الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ ابْنُ أبِي عُمَرَ العَدَنِيُّ في ”مُسْنَدِهِ“، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَلْمانَ قالَ: «سَألْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ أهْلِ دِينٍ كُنْتُ مَعَهم فَذَكَرَ مِن صَلاتِهِمْ وعِبادَتِهِمْ، فَنَزَلَتْ ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ الواحِدِيُّ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: «لَمّا قَصَّ سَلْمانُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قِصَّةَ أصْحابِهِ قالَ: هم في النّارِ. قالَ سَلْمانُ: فَأظْلَمَتْ عَلَيَّ الأرْضُ فَنَزَلَتْ: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿يَحْزَنُونَ﴾ قالَ: فَكَأنَّما كُشِفَ عَنِّي جَبَلٌ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ واللَّفْظُ لَهُ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ «فِي قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا﴾ الآيَةَ، قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في أصْحابِ سَلْمانَ الفارِسِيِّ، وكانَ سَلْمانُ رَجُلًا مِن جُنْدَيْسابُورَ، وكانَ مِن أشْرافِهِمْ وكانَ ابْنُ (p-٣٩٠)المَلِكِ صَدِيقًا لَهُ مُؤاخِيًا، لا يَقْضِي واحِدٌ مِنهُما أمْرًا دُونَ صاحِبِهِ، وكانا يَرْكَبانِ إلى الصَّيْدِ جَمِيعًا، فَبَيْنَما هُما في الصَّيْدِ، إذْ رُفِعَ لَهُما بَيْتٌ مِن عَباءَةٍ فَأتَياهُ، فَإذا هُما فِيهِ بِرَجُلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ يَقْرَأُ فِيهِ، وهو يَبْكِي، فَسَألاهُ: ما هَذا؟ فَقالَ: الَّذِي يُرِيدُ أنْ يَعْلَمَ هَذا لا يَقِفُ مَوْقِفَكُما، فَإنْ كُنْتُما تُرِيدانِ أنْ تَعْلَما ما فِيهِ فانْزِلا حَتّى أُعَلِّمَكُما. فَنَزَلا إلَيْهِ، فَقالَ لَهُما: هَذا كِتابٌ جاءَ مِن عِنْدِ اللَّهِ، أمَرَ فِيهِ بِطاعَتِهِ ونَهى عَنْ مَعْصِيَتِهِ فِيهِ: ألّا تَسْرِقَ ولا تَزْنِيَ ولا تَأْخُذَ أمْوالَ النّاسِ بِالباطِلِ، فَقَصَّ عَلَيْهِما ما فِيهِ وهو الإنْجِيلُ الَّذِي أنْزَلَ اللَّهُ عَلى عِيسى، فَوَقَعَ في قُلُوبِهِما وتابَعاهُ فَأسْلَما، وقالَ لَهُما: إنَّ ذَبِيحَةَ قَوْمِكُما عَلَيْكُما حَرامٌ فَلَمْ يَزالا مَعَهُ كَذَلِكَ يَتَعَلَّمانِ مِنهُ حَتّى كانَ عِيدٌ لِلْمَلِكِ، فَجَمَعَ طَعامًا، ثُمَّ جَمَعَ النّاسَ والأشْرافَ، وأرْسَلَ إلى ابْنِ المَلِكِ فَدَعاهُ إلى صَنِيعِهِ لِيَأْكُلَ مَعَ النّاسِ، فَأبى الفَتى، وقالَ: إنِّي عَنْكَ مَشْغُولٌ فَكُلْ أنْتَ وأصْحابُكَ، فَلَمّا أكْثَرَ عَلَيْهِ مِنَ الرُّسُلِ أخْبَرَهم أنَّهُ لا يَأْكُلُ مِن طَعامِهِمْ، فَبَعَثَ المَلِكُ إلى ابْنِهِ، ودَعاهُ وقالَ: ما أمْرُكَ هَذا؟ قالَ: إنّا لا نَأْكُلُ مِن ذَبائِحِكُمْ، إنَّكم كُفّارٌ لَيْسَ تَحِلُّ ذَبائِحُكُمْ، فَقالَ لَهُ المَلِكُ: مَن أمَرَكَ بِهَذا؟ فَأخْبَرَهُ أنَّ الرّاهِبَ أمَرَهُ بِذَلِكَ، فَدَعا الرّاهِبَ فَقالَ: ماذا يَقُولُ ابْنِي؟ قالَ: صَدَقَ ابْنُكَ، قالَ لَهُ: لَوْلا أنَّ الدَّمَ فِينا عَظِيمٌ لَقَتَلْتُكَ، ولَكِنِ اخْرُجْ مِن أرْضِنا، فَأجَّلَهُ أجَلًا، فَقالَ سَلْمانُ: فَقُمْنا نَبْكِي عَلَيْهِ، فَقالَ لَهُما: إنْ كُنْتُما (p-٣٩١)صادِقَيْنِ فَأنا في بَيْعَةٍ في المَوْصِلِ مَعَ سِتِّينَ رَجُلًا، نَعْبُدُ اللَّهَ فائْتُوَنا فِيها. فَخَرَجَ الرّاهِبُ وبَقِيَ سَلْمانُ وابْنُ المَلِكِ، فَجَعَلَ سَلْمانُ يَقُولُ لِابْنِ المَلِكِ: انْطَلِقْ بِنا، وابْنُ المَلِكِ يَقُولُ: نَعَمْ، وجَعَلَ ابْنُ المَلِكِ يَبِيعُ مَتاعَهُ، يُرِيدُ الجَهازَ، فَلَمّا أبْطَأ عَلى سَلْمانَ خَرَجَ سَلْمانُ حَتّى أتاهُمْ، فَنَزَلَ عَلى صاحِبِهِ وهو رَبُّ البَيْعَةِ، فَكانَ أهْلُ تِلْكَ البَيْعَةِ أفْضَلَ مَرْتَبَةً مِنَ الرُّهْبانِ، فَكانَ سَلْمانُ مَعَهُ يَجْتَهِدُ في العِبادَةِ ويُتْعِبُ نَفْسَهُ، فَقالَ لَهُ سَلْمانُ: أرَأيْتَ الَّذِي تَأْمُرُنِي بِهِ، هو أفْضَلُ أوِ الَّذِي أصْنَعُ؟ قالَ: بَلِ الَّذِي تَصْنَعُ، قالَ: فَخَلِّ عَنِّي، ثُمَّ إنَّ صاحِبَ البَيْعَةِ دَعاهُ، فَقالَ: أتَعْلَمُ أنَّ هَذِهِ البَيْعَةَ لِي وأنا أحَقُّ النّاسِ بِها، ولَوْ شِئْتُ أنْ أُخْرِجَ هَؤُلاءِ مِنها لَفَعَلْتُ، ولَكِنِّي رَجُلٌ أضْعُفُ عَنْ عِبادَةِ هَؤُلاءِ، وأنا أُرِيدُ أنْ أتَحَوَّلَ مِن هَذِهِ البَيْعَةِ إلى بَيْعَةٍ أُخْرى، هم أهْوَنُ عِبادَةً مِن هَؤُلاءِ، فَإنْ شِئْتَ أنْ تُقِيمَ هاهُنا فَأقِمْ، وإنْ شِئْتَ أنْ تَنْطَلِقَ مَعِي فانْطَلِقْ، فَقالَ لَهُ سَلْمانُ: أيُّ البَيْعَتَيْنِ أفْضَلُ أهْلًا؟ قالَ: هَذِهِ، قالَ سَلْمانُ: فَأنا أكُونُ في هَذِهِ. فَأقامَ (p-٣٩٢)سَلْمانُ بِها وأوْصى صاحِبَ البَيْعَةِ بِسَلْمانَ، يَتَعَبَّدُ مَعَهُمْ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ العالِمَ أرادَ أنْ يَأْتِيَ بَيْتَ المَقْدِسِ، فَدَعا سَلْمانَ فَقالَ: إنِّي أُرِيدُ أنْ آتِيَ بَيْتَ المَقْدِسِ، فَإنْ شِئْتَ أنْ تَنْطَلِقَ مَعِي فانْطَلِقْ وإنْ شِئْتَ أنْ تُقِيمَ فَأقِمْ، قالَ لَهُ سَلْمانُ: أيُّهُما أفْضَلُ، أنْطَلِقُ مَعَكَ أوْ أُقِيمُ؟ قالَ: لا بَلْ تَنْطَلِقُ مَعِي، فانْطَلَقَ مَعَهُ، فَمَرُّوا بِمَقْعَدٍ عَلى ظَهْرِ الطَّرِيقِ مُلْقًى، فَلَمّا رَآهُما نادى: يا سَيِّدَ الرُّهْبانِ ارْحَمْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ. فَلَمْ يُكَلِّمْهُ ولَمْ يَنْظُرْ إلَيْهِ، وانْطَلَقا حَتّى أتَيا بَيْتَ المَقْدِسِ وقالَ الشَّيْخُ لِسَلْمانَ: اخْرُجْ فاطْلُبِ العِلْمَ فَإنَّهُ يَحْضُرُ هَذا المَسْجِدَ عُلَماءُ الأرْضِ، فَخَرَجَ سَلْمانُ يَسْمَعُ مِنهُمْ، فَرَجَعَ يَوْمًا حَزِينًا فَقالَ لَهُ الشَّيْخُ: ما لَكَ يا سَلْمانُ؟ قالَ: أرى الخَيْرَ كُلَّهُ قَدْ ذَهَبَ بِهِ مَن كانَ قَبْلَنا مِنَ الأنْبِياءِ أتْباعِهِمْ، فَقالَ لَهُ الشَّيْخُ: يا سَلْمانُ لا تَحْزَنْ فَإنَّهُ قَدْ بَقِيَ نَبِيٌّ لَيْسَ مِن نَبِيٍّ بِأفْضَلَ تَبَعًا مِنهُ، وهَذا زَمانُهُ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ ولا أُرانِي أُدْرِكُهُ وأمّا أنْتَ فَشابٌّ، فَلَعَلَّكَ أنْ تُدْرِكَهُ وهو يَخْرُجُ في أرْضِ العَرَبِ، فَإنْ أدْرَكْتَهُ فَآمِن بِهِ واتَّبِعْهُ، قالَ لَهُ سَلْمانُ: فَأخْبِرْنِي عَنْ عَلامَتِهِ بِشَيْءٍ، قالَ: نَعَمْ، وهو مَخْتُومٌ في ظَهْرِهِ بِخاتَمِ النُّبُوَّةِ، وهو يَأْكُلُ الهَدِيَّةَ ولا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ. ثُمَّ رَجَعا حَتّى بَلَغا مَكانَ المُقْعَدِ، فَناداهُما فَقالَ: يا سَيِّدَ الرُّهْبانِ، ارْحَمْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ. فَعَطَفَ إلَيْهِ (p-٣٩٣)حِمارَهُ، فَأخَذَ بِيَدِهِ فَرَفَعَهُ فَضَرَبَ بِهِ الأرْضَ ودَعا لَهُ، وقالَ: قُمْ بِإذْنِ اللَّهِ، فَقامَ صَحِيحًا يَشْتَدُّ، فَجَعَلَ سَلْمانُ يَتَعَجَّبُ وهو يَنْظُرُ إلَيْهِ ويَشْتَدُّ، وسارَ الرّاهِبُ فَتَغَيَّبَ عَنْ سَلْمانَ، ولا يَعْلَمُ سَلْمانُ، ثُمَّ إنَّ سَلْمانَ فَزِعَ بِطَلَبِ الرّاهِبِ فَلَقِيَهُ رَجُلانِ مِنَ العَرَبِ مِن كَلْبٍ فَسَألَهُما: هَلْ رَأيْتُما الرّاهِبَ؟ فَأناخَ أحَدُهُما راحِلَتَهُ، قالَ: نِعْمَ راعِي الصِّرْمَةِ هَذا! فَحَمَلَهُ فانْطَلَقَ بِهِ إلى المَدِينَةِ، قالَ سَلْمانُ: فَأصابَنِي مِنَ الحُزْنِ شَيْءٌ لَمْ يُصِبْنِي مَثَلُهُ قَطُّ، فاشْتَرَتْهُ امْرَأةٌ مِن جُهَيْنَةَ، فَكانَ يَرْعى عَلَيْها هو وغُلامٌ لَها يَتَراوَحانِ الغَنَمَ هَذا يَوْمًا وهَذا يَوْمًا، وكانَ سَلْمانُ يَجْمَعُ الدَّراهِمَ يَنْتَظِرُ خُرُوجَ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَبَيْنَما هو يَوْمًا يَرْعى إذْ أتاهُ صاحِبُهُ الَّذِي يَعْقُبُهُ فَقالَ لَهُ: أشَعَرْتَ أنَّهُ قَدْ قَدِمَ المَدِينَةَ اليَوْمَ رَجُلٌ يَزْعُمُ أنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقالَ لَهُ سَلْمانُ: أقِمْ في الغَنَمِ حَتّى آتِيَكَ، فَهَبَطَ سَلْمانُ إلى المَدِينَةِ، فَنَظَرَ إلى النَّبِيِّ ﷺ ودارَ حَوْلَهُ، فَلَمّا رَآهُ النَّبِيُّ ﷺ عَرَفَ ما يُرِيدُ، فَأرْسَلَ ثَوْبَهُ حَتّى خَرَجَ خاتَمُهُ، فَلَمّا رَآهُ أتاهُ وكَلَّمَهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ فاشْتَرى بِدِينارٍ؛ بِبَعْضِهِ شاةً فَشَواها، وبِبَعْضِهِ خُبْزًا، ثُمَّ أتاهُ بِهِ فَقالَ: ما هَذا؟ قالَ سَلْمانُ: هَذِهِ صَدَقَةٌ، قالَ: لا حاجَةَ لِي بِها، فَأخْرِجْها فَلْيَأْكُلْها المُسْلِمُونَ. ثُمَّ انْطَلَقَ فاشْتَرى بِدِينارٍ آخَرَ خُبْزًا ولَحْمًا، ثُمَّ أتى بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: ما هَذا؟ قالَ: هَذِهِ هَدِيَّةٌ، قالَ: (p-٣٩٤)فاقْعُدْ فَكُلْ. فَقَعَدَ فَأكَلا مِنها جَمِيعًا، فَبَيْنَما هو يُحَدِّثُهُ، إذْ ذَكَرَ أصْحابَهُ فَأخْبَرَهُ خَبَرَهُمْ، فَقالَ: كانُوا يُصَلُّونَ ويَصُومُونَ ويُؤْمِنُونَ بِكَ، ويَشْهَدُونَ أنَّكَ سَتَبْعَثُ نَبِيًّا. فَلَمّا فَرَغَ سَلْمانُ مِن ثَنائِهِ عَلَيْهِمْ، قالَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: يا سَلْمانُ هم مِن أهْلِ النّارِ فاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلى سَلْمانَ وقَدْ كانَ قالَ لَهُ سَلْمانُ: لَوْ أدْرَكُوكَ صَدَّقُوكَ واتَّبَعُوكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا والنَّصارى والصّابِئِينَ مَن آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ﴾ [البقرة»: ٦٢] .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: «سَألَ سَلْمانُ الفارِسِيُّ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ أُولَئِكَ النَّصارى، وما رَأى مِن أعْمالِهِمْ، قالَ: لَمْ يَمُوتُوا عَلى الإسْلامِ، قالَ سَلْمانُ: فَأظْلَمَتْ عَلَيَّ الأرْضُ وذَكَرْتُ اجْتِهادَهم. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا﴾ فَدَعا سَلْمانُ فَقالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في أصْحابِكَ. ثُمَّ قالَ: مَن ماتَ عَلى دِينِ عِيسى قَبْلَ أنْ يَسْمَعَ بِي، فَهو عَلى خَيْرٍ، ومَن سَمِعَ بِي ولَمْ يُؤْمِن فَقَدْ هَلَكَ» .
وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ”النّاسِخِ والمَنسُوخِ“، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا﴾ الآيَةَ، قالَ: فَأنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ هَذا ﴿ومَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنهُ وهو في الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ [آل عمران: ٨٥] [ آلِ عِمْرانَ: ٨٥] .
(p-٣٩٥)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: إنَّما سُمِّيَتِ اليَهُودَ لِأنَّهم قالُوا: ﴿إنّا هُدْنا إلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٥٦] [ الأعْرافِ: ١٥٦] .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: نَحْنُ أعْلَمُ مِن حَيْثُ تَسَمَّتِ اليَهُودُ بِاليَهُودِيَّةِ، مِن كَلِمَةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿إنّا هُدْنا إلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٥٦] ولِمَ تَسَمَّتِ النَّصارى بِالنَّصْرانِيَّةِ، مِن كَلِمَةِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿كُونُوا أنْصارَ اللَّهِ﴾ [الصف: ١٤] [ الصَّفِّ: ١٤] .
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: نَحْنُ أعْلَمُ النّاسِ مِن أيْنَ تَسَمَّتِ اليَهُودُ بِاليَهُودِيَّةِ، والنَّصارى بِالنَّصْرانِيَّةِ، إنَّما تَسَمَّتِ اليَهُودُ بِاليَهُودِيَّةِ بِكَلِمَةٍ قالَها مُوسى: ﴿إنّا هُدْنا إلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٥٦] فَلَمّا ماتَ قالُوا: هَذِهِ الكَلِمَةُ كانَتْ تُعْجِبُهُ فَتَسَمَّوْا بِاليَهُودِ، وإنَّما تَسَمَّتِ النَّصارى بِالنَّصْرانِيَّةِ لِكَلِمَةٍ قالَها عِيسى: ﴿مَن أنْصارِي إلى اللَّهِ قالَ الحَوارِيُّونَ نَحْنُ أنْصارُ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٥٢] [ آلِ عِمْرانَ: ٥٢] فَتَسَمَّوْا بِالنَّصْرانِيَّةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: إنَّما سُمُّوا نَصارى بِقَرْيَةٍ يُقالُ لَها: ناصِرَةُ.
(p-٣٩٦)يَنْزِلُها عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ فَهو اسْمٌ تُسَمَّوْا بِهِ، ولَمْ يُؤْمَرُوا بِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ في ”طَبَقاتِهِ“، وابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّما سُمِّيَتِ النَّصارى لِأنَّ قَرْيَةَ عِيسى كانَتْ تُسَمّى ناصِرَةَ.
وأخْرَجَ وكِيعٌ وعَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الصّابِئُونَ قَوْمٌ بَيْنَ اليَهُودِ والمَجُوسِ والنَّصارى لَيْسَ لَهم دِينٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الصّابِئُونَ لَيْسُوا بِيَهُودَ ولا نَصارى، هم قَوْمٌ مِنَ المُشْرِكِينَ لا كِتابَ لَهم.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبّاسٍ عَنِ الصّابِئِينَ فَقالَ: هم قَوْمٌ بَيْنَ اليَهُودِ والنَّصارى والمَجُوسِ، لا تَحِلُّ ذَبائِحُهم ولا مُناكَحَتُهم.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: الصّابِئُونَ مَنزِلَةٌ بَيْنَ النَّصْرانِيَّةِ والمَجُوسِيَّةِ، ولَفْظُ ابْنِ أبِي حاتِمٍ: مَنزِلَةٌ بَيْنَ اليَهُودِ والنَّصارى.
(p-٣٩٧)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: ذَهَبَتِ الصّابِئُونَ إلى اليَهُودِ فَقالُوا: ما أمْرُكُمْ؟ قالُوا: نَبِيُّنا مُوسى جاءَنا بِكَذا وكَذا، ونَهانا عَنْ كَذا وكَذا، وهَذِهِ التَّوْراةُ فَمَن تابَعَنا دَخَلَ الجَنَّةَ، ثُمَّ أتَوُا النَّصارى فَقالُوا في عِيسى ما قالَتِ اليَهُودُ في مُوسى وقالُوا: هَذا الإنْجِيلَ فَمَن تابَعَنا دَخَلَ الجَنَّةَ. فَقالَتِ الصّابِئُونَ: هَؤُلاءِ يَقُولُونَ: نَحْنُ ومَنِ اتَّبَعْنا في الجَنَّةِ واليَهُودُ يَقُولُونَ: نَحْنُ ومَنِ اتَّبَعْنا في الجَنَّةِ، فَمَن بِهِ نَدِينُ؟ فَسَمّاهُمُ اللَّهُ الصّابِئِينَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ قالَ: الصّابِئُونَ فِرْقَةٌ مِن أهْلِ الكِتابِ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ.
وأخْرَجَ وكِيعٌ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: الصّابِئُونَ طائِفَةٌ مِن أهْلِ الكِتابِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: الصّابِئُونَ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ المَلائِكَةَ، ويُصَلُّونَ إلى غَيْرِ القِبْلَةِ ويَقْرَءُونَ الزَّبُورَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: الصّابِئُ: الَّذِي يَعْرِفُ اللَّهَ وحْدَهُ، ولَيْسَتْ لَهُ شَرِيعَةٌ يَعْمَلُ بِها، ولَمْ يُحْدِثْ كُفْرًا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي الزِّنادِ قالَ: الصّابِئُونَ قَوْمٌ مِمّا يَلِي العِراقَ، وهم (p-٣٩٨)بِكُوثى يُؤْمِنُونَ بِالنَّبِيِّينَ كُلِّهِمْ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: يَقُولُونَ: الصّابِئُونَ. وما الصّابِئُونَ! الصّابِئُونَ. ويَقُولُونَ: الخاطُونَ وما الخاطُونَ! الخاطِئُونَ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلصَّـٰبِـِٔینَ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











