(p-١٩١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا يَغُرَّنَّكَ﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ تَقَلُّبُ لَيْلِهِمْ ونَهارِهِمْ، وما يُجْرى عَلَيْهِمْ مِنَ النِّعَمِ، ﴿مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهم جَهَنَّمُ وبِئْسَ المِهادُ﴾ قالَ عِكْرِمَةُ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أيْ: بِئْسَ المَنزِلُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا في البِلادِ﴾ يَقُولُ: ضَرْبُهم في البِلادِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: واللَّهِ ما غَرُّوا نَبِيَّ اللَّهِ، ولا وكَلَ إلَيْهِمْ شَيْئًا مِن أمْرِ اللَّهِ حَتّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَلى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأبْرارِ﴾ .
أخْرَجَ البُخارِيُّ في ”الأدَبِ المُفْرَدِ“، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: إنَّما سَمّاهُمُ اللَّهُ أبْرارًا؛ لِأنَّهم بَرُّوا الآباءَ والأبْناءَ، كَما أنَّ لِوالِدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، كَذَلِكَ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، والأوَّلُ أصَحُّ.
(p-١٩٢)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ قالَ: الأبْرارُ: الَّذِينَ لا يُؤْذُونَ الذَّرَّ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ: ﴿وما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأبْرارِ﴾ قالَ: لِمَن يُطِيعُ اللَّهَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ النَّسائِيُّ والبَزّارُ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: «لَمّا ماتَ النَّجاشِيُّ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «صَلُّوا عَلَيْهِ» قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، نُصَلِّي عَلى عَبْدٍ حَبَشِيٍّ! فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وما أُنْزِلَ إلَيْكُمْ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ جابِرٍ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: ««اخْرُجُوا فَصَلُّوا عَلى أخٍ لَكُمْ» فَصَلّى بِنا فَكَبَّرَ أرْبَعَ تَكْبِيراتٍ. فَقالَ: «هَذا النَّجاشِيُّ أصْحَمَةُ» فَقالَ المُنافِقُونَ: انْظُرُوا إلى هَذا يُصَلِّي عَلى عِلْجٍ نَصْرانِيٍّ لَمْ يَرَهُ قَطُّ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾ الآيَةَ» .
(p-١٩٣)وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قالَ: نَزَلَ بِالنَّجاشِيِّ عَدُوٌّ مِن أرْضِهِمْ، فَجاءَ المُهاجِرُونَ فَقالُوا: إنّا نُحِبُّ أنْ نَخْرُجَ إلَيْهِمْ حَتّى نُقاتِلَ مَعَكَ، وتَرى جَراءَتَنا، ونَجْزِيَكَ بِما صَنَعْتَ بِنا. فَقالَ: لا، دَواءٌ بِنُصْرَةِ اللَّهِ خَيْرٌ مِن دَواءٍ بِنُصْرَةِ النّاسِ. قالَ: وفِيهِ نَزَلَتْ: ﴿وإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في النَّجاشِيِّ وفي ناسٍ مِن أصْحابِهِ آمَنُوا بِنَبِيِّ اللَّهِ ﷺ وصَدَّقُوا بِهِ. وذُكِرَ لَنا: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَغْفَرَ لِلنَّجاشِيِّ وصَلّى عَلَيْهِ حِينَ بَلَغَهُ مَوْتُهُ، قالَ لِأصْحابِهِ: «صَلُّوا عَلى أخٍ لَكم قَدْ ماتَ بِغَيْرِ بِلادِكُمْ» فَقالَ أُناسٌ مِن أهْلِ النِّفاقِ: يُصَلِّي عَلى رَجُلٍ ماتَ لَيْسَ مِن أهْلِ دِينِهِ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ قالَ: «لَمّا ماتَ النَّجاشِيُّ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اسْتَغْفِرُوا لِأخِيكُمْ» فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، أنَسْتَغْفِرُ لِذَلِكَ العِلْجِ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وما أُنْزِلَ إلَيْكُمْ﴾ الآيَةَ» .
(p-١٩٤)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: «لَمّا صَلّى النَّبِيُّ ﷺ عَلى النَّجاشِيِّ طَعَنَ في ذَلِكَ المُنافِقُونَ فَقالُوا: صَلّى عَلَيْهِ وما كانَ عَلى دِينِهِ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ، قالُوا: ما كانَ يَسْتَقْبِلُ قِبْلَتَهُ، وإنَّ بَيْنَهُما لَلْبِحارَ، فَنَزَلَتْ: ﴿فَأيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥] [البَقَرَةِ: ١١٥] قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وقالَ آخَرُونَ: نَزَلَتْ في النَّفَرِ الَّذِينَ كانُوا مِن يَهُودَ فَأسْلَمُوا؛ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ ومَن مَعَهُ» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ وحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ قالَ: «لَمّا ماتَ النَّجاشِيُّ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأصْحابِهِ: «إنَّ أخاكُمُ النَّجّاشِيَّ قَدْ ماتَ، قُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ» فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْهِ وقَدْ ماتَ في كُفْرِهِ؟ قالَ: «ألا تَسْمَعُونَ إلى قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾ الآيَةَ»» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ﴾ الآيَةَ، قالَ: هم مُسْلِمَةُ أهْلِ الكِتابِ مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في الآيَةِ قالَ: هَؤُلاءِ يَهُودُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في الآيَةِ قالَ: هم أهْلُ الكِتابِ الَّذِينَ كانُوا (p-١٩٥)قَبْلَ مُحَمَّدٍ ﷺ، والَّذِينَ اتَّبَعُوا مُحَمَّدًا ﷺ .
{"ayahs_start":196,"ayahs":["لَا یَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ","مَتَـٰعࣱ قَلِیلࣱ ثُمَّ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ","لَـٰكِنِ ٱلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ جَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَا نُزُلࣰا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۗ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَیۡرࣱ لِّلۡأَبۡرَارِ","وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ لَمَن یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُمۡ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِمۡ خَـٰشِعِینَ لِلَّهِ لَا یَشۡتَرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنࣰا قَلِیلًاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ"],"ayah":"مَتَـٰعࣱ قَلِیلࣱ ثُمَّ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ"}