الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ﴾ الآيَةَ. (p-١٥٨)أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «دَخَلَ أبُو بَكْرٍ بَيْتَ المِدْراسِ، فَوَجَدَ يَهُودَ قَدِ اجْتَمَعُوا إلى رَجُلٍ مِنهم يُقالُ لَهُ فِنْحاصُ، وكانَ مِن عُلَمائِهِمْ وأحْبارِهِمْ، فَقالَ أبُو بَكْرٍ: ويْحَكَ يا فِنْحاصُ، اتَّقِ اللَّهَ وأسْلِمْ، فَواللَّهِ إنَّكَ لَتَعْلَمُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَكم في التَّوْراةِ. فَقالَ فِنْحاصُ: واللَّهِ يا أبا بَكْرٍ ما بِنا إلى اللَّهِ مِن فَقْرٍ، وإنَّهُ إلَيْنا لَفَقِيرٌ، وما نَتَضَرَّعُ إلَيْهِ كَما يَتَضَرَّعُ إلَيْنا، وإنّا عَنْهُ لَأغْنِياءُ، ولَوْ كانَ غَنِيًّا عَنّا ما اسْتَقْرَضَ مِنّا؛ كَما يَزْعُمُ صاحِبُكُمْ، يَنْهاكم عَنِ الرِّبا ويُعْطِينا، ولَوْ كانَ غَنِيًّا عَنّا ما أعْطانا الرِّبا، فَغَضِبَ أبُو بَكْرٍ فَضَرَبَ وجْهَ فِنْحاصَ ضَرْبَةً شَدِيدَةً، وقالَ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلا العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنا وبَيْنَكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ يا عَدُوَّ اللَّهِ. فَذَهَبَ فِنْحاصُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، انْظُرْ ما صَنَعَ صاحِبُكَ بِي. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأبِي بَكْرٍ: «ما حَمَلَكَ عَلى ما صَنَعْتَ»؟ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ قَوْلًا عَظِيمًا: يَزْعُمُ أنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وأنَّهم عَنْهُ أغْنِياءُ، فَلَمّا قالَ ذَلِكَ غَضِبْتُ لِلَّهِ مِمّا قالَ فَضَرَبْتُ وجْهَهُ، فَجَحَدَ فِنْحاصُ فَقالَ: ما قُلْتُ ذَلِكَ. فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيما قالَ فِنْحاصُ تَصْدِيقًا لِأبِي بَكْرٍ: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ﴾ الآيَةَ. ونَزَلَ في أبِي بَكْرٍ وما بَلَغَهُ في ذَلِكَ مِنَ الغَضَبِ: ﴿ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم ومِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا أذًى كَثِيرًا﴾ [آل عمران: ١٨٦] الآيَةَ [آلِ عِمْرانَ»: ١٨٦] . (p-١٥٩)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، مِن وجْهٍ آخَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ أبا بَكْرٍ إلى فِنْحاصَ اليَهُودِيِّ يَسْتَمِدُّهُ، وكَتَبَ إلَيْهِ وقالَ لِأبِي بَكْرٍ: «لا تَفْتَتْ عَلَيَّ بِشَيْءٍ حَتّى تَرْجِعَ إلَيَّ» فَلَمّا قَرَأ فِنْحاصُ الكِتابَ قالَ: قَدِ احْتاجَ رَبُّكم. قالَ أبُو بَكْرٍ فَهَمَمْتُ أنْ أمُدَّهُ بِالسَّيْفِ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ: «لا تَفْتَتْ عَلَيَّ بِشَيْءٍ» فَنَزَلَتْ: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا﴾ الآيَةَ، وقَوْلُهُ: ﴿ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٨٦] وما بَيْنَ ذَلِكَ في يَهُودِ بَنِي قَيْنُقاعَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ﴾ قالَها فِنْحاصُ اليَهُودِيُّ مِن بَنِي مَرْثَدٍ، لَقِيَهُ أبُو بَكْرٍ فَكَلَّمَهُ فَقالَ لَهُ: يا فِنْحاصُ، اتَّقِ اللَّهَ وآمِن وصَدِّقْ وأقْرِضِ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا، فَقالَ فِنْحاصُ: يا أبا بَكْرٍ، تَزْعُمُ أنَّ رَبَّنا غَنِيٌّ وتَسْتَقْرِضُنا لِأمْوالِنا! وما يَسْتَقْرِضُ إلّا الفَقِيرُ مِنَ الغَنِيِّ، إنْ كانَ ما تَقُولُ حَقًّا فَإنَّ اللَّهَ إذَنْ لَفَقِيرٌ، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذا، فَقالَ أبُو بَكْرٍ: فَلَوْلا هُدْنَةٌ كانَتْ بَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ وبَيْنَ بَنِي مَرْثَدٍ لَقَتَلْتُهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: صَكَّ أبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنهُمْ؛ الَّذِينَ قالُوا: إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ ونَحْنُ أغْنِياءُ، لِمَ يَسْتَقْرِضُنا وهو غَنِيٌّ، وهم يَهُودُ. (p-١٦٠)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ شِبْلٍ في الآيَةِ قالَ: بَلَغَنِي أنَّهُ فِنْحاصُ اليَهُودِيُّ، وهو الَّذِي قالَ: إنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ. و: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والضِّياءُ في ”المُخْتارَةِ“، مِن طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «أتَتِ اليَهُودُ مُحَمَّدًا ﷺ حِينَ أنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [البقرة: ٢٤٥] [البَقَرَةِ: ٢٤٥] فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ، أفَقِيرٌ رَبُّنا يَسْألُ عِبادَهُ القَرْضَ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ﴾ الآيَةَ، قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّها نَزَلَتْ في حُيَيِّ بْنِ أخْطَبَ لَمّا أنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ أضْعافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة: ٢٤٥] قالَ: يَسْتَقْرِضُنا رَبُّنا؟ إنَّما يَسْتَقْرِضُ الفَقِيرُ الغَنِيَّ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ العَلاءِ بْنِ بَدْرٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وقَتْلَهُمُ الأنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ وهم لَمْ يُدْرِكُوا ذَلِكَ. قالَ: بِمُوالاتِهِمْ مَن قَتَلَ أنْبِياءَ اللَّهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿ونَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الحَرِيقِ﴾ قالَ: بَلَغَنِي أنَّهُ يُحْرَقُ أحَدُهم في اليَوْمِ سَبْعِينَ ألْفَ مَرَّةٍ. (p-١٦١)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ قالَ: ما أنا بِمُعَذِّبٍ مَن لَمْ يَجْتَرِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب