الباحث القرآني

(p-٤٢١)سُورَةُ القَصَصِ مَكِّيَّةٌ أخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ، والنَّحّاسُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ ”القَصَصِ“ بِمَكَّةَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قالَ: أُنْزِلَتْ سُورَةُ ”القَصَصِ“ بِمَكَّةَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، «عَنْ مَعْدِيكَرِبَ قالَ: أتَيْنا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَسَألْناهُ أنْ يَقْرَأ عَلَيْنا: (طسم) المِائَتَيْنِ، فَقالَ: ما هي مَعِي، ولَكِنْ عَلَيْكم بِمَن أخَذَها مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ خَبّابِ بْنِ الأرَتِّ. فَأتَيْتُ خَبّابًا، فَقُلْتُ: كَيْفَ كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ: ﴿طسم﴾، أوْ: ﴿طس﴾ [النمل: ١] [النَّمْلِ: ١] . فَقالَ: كَلٌّ كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ» . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ﴾ الآياتِ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: كانَ مِن شَأْنِ فِرْعَوْنَ أنَّهُ رَأى رُؤْيا في مَنامِهِ أنَّ نارًا أقْبَلَتْ مِن بَيْتِ المَقْدِسِ حَتّى إذا اشْتَمَلَتْ عَلى بُيُوتِ (p-٤٢٢)مِصْرَ فَأحْرَقَتِ القِبْطَ، وتَرَكَتْ بَنِي إسْرائِيلَ فَدَعا السَّحَرَةَ والكَهَنَةَ والقافَةَ والحازَةَ، وهُمُ العافَةُ الَّذِينَ يَزْجُرُونَ الطَّيْرَ، فَسَألَهم عَنْ رُؤْياهُ، فَقالُوا لَهُ: يَخْرُجُ مِن هَذا البَلَدِ الَّذِي جاءَ بَنُو إسْرائِيلَ مِنهُ - يَعْنُونَ بَيْتَ المَقْدِسِ - رَجُلٌ يَكُونُ عَلى وجْهِهِ هَلاكُ مِصْرَ. فَأمَرَ بَنِي إسْرائِيلَ ألّا يُولَدُ لَهم غُلامٌ إلّا ذَبَحُوهُ، ولا يُولَدُ لَهم جارِيَةٌ إلّا تُرِكَتْ، وقالَ لِلْقِبْطِ: انْظُرُوا مَمْلُوكِيكُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ خارِجًا فَأدْخَلُوهُمْ، واجْعَلُوا بَنِي إسْرائِيلَ يَلُونَ تِلْكَ الأعْمالَ القَذِرَةَ. فَجَعَلَ بَنِي إسْرائِيلَ في أعْمالِ غِلْمانِهِمْ. وأدْخَلُوا غِلْمانَهم فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللَّهُ: ﴿إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا في الأرْضِ﴾ [القصص: ٤] يَقُولُ: تَجَبَّرَ في الأرْضِ، ﴿وجَعَلَ أهْلَها شِيَعًا﴾ [القصص: ٤] يَعْنِي بَنِي إسْرائِيلَ، ﴿يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنهُمْ﴾ [القصص: ٤] حِينَ جَعَلَهم في الأعْمالِ القَذِرَةِ، وجَعَلَ لا يُولَدُ لِبَنِي إسْرائِيلَ مَوْلُودٌ إلّا ذُبِحَ فَلا يَكْبُرُ الصَّغِيرُ، وقَذَفَ اللَّهُ في مَشْيَخَةِ بَنِي إسْرائِيلَ المَوْتَ، فَأسْرَعَ فِيهِمْ. فَدَخَلَ رُؤُوسَ القِبْطِ عَلى فِرْعَوْنَ فَكَلَّمُوهُ، فَقالُوا: إنَّ هَؤُلاءِ القَوْمَ قَدْ وقَعَ فِيهِمُ المَوْتُ، فَيُوشِكُ أنْ يَقَعَ العَمَلُ عَلى غِلْمانِنا بِذَبْحِ أبْنائِهِمْ، فَلا يَبْلُغُ الصِّغارُ فَيُعِينُونَ الكِبارَ، فَلَوْ أنَّكَ كُنْتَ تُبْقِي مِن أوْلادِهِمْ؟ فَأمَرَ أنْ يَذْبَحُوا سَنَةً ويَتْرُكُوا سَنَةً، فَلَمّا كانَ في السَّنَةِ الَّتِي لا يَذْبَحُونَ (p-٤٢٣)فِيها وُلِدَ هارُونُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَتُرِكَ، فَلَمّا كانَ في السَّنَةِ الَّتِي يَذْبَحُونَ فِيها حَمَلَتْ أُمُّ مُوسى بِمُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَلَمّا أرادَتْ وضْعَهُ حَزِنَتْ مِن شَأْنِهِ، فَلَمّا وضَعَتْهُ أرْضَعَتْهُ، ثُمَّ دَعَتْ لَهُ نَجّارًا فَجَعَلَتْ لَهُ تابُوتًا، وجَعَلَتْ مِفْتاحَ التّابُوتِ مِن داخِلٍ وجَعَلَتْهُ فِيهِ، وألْقَتْهُ في اليَمِّ، وهو النِّيلُ فَأقْبَلَ المَوْجُ بِالتّابُوتِ، يَرْفَعُهُ مَرَّةً ويَخْفِضُهُ أُخْرى، حَتّى أدْخَلَهُ بَيْنَ أشْجارٍ عِنْدَ بَيْتِ فِرْعَوْنَ، فَخَرَجْنَ جِوارِي آسِيَةَ امْرَأةِ فِرْعَوْنَ يَغْتَسِلْنَ، فَوَجَدْنَ التّابُوتَ، فَأدْخَلْنَهُ إلى آسِيَةَ، وظَنَنَّ أنْ فِيهِ مالًا، فَلَمّا تَحَرَّكَ الغُلامُ رَأتْهُ آسِيَةُ صَبِيًّا، فَلَمّا نَظَرَتْ إلَيْهِ آسِيَةُ وقَعَتْ عَلَيْهِ رَحْمَتُها وأحَبَّتْهُ. فَلَمّا أخْبَرَتْ بِهِ فِرْعَوْنَ أرادَ أنْ يَذْبَحَهُ فَلَمْ تَزَلْ آسِيَةُ تُكَلِّمُهُ حَتّى تَرَكَهُ لَها وقالَ: إنِّي أخافُ أنْ يَكُونَ هَذا مِن بَنِي إسْرائِيلَ، وأنْ يَكُونَ هَذا الَّذِي عَلى يَدَيْهِ هَلاكُنا. فَبَيْنَما هي تُرَقِّصُهُ وتَلْعَبُ بِهِ إذْ ناوَلَتْهُ فِرْعَوْنَ وقالَتْ: خُذْهُ، قُرَّةُ عَيْنٍ لِي ولَكَ. قالَ فِرْعَوْنُ: هو قُرَّةُ عَيْنٍ لَكِ لا لِي، قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبّاسٍ: ولَوْ أنَّهُ قالَ: هو لِي قُرَّةُ عَيْنٍ. إذَنْ لَآمَنَ بِهِ، ولَكِنَّهُ أبِي، فَلَمّا أخَذَ إلَيْهِ أخَذَ مُوسى بِلِحْيَتِهِ فَنَتَفَها، فَقالَ فِرْعَوْنُ: عَلَيَّ بِالذَّبّاحِينَ، هو ذا. قالَتْ آسِيَةُ: لا تَقْتُلْهُ، عَسى أنْ يَنْفَعَنا أوْ نَتَّخِذَهُ ولَدًا، إنَّما هو: (p-٤٢٤)صَبِيٌّ لا يَعْقِلُ، وإنَّما صَنَعَ هَذا مِن صِباهُ، أنا أضَعُ لَهُ حُلِيًّا مِنَ الياقُوتِ، وأضَعُ لَهُ جَمْرًا، فَإنْ أخَذَ الياقُوتَ فَهو يَعْقِلُ، اذْبَحْهُ، وإنْ أخَذَ الجَمْرَ فَإنَّما هو صَبِيٌّ. فَأخْرَجَتْ لَهُ ياقُوتًا، ووَضَعَتْ لَهُ طَسْتًا مِن جَمْرٍ، فَجاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَطَرَحَ في يَدِهِ جَمْرَةً فَطَرَحَها مُوسى في فِيهِ فَأحْرَقَتْ لِسانَهُ، فَأرادُوا لَهُ المُرْضِعاتِ فَلَمْ يَأْخُذْ مِن أحَدٍ مِنَ النِّساءِ، وجَعَلْنَ النِّساءُ يَطْلُبْنَ ذَلِكَ لِيَنْزِلْنَ عِنْدَ فِرْعَوْنَ في الرَّضاعِ، فَأبى أنْ يَأْخُذَ، فَجاءَتْ أُخْتُهُ فَقالَتْ: ﴿هَلْ أدُلُّكم عَلى أهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكم وهم لَهُ ناصِحُونَ﴾ [القصص: ١٢] [القَصَصِ: ١٢] . فَأخَذُوها فَقالُوا: إنَّكِ قَدْ عَرَفْتِ هَذا الغُلامَ، فَدُلِّينا عَلى أهْلِهِ. فَقالَتْ: ما أعْرِفُهُ، ولَكِنْ إنَّما هم لِلْمَلِكِ ناصِحُونَ. فَلَمّا جاءَتْ أُمُّهُ أخَذَ مِنها، وكادَتْ تَقُولُ: هو ابْنِي. فَعَصَمَها اللَّهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ [القصص: ١٠] [القَصَصِ: ١٠] . قالَ: قَدْ كانَتْ مِنَ المُؤْمِنِينَ، ولَكِنْ بِقَوْلِ: ﴿إنّا رادُّوهُ إلَيْكِ وجاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ﴾ [القصص: ٧] [القَصَصِ: ٧] . قالَ السُّدِّيِّ: وإنَّما سُمِّيَ مُوسى لِأنَّهم وجَدُوهُ في ماءٍ وشَجَرٍ، والماءِ بِالقِبْطِيَّةِ مُو، الشَّجَرُ سِي. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: (p-٤٢٥)﴿نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَبَإ مُوسى وفِرْعَوْنَ﴾ يَقُولُ: في هَذا القُرْآنِ نَبَؤُهُمْ، ﴿إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا في الأرْضِ﴾ [القصص: ٤] أيْ بَغى: في الأرْضِ، ﴿وجَعَلَ أهْلَها شِيَعًا﴾ [القصص: ٤] أيْ: فِرَقًا. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلَ أهْلَها شِيَعًا﴾ [القصص: ٤] قالَ: فَرَّقَ بَيْنَهم. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلَ أهْلَها شِيَعًا﴾ [القصص: ٤] قالَ: يَتَعَبَّدُ طائِفَةً، ويَدَعُ طائِفَةً، ويَقْتُلُ طائِفَةً، ويَسْتَحِي طائِفَةً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب