَطاعُ أنْ يُصْنَعَ بِها ذَلِكَ لِما يُصِيبُها مِنَ الأذى، فَعِنْدَ ذَلِكَ قالَتْ: ﴿ولَيْسَ الذَّكَرُ كالأُنْثى﴾ [آل عمران: ٣٦] . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿مُحَرَّرًا﴾ . قالَ: جَعَلَتْهُ لِلَّهِ والكَنِيسَةِ، فَلا يُحالُ بَيْنَهُ وبَيْنَ العِبادَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: كانَتِ المَرْأةُ في زَمانِ بَنِي إسْرائِيلَ إذا ولَدَتْ غُلامًا أرْضَعَتْهُ ورَبَّتْهُ، حَتّى إذا أطاقَ الخِدْمَةَ دَفَعَتْهُ إلى الَّذِينَ يَدْرُسُونَ الكُتُبَ، فَقالَتْ: هَذا مُحَرَّرٌ لَكم يَخْدِمُكم. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: إنَّ امْرَأةَ عِمْرانَ كانَتْ عَجُوزًا عاقِرًا تُسَمّى حَنَّةُ، وكانَتْ لا تَلِدُ، فَجَعَلَتْ تَغْبِطُ النِّساءَ لِأوْلادِهِنَّ، فَقالَتِ: اللَّهُمَّ إنَّ عَلَيَّ نَذْرًا شُكْرًا إنْ رَزَقْتَنِي ولَدًا أنْ أتَصَدَّقَ بِهِ عَلى بَيْتِ المَقْدِسِ، فَيَكُونُ مِن سَدَنَتِهِ وخُدّامِهِ. ﴿فَلَمّا وضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إنِّي وضَعْتُها أُنْثى واللَّهُ أعْلَمُ بِما وضَعَتْ ولَيْسَ الذَّكَرُ كالأُنْثى﴾ [آل عمران: ٣٦] . يَعْنِي: في المَحِيضِ ولا يَنْبَغِي لِامْرَأةٍ أنْ تَكُونَ مَعَ الرِّجالِ، ثُمَّ خَرَجَتْ أُمُّ مَرْيَمَ تَحْمِلُها في خِرْقَتِها إلى بَنِي الكاهِنِ ابْنِ هارُونَ أخِي مُوسى، قالَ: وهم يَوْمَئِذٍ يَلُونَ مِن بَيْتِ المَقْدِسِ ما يَلِي الحَجَبَةُ مِنَ الكَعْبَةِ، فَقالَتْ لَهم: دُونَكم هَذِهِ النَّذِيرَةَ فَإنِّي حَرَّرْتُها، وهي ابْنَتِي ولا يَدْخُلُ الكَنِيسَةَ حائِضٌ، وأنا لا أرُدُّها إلى بَيْتِي. فَقالُوا: هَذِهِ ابْنَةُ إمامِنا، (p-٥١٨)وكانَ عِمْرانُ يَؤُمُّهم في الصَّلاةِ، فَقالَ زَكَرِيّا: ادْفَعُوها إلَيَّ، فَإنَّ خالَتَها تَحْتِي. فَقالُوا: لا تَطِيبُ أنْفُسُنا بِذَلِكَ. فَذَلِكَ حِينَ اقْتَرَعُوا عَلَيْها بِالأقْلامِ الَّتِي يَكْتُبُونَ بِها التَّوْراةَ، فَقَرَعَهم زَكَرِيّا، فَكَفَلَها. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: ”واللَّهُ أعْلَمُ بِما وضَعْتِ“ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ، أنَّهُ قَرَأ: ”بِما وضَعْتُ“ بِرَفْعِ التّاءِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عاصِمِ بْنِ أبِي النَّجُودِ، أنَّهُ كانَ يَقْرَؤُها: ”بِما وضَعْتٌ“ بِرَفْعِ التّاءِ. وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ ”الزُّهْدِ“ عَنْ سُفْيانَ بْنِ حُسَيْنٍ: ”واللَّهُ أعْلَمُ بِما وضَعْتُ“ . قالَ: عَلى وجْهِ الشِّكايَةِ إلى الرَّبِّ تَبارَكَ وتَعالى. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الأسْوَدِ، أنَّهُ كانَ يَقْرَؤُها: ﴿واللَّهُ أعْلَمُ بِما وضَعَتْ﴾ [آل عمران: ٣٦] بِنَصْبِ العَيْنِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إبْراهِيمَ، أنَّهُ كانَ يَقْرَؤُها: ﴿واللَّهُ أعْلَمُ بِما وضَعَتْ﴾ [آل عمران: ٣٦] بِنَصْبِ العَيْنِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب