الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوَلَمّا أصابَتْكُمْ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوَلَمّا أصابَتْكم مُصِيبَةٌ﴾ الآيَةَ، يَقُولُ: إنَّكم قَدْ أصَبْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ مِثْلَيْ ما أصابُوا مِنكم يَوْمَ أُحُدٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: قَتَلَ المُسْلِمُونَ مِنَ المُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ سَبْعِينَ، وأسَرُوا سَبْعِينَ، وقَتَلَ المُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ سَبْعِينَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿قَدْ أصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أنّى هَذا﴾ ونَحْنُ مُسْلِمُونَ نُقاتِلُ غَضَبًا لِلَّهِ، وهَؤُلاءِ مُشْرِكُونَ. ﴿قُلْ هو مِن عِنْدِ أنْفُسِكُمْ﴾ عُقُوبَةً لَكم بِمَعْصِيَتِكُمُ النَّبِيَّ ﷺ حِينَ قالَ ما قالَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في الآيَةِ قالَ: لَمّا رَأوْا مَن قُتِلَ مِنهم يَوْمَ أُحُدٍ قالُوا: مِن أيْنَ هَذا؟ ما كانَ لِلْكُفّارِ أنْ يَقْتُلُوا مِنّا! فَلَمّا رَأى اللَّهُ ما قالُوا مِن ذَلِكَ، قالَ اللَّهُ: هم بِالأسْرى الَّذِينَ أخَذْتُمْ يَوْمَ بَدْرٍ. فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ وعَجَّلَ لَهم عُقُوبَةَ ذَلِكَ في الدُّنْيا؛ لِيَسْلَمُوا مِنها في الآخِرَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ (p-١٠٥)مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: «جاءَ جِبْرِيلُ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّ اللَّهَ قَدْ كَرِهَ ما صَنَعَ قَوْمُكَ في أخْذِهِمُ الأُسارى، وقَدْ أمَرَكَ أنْ تُخَيِّرَهم بَيْنَ أمْرَيْنِ؛ إمّا أنْ يُقَدَّمُوا فَتُضْرَبَ أعْناقُهُمْ، وبَيْنَ أنْ يَأْخُذُوا الفِداءَ عَلى أنْ يُقْتُلَ مِنهم عِدَّتُهم. فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النّاسَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، عَشائِرُنا وإخْوانُنا، نَأْخُذُ فِداءَهم نَتَقَوّى بِهِ عَلى قِتالِ عَدُوِّنا، ويُسْتَشْهَدُ مِنّا بِعِدَّتِهِمْ فَلَيْسَ في ذَلِكَ ما نَكْرَهُ، فَقُتِلَ مِنهم يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ رِجْلًا، عِدَّةُ أُسارى أهْلِ بَدْرٍ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ، وابْنِ جُرَيْجٍ: «﴿قُلْ هو مِن عِنْدِ أنْفُسِكُمْ﴾: عُقُوبَةً لَكم بِمَعْصِيَتِكُمُ النَّبِيَّ ﷺ حِينَ قالَ: «لا تَتَّبِعُوهُمْ» يَوْمَ أُحُدٍ فاتَّبَعُوهم» . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ مِن طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: «﴿قُلْتُمْ أنّى هَذا﴾ ونَحْنُ مُسْلِمُونَ نُقاتِلُ غَضَبًا لِلَّهِ، وهَؤُلاءِ مُشْرِكُونَ؟ فَقالَ: ﴿قُلْ هو مِن عِنْدِ أنْفُسِكُمْ﴾ عُقُوبَةً بِمَعْصِيَتِكُمُ النَّبِيَّ ﷺ حِينَ قالَ: «لا تَتَّبِعُوهُمْ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ «فِي قَوْلِهِ: ﴿أوَلَمّا أصابَتْكم مُصِيبَةٌ قَدْ أصَبْتُمْ مِثْلَيْها﴾ قالَ: أُصِيبُوا يَوْمَ أُحُدٍ، قُتِلَ مِنهم سَبْعُونَ يَوْمَئِذٍ، وأصابُوا مِثْلَيْها يَوْمَ بَدْرٍ؛ قَتَلُوا مِنَ المُشْرِكِينَ سَبْعِينَ وأسَرُوا سَبْعِينَ، (p-١٠٦)﴿قُلْتُمْ أنّى هَذا قُلْ هو مِن عِنْدِ أنْفُسِكُمْ﴾ ذُكِرَ لَنا أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قالَ لِأصْحابِهِ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ قَدِمَ أبُو سُفْيانَ والمُشْرِكُونَ: «إنّا في جَنَّةٍ حَصِينَةٍ - يَعْنِي بِذَلِكَ المَدِينَةَ - فَدَعُوا القَوْمَ يَدْخُلُوا عَلَيْنا نُقاتِلْهُمْ» فَقالَ لَهُ أُناسٌ مِنَ الأنْصارِ: إنّا نَكْرَهُ أنْ نُقْتَلَ في طُرُقِ المَدِينَةِ، وقَدْ كُنّا نَمْتَنِعُ مِنَ الغَزْوِ في الجاهِلِيَّةِ، فَبِالإسْلامِ أحَقُّ أنْ نَمْتَنِعَ فِيهِ، فابْرُزْ بِنا إلى القَوْمِ، فانْطَلَقَ فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ، فَتَلاوَمَ القَوْمُ فَقالُوا: عَرَّضَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ بِأمْرٍ وعَرَّضْتُمْ بِغَيْرِهِ، اذْهَبْ يا حَمْزَةُ، فَقُلْ لَهُ: أمْرُنا لِأمْرِكَ تَبَعٌ، فَأتى حَمْزَةُ فَقالَ لَهُ، فَقالَ: «إنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ إذا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أنْ يَضَعَها حَتّى يُناجِزَ، وإنَّهُ سَتَكُونُ فِيكم مُصِيبَةٌ» قالُوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ، خاصَّةٌ أوْ عامَّةٌ قالَ: «سَتَرَوْنَها»» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ إسْحاقَ في قَوْلِهِ: ﴿ولِيَعْلَمَ المُؤْمِنِينَ﴾ ﴿ولِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا﴾ فَقالَ: لِيَمِيزَ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ والمُنافِقِينَ، ﴿وقِيلَ لَهم تَعالَوْا قاتِلُوا﴾ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وأصْحابَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوِ ادْفَعُوا﴾ قالَ: كَثِّرُوا بِأنْفُسِكم وإنْ لَمْ تُقاتِلُوا. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي حازِمٍ قالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ (p-١٠٧)سَعْدٍ يَقُولُ: لَوْ بِعْتُ دارِي فَلَحِقْتُ بِثَغْرٍ مِن ثُغُورِ المُسْلِمِينَ فَكُنْتُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وبَيْنَ عَدُوِّهِمْ، فَقُلْتُ: كَيْفَ وقَدْ ذَهَبَ بَصَرُكَ؟ قالَ: ألَمْ تَسْمَعْ إلى قَوْلِ اللَّهِ ﴿تَعالَوْا قاتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ أوِ ادْفَعُوا﴾ أُسَوِّدُ مَعَ النّاسِ. فَفَعَلَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿أوِ ادْفَعُوا﴾ قالَ: كُونُوا سَوادًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي عَوْنٍ الأنْصارِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿أوِ ادْفَعُوا﴾ قالَ: رابِطُوا. وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ وغَيْرِهِ قالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى أُحُدٍ في ألْفِ رَجُلٍ مِن أصْحابِهِ حَتّى إذا كانُوا بِالشَّوْطِ بَيْنَ أُحُدٍ والمَدِينَةِ، انْخَزَلَ عَنْهم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بِثُلُثِ النّاسِ، وقالَ: أطاعَهم وعَصانِي، واللَّهِ ما نَدْرِي عَلامَ نَقْتُلُ أنْفُسَنا هَهُنا؟ فَرَجَعَ بِمَنِ اتَّبَعَهُ مِن أهْلِ النِّفاقِ وأهْلِ الرَّيْبِ، واتَّبَعَهم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرامٍ مِن بَنِي سَلِمَةَ يَقُولُ: يا قَوْمُ أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ أنْ تَخْذُلُوا نَبِيَّكم وقَوْمَكم عِنْدَما حَضَرَهم عَدُّوهُمْ، قالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أنَّكم تُقاتِلُونَ ما أسْلَمْناكُمْ، ولَكِنْ لا نُرى أنْ يَكُونَ (p-١٠٨)قِتالٌ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لَوْ نَعْلَمُ قِتالا لاتَّبَعْناكُمْ﴾ قالَ: لَوْ نَعْلَمُ أنا واجِدُونَ مَعَكم مَكانَ قِتالٍ لاتَّبَعْناكم. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالا لاتَّبَعْناكُمْ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ في ألْفِ رَجُلٍ، وقَدْ وعَدَهُمُ الفَتْحَ إنْ صَبَرُوا، فَلَمّا خَرَجُوا رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ في ثَلاثِمِائَةٍ فَتَبِعَهم أبُو جابِرٍ السُّلَمِيُّ يَدْعُوهُمْ، فَلَمّا غَلَبُوهُ وقالُوا لَهُ: ما نَعْلَمُ قِتالًا، ولَئِنْ أطَعْتَنا لَتَرْجِعَنَّ مَعَنا، فَذَكَرَ اللَّهُ، في قَوْلِهِمْ: ولَئِنْ أطَعْتَنا لَتَرْجِعَنَّ: ﴿الَّذِينَ قالُوا لإخْوانِهِمْ وقَعَدُوا لَوْ أطاعُونا ما قُتِلُوا﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ قالُوا لإخْوانِهِمْ﴾ الآيَةَ، قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّها نَزَلَتْ في عَدُوِّ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبَيٍّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿الَّذِينَ قالُوا لإخْوانِهِمْ وقَعَدُوا﴾ (p-١٠٩)قالَ: نَزَلَتْ في عَدُوِّ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ في قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ قالُوا لإخْوانِهِمْ﴾ قالَ: هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبَيٍّ. وأخْرَجَ عَنِ السُّدِّيِّ في الآيَةِ قالَ: هم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبَيٍّ وأصْحابُهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في الآيَةِ قالَ: هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبَيٍّ الَّذِي قَعَدَ، وقالُوا لِإخْوانِهِمُ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ إسْحاقَ: ﴿قُلْ فادْرَءُوا عَنْ أنْفُسِكُمُ المَوْتَ﴾ أيْ: إنَّهُ لا بُدَّ مِنَ المَوْتِ، فَإنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ تَدْفَعُوهُ عَنْ أنْفُسِكم فافْعَلُوا؛ وذَلِكَ أنَّهم إنَّما نافَقُوا وتَرَكُوا الجِهادَ في سَبِيلِ اللَّهِ حِرْصًا عَلى البَقاءِ في الدُّنْيا وفِرارًا مِنَ المَوْتِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ شِهابٍ قالَ: إنَّ اللَّهَ أنْزَلَ عَلى نَبِيِّهِ في القَدَرِيَّةِ ﴿الَّذِينَ قالُوا لإخْوانِهِمْ وقَعَدُوا لَوْ أطاعُونا ما قُتِلُوا﴾ . (p-١١٠)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في الآيَةِ قالَ: هُمُ الكُفّارُ، يَقُولُونَ لِإخْوانِهِمْ: لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما قُتِلُوا. يَحْسَبُونَ أنَّ حُضُورَهم لِلْقِتالِ هو يُقَدِّمُهم إلى الأجَلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب