الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأرْبَعَةِ شُهَداءَ فاجْلِدُوهُمْ﴾ (p-٦٤٦)يَعْنِي الحُكّامَ؛ إذا رُفِعَ إلَيْهِمْ جَلَدُوا القاذِفَ ثَمانِينَ جَلْدَةً: ﴿ولا تَقْبَلُوا لَهم شَهادَةً أبَدًا﴾ يَعْنِي بَعْدَ الجَلْدِ ما دامَ حَيًّا: ﴿وأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ﴾ العاصُونَ؛ فِيما قالُوهُ مِنَ الكَذِبِ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ”ناسِخِهِ“، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأرْبَعَةِ شُهَداءَ﴾ الآيَةَ. ثُمَّ اسْتَثْنى فَقالَ: ﴿إلا الَّذِينَ تابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وأصْلَحُوا﴾ فَتابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الفُسُوقِ، وأمّا الشَّهادَةُ فَلا تَجُوزُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿رَحِيمٌ﴾ فَأنْزَلَ اللَّهُ الجَلْدَ والتَّوْبَةَ، تُقْبَلُ، والشَّهادَةُ تُرَدُّ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ أنَّهُ قالَ لِأبِي بَكْرَةَ: إنْ تُبْتَ قَبِلْتُ شَهادَتَكَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: ﴿إلا الَّذِينَ تابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وأصْلَحُوا﴾ قالَ: تَوْبَتُهُمُ إكْذابُهم أنْفُسَهم فَإنْ كَذَّبُوا أنْفُسَهم قُبِلَتْ شَهادُتُهم» . وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ”ناسِخِهِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ في سُورَةِ النُّورِ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأرْبَعَةِ شُهَداءَ فاجْلِدُوهُمْ﴾ واسْتَثْنى مِن ذَلِكَ فَقالَ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ أزْواجَهم ولَمْ يَكُنْ لَهم شُهَداءُ إلا أنْفُسُهُمْ﴾ [النور: ٦] الآيَةَ فَإذا حَلَفا فُرِّقَ (p-٦٤٧)بَيْنَهُما، وإنْ لَمْ يَحْلِفا أُقِيمَ الحَدُّ؛ الجَلْدُ أوِ الرَّجْمُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَقْبَلُوا لَهم شَهادَةً أبَدًا﴾ ثُمَّ قالَ: ﴿إلا الَّذِينَ تابُوا﴾ قالَ: فَمَن تابَ وأصْلَحَ فَشَهادَتُهُ في كِتابِ اللَّهِ تُقْبَلُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قالَ شَهِدَ عَلى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ثَلاثَةٌ بِالزِّنى، ونَكَلَ زِيادٌ، فَحَدَّ عُمَرُ الثَّلاثَةَ، وقالَ لَهم: تُوبُوا تُقْبَلْ شَهادَتُكُمْ، فَتابَ رَجُلانِ ولَمْ يَتُبْ أبُو بَكْرَةَ، فَكانَ لا تُقْبَلُ شَهادَتُهُ، وأبُو بَكْرَةَ أخُو زِيادٍ لِأُمِّهِ، فَلَمّا كانَ مِن أمْرِ زِيادٍ ما كانَ حَلَفَ أبُو بَكْرَةَ ألّا يُكَلِّمَ زِيادًا أبَدًا، فَلَمْ يُكَلِّمْهُ حَتّى ماتَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عَطاءٍ في الآيَةِ قالَ: إذا تابَ القاذِفُ وأكْذَبَ نَفْسَهُ قُبِلَتْ شَهادَتُهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ والزُّهْرِيِّ، وطاوُسٍ ومَسْرُوقٍ قالُوا: إذا تابَ القاذِفُ قُبِلَتْ شَهادَتُهُ، وتَوْبَتُهُ أنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ والحَسَنِ قالا: القاذِفُ إذا (p-٦٤٨)تابَ فَتَوْبَتُهُ فِيما بَيْنَهُ وبَيْنَ اللَّهِ، ولا تَجُوزُ شَهادَتُهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَكْحُولٍ في القاذِفِ إذا تابَ لَمْ تُقْبَلْ شَهادَتُهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قالَ: القاذِفُ إذا تابَ فَإنَّما تَوْبَتُهُ فِيما بَيْنَهُ وبَيْنَ اللَّهِ، فَأمّا شَهادَتُهُ فَلا تَجُوزُ أبَدًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: لا شَهادَةَ لَهُ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: تَوْبَتُهُ فِيما بَيْنَهُ وبَيْنَ رَبِّهِ مِنَ العَذابِ العَظِيمِ، ولا تُقْبَلُ شَهادَتُهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَقْبَلُوا لَهم شَهادَةً أبَدًا﴾ قالَ: كانَ الحَسَنُ يَقُولُ: لا تُقْبَلُ شَهادَةُ القاذِفِ أبَدًا، تَوْبَتُهُ فِيما بَيْنَهُ وبَيْنَ اللَّهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ شُرَيْحٍ قالَ: كُلُّ صاحِبِ حَدٍّ تَجُوزُ شَهادَتُهُ إلّا القاذِفَ، فَإنَّ تَوْبَتَهُ فِيما بَيْنَهُ وبَيْنَ رَبِّهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ إبْراهِيمَ قالَ: لا تُقْبَلُ لِلْقاذِفِ شَهادَةٌ، تَوْبَتُهُ بَيْنَهُ وبَيْنَ رَبِّهِ. (p-٦٤٩)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِيسى بْنِ عاصِمٍ قالَ: كانَ أبُو بَكْرَةَ إذا جاءَهُ رَجُلٌ يُشْهِدُهُ قالَ: أشْهِدْ غَيْرِي؛ فَإنَّ المُسْلِمِينَ قَدْ فَسَّقُونِي. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ حِينَ جَلَدَ قَذَفَةَ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ؛ مِنهم أبُو بَكْرَةَ ونافِعٌ وشِبْلٌ، ثُمَّ دَعا أبا بَكْرَةَ فَقالَ: إنْ تُكَذِّبْ نَفْسَكَ تُجَزْ شَهادَتُكَ فَأبى أنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ، ولَمْ يَكُنْ عُمَرُ يُجِيزُ شَهادَتَهُما حَتّى هَلَكا فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إلا الَّذِينَ تابُوا﴾ وتَوْبَتُهم إكْذابُهم أنْفُسَهم. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قَضى اللَّهُ ورَسُولُهُ أنْ لا تُقْبَلَ شَهادَةُ ثَلاثَةٍ ولا اثْنَيْنِ ولا واحِدٍ عَلى الزِّنى، ويُجْلَدُونَ ثَمانِينَ ثَمانِينَ، ولا تُقْبَلُ لَهم شَهادَةٌ أبَدًا حَتّى يَتَبَيَّنَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنهم تَوْبَةٌ نَصُوحٌ وإصْلاحٌ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقانَ قالَ: سَألْتُ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرانَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿إلا الَّذِينَ تابُوا﴾ فَجَعَلَ فِيها تَوْبَةً، وقالَ في آيَةٍ أُخْرى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ الغافِلاتِ المُؤْمِناتِ لُعِنُوا في الدُّنْيا والآخِرَةِ ولَهم عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: ٢٣] (p-٦٥٠)فَقالَ: أمّا الأُولى فَعَسى أنْ تَكُونَ قارَفَتْ، وأمّا الأُخْرى فَهي الَّتِي لَمْ تُقارِفْ شَيْئًا مِن ذَلِكَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْ أنَسٍ قالَ: لَمّا كانَ زَمَنُ العَهْدِ الَّذِي كانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبَيْنَ أهْلِ مَكَّةَ، جَعَلَتِ المَرْأةُ تَخْرُجُ مِن أهْلِ مَكَّةَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُهاجِرَةً وطَلَبَ الإسْلامِ، فَقالَ المُشْرِكُونَ: إنَّما انْطَلَقَتْ في طَلَبِ الرِّجالِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنِ الحَسَنِ قالَ: الزِّنى أشَدُّ مِنَ القَذْفِ، والقَذْفُ أشَدُّ مِنَ الشُّرْبِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: جَلْدُ الزّانِي أشَدُّ مِن جَلْدِ الفِرْيَةِ والخَمْرِ، وجَلْدُ الفِرْيَةِ والخَمْرِ نَحْوٌ واحِدٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب