الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنكُمْ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ﴾ يَقُولُ: لا تُقْسِمُوا ألّا تَنْفَعُوا أحَدًا. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: كانَ مِسْطَحُ بْنُ أُثاثَةَ مِمَّنْ تَوَلّى كِبْرَهُ مِن أهْلِ الأفْكِ، وكانَ قَرِيبًا لِأبِي بَكْرٍ، وكانَ في عَيّالِهِ فَحَلَفَ أبُو بَكْرٍ ألّا يُنِيلَهُ خَيْرًا أبَدًا، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنكم والسَّعَةِ﴾ الآيَةَ قالَتْ: فَأعادَهُ أبُو بَكْرٍ إلى عِيالِهِ وقالَ: لا أحْلِفُ عَلى يَمِينٍ فَأرى غَيْرَها خَيْرًا مِنها إلّا تَحَلَّلْتُها وأتَيْتُ الَّذِي هو خَيْرٌ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ «فِي قَوْلِهِ: ﴿ولا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنكُمْ﴾ الآيَةَ (p-٧٠٥)قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في رَجُلٍ مِن قُرَيْشٍ يُقالُ لَهُ: مِسْطَحٌ. كانَ بَيْنَهُ وبَيْنَ أبِي بَكْرٍ قَرابَةً، وكانَ يَتِيمًا في حِجْرِهِ، وكانَ فِيمَن أذاعَ عَلى عائِشَةَ ما أذاعَ، فَلَمّا أنْزَلَ اللَّهُ بَراءَتَها وعُذْرَها تَألّى أبُو بَكْرٍ لا يَرْزَؤُهُ خَيْرًا، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ،، فَذُكِرَ لَنا أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ دَعا أبا بَكْرٍ فَتَلاها عَلَيْهِ، فَقالَ: ألا تُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكَ؟ قالَ: بَلى. قالَ: فاعْفُ عَنْهُ وتَجاوَزْ. فَقالَ أبُو بَكْرٍ: لا جَرَمَ، واللَّهِ لا أمْنَعُهُ مَعْرُوفًا كُنْتُ أُولِيهِ قَبْلَ اليَوْمِ» . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الحَسَنِ قالَ: كانَ ذُو قَرابَةٍ لِأبِي بَكْرٍ مِمَّنْ كَثُرَ عَلى عائِشَةَ، فَحَلَفَ أبُو بَكْرٍ لا يَصِلُهُ بِشَيْءٍ، وقَدْ كانَ يَصِلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ولا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنكم والسَّعَةِ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ، فَصارَ أبُو بَكْرٍ يُضَعِّفُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَما نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ضِعْفَيْ ما كانَ يُعْطِيهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُقاتِلِ بْنِ حَيّانَ قالَ: حَلَفَ أبُو بَكْرٍ لا يَنْفَعُ مِسْطَحَ بْنَ أثاثَةَ ولا يَصِلُهُ، وكانَ بَيْنَهُ وبَيْنَ أبِي بَكْرٍ قَرابَةٌ مِن قِبَلِ النِّساءِ، فَأقْبَلَ إلى أبِي بَكْرٍ يَعْتَذِرُ. فَقالَ مِسْطَحٌ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِداكَ، واللَّهِ الَّذِي أنْزَلَ عَلى مُحَمَّدٍ ما قَذَفْتُها وما تَكَلَّمْتُ بِشَيْءٍ مِمّا قِيلَ لَها أيْ خالِي - وكانَ أبُو بَكْرٍ خالَهُ - قالَ أبُو بَكْرٍ: ولَكِنْ قَدْ ضَحِكْتَ وأعْجَبَكَ الَّذِي قِيلَ فِيها قالَ: لَعَلَّهُ يَكُونُ قَدْ كانَ (p-٧٠٦)بَعْضُ ذَلِكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ في شَأْنِهِ: ﴿ولا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قالَ: حَلَفَ أبُو بَكْرٍ في يَتِيمَيْنِ كانا في حِجْرِهِ، كانا فِيمَن خاضَ في أمْرِ عائِشَةَ، أحَدُهُما مِسْطَحُ بْنُ أُثاثَةَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، فَحِلَفَ لا يَصِلُهُما ولا يُصِيبانِ مِنهُ خَيْرًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ولا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنكم والسَّعَةِ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنكم والسَّعَةِ﴾ الآيَةَ قالَ: كانَ ناسٌ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَدْ رَمَوْا عائِشَةَ بِالقَبِيحِ، وأفْشَوْا ذَلِكَ وتَكَلَّمُوا فِيها، فَأقْسَمَ ناسٌ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنهم أبُو بَكْرٍ ألا يَتَصَدَّقُوا عَلى رَجُلٍ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ مِن هَذا ولا يَصِلُوهُ، فَقالَ: لا يُقْسِمُ أُولُوا الفَضْلِ مِنكم والسَّعَةِ أنْ يَصِلُوا أرْحامَهُمْ، وأنْ يُعْطُوهم مِن أمْوالِهِمْ كالَّذِي كانُوا يَفْعَلُونَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَأمَرَ اللَّهُ أنْ يَغْفِرَ لَهم وأنْ يُعْفى عَنْهم. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، والخَرائِطِيُّ في ”مَكارِمِ الأخْلاقِ“ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ أبِي سَلَمَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ما نَقَصَ مالٌ مِن صَدَقَةٍ قَطُّ، فَتَصَدَّقُوا، ولا عَفا رَجُلٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ إلّا زادَهُ اللَّهُ عِزًّا، فاعْفُوا يُعِزَّكُمُ اللَّهُ ولا فَتْحَ رَجُلٌ عَلى نَفْسِهِ مَسْألَةٍ لِيَسْألَ النّاسَ، إلّا فَتَحَ اللَّهُ لَهُ بابَ فَقْرٍ، ألا (p-٧٠٧)إنَّ العِفَّةَ خَيْرٌ» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في ”ذَمِّ الغَضَبِ“ والخَرائِطِيُّ في ”مَكارِمِ الأخْلاقِ“ والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ «عَنْ أبِي ماجِدٍ الحَنَفِيِّ قالَ: رَأيْتُ عَبْدَ اللَّهِ أتاهُ رَجُلٌ بِرَجُلٍ نَشْوانَ، فَأقامَ عَلَيْهِ الحَدَّ، ثُمَّ قالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي جاءَ بِهِ: ما أنْتَ مِنهُ؟ قالَ: عَمُّهُ، قالَ: ما أحْسَنْتَ الأدَبَ ولا سَتَرْتَ: ﴿ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا ألا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ الآيَةَ ثُمَّ قالَ عَبْدُ اللَّهِ: إنِّي لَأذْكُرُ أوَّلَ رَجُلٍ قَطَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ؛ أُتِيَ بِرَجُلٍ فَلَمّا أمَرَ بِهِ لِيَقْطَعَ يَدَهُ كَأنَّما سُفَّ وجْهُهُ رَمادًا، فَقِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، كَأنَّ هَذا شَقَّ عَلَيْكَ. قالَ: لا يَنْبَغِي أنْ تَكُونُوا لِلشَّيْطانِ عَوْنًا عَلى أخِيكُمْ، فَإنَّهُ لا يَنْبَغِي لِلْحاكِمِ إذا انْتَهى إلَيْهِ حَدٌّ إلّا أنْ يُقِيمَهُ وإنَّ اللَّهَ عَفُوٌّ يُحِبُّ العَفْوَ. ثُمَّ قَرَأ: ﴿ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا ألا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [النور»: ٢٢] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب