الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ كُلَيْبٍ قالَ: «خَطَبَنا عُمَرُ فَكانَ يَقْرَأُ عَلى المِنبَرِ ”آلَ عِمْرانَ“ ويَقُولُ: إنَّها أُحُدِيَّةٌ. ثُمَّ قالَ: تَفَرَّقْنا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ فَصَعِدْتُ الجَبَلَ فَسَمِعْتُ يَهُودِيًّا يَقُولُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَقُلْتُ: لا أسْمَعُ أحَدًا (p-٤٥)يَقُولُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ إلّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فَنَظَرْتُ فَإذا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ والنّاسُ يَتَراجَعُونَ إلَيْهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [آل عمران»: ١٤٤] .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اعْتَزَلَ هو وعِصابَةٌ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَلى أكَمَةٍ، والنّاسُ يَفِرُّونَ ورَجُلٌ قائِمٌ عَلى الطَّرِيقِ يَسْألُهم: ما فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ وجَعَلَ كُلَّما مَرُّوا عَلَيْهِ يَسْألُهم فَيَقُولُونَ: واللَّهِ ما نَدْرِي ما فَعَلَ. فَقالَ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ كانَ النَّبِيُّ ﷺ قُتِلَ لِنُعْطِيَنَّهم بِأيْدِينا، إنَّهم لَعَشائِرُنا وإخْوانُنا. وقالُوا: لَوْ أنَّ مُحَمَّدًا كانَ حَيًّا لَمْ يُهْزَمْ ولَكِنَّهُ قَدْ قُتِلَ. فَتَرَخَّصُوا في الفِرارِ حِينَئِذٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ﴾ الآيَةَ كُلَّها» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ في الآيَةِ قالَ: ذَلِكَ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ أصابَهم ما أصابَهم مِنَ القَرْحِ والقَتْلِ، وتَداعَوْا نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ، قالُوا: قَدْ قُتِلَ، وقالَ أُناسٌ مِنهم: لَوْ كانَ نَبِيًّا ما قُتِلَ، وقالَ أُناسٌ مِن عِلْيَةِ أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ: قاتِلُوا عَلى ما قُتِلَ عَلَيْهِ نَبِيُّكم حَتّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكم أوْ تَلْحَقُوا بِهِ، وذُكِرَ لَنا أنَّ رَجُلًا مِنَ المُهاجِرِينَ مَرَّ عَلى رَجُلٍ مِنَ الأنْصارِ وهو يَتَشَحَّطُ في دَمِهِ فَقالَ: يا فُلانُ، أشْعَرْتَ أنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ؟ فَقالَ الأنْصارِيُّ: إنْ كانَ مُحَمَّدٌ (p-٤٦)قَدْ قُتِلَ فَقَدْ بَلَّغَ، فَقاتِلُوا عَنْ دِينِكُمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ﴾ يَقُولُ: ارْتَدَدْتُمْ كُفّارًا بَعْدَ إيمانِكم.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: نادى مُنادٍ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ هُزِمَ أصْحابُ مُحَمَّدٍ ﷺ: ألا إنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فارْجِعُوا إلى دِينِكُمُ الأوَّلِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: قالَ أهْلُ المَرَضِ والِارْتِيابِ والنِّفاقِ حِينَ فَرَّ النّاسُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: قَدْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ فالحَقُوا بِدِينِكُمُ الأوَّلِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: «فَشا في النّاسِ يَوْمَ أُحُدٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ قُتِلَ، فَقالَ بَعْضُ أصْحابِ الصَّخْرَةِ: لَيْتَ لَنا رَسُولًا إلى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَيَأْخُذَ لَنا أمانًا مِن أبِي سُفْيانَ، يا قَوْمِ إنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فارْجِعُوا إلى قَوْمِكم (p-٤٧)قَبْلَ أنْ يَأْتُوكم فَيَقْتُلُوكم. قالَ أنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يا قَوْمِ إنْ كانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ فَإنَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ لَمْ يُقْتَلْ، فَقاتِلُوا عَلى ما قاتَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ ﷺ، اللَّهُمَّ إنِّي أعْتَذِرُ إلَيْكَ مِمّا يَقُولُ هَؤُلاءِ، وأبْرَأُ إلَيْكَ مِمّا جاءَ بِهِ هَؤُلاءِ، فَشَدَّ بِسَيْفِهِ فَقاتَلَ حَتّى قُتِلَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ القاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رافِعٍ أخِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجّارِ قالَ: انْتَهى أنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَمُّ أنِسِ بْنِ مالِكٍ إلى عُمَرَ وطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ في رِجالٍ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ وقَدْ ألْقَوْا بِأيْدِيهِمْ فَقالَ: ما يُجْلِسُكُمْ؟ قالُوا: قُتِلَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. قالَ: فَما تَصْنَعُونَ بِالحَياةِ بَعْدَهُ؟ قُومُوا فَمُوتُوا عَلى ما ماتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ، واسْتَقْبَلَ القَوْمَ فَقاتَلَ حَتّى قُتِلَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفِيِّ قالَ: لَمّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ وانْهَزَمُوا قالَ بَعْضُ النّاسِ: إنْ كانَ مُحَمَّدٌ قَدْ أُصِيبَ فَأعْطُوهم بِأيْدِيكُمْ، فَإنَّما هم إخْوانُكُمْ، وقالَ بَعْضُهم: إنْ كانَ مُحَمَّدٌ قَدْ أُصِيبَ ألا تَمْضُونَ عَلى ما مَضى عَلَيْهِ نَبِيُّكم حَتّى تَلْحَقُوا بِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا﴾ [آل عمران: ١٤٨] .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ في الطَّبَقاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ العَبْدَرِيِّ قالَ: حَمَلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ اللِّواءَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ اليُمْنى فَأخَذَ اللِّواءَ بِيَدِهِ (p-٤٨)اليُسْرى وهو يَقُولُ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ﴾ ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ اليُسْرى فَجَثا عَلى اللِّواءِ وضَمَّهُ بِعَضُدَيْهِ إلى صَدْرِهِ وهو يَقُولُ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ﴾ الآيَةَ، وما نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ﴾ يَوْمَئِذٍ حَتّى نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ ﴿ومَن يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ﴾ قالَ: يَرْتَدَّ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ والنَّسائِيُّ مِن طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أبِي سَلَمَةَ عَنْ عائِشَةَ أنَّ أبا بَكْرٍ أقْبَلَ عَلى فَرَسٍ مِن مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتّى نَزَلَ فَدَخَلَ المَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النّاسَ حَتّى دَخَلَ عَلى عائِشَةَ فَتَيَمَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وهو مُغَشًّى بِثَوْبِ حِبَرَةٍ فَكَشَفَ عَنْ وجْهِهِ ثُمَّ أكَبَّ عَلَيْهِ وقَبَّلَهُ وبَكى، ثُمَّ قالَ: بِأبِي أنْتَ وأُمِّي، واللَّهِ لا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، وأمّا المَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّها.
قالَ الزُّهْرِيُّ: وحَدَّثَنِي أبُو سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ أبا بَكْرٍ خَرَجَ وعُمَرُ يُكَلِّمُ النّاسَ فَقالَ: اجْلِسْ يا عُمَرُ، فَأبى عُمَرُ أنْ يَجْلِسَ، فَأقْبَلَ النّاسُ إلَيْهِ وتَرَكُوا عُمَرَ، وقالَ أبُو بَكْرٍ: أمّا بَعْدُ، مَن كانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإنَّ مُحَمَّدًا قَدْ (p-٤٩)ماتَ، ومَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، قالَ اللَّهُ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿الشّاكِرِينَ﴾ قالَ: فَواللَّهِ لَكَأنَّ النّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ حَتّى تَلاها أبُو بَكْرٍ، فَتَلاها النّاسُ مِنهُ كُلُّهُمْ، فَما أسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النّاسِ إلّا يَتْلُوها.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «لَمّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قامَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ فَقالَ: إنَّ رِجالًا مِنَ المُنافِقِينَ يَزْعُمُونَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تُوُفِّيَ، وإنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ما ماتَ، ولَكِنَّهُ ذَهَبَ إلى رَبِّهِ كَما ذَهَبَ مُوسى بْنُ عِمْرانَ؛ فَقَدْ غابَ عَنْ قَوْمِهِ أرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِمْ بَعْدَ أنْ قِيلَ: قَدْ ماتَ، واللَّهِ لَيَرْجِعَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَما رَجَعَ مُوسى، فَلَيُقَطِّعَنَّ أيْدِيَ رِجالٍ وأرْجُلَهم زَعَمُوا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ماتَ، فَخَرَجَ أبُو بَكْرٍ فَقالَ: عَلى رِسْلِكَ يا عُمَرُ، أنْصِتْ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثْنى عَلَيْهِ ثُمَّ قالَ: أيُّها النّاسُ، إنَّهُ مَن كانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإنَّ مُحَمَّدًا قَدْ ماتَ، ومَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ﴾ الآيَةَ، فَواللَّهِ لَكَأنَّ النّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ حَتّى تَلاها أبُو بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ، وأخَذَ النّاسُ عَنْ أبِي بَكْرٍ فَإنَّما هي في أفْواهِهِمْ، قالَ عُمَرُ: فَواللَّهِ ما هو إلّا أنْ سَمِعْتُ أبا بَكْرٍ تَلاها فَعَقِرْتُ حَتّى وقَعْتُ إلى (p-٥٠)الأرْضِ ما تَحْمِلُنِي رِجْلايَ وعَرَفْتُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ ماتَ» .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ عَنْ عُرْوَةَ قالَ: «لَمّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ قامَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ فَتَوَعَّدَ مَن قالَ: قَدْ ماتَ بِالقَتْلِ والقَطْعِ، فَجاءَ أبُو بَكْرٍ فَقامَ إلى جانِبِ المِنبَرِ وقالَ: إنَّ اللَّهَ نَعى نَبِيَّكم إلى نَفْسِهِ وهو حَيٌّ بَيْنَ أظْهُرِكُمْ، ونَعاكم إلى أنْفُسِكم فَهو المَوْتُ حَتّى لا يَبْقى أحَدٌ إلّا اللَّهُ، قالَ اللَّهُ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿الشّاكِرِينَ﴾ فَقالَ عُمَرُ: هَذِهِ الآيَةُ في القُرْآنِ؟! واللَّهِ ما عَلِمْتُ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ قَبْلَ اليَوْمِ. وقالَ: قالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهم مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: ٣٠] [الزُّمَرِ»: ٣٠] .
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ قالَ: كُنْتُ أتَأوَّلُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْناكم أُمَّةً وسَطًا لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكم شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣] [البَقَرَةِ: ١٤٣] . فَواللَّهِ إنْ كُنْتُ لَأظُنُّ أنَّهُ سَيَبْقى في أُمَّتِهِ حَتّى يَشْهَدَ عَلَيْها بِآخِرِ أعْمالِها، وأنَّهُ هو الَّذِي حَمَلَنِي عَلى أنْ قُلْتُ ما قُلْتُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ في قَوْلِهِ: ﴿وسَيَجْزِي اللَّهُ الشّاكِرِينَ﴾ قالَ: الثّابِتِينَ عَلى دِينِهِمْ، أبا بَكْرٍ وأصْحابَهُ، فَكانَ عَلِيٌّ يَقُولُ: كانَ أبُو بَكْرٍ أمِيرَ الشّاكِرِينَ.
(p-٥١)وأخْرَجَ الحاكِمُ والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنِ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ الحَنَفِيَّةِ قالَ: «قالَ عُمَرُ: دَعْنِي يا رَسُولَ اللَّهِ أنْزِعْ ثَنِيَّتَيْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو فَلا يَقُومُ خَطِيبًا في قَوْمِهِ أبَدًا. فَقالَ: «دَعْها فَلَعَلَّها أنْ تَسُرَّكَ يَوْمًا» فَلَمّا ماتَ النَّبِيُّ ﷺ نَفَرَ أهْلُ مَكَّةَ فَقامَ سُهَيْلٌ عِنْدَ الكَعْبَةِ فَقالَ: «مَن كانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإنَّ مُحَمَّدًا قَدْ ماتَ، واللَّهُ حَيٌّ لا يَمُوتُ»» .
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ عَلِيًّا كانَ يَقُولُ في حَياةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿أفَإنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ﴾ واللَّهِ لا نَنْقَلِبُ عَلى أعْقابِنا بَعْدَ إذْ هَدانا اللَّهُ، واللَّهِ لَئِنْ ماتَ أوْ قُتِلَ لَأُقاتِلَنَّ عَلى ما قاتَلَ عَلَيْهِ حَتّى أمُوتَ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿لِيَزْدادُوا إيمانًا مَعَ إيمانِهِمْ﴾ [الفتح: ٤] [الفَتْحِ: ٤] قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنا أنَّ الإيمانَ يَزْدادُ، فَهَلْ يَنْقُصُ؟ قالَ: «إي والَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ إنَّهُ لَيَنْقُصُ» قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، فَهَلْ لِذَلِكَ دَلالَةٌ في كِتابِ اللَّهِ؟ قالَ: «نَعَمْ» ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ﴾ «فالِانْقِلابُ نُقْصانٌ، ولا كُفْرٌ»» .
(p-٥٢)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ إسْحاقَ: ﴿وما كانَ لِنَفْسٍ﴾ الآيَةَ. أيْ: لِمُحَمَّدٍ ﷺ أجَلٌ هو بالِغُهُ. فَإذا أذِنَ اللَّهُ في ذَلِكَ كانَ، ﴿ومَن يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنها﴾ أيْ: مَن كانَ مِنكم يُرِيدُ الدُّنْيا لَيْسَتْ لَهُ رَغْبَةٌ في الآخِرَةِ نُؤْتِهِ ما قُسِمَ لَهُ فِيها مِن رِزْقٍ، ولا حَظَّ لَهُ في الآخِرَةِ ﴿ومَن يُرِدْ ثَوابَ الآخِرَةِ﴾ مِنكم ﴿نُؤْتِهِ مِنها﴾ ما وُعِدَهُ مَعَ ما يَجْرِي عَلَيْهِ مِن رِزْقِهِ في دُنْياهُ، وذَلِكَ جَزاءُ الشّاكِرِينَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ في الآيَةِ قالَ: لا تَمُوتُ نَفْسٌ ولَها في الدُّنْيا عُمْرُ ساعَةٍ إلّا بَلَغَتْهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿وسَنَجْزِي الشّاكِرِينَ﴾ قالَ: يُعْطِي اللَّهُ العَبْدَ بِنِيَّتِهِ الدُّنْيا والآخِرَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ إبْراهِيمَ قالَ: قالَ أبُو بَكْرٍ: لَوْ مَنَعُونِي ولَوْ عِقالًا أعْطَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَجاهَدْتُهُمْ، ثُمَّ تَلا: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ﴾ .
وأخْرَجَ البَغَوِيُّ في مُعْجَمِهِ عَنْ إبْراهِيمَ بْنِ حَنْظَلَةَ عَنْ أبِيهِ أنَّ سالِمًا مَوْلى أبِي حُذَيْفَةَ كانَ مَعَهُ اللِّواءُ يَوْمَ اليَمامَةِ فَقُطِعَتْ يَمِينُهُ، فَأخَذَ اللِّواءَ بِيَسارِهِ، (p-٥٣)فَقُطِعَتْ يَسارُهُ فاعْتَنَقَ اللِّواءَ وهو يَقُولُ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ﴾ الآيَتَيْنِ.
{"ayahs_start":144,"ayahs":["وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِی۟ن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰۤ أَعۡقَـٰبِكُمۡۚ وَمَن یَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ فَلَن یَضُرَّ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۗ وَسَیَجۡزِی ٱللَّهُ ٱلشَّـٰكِرِینَ","وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ كِتَـٰبࣰا مُّؤَجَّلࣰاۗ وَمَن یُرِدۡ ثَوَابَ ٱلدُّنۡیَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَن یُرِدۡ ثَوَابَ ٱلۡـَٔاخِرَةِ نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَاۚ وَسَنَجۡزِی ٱلشَّـٰكِرِینَ"],"ayah":"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِی۟ن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰۤ أَعۡقَـٰبِكُمۡۚ وَمَن یَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ فَلَن یَضُرَّ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۗ وَسَیَجۡزِی ٱللَّهُ ٱلشَّـٰكِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











