الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿لا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ﴾ قالَ: بِعِبادِهِ: ﴿وهم يُسْألُونَ﴾ قالَ: عَنْ أعْمالِهِمْ. (p-٢٨٠)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿لا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ وهم يُسْألُونَ﴾ قالَ: لا يُسْألُ الخَلّاقُ عَمّا يَقْضِي في خَلْقِهِ، والخُلْقُ مَسْؤُولُونَ عَنْ أعْمالِهِمْ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ما في الأرْضِ قَوْمٌ أبْغَضَ إلَيَّ مِنَ القَدَرِيَّةِ؛ وما ذَلِكَ إلّا لِأنَّهم لا يَعْلَمُونَ قُدْرَةَ اللَّهِ، قالَ اللَّهُ: ﴿لا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ وهم يُسْألُونَ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ في بَعْضِ ما أنْزَلَ اللَّهُ في الكُتُبِ: إنِّي أنا اللَّهُ لا إلَهَ إلّا أنا قَدَّرْتُ الخَيْرَ والشَّرَّ، فَطُوبى لِمَن قَدَّرْتُ عَلى يَدَيْهِ الخَيْرَ ويَسَّرْتُهُ لَهُ، ووَيْلٌ لِمَن قَدَّرْتُ عَلى يَدَيْهِ الشَّرَّ ويَسَّرْتُهُ لَهُ، إنِّي أنا اللَّهُ لا إلَهَ إلّا أنا، لا أُسْألُ عَمّا أفْعَلُ وهم يُسْألُونَ، فَوَيْلٌ لِمَن قالَ: وكَيْفَ وكَيْفَ»؟ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ (p-٢٨١)مِهْرانَ قالَ: لَمّا بَعَثَ اللَّهُ مُوسى وكَلَّمَهُ وأنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْراةَ قالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ رَبٌّ عَظِيمٌ، لَوْ شِئْتَ أنْ تُطاعَ لَأُطِعْتَ، ولَوْ شِئْتَ أنْ لا تُعْصى ما عُصِيتَ، وأنْتَ تُحِبُّ أنْ تُطاعَ وأنْتَ في ذَلِكَ تُعْصى، فَكَيْفَ هَذا يا رَبِّ؟ فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: إنِّي لا أُسْألُ عَمّا أفْعَلُ وهم يُسْألُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ عَنْ نُوفٍ البِكالِيِّ قالَ: قالَ عُزَيْرٌ فِيما يُناجِي رَبَّهُ: يا رَبِّ تَخْلُقُ خَلْقًا تُضِلُّ مَن تَشاءُ وتَهْدِي مَن تَشاءُ ! فَقِيلَ لَهُ: يا عُزَيْرٌ، أعْرِضْ عَنْ هَذا، فَأعادَ فَقِيلَ لَهُ: لَتُعْرِضَنَّ عَنْ هَذا أوْ لَأمْحُوَنَّكَ مِنَ النُّبُوَّةِ، إنِّي لا أُسْألُ عَمّا أفْعَلُ وهم يُسْألُونَ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ داوُدَ بْنِ أبِي هِنْدٍ، أنَّ عُزَيْرًا سَألَ رَبَّهُ عَنِ القَدَرِ فَقالَ: سَألْتَنِي عَنْ عِلْمِي عُقُوبَتُكَ ألّا أُسَمِّيَكَ في الأنْبِياءِ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ مِن طَرِيقِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرانَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا بَعَثَ اللَّهُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ وأنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْراةَ قالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ رَبٌّ عَظِيمٌ، ولَوْ شِئْتَ أنْ تُطاعَ لَأُطِعْتَ، ولَوْ شِئْتَ ألّا تُعْصى ما عُصِيتَ، وأنْتَ تُحِبُّ أنْ تُطاعَ وأنْتَ في ذَلِكَ تُعْصى، فَكَيْفَ هَذا يا رَبِّ؟ فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: إنِّي لا أُسْألُ عَمّا أفْعَلُ وهم يُسْألُونَ، فانْتَهى مُوسى، فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ عُزَيْرًا، وأنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْراةَ بَعْدَ ما كانَ رَفَعَها عَنْ بَنِي إسْرائِيلَ، حَتّى قالَ مَن قالَ: إنَّهُ ابْنُ اللَّهِ. قالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ (p-٢٨٢)رَبٌّ عَظِيمٌ، ولَوْ شِئْتَ أنْ تُطاعَ لَأُطِعْتَ، ولَوْ شِئْتَ ألّا تُعْصى ما عُصِيتَ وإنَّكَ تُحِبُّ أنْ تُطاعَ، وأنْتَ في ذَلِكَ تُعْصى، فَكَيْفَ يا رَبِّ؟ فَأوْحى اللَّهُ تَعالى إلَيْهِ: إنِّي لا أُسْألُ عَمّا أفْعَلُ وهم يُسْألُونَ، فَأبَتْ نَفْسُهُ حَتّى سَألَ أيْضًا، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: إنِّي لا أُسْألُ عَمّا أفْعَلُ وهم يُسْألُونَ، فَأبَتْ نَفْسُهُ حَتّى سَألَ أيْضًا فَقالَ: أتَسْتَطِيعُ أنْ تَصُرَّ صَرَّةً مِنَ الشَّمْسِ؟ قالَ: لا، قالَ: أفَتَسْتَطِيعُ أنْ تَجِيءَ بِمِكْيالٍ مِن رِيحٍ؟ قالَ: لا، قالَ: أفَتَسْتَطِيعُ أنْ تَجِيءَ بِمِثْقالٍ مِن نُورٍ؟ قالَ: لا، قالَ: أفَتَسْتَطِيعُ أنْ تَجِيءَ بِقِيراطٍ مِن نُورٍ؟ قالَ: لا، قالَ: فَهَكَذا لا تَقْدِرُ عَلى الَّذِي سَألْتَ، إنِّي لا أُسْألُ عَمّا أفْعَلُ وهم يُسْألُونَ، أما إنِّي لا أجْعَلُ عُقُوبَتَكَ إلّا أنْ أمْحُوَ اسْمَكَ مِنَ الأنْبِياءِ فَلا تُذْكَرَ فِيهِمْ، فَمُحِيَ اسْمُهُ مِنَ الأنْبِياءِ، فَلَيْسَ يُذْكَرُ فِيهِمْ وهو نَبِيٌّ. فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ عِيسى ورَأى مَنزِلَتَهُ مِن رَبِّهِ وعَلَّمَهُ الكِتابَ والحِكْمَةَ والتَّوْراةَ والإنْجِيلَ، ويُبْرِئُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ، ويُحْيِي المَوْتى، قالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ رَبٌّ عَظِيمٌ لَوْ شِئْتَ أنْ تُطاعَ لَأُطِعْتَ، ولَوْ شِئْتَ ألّا تُعْصى ما عُصِيتَ وأنْتَ تُحِبُّ أنْ تُطاعَ، وأنْتَ في ذَلِكَ تُعْصى، فَكَيْفَ هَذا يا رَبِّ؟ فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: إنِّي لا أُسْألُ عَمّا أفْعَلُ وهم يُسْألُونَ، وأنْتَ عَبْدِي ورَسُولِي وكَلِمَتِي ألْقَيْتُكَ إلى مَرْيَمَ، ورُوحٌ مِنِّي، خَلَقْتُكَ مِن تُرابٍ، ثُمَّ قُلْتُ لَكَ: كُنْ. فَكُنْتَ، لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأفْعَلَنَّ بِكَ كَما فَعَلْتُ بِصاحِبِكَ بَيْنَ يَدَيْكَ؛ إنِّي لا أُسْألُ عَمّا أفْعَلُ وهم (p-٢٨٣)يُسْألُونَ، فَجَمَعَ عِيسى مَن تَبِعَهُ وقالَ: القَدَرُ سِرُّ اللَّهِ فَلا تَكَلَّفُوهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب