الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ﴾ الآياتِ. أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في ”المَصاحِفِ“، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ قالَ: كانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقْرَأُ: ( وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ ولا مُحَدَّثٍ ) . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْراهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قالَ: إنَّ فِيما أنْزَلَ اللَّهُ: ( وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ ولا مُحَدَّثٍ ) فَنُسِخَتْ ( مُحَدَّثٍ ) والمُحَدَّثُونَ: صاحِبُ يس ولُقْمانُ، ومُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وصاحِبُ مُوسى. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: النَّبِيُّ وحْدَهُ الَّذِي يُكَلَّمُ ويُنْزَلُ عَلَيْهِ ولا يُرْسَلُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، مِن طَرِيقِ السُّدِّيِّ، عَنْ أبِي صالِحٍ قالَ: «قامَ (p-٥٢٥)رَسُولُ اللَّهِ ﷺ - فَقالَ المُشْرِكُونَ: إنْ ذَكَرَ آلِهَتَنا بِخَيْرٍ ذَكَرْنا آلِهَتَهُ بِخَيْرٍ فَألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ: أفَرَأيْتُمُ اللّاتَ والعُزّى ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى إنَّهُنَّ لَفي الغَرانِيقِ العُلى وإنَّ شَفاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجى، قالَ: فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إلا إذا تَمَنّى ألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ﴾ الآيَةَ، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أُمْنِيَّتُهُ أنْ يُسْلِمَ قَوْمُهُ» . وأخْرَجَ البَزّارُ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والضِّياءُ في ”المُخْتارَةِ“ بِسَنَدٍ رِجالُهُ ثِقاتٌ، مِن طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأ: أفَرَأيْتُمُ اللّاتَ والعُزّى ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلى، وإنَّ شَفاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجى. فَفَرِحَ المُشْرِكُونَ بِذَلِكَ وقالُوا: قَدْ ذَكَرَ آلِهَتَنا، فَجاءَهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: اقْرَأْ عَلَيَّ ما جِئْتُكَ بِهِ، فَقَرَأ: أفَرَأيْتُمُ اللّاتَ والعُزّى ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلى، وإنَّ شَفاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجى، فَقالَ: ما أتَيْتُكَ بِهَذا، هَذا مِنَ الشَّيْطانِ.، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إلا إذا تَمَنّى﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ (p-٥٢٦)سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: «قَرَأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَكَّةَ النَّجْمَ فَلَمّا بَلَغَ هَذا المَوْضِعَ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] [ النَّجْمِ: ١٩، ٢٠ ] ألْقى الشَّيْطانُ عَلى لِسانِهِ: تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلى وإنَّ شَفاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجى، قالُوا: ما ذَكَرَ آلِهَتَنا بِخَيْرٍ قَبْلَ اليَوْمِ، فَسَجَدَ وسَجَدُوا، ثُمَّ جاءَهُ جِبْرِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقالَ: اعْرِضْ عَلَيَّ ما جِئْتُكَ بِهِ، فَلَمّا بَلَغَ: تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلى، وإنَّ شَفاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجى، قالَ لَهُ جِبْرِيلُ: لَمْ آتِكَ بِهَذا، هَذا مِنَ الشَّيْطانِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إلا إذا تَمَنّى﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَيْنَما هو يُصَلِّي إذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ قِصَّةُ آلِهَةِ العَرَبِ، فَجَعَلَ يَتْلُوها، فَسَمِعَهُ المُشْرِكُونَ فَقالُوا: إنّا نَسْمَعُهُ يَذْكُرُ آلِهَتَنا بِخَيْرٍ. فَدَنَوْا مِنهُ فَبَيْنَما هو يَتْلُوها وهو يَقُولُ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] ألْقى الشَّيْطانُ: إنَّ تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلى مِنها الشَّفاعَةُ تُرْتَجى، فَعَلِقَ يَتْلُوها فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَنَسَخَها ثُمَّ قالَ لَهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إلا إذا تَمَنّى﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿حَكِيمٌ﴾ [الحج»: ٥٢] . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ومِن طَرِيقِ أبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ وأيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ومِن طَرِيقِ (p-٥٢٧)سُلَيْمانَ التَّيْمِيِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأ سُورَةَ ”النَّجْمِ“ وهو بِمَكَّةَ، فَأتى عَلى هَذِهِ الآيَةِ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] فَألْقى الشَّيْطانُ عَلى لِسانِهِ: إنَّهُنَّ الغَرانِيقُ العُلى، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ: حَدَّثَنِي أبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارِثِ: «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وهو بِمَكَّةَ قَرَأ سُورَةَ عَلَيْهِمُ ”النَّجْمَ“ فَلَمّا بَلَغَ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] قالَ: إنَّ شَفاعَتَهُنَّ تُرْتَجى، وسَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ - فَفَرِحَ المُشْرِكُونَ بِذَلِكَ فَقالَ: ألا إنَّما كانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطانِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إلا إذا تَمَنّى ألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ﴾ حَتّى بَلَغَ: ﴿عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ [الحج»: ٥٥] مُرْسَلٌ صَحِيحُ الإسْنادِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ مُوسى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ قالَ: «لَمّا أُنْزِلَتْ سُورَةُ ”النَّجْمِ“ وكانَ المُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَوْ كانَ هَذا الرَّجُلُ يَذْكُرُ آلِهَتَنا بِخَيْرٍ أقْرَرْناهُ وأصْحابَهُ، ولَكِنْ لا يَذْكُرُ مَن خالَفَ دِينَهُ مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى بِمِثْلِ الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَنا مِنَ الشَّتْمِ والشَّرِّ، وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ ما نالَهُ وأصْحابَهُ مِن أذاهم وتَكْذِيبِهِمْ وأحْزَنَهُ ضَلالَتُهُمْ، فَكانَ يَتَمَنّى هُداهُمْ، فَلَمّا أنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ ”النَّجْمِ“ قالَ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] (p-٥٢٨)ألْقى الشَّيْطانُ عِنْدَها كَلِماتٍ حِينَ ذَكَرَ الطَّواغِيتَ فَقالَ: وإنَّهُنَّ لَهُنَّ الغَرانِيقُ العُلى، وإنَّ شَفاعَتَهُنَّ لَهي الَّتِي تُرْتَجى، فَكانَ ذَلِكَ مِن سَجْعِ الشَّيْطانِ وفِتْنَتِهِ، فَوَقَعَتْ هاتانِ الكَلِمَتانِ في قَلْبِ كُلِّ مُشْرِكٍ بِمَكَّةَ، وذَلَّتْ بِها ألْسِنَتُهم وتَباشَرُوا بِها وقالُوا: إنَّ مُحَمَّدًا قَدْ رَجَعَ إلى دِينِهِ الأوَّلِ ودِينِ قَوْمِهِ، فَلَمّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ آخِرَ ”النَّجْمِ“ سَجَدَ وسَجَدَ كُلُّ مَن حَضَرَ مِن مُسْلِمٍ ومُشْرِكٍ، فَفَشَتْ تِلْكَ الكَلِمَةُ في النّاسِ وأظْهَرَها الشَّيْطانُ حَتّى بَلَغَتْ أرْضَ الحَبَشَةِ،، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إلا إذا تَمَنّى﴾ الآياتِ، فَلَمّا بَيَّنَ اللَّهُ قَضاءَهُ وبَرَّأهُ مِن سَجْعِ الشَّيْطانِ انْقَلَبَ المُشْرِكُونَ بِضَلالَتِهِمْ وعَداوَتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ واشْتَدُّوا عَلَيْهِ» . وأخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“ عَنْ مُوسى بْنِ عُقْبَةَ ولَمْ يَذْكُرِ ابْنَ شِهابٍ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ عُرْوَةَ مِثْلَهُ سَواءً. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، ومُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قالا: «جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في نادٍ مِن أنْدِيَةِ قُرَيْشٍ كَثِيرٍ أهْلُهُ، فَتَمَنّى يَوْمَئِذَ أنْ لا يَأْتِيَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْءٌ، فَيَتَفَرَّقُونَ عَنْهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى﴾ [النجم: ١] فَقَرَأها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتّى بَلَغَ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] . (p-٥٢٩)ألْقى الشَّيْطانُ كَلِمَتَيْنِ: تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلى، وإنَّ شَفاعَتَهُنَّ تُرْتَجى، فَتَكَلَّمَ بِها ثُمَّ مَضى فَقَرَأ السُّورَةَ كُلَّها، ثُمَّ سَجَدَ في آخِرِ السُّورَةِ وسَجَدَ القَوْمُ جَمِيعًا مَعَهُ، ورَضُوا بِما تَكَلَّمَ بِهِ، فَلَمّا أمْسى أتاهُ جِبْرِيلُ فَعَرَضَ عَلَيْهِ السُّورَةَ، فَلَمّا بَلَغَ الكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ألْقى الشَّيْطانُ عَلَيْهِ قالَ: ما جِئْتُكَ بِهاتَيْنِ الكَلِمَتَيْنِ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ: ﷺ: افْتَرَيْتُ عَلى اللَّهِ وقُلْتُ ما لَمْ يَقُلْ ! فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: ﴿وإنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ﴾ [الإسراء: ٧٣] إلى قَوْلِهِ: ﴿نَصِيرًا﴾ [الإسراء: ٧٥] [ الإسْراءِ: ٧٣ - ٧٥ ] فَما زالَ مَغْمُومًا مَهْمُومًا مِن شَأْنِ الكَلِمَتَيْنِ حَتّى نَزَلَتْ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ﴾ الآيَةَ، فَسُرَّ عَنْهُ وطابَتْ نَفْسُهُ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحّاكِ: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ وهو بِمَكَّةَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ في آلِهَةِ العَرَبِ، فَجَعَلَ يَتْلُو ( ﴿اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ) ويُكْثِرُ تَرْدِيدَها، فَسَمِعَهُ أهْلُ مَكَّةَ يَذْكُرُ آلِهَتَهم فَفَرِحُوا بِذَلِكَ ودَنَوْا يَسْتَمِعُوا، فَألْقى الشَّيْطانُ في تِلاوَتِهِ: تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلى مِنها الشَّفاعَةُ تُرْتَجى. فَقَرَأها النَّبِيُّ ﷺ كَذَلِكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿حَكِيمٌ﴾ [الحج»: ٥٢] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ قالَ: «قالَ المُشْرِكُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: لَوْ ذَكَرْتَ آلِهَتَنا في قَوْلِكَ قَعَدْنا مَعَكَ؛ فَإنَّهُ لَيْسَ مَعَكَ إلّا أراذِلُ النّاسِ وضُعَفاؤُهُمْ، فَكانُوا إذا رَأوْنا عِنْدَكَ تَحَدَّثَ النّاسُ بِذَلِكَ فَأتَوْكَ، فَقامَ يُصَلِّي فَقَرَأ: ﴿والنَّجْمِ﴾ [النجم: ١] حَتّى بَلَغَ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] (p-٥٣٠)تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلى وشَفاعَتُهُنَّ تُرْتَجى، ومِثْلُهُنَّ لا يَنْسى. فَلَمّا فَرَغَ مِن خَتْمِ السُّورَةِ سَجَدَ وسَجَدَ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ، وبَلَغَ الحَبَشَةَ أنَّ النّاسَ قَدْ أسْلَمُوا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ [الحج»: ٥٥] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي العالِيَةِ قالَ: «نَزَلَتْ سُورَةُ ”النَّجْمِ“ بِمَكَّةَ فَقالَتْ قُرَيْشٌ: يا مُحَمَّدُ، إنَّهُ يُجالِسُكَ الفُقَراءُ والمَساكِينُ ويَأْتِيكَ النّاسُ مِن أقْطارِ الأرْضِ، فَإنْ ذَكَرْتَ آلِهَتَنا بِخَيْرٍ جالَسْناكَ، فَقَرَأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سُورَةَ: ”النَّجْمِ“ فَلَمّا أتى عَلى هَذِهِ الآيَةِ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] [النَّجْمِ: ١٩، ٢٠ ] ألْقى الشَّيْطانُ عَلى لِسانِهِ: وهي الغَرانِيقُ العُلى شَفاعَتُهُنَّ تُرْتَجى، فَلَمّا فَرَغَ مِنَ السُّورَةِ سَجَدَ وسَجَدَ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ إلّا أبا أُحَيْحَةَ سَعِيدَ بْنَ العاصِ؛ فَإنَّهُ أخَذَ كَفًّا مِن تُرابٍ فَسَجَدَ عَلَيْها وقالَ: قَدْ آنَ لِابْنِ أبِي كَبْشَةَ أنْ يَذْكُرَ آلِهَتَنا بِخَيْرٍ. فَبَلَغَ ذَلِكَ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ كانُوا بِالحَبَشَةِ؛ أنَّ قُرَيْشًا قَدْ أسْلَمَتْ، فَأرادُوا أنْ يُقْبِلُوا، واشْتَدَّ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وعَلى أصْحابِهِ ما ألْقى الشَّيْطانُ عَلى لِسانِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: «بَيْنا نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي عِنْدَ المَقامِ إذْ (p-٥٣١)نَعَسَ، فَألْقى الشَّيْطانُ عَلى لِسانِهِ كَلِمَةً فَتَكَلَّمَ بِها وتَعَلَّقَها بِها المُشْرِكُونَ عَلَيْهِ فَقالَ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] فَألْقى الشَّيْطانُ عَلى لِسانِهِ ونَعَسَ: وإنَّ شَفاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجى، وإنَّها لَمَعَ الغَرانِيقِ العُلى، فَحَفِظَها المُشْرِكُونَ، وأخْبَرَهُمُ الشَّيْطانُ: أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَدْ قَرَأها فَذَلَّتْ بِها ألْسِنَتُهم فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ﴾ الآيَةَ، فَدَحَرَ اللَّهُ الشَّيْطانَ ولَقَّنَ نَبِيَّهُ حُجَّتَهُ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ: «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأ ”النَّجْمَ“ فَألْقى الشَّيْطانُ عَلى فِيهِ تِلْكَ الكَلِماتِ، فَسَجَدَ المُسْلِمُونَ جَمِيعًا، ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ ما ألْقى الشَّيْطانُ عَلى فِيهِ وأحْكَمَ آياتِهِ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: «قَرَأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذاتَ يَوْمٍ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] ﴿ألَكُمُ الذَّكَرُ ولَهُ الأُنْثى﴾ [النجم: ٢١] ﴿تِلْكَ إذًا قِسْمَةٌ ضِيزى﴾ [النجم: ٢٢] [ النَّجْمِ ١٩ – ٢٢ ] فَألْقى الشَّيْطانُ عَلى لِسانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تِلْكَ إذَنْ في الغَرانِيقِ العُلى تِلْكَ إذَنْ شَفاعَةٌ تُرْتَجى. فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وجَزِعَ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: ﴿وكَمْ مِن مَلَكٍ في السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهم شَيْئًا﴾ [النجم: ٢٦] [ النَّجْمِ: ٢٦ ] ثُمَّ أوْحى إلَيْهِ فَفَرَّجَ عَنْهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إلا إذا تَمَنّى ألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿حَكِيمٌ﴾ [الحج»: ٥٢] . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ إلى المَسْجِدِ يُصَلِّي فَبَيْنَما هو يَقْرَأُ إذْ قالَ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] . (p-٥٣٢)فَألْقى الشَّيْطانُ عَلى لِسانِهِ فَقالَ: تِلْكَ الغَرانِقَةُ العُلى، وإنَّ شَفاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجى حَتّى إذا بَلَغَ آخِرَ السُّورَةِ سَجَدَ وسَجَدَ أصْحابُهُ، وسَجَدَ المُشْرِكُونَ لِذِكْرِ آلِهَتِهِمْ، فَلَمّا رَفَعَ رَأْسَهُ حَمَلُوهُ فاشْتَدُّوا بِهِ بَيْنَ قُطْرَيْ مَكَّةَ يَقُولُونَ: نَبِيُّ بَنِي عَبْدِ مَنافٍ. حَتّى إذا جاءَهُ جِبْرِيلُ عَرَضَ عَلَيْهِ فَقَرَأ ذَيْنِكَ الحَرْفَيْنِ، فَقالَ جِبْرِيلُ مَعاذَ اللَّهِ أنْ أكُونَ أقْرَأْتُكَ هَذا! فاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَأنْزَلَ اللَّهُ وطَيَّبَ نَفْسَهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ﴾ الآياتِ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿إذا تَمَنّى ألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ﴾ يَقُولُ: إذا حَدَّثَ ألْقى الشَّيْطانُ في حَدِيثِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿إذا تَمَنّى﴾ يَعْنِي بِالتَّمَنِّي التِّلاوَةَ والقِراءَةَ: ﴿ألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ﴾ في تِلاوَةِ النَّبِيِّ ﷺ: ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ﴾ يَنْسَخُ جِبْرِيلُ بِأمْرِ اللَّهِ ما ألْقى الشَّيْطانُ عَلى لِسانِ النَّبِيِّ ﷺ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿إذا تَمَنّى﴾ قالَ: تَكَلَّمَ ( في أُمْنِيَّتِهِ ) قالَ: كَلامِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ قالَ: المُنافِقُونَ: ﴿والقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ يَعْنِي المُشْرِكِينَ، (p-٥٣٣)﴿ولِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أنَّهُ الحَقُّ﴾ قالَ: القُرْآنَ، ﴿ولا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا في مِرْيَةٍ مِنهُ﴾ قالَ: مِنَ القُرْآنِ: ﴿عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ قالَ: لَيْسَ مَعَهُ لَيْلٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ: ﴿فِي مِرْيَةٍ مِنهُ﴾ قالَ: مِمّا جاءَ بِهِ الخَبِيثُ إبْلِيسُ، لا يَخْرُجُ مِن قُلُوبِهِمْ زادَهم ضَلالَةً. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ والضِّياءُ في ”المُخْتارَةِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ قالَ: يَوْمُ بَدْرٍ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: أرْبَعٌ كُنَّ يَوْمَ بَدْرٍ: ﴿أوْ يَأْتِيَهم عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ ذاكَ يَوْمُ بَدْرٍ: ﴿فَسَوْفَ يَكُونُ لِزامًا﴾ [الفرقان: ٧٧] [ الفُرْقانِ: ٧٧ ] ذاكَ يَوْمُ بَدْرٍ: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرى﴾ [الدخان: ١٦] [ الدُّخانِ: ١٦ ] ذاكَ يَوْمُ بَدْرٍ: ﴿ولَنُذِيقَنَّهم مِنَ العَذابِ الأدْنى دُونَ العَذابِ الأكْبَرِ﴾ [السجدة: ٢١] [السَّجْدَةِ: ٢١ ] ذاكَ يَوْمُ بَدْرٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ قالَ: يَوْمُ بَدْرٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ قالَ: يَوْمُ القِيامَةِ لا لَيْلَةَ لَهُ. (p-٥٣٤)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ مِثْلَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب