قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما أرْسَلْنا قَبْلَكَ﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿وما أرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلِينَ إلا إنَّهم لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ ويَمْشُونَ في الأسْواقِ﴾ يَقُولُ: إنَّ الرُّسُلَ قَبْلَ مُحَمَّدٍ ﷺ كانُوا بِهَذِهِ المَنزِلَةِ؛ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ ويَمْشُونَ في الأسْواقِ، ﴿وجَعَلْنا بَعْضَكم لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾ قالَ: بَلاءً.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“، عَنِ الحَسَنِ: ﴿وجَعَلْنا بَعْضَكم لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾ قالَ: يَقُولُ الفَقِيرُ: لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَنِي غَنِيًّا مِثْلَ فُلانٍ. ويَقُولُ السَّقِيمُ: لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَنِي صَحِيحًا مِثْلَ فُلانٍ. ويَقُولُ الأعْمى: لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَنِي بَصِيرًا مِثْلَ فُلانٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا بَعْضَكم لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾ قالَ: هو التَّفاضُلُ في الدُّنْيا والقُدْرَةِ والقَهْرِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا بَعْضَكم لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾ قالَ: يُمْسِكُ عَلى هَذا ويُوَسِّعُ عَلى هَذا، فَيَقُولُ: لَمْ يُعْطِنِي رَبِّي ما أعْطى فُلانًا. ويَبْتَلِي بِالوَجَعِ، فَيَقُولُ: لَمْ يَجْعَلْنِي رَبِّي (p-١٥١)صَحِيحًا مِثْلَ فُلانٍ. في أشْباهِ ذَلِكَ مِنَ البَلاءِ، لِيَعْلَمَ مَن يَصْبِرُ مِمَّنْ يَجْزَعُ، ﴿وكانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ بِمَن يَصْبِرُ ومَن يَجْزَعُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ الحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ««لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعْلَكم أغْنِياءَ كُلَّكم لا فَقِيرَ فِيكُمْ، ولَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعْلَكم فُقَراءَ كُلَّكم لا غَنِيَّ فِيكُمْ، ولَكِنِ ابْتَلى بَعْضَكم بِبَعْضٍ»» .
وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في ”نَوادِرِ الأُصُولِ“، عَنْ رَفاعَةَ بْنِ رافِعٍ الزُّرَقِيِّ قالَ: «قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرى في رَقِيقِنا، أقْوامٍ مُسْلِمِينَ، يُصَلُّونَ صَلاتَنا، ويَصُومُونَ صَوْمَنا، نَضْرِبُهُمْ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُوزَنُ ذَنْبُهم وعُقُوبَتُكم إيّاهُمْ، فَإنْ كانَتْ عُقُوبَتُكم أكْثَرَ مِن ذَنْبِهِمْ أخَذُوا مِنكُمْ» . قالَ: أفَرَأيْتَ سَبَّنا إيّاهُمْ؟ قالَ. «يُوزَنُ ذَنْبُهم وأذاكم إيّاهُمْ، فَإنْ كانَ أذاكم أكْثَرَ أُعْطُوا مِنكُمْ» . قالَ الرَّجُلُ: ما أسْمَعَ عَدُوًّا أقْرَبَ إلَيَّ مِنهُمْ! فَتَلا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿وجَعَلْنا بَعْضَكم لِبَعْضٍ فِتْنَةً أتَصْبِرُونَ وكانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ فَقالَ الرَّجُلُ: أرَأيْتَ يا رَسُولَ اللَّهِ ولَدِي أضْرِبُهُمْ؟ قالَ: «إنَّكَ لا تُتَّهَمُ في ولَدِكَ، فَلا تَطِيبُ نَفْسًا تَشْبَعُ ويَجُوعُ، وتَكْتَسِي ويَعْرُو»» .
(p-١٥٢)
{"ayah":"وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ إِلَّاۤ إِنَّهُمۡ لَیَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَیَمۡشُونَ فِی ٱلۡأَسۡوَاقِۗ وَجَعَلۡنَا بَعۡضَكُمۡ لِبَعۡضࣲ فِتۡنَةً أَتَصۡبِرُونَۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِیرࣰا"}