الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُقاتِلٍ، قالَ: بَلَغَنا - واللَّهُ أعْلَمُ - أنَّ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأنْصارِيَّ حَدَّثَ: أنَّ أسْماءَ بِنْتَ مُرْشِدَةَ كانَتْ في نَخْلٍ لَها في بَنِي حارِثَةَ، (p-٢٢)فَجَعَلَ النِّساءُ يَدْخُلْنَ عَلَيْها غَيْرَ مُؤْتَزِراتٍ، فَيَبْدُو ما في أرْجُلِهِنَّ -يَعْنِي الخَلاخِلَ- ويَبْدُو صُدُورُهُنَّ وذَوائِبُهُنَّ، فَقالَتْ أسْماءُ: ما أقْبَحَ هَذا! فَأنْزَلَ اللَّهُ في ذَلِكَ: ﴿وقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِن أبْصارِهِنَّ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ قالَ: الزِّينَةُ: السِّوارُ والدُّمْلُجُ، والخَلْخالُ، والقُرْطُ، والقِلادَةُ، ﴿إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ: الثِّيابُ والجِلْبابُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: الزِّينَةُ زِينَتانِ: زِينَةٌ ظاهِرَةٌ، وزِينَةٌ باطِنَةٌ لا يَراها إلّا الزَّوْجُ. فَأمّا الزِّينَةُ الظّاهِرَةُ: فالثِّيابُ. وأمّا الزِّينَةُ الباطِنَةُ: فالكُحْلُ والسِّوارُ والخاتَمُ. ولَفْظُ ابْنِ جَرِيرٍ: فالظّاهِرَةُ مِنها: الثِّيابُ. وما خَفِيَ: فالخَلْخالانِ، والقُرْطانِ، والسِّوارَنِ. (p-٢٣)وأخْرَجَ أحْمَدُ، والنَّسائِيُّ، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ أبِي مُوسى، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ««أيُّما امْرَأةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ فَمَرَّتْ عَلى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَها فَهي زانِيَةٌ»» . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أنَسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ: الكُحْلُ والخاتَمُ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ: الكُحْلُ والخاتَمُ والقُرْطُ والقِلادَةُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ: هو خِضابُ الكَفِّ والخاتَمُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قالَ: الزِّينَةُ الظّاهِرَةُ الوَجْهُ والكَفّانِ. (p-٢٤)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ: وجْهُها وكَفّاها والخاتَمُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ: رُقْعَةُ الوَجْهِ، وباطِنُ الكَفِّ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ عائِشَةَ، أنَّها سُئِلَتْ عَنِ الزِّينَةِ الظّاهِرَةِ، فَقالَتِ: القُلْبُ والفَتَخُ، وضَمَّتْ طَرَفَ كُمِّها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ: الوَجْهُ وثَغْرُةُ النَّحْرِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ: الوَجْهُ والكَفُّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَطاءٍ في قَوْلِهِ: ﴿إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ الكَفّانِ والوَجْهُ. (p-٢٥)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ، ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ: المَسَكَتانِ والخاتَمُ والكُحْلُ. قالَ قَتادَةُ: وبَلَغَنِي أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: ««لا يَحِلُّ لِامْرَأةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ أنُ تُخْرِجَ يَدَها إلّا إلى هَهُنا»» وقَبَضَ نِصْفَ الذِّراعِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ: القُلْبَيْنِ -يَعْنِي السِّوارَ- والخاتَمَ والكُحْلَ. وأخْرَجَ سُنَيْدٌ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ: الخاتَمُ والمَسَكَةُ، قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: «وقالَتْ عائِشَةُ: القَلْبُ والفَتَخَةُ. قالَتْ عائِشَةُ: دَخَلَتْ عَلَيَّ ابْنَةُ أخِي لِأُمِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ مُزَيَّنَةً، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ فَأعْرَضَ. فَقالَتْ عائِشَةُ: إنَّها ابْنَةُ أخِي وجارِيَةٌ. فَقالَ: «إذا عَرَكَتِ المَرْأةُ لَمْ يَحِلَّ لَها أنْ تُظْهِرَ إلّا وجْهَها، وإلّا ما دُونَ هَذا» . وقَبَضَ عَلى ذِراعِ نَفْسِهِ، فَتَرَكَ بَيْنَ قَبْضَتِهِ وبَيْنَ الكَفِّ مِثْلَ قَبْضَةٍ أُخْرى» . (p-٢٦)وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والنَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أنَّها كانَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ ومَيْمُونَةُ، فَقالَتْ: بَيْنا نَحْنُ عِنْدَهُ أقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «احْتَجِبا مِنهُ» . فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ألَيْسَ هو أعْمى لا يُبْصِرُنا؟ فَقالَ: «أفَعَمْياوانِ أنْتُما؟! ألَسْتُما تُبْصِرانِهِ»؟!» . وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عائِشَةَ، «أنَّ أسْماءَ بِنْتَ أبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلى النَّبِيِّ ﷺ وعَلَيْها ثِيابٌ رِقاقٌ، فَأعْرَضَ عَنْها وقالَ: «يا أسْماءُ، إنَّ المَرْأةَ إذا بَلَغَتِ المَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أنْ يُرى مِنها إلّا هَذا، وأشارَ إلى وجْهِهِ وكَفِّهِ»» . وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ”مَراسِيلِهِ“، عَنْ قَتادَةَ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: ««إنَّ الجارِيَةَ إذا حاضَتْ لَمْ يَصْلُحْ أنْ يُرى مِنها إلّا وجْهُها ويَداها إلى المِفْصِلِ»» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ﴾ . أخْرَجَ البُخارِيُّ، أبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي (p-٢٧)حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: رَحِمَ اللَّهُ نِساءَ المُهاجِراتِ الأُوَلَ، لَمّا أنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ﴾ أخَذَ النِّساءُ أُزُرَهُنَّ فَشَقَقْنَها مِن قِبَلِ الحَواشِي فاخْتَمَرْنَ بِها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ﴾ شَقَقْنَ أكْتَفَ مُرُوطِهِنَّ فاخْتَمَرْنَ بِهِ. وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وأحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، والطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، والحاكِمُ، وصَحَّحَهُ «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيْها وهي تَخْتَمِرُ فَقالَ: «لَيَّةً لا لَيَّتَيْنِ»» . وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، «عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قالَتْ: بَيْنا نَحْنُ عِنْدَ عائِشَةَ فَذَكَرَتْ نِساءَ قُرَيْشٍ وفَضْلَهُنَّ فَقالَتْ عائِشَةُ: (p-٢٨)إنَّ نِساءَ قُرَيْشٍ لَفُضْلى، وإنِّي –واللَّهِ- ما رَأيْتُ أفْضَلَ مِن نِساءِ الأنْصارِ؛ أشَدَّ تَصْدِيقًا بِكِتابِ اللَّهِ، ولا إيمانًا بِالتَّنْزِيلِ؛ لَقَدْ أُنْزِلَتْ سُورَةُ ”النُّورِ“: ﴿ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ﴾ فانْقَلَبَ رِجالُهُنَّ إلَيْهِنَّ يَتْلُونَ عَلَيْهِنَّ ما أُنْزِلَ إلَيْهِنَّ فِيها، ويَتْلُو الرَّجُلُ عَلى امْرَأتِهِ وبِنْتِهِ وأُخْتِهِ، وعَلى ذِي قَرابَتِهِ، فَما مِنهُنَّ امْرَأةٌ إلّا قامَتْ إلى مِرْطِها فاعْتَجَرَتْ بِهِ تَصْدِيقًا وإيمانًا بِما أنْزَلَ اللَّهُ مِن كِتابِهِ، فَأصْبَحْنَ وراءَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الصُّبْحَ مُعْتَجِراتٍ كَأنَّ عَلى رُؤُوسِهِنَّ الغِرْبانَ» . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عائِشَةَ، أنَّ امْرَأةً دَخَلَتْ عَلَيْها وعَلَيْها خِمارٌ رَقِيقٌ يَشِفُّ جَبِينَها، فَأخَذَتْهُ عائِشَةُ فَشَقَّتْهُ ثُمَّ قالَتْ: ألا تَعْلَمِينَ ما أنْزَلَ اللَّهُ في سُورَةِ ”النُّورِ“؟ فَدَعَتْ لَها بِخِمارٍ فَكَسَتْها إيّاهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿ولْيَضْرِبْنَ﴾ ولْيَشْدُدْنَ، ﴿بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ﴾ يَعْنِي: عَلى النَّحْرِ والصَّدْرِ، فَلا يُرى مِنهُ شَيْءٌ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ”النّاسِخِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: قالَ في سُورَةِ ”النُّورِ“: (p-٢٩)﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا ما ظَهَرَ مِنها ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ﴾ وقالَ: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٩] ثُمَّ اسْتَثْنى فَقالَ: ﴿والقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ﴾ [النور: ٦٠] [النُّورِ: ٦٠] . والمُتَبَرِّجاتُ اللّاتِي يَخْرُجْنَ غَيْرَ نُحُورِهِنَّ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ والزِّينَةُ الظّاهِرَةُ: الوَجْهُ وكُحْلُ العَيْنَيْنِ وخِضابُ الكَفِّ والخاتَمُ. فَهَذا تُظْهِرُهُ في بَيْتِها لِمَن دَخَلَ عَلَيْها، ثُمَّ قالَ: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ أوْ آبائِهِنَّ﴾ الآيَةَ. والزِّينَةُ الَّتِي تُبْدِيها لِهَؤُلاءِ: قُرْطاها وقِلادَتُها وسِوارُها، فَأمّا خَلْخالُها ومِعْضَدُها ونَحْرُها وشَعْرُها فَإنَّها لا تُبْدِيهِ إلّا لِزَوْجِها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ يَعْنِي: ولا يَضَعْنَ الجِلْبابَ؛ وهو القِناعُ، مِن فَوْقِ الخِمارِ، ﴿إلا لِبُعُولَتِهِنَّ أوْ آبائِهِنَّ﴾ الآيَةَ. قالَ: فَهو مُحَرَّمٌ، وكَذَلِكَ العَمُّ والخالُ، ﴿أوْ نِسائِهِنَّ﴾ يَعْنِي نِساءَ المُؤْمِناتِ، ﴿أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ﴾ يَعْنِي عَبْدَ المَرْأةِ. (p-٣٠)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وعِكْرِمَةَ، في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ حَتّى فَرَغَ مِنها. قالَ: لَمْ يَذْكُرِ العَمَّ والخالَ؛ لِأنَّهُما يَنْعَتانِ لِأبْنائِهِما، فَلا تَضَعُ خِمارَها عِنْدَ العَمِّ والخالِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿أوْ نِسائِهِنَّ﴾ قالَ: هُنَّ المُسْلِماتُ، لا تُبْدِيهِ لِيَهُودِيَّةٍ ولا نَصْرانِيَّةٍ، وهو النَّحْرُ والقُرْطُ والوِشاحُ، وما يَحْرُمُ أنْ يَراهُ إلّا مَحْرَمٌ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ مُجاهِدٍ، قالَ: لا تَضَعُ المُسْلِمَةُ خِمارَها عِنْدَ مُشْرِكَةٍ ولا تَقْبَلُها، -أيْ: لا تَكُونُ قابِلَةً لَها- لِأنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿أوْ نِسائِهِنَّ﴾ فَلَسْنَ مِن نِسائِهِنَّ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ، أنَّهُ كَتَبَ إلى أبِي عُبَيْدَةَ: أمّا بَعْدُ، فَإنَّهُ بَلَغَنِي أنَّ نِساءً مِن نِساءِ المُسْلِمِينَ يَدْخُلْنَ الحَمّاماتِ مَعَ نِساءِ أهْلِ الشِّرْكِ، فانْهَ مَن قِبَلَكَ عَنْ ذَلِكَ؛ (p-٣١)لا يَحِلُّ لِامْرَأةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ أنْ يَنْظُرَ إلى عَوْرَتِها إلّا أهْلُ مِلَّتِها. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ﴾ يَعْنِي عَبْدَ المَرْأةِ، لا يَحِلُّ لَها أنْ تَضَعَ جِلْبابَها عِنْدَ عَبْدِ زَوْجِها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لا بَأْسَ أنْ يَرى العَبْدُ شَعَرَ سَيِّدَتِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، قالَ: تَضَعُ المَرْأةُ الجِلْبابَ عِنْدَ المَمْلُوكِ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أنَسٍ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أتى فاطِمَةَ بِعَبْدٍ قَدْ وهَبَهُ لَها، وعَلى فاطِمَةَ ثَوْبٌ إذا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَها لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْها، وإذا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْها لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَها، فَلَمّا رَأى النَّبِيُّ ﷺ ما تَلْقى قالَ: «إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ، إنَّما هو أبُوكِ وغُلامُكِ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأحْمَدُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««إذا (p-٣٢)كانَ لِإحْداكُنَّ مَكاتَبٌ، وكانَ لَهُ ما يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنهُ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ مُجاهِدٍ، قالَ: كانَ العَبِيدُ يَدْخُلُونَ عَلى أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ﴾ قالَ: في القِراءَةِ الأوْلى: (الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِمّا مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ) . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ طاوُسٍ، ومُجاهِدٍ، قالا: لا يَنْظُرُ المَمْلُوكُ إلى شَعَرِ سَيِّدَتِهِ. قالا: وفي بَعْضِ القِراءَةِ: (أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ) . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ عَطاءٍ، أنَّهُ سُئِلَ: هَلْ يَرى غُلامُ المَرْأةِ رَأْسَها وقَدَمَها؟ قالَ: ما أُحِبُّ ذَلِكَ، إلّا أنْ يَكُونَ غُلامًا يَسِيرًا، فَأمّا رَجُلٌ ذُو لِحْيَةٍ فَلا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قالَ: لا تَغُرَّنَّكم هَذِهِ الآيَةُ: (p-٣٣)﴿أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ﴾ إنَّما عُنِيَ بِها الإماءُ، ولَمْ يُعْنَ بِها العَبِيدُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ إبْراهِيمَ قالَ: تَسْتَتِرُ المَرْأةُ مِن غُلامِها. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ﴾ . أخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ﴾ قالَ: هو الَّذِي لا يَسْتَحِي مِنهُ النِّساءُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ﴾ قالَ: هَذا الرَّجُلُ يَتْبَعُ القَوْمَ وهو مُغَفَّلٌ في عَقْلِهِ، لا يَكْتَرِثُ لِلنِّساءِ ولا يَشْتَهِي النِّساءَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ﴾ قالَ: كانَ الرَّجُلُ يَتْبَعُ الرَّجُلَ في الزَّمانِ الأوَّلِ لا يَغارُ عَلَيْهِ، ولا تَرْهَبُ المَرْأةُ أنْ تَضَعَ خِمارَها عِنْدَهُ، وهو الأحْمَقُ الَّذِي لا حاجَةَ لَهُ في النِّساءِ. (p-٣٤)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ طاوُسٍ: ﴿غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ﴾ قالَ: هو الأحْمَقُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ في النِّساءِ إرْبٌ ولا حاجَةٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ ﴿غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ﴾ قالَ: هو الأبْلَهُ الَّذِي لا يَعْرِفُ أمْرَ النِّساءِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ﴾ قالَ: هو المُخَنَّثُ الَّذِي لا يَقُومُ زُبُّهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ﴾ قالَ: هو الشَّيْخُ الكَبِيرُ الَّذِي لا يُطِيقُ النِّساءَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ﴾ هو العِنِّينُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الكَلْبِيِّ: ﴿غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ﴾ قالَ: هو الخَصِيُّ والعِنِّينُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قالَ: هو الَّذِي لا (p-٣٥)يَقُومُ زُبُّهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: هو المَعْتُوهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: هو الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ إرْبُهُ أنْ يَطَّلِعَ عَلى عَوْرَةِ النِّساءِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «كانَ رَجُلٌ يَدْخُلُ عَلى أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ مُخَنَّثٌ، فَكانُوا يَعُدُّونَهُ مِن غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًا وهو عِنْدُ بَعْضِ نِسائِهِ وهو يَنْعَتُ امْرَأةً، قالَ: إذا أقْبَلَتْ أقْبَلَتْ بِأرْبَعٍ، وإذا أدْبَرَتْ أدْبَرَتْ بِثَمانٍ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «ألا أرى هَذا يَعْرِفُ ما هَهُنا، لا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ» فَحَجَبُوهُ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «كانَ يَدْخُلُ عَلى أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ هِيتٌ، وإنَّما كُنَّ يَعْدُدْنَهُ مِن غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ (p-٣٦)ﷺ ذاتُ يَوْمٍ وهو يَنْعَتُ امْرَأةً يَقُولُ: إنَّها إذا أقْبَلَتْ أقْبَلَتْ بِأرْبَعٍ، وإذا أدْبَرَتْ أدْبَرَتْ بِثَمانٍ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ألا أسْمَعُ هَذا يَعْلَمُ ما هَهُنا، لا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ» . فَأخْرَجَهُ، فَكانَ بِالبَيْداءِ يَدْخُلُ كُلَّ جُمْعَةٍ يَسْتَطْعِمُ» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ﴾ قالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَدْرُونَ ما النِّساءُ مِنَ الصِّغَرِ قَبْلَ الحُلُمِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ﴾ قالَ: الغُلامُ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتادَةَ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارِثِ بْنِ هِشامٍ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ المَرْأةِ عَوْرَةٌ حَتّى ظُفُرُها. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ﴾ . (p-٣٧)أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ حَضْرَمِيٍّ، أنَّ امْرَأةً اتَّخَذَتْ بُرَتَيْنِ مِن فِضَّةٍ، واتَّخَذَتْ جَزْعًا، فَمَرَّتْ عَلى قَوْمٍ، فَضَرَبَتْ بِرِجْلِها فَوَقَعَ الخَلْخالُ عَلى الجَزْعِ فَصَوَّتَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولا يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ﴾ وهو أنْ تَقْرَعَ الخَلْخالَ بِالآخَرِ عِنْدَ الرِّجالِ، أوْ يَكُونَ عَلى رِجْلَيْها خَلاخِلُ فَتُحَرِّكُهُنَّ عِنْدَ الرِّجالِ، فَنَهى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأنَّهُ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ: ﴿ولا يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ﴾ قالَ: كانَتِ المَرْأةُ تَضْرِبُ بِرِجْلِها لِيُسْمَعَ قَعْقَعَةُ الخَلْخالِ فِيها، فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ ﴿ولا يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ﴾ قالَ: الخَلْخالُ، نَهى أنْ تَضْرِبَ بِرِجْلِها لِيُسْمَعَ صَوْتُ الخَلْخالِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قالَ: كُنَّ نِساءُ الجاهِلِيَّةِ تَضْرِبُ (p-٣٨)الخَلاخِيلَ الصُّمَّ، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ولا يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي مالِكٍ قالَ: كانَتِ المَرْأةُ تَمُرُّ عَلى المَجْلِسِ في رِجْلِها الخَرَزُ، فَإذا جاوَزَتِ المَجْلِسَ ضَرَبَتْ بِرِجْلِها، فَنَزَلَتْ: ﴿ولا يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: إنَّ المَرْأةَ كانَتْ يَكُونُ في رِجْلِها الخَلْخالُ فِيهِ جَلاجِلُ، فَإذا دَخَلَ عَلَيْها غَرِيبٌ تُحَرِّكُ رِجْلَها عَمْدًا، لِيُسْمَعَ صَوْتُ الخَلْخالِ، فَقالَ: ﴿ولا يَضْرِبْنَ﴾ يَعْنِي: لا يُحَرِّكْنَ أرْجُلَهُنَّ، ﴿لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ﴾ يَعْنِي: لِيَعْلَمَ الغَرِيبُ إذا دَخَلَ عَلَيْها ما تُخْفِي مِن زِينَتِها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ﴿لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ﴾ قالَ: الخَلْخالُ. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««الرّافِلَةُ في الزِّينَةِ في غَيْرِ أهْلِها كَمَثَلِ ظُلْمَةِ يَوْمِ القِيامَةِ، لا نُورَ لَها»» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أيُّهَ المُؤْمِنُونَ﴾ . (p-٣٩)وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ في ”الأدَبِ المُفْرَدِ“، ومُسْلِمٌ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنِ الأغَرِّ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ««يا أيُّها النّاسُ، تُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا، فَإنِّي أتُوبُ إلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ»» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، «عَنْ حُذَيْفَةَ قالَ: كانَ في لِسانِي ذَرَبٌ إلى أهْلِي فَلَمْ أعْدُهُ إلى غَيْرِهِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: «أيْنَ أنْتَ مِنَ الِاسْتِغْفارِ يا حُذَيْفَةُ؟ إنِّي لَأسْتَغْفَرُ اللَّهَ في كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ وأتُوبُ إلَيْهِ»» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنْ أبِي رافِعٍ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ: كَمْ لِلْمُؤْمِنِينَ مِن سِتْرٍ؟ قالَ: «هِيَ أكْثَرُ مِن أنْ تُحْصى، ولَكِنَّ المُؤْمِنَ إذا عَمِلَ خَطِيئَةً هَتَكَ مِنها سِتْرًا، فَإذا تابَ رَجَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ السِّتْرُ وتِسْعَةٌ مَعَهُ، وإذا لَمْ يَتُبْ هَتَكَ عَنْهُ مِنها سِتْرًا واحِدًا، حَتّى إذا لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنها شَيْءٌ، قالَ اللَّهُ تَعالى لِمَن شاءَ مِن مَلائِكَتِهِ: إنَّ (p-٤٠)بَنِي آدَمَ يُعَيَّرُونَ ولا يَغْفِرُونَ، فَحُفُّوهُ بِأجْنِحَتِكُمْ، فَيَفْعَلُونَ بِهِ ذَلِكَ، فَإنْ تابَ رَجَعَتْ إلَيْهِ الأسْتارُ كُلُّها، وإذا لَمْ يَتُبْ عَجِبَ مِنهُ المَلائِكَةُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهم: أسْلِمُوهُ، فَيُسْلِمُوهُ حَتّى لا يُسْتَرَ مِنهُ عَوْرَةٌ»» . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ««النَّدَمُ تَوْبَةٌ»» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ في ”التّارِيخِ“، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ حِبّانَ، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“، وأبُو نُعَيْمٍ في ”الحِلْيَةِ“، والحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ««النَّدَمُ تَوْبَةٌ»» . وأخْرَجَ ابْنُ حِبّانَ، والدّارَقُطْنِيُّ في ”الأفْرادِ“، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“، والضِّياءُ في ”المُخْتارَةِ“، والحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أنَسٍ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ««النَّدَمُ تَوْبَةٌ»» . (p-٤١)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَزْنِي بِالمَرْأةِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُها، فَقالَ: أوَّلُهُ سِفاحٌ، وآخِرُهُ نِكاحٌ، وتَوْبَتُهُما جَمِيعًا أحَبُّ إلَيَّ مِن تَوْبَتِهِما إلَيَّ مُتَفَرِّقِينَ، إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿وتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أيُّهَ المُؤْمِنُونَ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب