الباحث القرآني

(p-٤٤٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقالُوا لَنْ تَمَسَّنا النّارُ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ والواحِدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ يَهُودَ كانُوا يَقُولُونَ: مُدَّةُ الدُّنْيا سَبْعَةُ آلافِ سَنَةٍ، وإنَّما نُعَذَّبُ لِكُلِّ ألْفِ سَنَةٍ مِن أيّامِ الدُّنْيا يَوْمًا واحِدًا في النّارِ، وإنَّما هي سَبْعَةُ أيّامٍ مَعْدُوداتٍ، ثُمَّ يَنْقَطِعُ العَذابُ. فَأنْزَلَ اللَّهُ في ذَلِكَ ﴿وقالُوا لَنْ تَمَسَّنا النّارُ﴾ إلى قَوْلِهِ ﴿هم فِيها خالِدُونَ﴾ [البقرة: ٨١] . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ والواحِدِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: وجَدَ أهْلُ الكِتابِ مَسِيرَةَ ما بَيْنَ طَرَفَيْ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ أرْبَعِينَ، فَقالُوا: لَنْ يُعَذَّبَ أهْلُ النّارِ إلّا قَدْرَ أرْبَعِينَ، فَإذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ أُلْجِمُوا في النّارِ، فَسارُوا فِيها حَتّى انْتَهَوْا إلى سَقَرَ، وفِيها شَجَرَةُ الزَّقُّومِ، إلى آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الأيّامِ المَعْدُودَةِ، فَقالَ لَهُ خَزَنَةُ النّارِ: يا أعْداءَ اللَّهِ زَعَمْتُمْ أنَّكم لَنْ تُعَذَّبُوا في النّارِ إلّا أيّامًا مَعْدُودَةً، فَقَدِ انْقَضى العَدَدُ وبَقِيَ الأبَدُ فَيَأْخُذُونَ في الصُّعُودِ يُرْهَقُونَ عَلى (p-٤٤٨)وُجُوهِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ اليَهُودَ قالُوا: لَنْ تَمَسَّنا النّارُ إلّا أرْبَعِينَ لَيْلَةً مُدَّةَ عِبادَةِ العِجْلِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: «اجْتَمَعَتْ يَهُودُ يَوْمًا فَخاصَمُوا النَّبِيَّ ﷺ فَقالُوا: ﴿لَنْ تَمَسَّنا النّارُ إلا أيّامًا مَعْدُودَةً﴾ وسَمَّوْا أرْبَعِينَ يَوْمًا- ثُمَّ يَخْلُفُنا فِيها ناسٌ. وأشارُوا إلى النَّبِيِّ ﷺ وأصْحابِهِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ورَدَّ يَدَهُ عَلى رُؤُوسِهِمْ: كَذَبْتُمْ بَلْ أنْتُمْ خالِدُونَ مُخَلَّدُونَ فِيها، لا نَخْلُفُكم فِيها إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى أبَدًا. فَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿وقالُوا لَنْ تَمَسَّنا النّارُ إلا أيّامًا مَعْدُودَةً﴾ يَعْنُونَ أرْبَعِينَ لَيْلَةً» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ لِلْيَهُودِ: أنْشُدُكم بِاللَّهِ وبِالتَّوْراةِ الَّتِي أنْزَلَها اللَّهُ عَلى مُوسى يَوْمَ طُورِ سَيْناءَ مَن أهْلُ (p-٤٤٩)النّارِ الَّذِينَ أنْزَلَهُمُ اللَّهُ في التَّوْراةِ؟ قالُوا: إنَّ رَبِّهِمْ غَضِبَ عَلَيْهِمْ غَضْبَةً فَنَمْكُثُ في النّارِ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَخْرُجُ فَتُخَلِّفُونَنا فِيها، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَذَبْتُمْ واللَّهِ لا نَخْلُفُكم فِيها أبَدًا. فَنَزَلَ القُرْآنُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ وتَكْذِيبًا لَهم ﴿وقالُوا لَنْ تَمَسَّنا النّارُ إلا أيّامًا مَعْدُودَةً﴾ إلى قَوْلِهِ ﴿هم فِيها خالِدُونَ﴾ [البقرة»: ٨١] . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ والدّارِمِيُّ والنَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في “ الدَّلائِلِ “ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «لَمّا افْتُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ شاةٌ فِيها سُمٌّ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اجْمَعُوا لِي مَن كانَ هَهُنا مِنَ اليَهُودِ. فَقالَ لَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَن أبُوكُمْ؟ قالَ: فُلانٌ، قالَ: كَذَبْتُمْ، بَلْ أبُوكم فُلانٌ. قالُوا: صَدَقْتَ وبَرَرْتَ. ثُمَّ قالَ لَهم: هَلْ أنْتُمْ صادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إنْ سَألْتُكم عَنْهُ قالُوا: نَعَمْ يا أبا القاسِمِ وإنْ كَذَبْناكَ عَرَفْتَ كَذِبَنا كَما عَرَفْتَهُ في أبِينا، فَقالَ لَهم: مَن أهْلُ النّارِ؟ قالُوا: نَكُونُ فِيها يَسِيرًا، ثُمَّ تَخْلُفُونَنا فِيها، فَقالَ لَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اخْسَئُوا - واللَّهِ - (p-٤٥٠)لا نَخْلُفُكم فِيها أبَدًا» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ أتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا﴾ أيْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ بِذَلِكَ أنَّهُ كَما تَقُولُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا قالَتِ اليَهُودُ ما قالَتْ، قالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ ﴿قُلْ أتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا﴾ يَقُولُ: أدَّخَرْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا، يَقُولُ: أقُلْتُمْ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. لَمْ تُشْرِكُوا ولَمْ تَكْفُرُوا بِهِ، فَإنْ كُنْتُمْ قُلْتُمُوها فارْجُوا بِها، وإنْ كُنْتُمْ لَمْ تَقُولُوها فَلِمَ تَقُولُونَ عَلى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ ؟ وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ أتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا﴾ قالَ: بِفِراكم وبِزَعْمِكم أنَّ النّارَ لَيْسَ تَمَسُّكم إلّا أيّامًا مَعْدُودَةً يَقُولُ: إنْ كُنْتُمُ اتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا بِذَلِكَ ﴿فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أمْ تَقُولُونَ عَلى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ قالَ: قالَ القَوْمُ الكَذِبَ والباطِلَ وقالُوا عَلَيْهِ ما لا يَعْلَمُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب