قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، عَنْ عُرْوَةَ، ومُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، قالا: «لَمّا أقْبَلَتْ قُرَيْشٌ عامَ الأحْزابِ نَزَلُوا بِمَجْمَعِ الأسْيالِ مِن رُومَةَ، بِئْرٌ بِالمَدِينَةِ، قائِدُها أبُو سُفْيانَ، وأقْبَلَتْ غَطَفانُ حَتّى نَزَلُوا بِنَقَمَيْنِ إلى جانِبِ أُحُدٍ، وجاءَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الخَبَرُ، فَضَرَبَ الخَنْدَقَ عَلى المَدِينَةِ، وعَمِلَ فِيهِ، وعَمِلَ المُسْلِمُونَ فِيهِ، وأبْطَأ رِجالٌ مِنَ المُنافِقِينَ، وجَعَلُوا يُوَرُّونَ بِالضَّعِيفِ مِنَ العَمَلِ، فَيَتَسَلَّلُونَ إلى أهْلِيهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ولا إذْنٍ، وجَعَلَ الرَّجُلُ مِنَ المُسْلِمِينَ، إذا نابَتْهُ النّائِبَةُ مِنَ الحاجَةِ الَّتِي لابُدَّ مِنها، يَذْكُرُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ ويَسْتَأْذِنُهُ في اللُّحُوقِ لِحاجَتِهِ فَيَأْذَنُ لَهُ، فَإذا قَضى حاجَتَهُ رَجَعَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ في أُولَئِكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ: ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وإذا كانُوا مَعَهُ عَلى أمْرٍ جامِعٍ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [النور»: ٦٤] .
(p-١٢٦)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا كانُوا مَعَهُ عَلى أمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ قالَ: ذَلِكَ في الغَزْوِ والجُمُعَةِ، وإذْنُ الإمامِ يَوْمَ الجُمُعَةِ أنْ يُشِيرَ بِيَدِهِ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا كانُوا مَعَهُ عَلى أمْرٍ جامِعٍ﴾ قالَ: إذا جَمَعَهم لِأمْرٍ حَزَبَهم مِنَ الحَرْبِ ونَحْوِهِ لَمْ يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في الآيَةِ قالَ: هي في الجِهادِ والجُمُعَةِ والعِيدَيْنِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَلى أمْرٍ جامِعٍ﴾ قالَ: مِن طاعَةِ اللَّهِ، عامٌّ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قالَ: كانَ النّاسُ يَسْتَأْذِنُونَ في الجُمُعَةِ ويَقُولُونَ هَكَذا، ويُشِيرُونَ بِثَلاثِ أصابِعَ، فَلَمّا كانَ زِيادٌ (p-١٢٧)كَثُرَ عَلَيْهِ فاغْتَمَّ، فَقالَ: مَن أمْسَكَ عَلى أنْفِهِ فَهو إذْنُهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ في الآيَةِ قالَ: يُعْمَلُ بِها الآنَ في الجُمُعَةِ والزَّحْفِ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، عَنْ إسْماعِيلَ بْنِ عَيّاشٍ قالَ: رَأيْتُ عَمْرَو بْنَ قَيْسٍ السَّكُونِيَّ يَخْطُبُ النّاسَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقامَ إلَيْهِ أبُو المُدِلَّةِ اليَحْصُبِيُّ في شَيْءٍ وجَدَهُ في بَطْنِهِ، فَأشارَ إلَيْهِ عَمْرٌو، أيِ انْصَرِفْ. فَسَألْتُ عَمْرًا أوْ أبا المُدِلَّةِ، فَقالَ: هَكَذا كانَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَصْنَعُونَ.
{"ayah":"إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَإِذَا كَانُوا۟ مَعَهُۥ عَلَىٰۤ أَمۡرࣲ جَامِعࣲ لَّمۡ یَذۡهَبُوا۟ حَتَّىٰ یَسۡتَـٔۡذِنُوهُۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَـٔۡذِنُونَكَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ فَإِذَا ٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِبَعۡضِ شَأۡنِهِمۡ فَأۡذَن لِّمَن شِئۡتَ مِنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمُ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}