الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكم كَدُعاءِ بَعْضِكم بَعْضًا﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ في ”الدَّلائِلِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكم كَدُعاءِ بَعْضِكم بَعْضًا﴾ قالَ: كانُوا يَقُولُونَ: يا مُحَمَّدُ، يا أبا القاسِمِ، فَنَهاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ إعْظامًا لِنَبِيِّهِ ﷺ، فَقالُوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ، يا رَسُولَ اللَّهِ. (p-١٢٨)وأخْرَجَ أبُو نَعِيمٍ في ”الدَّلائِلِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكم كَدُعاءِ بَعْضِكم بَعْضًا﴾ يَعْنِي كَدُعاءِ أحَدِكم إذا دَعا أخاهُ بِاسْمِهِ، ولَكِنْ وقِّرُوهُ وعَظِّمُوهُ، وقُولُوا لَهُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ويا نَبِيَّ اللَّهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ في ”تَفْسِيرِهِ“، وأبُو نُعَيْمٍ في ”الدَّلائِلِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكم كَدُعاءِ بَعْضِكم بَعْضًا﴾ يُرِيدُ ولا تَصِيحُوا بِهِ مِن بِعِيدٍ: يا أبا القاسِمِ. ولَكِنْ كَما قالَ اللَّهُ في ”الحُجُراتِ“: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أصْواتَهم عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ [الحجرات: ٣] [الحُجُراتِ: ٣] . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في الآيَةِ قالَ: أمَرَهُمُ اللَّهُ أنْ يَدْعُوهُ: يا رَسُولَ اللَّهِ. في لِينٍ وتَواضُعٍ، ولا يَقُولُوا: يا مُحَمَّدُ. في تَجَهُّمٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: أمَرَ اللَّهُ أنْ يُهابَ نَبِيُّهُ، وأنْ يُبَجَّلَ، وأنْ يُعَظَّمَ، وأنْ يُفَخَّمَ، ويُشَرَّفَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ في الآيَةِ قالَ: لا تَقُولُوا يا مُحَمَّدُ. ولَكِنْ (p-١٢٩)قُولُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، والحَسَنِ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ﴾ الآيَةَ. يَقُولُ: دَعْوَةُ الرَّسُولِ عَلَيْكم مُوجِبَةٌ، فاحْذَرُوها. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ في الآيَةِ قالَ: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ عَلَيْكم كَدُعاءِ بَعْضِكم عَلى بَعْضٍ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكم لِواذًا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُقاتِلِ بْنِ حَيّانَ في قَوْلِهِ: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكم لِواذًا﴾ قالَ: هُمُ المُنافِقُونَ، كانَ يَثْقُلُ عَلَيْهِمُ الحَدِيثُ في يَوْمِ الجُمُعَةِ، ويَعْنِي بِالحَدِيثِ الخُطْبَةَ، فَيَلُوذُونَ بِبَعْضِ الصَّحابَةِ حَتّى يَخْرُجُوا مِنَ المَسْجِدِ، وكانَ لا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أنْ يَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ إلّا بِإذْنٍ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ في يَوْمِ الجُمُعَةِ بَعْدَما يَأْخُذُ في الخُطْبَةِ، وكانَ إذا أرادَ أحَدُهُمُ الخُرُوجَ أشارَ بِإصْبَعِهِ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَيَأْذَنُ لَهُ مِن غَيْرِ أنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ؛ لِأنَّ الرَّجُلَ مِنهم كانَ إذا تَكَلَّمَ والنَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ بَطَلَتْ جُمْعَتُهُ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ”مَراسِيلِهِ“، عَنْ مُقاتِلٍ قالَ: كانَ لا يَخْرُجُ أحَدٌ (p-١٣٠)لِرُعافٍ أوِ إحْداثٍ حَتّى يَسْتَأْذِنَ النَّبِيَّ ﷺ، يُشِيرُ إلَيْهِ بِإصْبَعِهِ الَّتِي تَلِي الإبْهامَ، فَيَأْذَنُ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ، يُشِيرُ إلَيْهِ بِيَدِهِ، وكانَ مِنَ المُنافِقِينَ مَن يَثْقُلُ عَلَيْهِ الخُطْبَةُ والجُلُوسُ في المَسْجِدِ، فَكانَ إذا اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ قامَ المُنافِقُ إلى جَنْبِهِ، يَسْتَتِرُ بِهِ حَتّى يَخْرُجَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكم لِواذًا﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكم لِواذًا﴾ قالَ: يَتَسَلَّلُونَ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ، وعَنْ كِتابِهِ، وعَنْ ذِكْرِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لِواذًا﴾ قالَ: خِلافًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سُفْيانَ: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكم لِواذًا﴾ قالَ: يَتَسَلَّلُونَ مِنَ الصَّفِّ في القِتالِ، ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أمْرِهِ أنْ تُصِيبَهم فِتْنَةٌ﴾ . قالَ: أنْ يُطْبَعَ عَلى قُلُوبِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ صالِحٍ قالَ: إنِّي لَخائِفٌ عَلى مَن تَرَكَ المَسْحَ عَلى الخُفَّيْنِ أنْ يَكُونَ داخِلًا في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أمْرِهِ أنْ تُصِيبَهم فِتْنَةٌ أوْ يُصِيبَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في ”المُصَنَّفِ“، عَنْ يَحْيى بْنِ أبِي كَثِيرٍ قالَ: «نَهى (p-١٣١)رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أصْحابَهُ أنْ يُقاتِلُوا مِن ناحِيَةٍ مِن خَيْبَرَ، فانْصَرَفَ الرِّجالُ عَنْهُمْ، وبَقِيَ رَجُلٌ، فَقاتَلَهم فَرَمَوْهُ فَقَتَلُوهُ، فَجِيءَ بِهِ إلى النَّبِيِّ ﷺ يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقالَ: «أبَعْدَ ما نَهَيْنا عَنِ القِتالِ»؟ فَقالُوا: نَعَمْ، فَتَرَكَهُ ولَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: «أشَدُّ حَدِيثٍ سَمِعْناهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ، قَوْلُهُ في سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ، وقَوْلُهُ في أمْرِ القَبْرِ، ولَمّا كانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكٍ قالَ: «لا يَخْرُجُ مَعَنا إلّا رَجُلٌ مُقْوٍ» . فَخَرَجَ رَجُلٌ عَلى بَكْرٍ لَهُ صَعْبٍ، فَصَرَعَهُ فَماتَ، فَقالَ النّاسُ: الشَّهِيدُ، الشَّهِيدُ، فَأمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِلالًا أنْ يُنادِيَ في النّاسِ: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، ولا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عاصٍ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ: «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ لِأصْحابِهِ ذاتَ يَوْمٍ وهو مُسْتَقْبَلُ العَدُوِّ: «لا يُقاتِلْ أحَدٌ مِنكُمْ» . فَعَمَدَ رَجُلٌ مِنهم ورَمى العَدُوَّ وقاتَلَهم فَقَتَلُوهُ، فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: اسْتُشْهُدَ فُلانٌ. فَقالَ: «أبَعْدَ ما نَهَيْتُ عَنِ القِتالِ»؟ . قالُوا: نَعَمْ. قالَ: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عاصٍ»» . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [التوبة: ٤٤] الآيَةَ [التَّوْبَةِ: ٤٤] . (p-١٣٢)قالَ: كانَ لا يَسْتَأْذِنُهُ إذا غَزا إلّا المُنافِقُونَ، فَكّانِ لا يَحِلُّ لِأحَدٍ أنْ يَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أوْ يَتَخَلَّفَ بَعْدَهُ إذا غَزا، ولا تَنْطَلِقَ سَرِيَّةٌ إلّا بِإذْنِهِ، ولَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ أنْ يَأْذَنَ لِأحَدٍ حَتّى نَزَلَتِ الآيَةُ: ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وإذا كانُوا مَعَهُ عَلى أمْرٍ جامِعٍ﴾ [النور: ٦٢] يَقُولُ: أمْرِ طاعَةٍ، ﴿لَمْ يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ [النور: ٦٢] الآيَةَ. فَجَعَلَ الإذْنَ إلَيْهِ يَأْذَنُ لِمَن يَشاءُ، فَكانَ إذا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النّاسَ لِأمْرٍ يَأْمُرُهم ويَنْهاهم صَبَرَ المُؤْمِنُونَ في مَجالِسِهِمْ، وأحَبُّوا ما أحْدَثَ لَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِما يُوحى إلَيْهِ، وبِما أحَبُّوا وكَرِهُوا فَإذا كانَ شَيْءٌ مِمّا يَكْرَهُ المُنافِقُونَ خَرَجُوا يَتَسَلَّلُونَ، يَلُوذُ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ، يَسْتَتِرُ لِكَيْ لا يَراهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَقالَ اللَّهُ تَعالى: إنَّ اللَّهَ تَعالى يُبْصِرُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكم لِواذًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب