الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَيْسَ عَلى الأعْمى حَرَجٌ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أمْوالَكم بَيْنَكم بِالباطِلِ﴾ [النساء: ٢٩] [النِّساءِ: ٢٩] . قالَتِ الأنْصارُ: ما بِالمَدِينَةِ مالُ أعَزَّ مِنَ الطَّعامِ. كانُوا يَتَحَرَّجُونَ أنْ يَأْكُلُوا مَعَ الأعْمى، يَقُولُونَ: إنَّهُ لا يُبْصِرُ مَوْضِعَ الطَّعامِ. وكانُوا يَتَحَرَّجُونَ الأكْلَ مَعَ الأعْرَجِ، يَقُولُونَ: الصَّحِيحُ يَسْبِقُهُ إلى المَكانِ، ولا يَسْتَطِيعُ أنْ يُزاحِمَ. ويَتَحَرَّجُونَ الأكْلَ مَعَ المَرِيضِ، يَقُولُونَ: لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَأْكُلَ مِثْلَ الصَّحِيحِ. وكانُوا يَتَحَرَّجُونَ أنْ (p-١١٣)يَأْكُلُوا في بُيُوتِ أقْرِبائِهِمْ، فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلى الأعْمى حَرَجٌ﴾ يَعْنِي: في الأكْلِ مَعَ الأعْمى. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مِقْسَمٍ قالَ: كانُوا يَكْرَهُونَ أنْ يَأْكُلُوا مَعَ الأعْمى والأعْرَجِ والمَرِيضِ؛ لِأنَّهم لا يَنالُونَ كَما يَنالُ الصَّحِيحُ، فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلى الأعْمى حَرَجٌ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وآدَمُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: كانَ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِالأعْمى أوِ الأعْرَجِ والمَرِيضِ إلى بَيْتِ أبِيهِ، أوْ بَيْتِ أخِيهِ، أوْ بَيْتِ أُخْتِهِ، أوْ بَيْتِ عَمِّهِ، أوْ بَيْتِ عَمَّتِهِ، أوْ بَيْتِ خالِهِ، أوْ بَيْتِ خالَتِهِ، فَكانَ الزَّمْنى يَتَحَرَّجُونَ مِن ذَلِكَ، يَقُولُونَ: إنَّما يَذْهَبُونَ بِنا إلى بُيُوتِ غَيْرِهِمْ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ رُخْصَةً لَهم. وأخْرَجَ البَزّارُ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، وابْنُ النَّجّارِ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: كانَ المُسْلِمُونَ يَرْغَبُونَ في النَّفِيرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَيَدْفَعُونَ مَفاتِيحَهم إلى أُمَنائِهِمْ ويَقُولُونَ لَهم: قَدْ أحْلَلْنا لَكم أنْ تَأْكُلُوا مِمّا احْتَجْتُمْ إلَيْهِ فَكانُوا (p-١١٤)يَقُولُونَ: إنَّهُ لا يَحِلُّ لَنا أنْ نَأْكُلَ، إنَّهم أذِنُوا لَنا عَنْ غَيْرِ طِيبِ أنْفُسِهِمْ، وإنَّما نَحْنُ أُمَناءُ. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولا عَلى أنْفُسِكم أنْ تَأْكُلُوا﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿أوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ شِهابٍ: أخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وابْنُ المُسَيَّبِ، أنَّهُ كانَ رِجالٌ مِن أهْلِ العِلْمِ يُحَدِّثُونَ: إنَّما نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في أنَّ المُسْلِمِينَ كانُوا يَرْغَبُونَ في النَّفِيرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في سَبِيلِ اللَّهِ، فَيُعْطُونَ مَفاتِيحَهم أُمَناءَهم ويَقُولُونَ لَهم: قَدْ أحْلَلْنا لَكُمُ أنْ تَأْكُلُوا مِمّا في بُيُوتِنا. فَيَقُولُ الَّذِينَ اسْتَوْدَعُوهُمُ المَفاتِيحَ: واللَّهِ ما يَحِلُّ لَنا مِمّا في بُيُوتِهِمْ شَيْءٌ، وإنَّما أحَلُّوهُ لَنا حَتّى يَرْجِعُوا إلَيْنا، وإنَّها الأمانَةُ اؤْتُمِنّا عَلَيْها. فَلَمْ يَزالُوا عَلى ذَلِكَ حَتّى أنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ، فَطابَتْ نُفُوسُهم. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أمْوالَكم بَيْنَكم بِالباطِلِ﴾ [النساء: ٢٩] [النِّساءِ: ٢٩] . قالَ المُسْلِمُونَ: إنَّ اللَّهَ قَدْ نَهانا أنْ نَأْكُلَ أمْوالَنا بَيْنَنا (p-١١٥)بِالباطِلِ، والطَّعامُ هو أفْضَلُ الأمْوالِ، فَلا يَحِلُّ لِأحَدٍ مِنّا أنْ يَأْكُلَ عِنْدَ أحَدٍ. فَكَفَّ النّاسُ عَنْ ذَلِكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلى الأعْمى حَرَجٌ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿أوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ﴾ وهو الرَّجُلُ يُوكِّلُ الرَّجُلَ بِضَيْعَتِهِ، والَّذِي رَخَّصَ اللَّهُ أنْ يَأْكُلَ مِن ذَلِكَ الطَّعامِ والتَّمْرِ، ويَشْرَبَ اللَّبَنَ، وكانُوا أيْضًا يَتَحَرَّجُونَ أنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ الطَّعامَ وحْدَهُ حَتّى يَكُونَ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَرَخَّصَ اللَّهُ لَهم فَقالَ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ أنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أوْ أشْتاتًا﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: كانَ أهْلُ المَدِينَةِ -قَبْلَ أنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ ﷺ- لا يُخالِطُهم في طَعامِهِمْ أعْمى ولا مَرِيضٌ ولا أعْرَجُ؛ لِأنَّ الأعْمى لا يُبْصِرُ طَيِّبَ الطَّعامِ، والمَرِيضَ لا يَسْتَوْفِي الطَّعامَ كَما يَسْتَوْفِي الصَّحِيحُ، والأعْرَجَ لا يَسْتَطِيعُ المُزاحَمَةَ عَلى الطَّعامِ، فَنَزَلَتْ رُخْصَةً في مُؤاكَلَتِهِمْ. وأخْرَجَ الثَّعْلَبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: خَرَجَ الحارِثُ غازِيًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وخَلَّفَ عَلى أهْلِهِ خالِدَ بْنَ زَيْدٍ، فَتَحَرَّجَ أنْ يَأْكُلَ مِن طَعامِهِ، (p-١١٦)وكانَ مَجْهُودًا، فَنَزَلَتْ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو داوُدَ في ”مَراسِيلِهِ“، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ عَلى الأعْمى حَرَجٌ﴾ الآيَةَ. ما بالُ الأعْمى والأعْرَجِ والمَرِيضِ ذُكِرُوا هُنا؟ فَقالَ: أخْبَرَنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أنَّ المُسْلِمِينَ كانُوا إذا غَزَوْا خَلَّفُوا زَمْناهُمْ، وكانُوا يَدْفَعُونَ إلَيْهِمْ مَفاتِيحَ أبْوابِهِمْ يَقُولُونَ: قَدْ أحْلَلْنا لَكم أنْ تَأْكُلُوا مِمّا في بُيُوتِنا. وكانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِن ذَلِكَ، يَقُولُونَ: لا نَدْخُلُها وهم غَيَبٌ. فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ رُخْصَةً لَهم. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: كانَ هَذا الحَيُّ مِن بَنِي كِنانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، يَرى أحَدُهم أنَّ عَلَيْهِ مَخْزاةً أنْ يَأْكُلَ وحْدَهُ في الجاهِلِيَّةِ، حَتّى إنْ كانَ الرَّجُلُ يَسُوقُ الذَّوْدَ الحُفَّلَ وهو جائِعٌ حَتّى يَجِدَ مَن يُؤاكِلُهُ ويُشارِبُهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ أنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أوْ أشْتاتًا﴾ . (p-١١٧)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وأبِي صالِحٍ قالا: كانَتِ الأنْصارُ إذا نَزَلَ بِهِمُ الضَّيْفُ لا يَأْكُلُونَ مَعَهُ حَتّى يَأْكُلَ الضَّيْفُ مَعَهُمْ، فَنَزَلَتْ رُخْصَةً لَهم. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ صَدِيقِكُمْ﴾ قالَ: إذا دَخَلْتَ بَيْتَ صَدِيقِكَ مِن غَيْرِ مُؤامَرَتِهِ، ثُمَّ أكَلْتَ مِن طَعامِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ صَدِيقِكُمْ﴾ قالَ: هَذا شَيْءٌ قَدِ انْقَطَعَ، إنَّما كانَ هَذا في أوَّلِهِ ولَمْ يَكُنْ لَهم أبْوابٌ، وكانَتِ السُّتُورُ مُرْخاةً، فَرُبَّما دَخَلَ الرَّجُلُ البَيْتَ ولَيْسَ فِيهِ أحَدٌ، فَرُبَّما وجَدَ الطَّعامَ وهو جائِعٌ، فَسَوَّغَهُ اللَّهُ أنْ يَأْكُلَهُ. قالَ: وذَهَبَ ذَلِكَ، اليَوْمَ البُيُوتُ فِيها أهْلُها، فَإذا خَرَجُوا أغْلَقُوا، فَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإذا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإذا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ يَقُولُ: إذا دَخَلْتُمْ (p-١١٨)بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلى أهْلِها ﴿تَحِيَّةً مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ وهو السَّلامُ؛ لِأنَّهُ اسْمُ اللَّهِ، وهو تَحِيَّةُ أهْلِ الجَنَّةِ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في ”الأدَبِ“، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، مِن طَرِيقِ أبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: إذا دَخَلْتَ عَلى أهْلِكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ ﴿تَحِيَّةً مِن عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً﴾ قالَ: ما رَأيْتُهُ إلّا أوْجَبَهُ. وأخْرَجَ الحاكِمُ، وتَعَقَّبَ عَنْ جابِرٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««إذا دَخَلْتُمْ بُيُوتَكم فَسَلِّمُوا عَلى أهْلِها، وإذا طَعِمْتُمْ فاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وإذا سَلَّمَ أحَدُكم حِينَ يَدْخُلُ بَيْتَهُ وذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلى طَعامِهِ، يَقُولُ الشَّيْطانُ لِأصْحابِهِ: لا مَبِيتَ لَكم ولا عَشاءَ، وإذا لَمْ يُسَلِّمْ أحَدُكم ولَمْ يُسَمِّ، يَقُولُ الشَّيْطانُ لِأصْحابِهِ: أدْرَكْتُمُ المَبِيتَ والعَشاءَ»» . (p-١١٩)وأخْرَجَ أحْمَدُ، ومُسْلِمٌ، والبُخارِيُّ في ”الأدَبِ“، وأبُو داوُدَ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ حِبّانَ، عَنْ جابِرٍ، أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ««إذا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وعِنْدَ طَعامِهِ، قالَ الشَّيْطانُ: لا مَبِيتَ لَكم ولا عَشاءَ، وإذا دَخَلَ فَلَمْ يُذْكَرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قالَ الشَّيْطانُ: أدْرَكْتُمُ المَبِيتَ، وإنْ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعامِهِ قالَ الشَّيْطانُ: أدْرَكْتُمُ المَبِيتَ والعَشاءَ»» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، وضَعَّفَهُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ إذا دَخَلَ بَيْتَهُ يَقُولُ: «السَّلامُ عَلَيْنا مِن رَبِّنا، التَّحِيّاتُ الطَّيِّباتُ المُبارَكاتُ لِلَّهِ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ»» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: إذا دَخَلْتَ عَلى أهْلِكَ فَقُلْ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، تَحِيَّةً مِن عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً، فَإذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أحَدٌ فَقُلْ: السَّلامُ عَلَيْنا مِن رَبِّنا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ ماهانَ في قَوْلِهِ: ﴿فَإذا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ قالَ: يَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْنا مِن رَبِّنا. (p-١٢٠)وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، عَنْ أبِي البَخْتَرِيِّ قالَ: جاءَ الأشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلِيِّ إلى سَلْمانَ فَقالا: جِئْناكَ مِن عِنْدِ أخِيكَ أبِي الدَّرْداءِ. قالَ: فَأيْنَ هَدِيَّتُهُ الَّتِي أرْسَلَها مَعَكُما؟ قالا: ما أرْسَلَ مَعَنا بِهَدِيَّةٍ. قالَ: اتَّقِيا اللَّهَ وأدِّيا الأمانَةَ، ما جاءَنِي أحَدٌ مِن عِنْدِهِ إلّا جاءَ مَعَهُ بِهَدِيَّةٍ. قالا: واللَّهِ ما بَعَثَ مَعَنا بِشَيْءٍ إلّا أنَّهُ قالَ: أقْرِئُوهُ مِنِّي السَّلامَ. قالَ: فَأيُّ هَدِيَّةٍ كُنْتُ أُرِيدُ مِنكُما غَيْرُ هَذِهِ، وأيُّ هَدِيَّةٍ أفْضَلُ مِنَ السَّلامِ، تَحِيَّةً مِن عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً؟ وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ سَلْمانَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ««مَن سَرَّهُ ألّا يَجِدَ الشَّيْطانُ عِنْدَهُ طَعامًا، ولا مَقِيلًا، ولا مَبِيتًا، فَلْيُسَلِّمْ إذا دَخَلَ بَيْتَهُ، ولْيُسَمِّ عَلى طَعامِهِ»» . وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ««إذا قامَ أحَدُكم عَلى حُجْرَتِهِ لِيَدْخُلَ فَلْيُسَمِّ اللَّهَ، فَإنَّهُ يَرْجِعُ قَرِينُهُ مِنَ الشَّيْطانِ الَّذِي مَعَهُ ولا يَدْخُلُ، فَإذا دَخَلْتُمْ فَسَلِّمُوا، فَإنَّهُ يَخْرُجُ ساكِنُهُ مِنهُمْ، وإذا وُضِعَ الطَّعامُ فَسَمُّوا، فَإنَّكم تَدْحَرُونَ الخَبِيثَ إبْلِيسَ عَنْ أرْزاقِكم ولا يَشْرَكُكم فِيها، وإذا ارْتَحَلْتُمْ دابَّةً فَسَمُّوا اللَّهَ حِينَ تَضَعُونَ أوَّلَ حِلْسٍ، فَإنَّ كُلَّ دابَّةٍ مُعْتَقَدَةٌ، (p-١٢١)وإنَّكم إذا سَمَّيْتُمْ حَطَطْتُمُوهُ عَنْ ظَهْرِها، وإنْ نَسِيتُمْ ذَلِكَ شَرِكَكم في مَراكِبِكُمْ، ولا تُبَيِّتُوا مَندِيلَ الغَمَرِ مَعَكم في البَيْتِ، فَإنَّهُ مَتْنُ الشَّيْطانِ ومَضْجَعُهُ، ولا تَتْرُكُوا القُمامَةَ مُمْسِيَةً إذا جُمِعَتْ في جانِبِ الحُجْرَةِ، فَإنَّها مَقْعَدُ الشَّيْطانِ، ولا تَسْكُنُوا بُيُوتًا غَيْرَ مُغْلَقَةٍ، ولا تَفْتَرِشُوا الوَلايا، الَّتِي تُفْضِي إلى ظُهُورِ الدَّوابِّ، ولا تَبِيتُوا عَلى سَطْحٍ لَيْسَ بِمَحْجُورٍ، وإذا سَمِعْتُمْ نُباحَ الكَلْبِ أوْ نَهِيقَ الحِمارِ، فاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ، فَإنَّهُما لا يَرَيانِ الشَّيْطانَ إلّا نَبَحَ الكَلْبُ ونَهَقَ الحِمارُ»» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: ««لِلْإسْلامِ ضِياءٌ وعَلاماتٌ كَمَنارِ الطَّرِيقِ، فَرَأْسُها وجِماعُها شَهادَةُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ رَسُولُهُ، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ وتَمامُ الوُضُوءِ (p-١٢٢)والحُكْمُ بِكِتابِ اللَّهِ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وطاعَةُ وُلاةِ الأمْرِ، وتَسْلِيمُكم عَلى أنْفُسِكُمْ، وتَسْلِيمُكم إذا دَخَلْتُمْ بُيُوتَكُمْ، وتَسْلِيمُكم عَلى بَنِي آدَمَ إذا لَقِيتُمُوهُمْ»» . وأخْرَجَ البَزّارُ، وابْنُ عَدِيٍّ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنْ أنَسٍ قالَ: «أوْصانِي النَّبِيُّ ﷺ بِخَمْسِ خِصالٍ، قالَ: «أسْبِغِ الوُضُوءَ يُزَدْ في عُمُرِكَ، وسَلِّمْ عَلى مَن لَقِيَكَ مِن أُمَّتِي تَكْثُرْ حَسَناتُكَ، وإذا دَخَلْتَ بَيْتَكَ فَسَلِّمْ عَلى أهْلِ بَيْتِكَ يَكْثُرْ خَيْرُ بَيْتِكَ، وصَلِّ صَلاةَ الضُّحى فَإنَّها صَلاةُ الأوّابِينَ قَبْلَكَ، يا أنَسُ ارْحَمِ الصَّغِيرَ، ووَقِّرِ الكَبِيرَ، تَكُنْ مِن رُفَقائِي يَوْمَ القِيامَةِ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإذا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ قالَ: هو المَسْجِدُ، إذا دَخَلْتَهُ فَقُلْ: السَّلامُ عَلَيْنا وعَلى عِبادِ اللَّهِ الصّالِحِينَ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي مالِكٍ قالَ: إذا دَخَلْتَ بَيْتًا فِيهِ ناسٌ مِنَ المُسْلِمِينَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ (p-١٢٣)أحَدٌ، أوْ كانَ فِيهِ ناسٌ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَقُلْ: السَّلامُ عَلَيْنا وعَلى عِبادِ اللَّهِ الصّالِحِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ في ”الأدَبِ“، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: إذا دَخَلَ البَيْتَ غَيْرَ المَسْكُونِ أوِ المَسْجِدَ فَلْيَقُلْ: السَّلامُ عَلَيْنا وعَلى عِبادِ اللَّهِ الصّالِحِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: إذا دَخَلْتَ بَيْتَكَ ولَيْسَ فِيهِ أحَدٌ، أوْ بَيْتَ غَيْرِكَ، فَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ، السَّلامُ عَلَيْنا مِن رَبِّنا، السَّلامُ عَلَيْنا وعَلى عِبادِ اللَّهِ الصّالِحِينَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَإذا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ قالَ: إذا دَخَلْتَ بَيْتَكَ فَسَلِّمْ عَلى أهْلِكَ، وإذا دَخَلْتَ بَيْتًا لا أحَدَ فِيهِ فَقُلْ: السَّلامُ عَلَيْنا وعَلى عِبادِ اللَّهِ الصّالِحِينَ. فَإنَّهُ كانَ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ، وحُدِّثْنا أنَّ المَلائِكَةَ تَرُدُّ عَلَيْهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ (p-١٢٤)الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ قالَ: لِيُسَلِّمْ بَعْضُكم عَلى بَعْضٍ، كَقَوْلِهِ: ﴿ولا تَقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] [النِّساءِ. ٢٩] . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ قالَ: إذا دَخَلَ المُسْلِمُ عَلى المُسْلِمِ سَلَّمَ عَلَيْهِ، مِثْلَ قَوْلِهِ: ﴿ولا تَقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] [النِّساءِ: ٢٩] . إنَّما هو: لا تَقْتُلْ أخاكَ المُسْلِمَ. وقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ أنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٥] [البَقَرَةِ: ٨٥] . قالَ: يَقْتُلُ بَعْضُكم بَعْضًا، قُرَيْظَةُ والنَّضِيرُ، وقَوْلُهُ: ﴿خَلَقَ لَكم مِن أنْفُسِكم أزْواجًا﴾ [الروم: ٢١] [الرُّومِ: ٢١] . كَيْفَ يَكُونُ زَوْجُ الإنْسانِ مِن نَفْسِهِ؟ إنَّما هي: جَعَلَ لَكم أزْواجًا مِن بَنِي آدَمَ، ولَمْ يَجْعَلْ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ وكُلِّ شَيْءٍ في القُرْآنِ عَلى هَذا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ قالَ: بَعْضُكم عَلى بَعْضٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ما أخَذْتُ التَّشَهُّدَ إلّا مِن كِتابِ اللَّهِ، سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فَإذا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكم تَحِيَّةً مِن عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً﴾ فالتَّشَهُّدُ في الصَّلاةِ: التَّحِيّاتُ المُبارَكاتُ الطَّيِّباتُ لِلَّهِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنْ ثابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قالَ: أتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ قَبْلَ الغَداةِ (p-١٢٥)وهُوَ جالِسٌ في المَسْجِدِ، فَقالَ لِي: ألا سَلَّمْتَ حِينَ جِئْتَ، فَإنَّها تَحِيَّةٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةٌ!
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب