الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وناسٍ مِنَ الصَّحابَةِ قالُوا: لَمّا ضَرَبَ اللَّهُ هَذَيْنَ المَثَلَيْنِ لِلْمُنافِقِينَ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿مَثَلُهم كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نارًا﴾ [البقرة: ١٧] وقَوْلَهُ ﴿أوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ﴾ [البقرة: ١٩] قالَ المُنافِقُونَ: اللَّهُ أعْلى وأجَلُّ مِن أنْ يَضْرِبَ هَذِهِ الأمْثالَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلا﴾ إلى قَوْلِهِ ﴿أُولَئِكَ هُمُ الخاسِرُونَ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ الغَنِيِّ الثَّقَفِيُّ في ”تَفْسِيرِهِ“ والواحِدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّ اللَّهَ ذَكَرَ آلِهَةَ المُشْرِكِينَ فَقالَ: ﴿وإنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئًا﴾ [الحج: ٧٣] [ الحَجِّ: ٧٣] وذَكَرَ كَيْدَ الآلِهَةِ، فَجَعَلَهُ كَبَيْتِ العَنْكَبُوتِ فَقالُوا: أرَأيْتُمْ حَيْثُ ذَكَرَ اللَّهُ الذُّبابَ والعَنْكَبُوتَ فِيما أنْزَلَ مِنَ القُرْآنِ عَلى مُحَمَّدٍ، أيَّ شَيْءٍ كانَ يَصْنَعُ بِهَذا؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلا﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: لَمّا ذَكَرَ اللَّهُ العَنْكَبُوتَ والذُّبابَ قالَ المُشْرِكُونَ – ولَفْظُ ابْنِ المُنْذِرِ: قالَ أهْلُ الكِتابِ -: ما بالُ العَنْكَبُوتِ والذُّبابِ يُذْكَرانِ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها﴾ . (p-٢٢٥)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ ﴿يا أيُّها النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ﴾ [الحج: ٧٣] [ الحَجِّ: ٧٣] قالَ المُشْرِكُونَ: ما هَذا مِنَ الأمْثالِ فَيَضْرِبَ. أوْ ما يُشْبِهُ هَذا الأمْثالَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها﴾ لَمْ يُرِدِ البَعُوضَةَ إنَّما أرادَ المَثَلَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: البَعُوضَةُ أضْعَفُ ما خَلَقَ اللَّهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ في “ العَظَمَةِ “ والدَّيْلَمِيُّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يا أيُّها النّاسُ لا تَغْتَرُّوا بِاللَّهِ، فَإنَّ اللَّهَ لَوْ كانَ مُغْفِلًا شَيْئًا لَأغْفَلَ البَعُوضَةَ والذَّرَّةَ والخَرْدَلَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿فَأمّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أنَّهُ الحَقُّ﴾ أيْ: أنَّ هَذا المَثَلَ الحَقُّ مِن رَبِّهِمْ، وأنَّهُ كَلامُ اللَّهِ ومِن عِنْدِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأمّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أنَّهُ الحَقُّ﴾ قالَ: يُؤْمِنُ بِهِ المُؤْمِنُونَ ويَعْلَمُونَ (p-٢٢٦)أنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّهِمْ ويَهْدِيهِمُ اللَّهُ بِهِ. ويَعْرِفُهُ الفاسُونَ فَيَكْفُرُونَ بِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وناسٍ مِنَ الصَّحابَةِ في قَوْلِهِ: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا﴾ يَعْنِي المُنافِقِينَ ﴿ويَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ يَعْنِي المُؤْمِنِينَ ﴿وما يُضِلُّ بِهِ إلا الفاسِقِينَ﴾ قالَ: هُمُ المُنافِقُونَ، وفي قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ﴾ فَأقَرُّوا بِهِ، ثُمَّ كَفَرُوا فَنَقَضُوهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما يُضِلُّ بِهِ إلا الفاسِقِينَ﴾ يَقُولُ: يَعْرِفُهُ الكافِرُونَ فَيَكْفُرُونَ بِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وما يُضِلُّ بِهِ إلا الفاسِقِينَ﴾ قالَ: فَسَقُوا فَأضَلَّهُمُ اللَّهُ بِفِسْقِهِمْ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: الحَرُورِيَّةُ هُمُ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثاقِهِ. وكانَ (p-٢٢٧)يُسَمِّيهِمُ الفاسِقِينَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثاقِهِ﴾ قالَ: إيّاكم ونَقْضَ هَذا المِيثاقِ، فَإنَّ اللَّهَ قَدْ كَرِهَ نَقْضَهُ وأوْعَدَ فِيهِ، وقَدَّمَ فِيهِ في آيٍ مِنَ القُرْآنِ تَقْدِمَةً ونَصِيحَةً ومَوْعِظَةً وحُجَّةً، ما نَعْلَمُ اللَّهَ أوْعَدَ في ذَنْبِ ما أوْعَدَ في نَقْضِ هَذا المِيثاقِ، فَمَن أعْطى عَهْدَ اللَّهِ ومِيثاقَهُ مِن ثَمَرَةِ قَلْبِهِ فَلْيُوفِ بِهِ اللَّهَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ والبَزّارُ، وابْنُ حِبّانَ، والطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنْ أنَسٍ قالَ: «خَطَبَنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: ألا لا إيمانَ لِمَن لا أمانَةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَن لا عَهْدَ لَهُ» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”الكَبِيرِ“ مِن حَدِيثِ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ وأبِي أُمامَةَ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“ مِن حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ. (p-٢٢٨)وأخْرَجَ البُخارِيُّ في ”تارِيخِهِ“، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «حُسْنُ العَهْدِ مِنَ الإيمانِ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ويَقْطَعُونَ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ﴾ قالَ: الرَّحِمَ والقَرابَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿ويُفْسِدُونَ في الأرْضِ﴾ قالَ: يَعْمَلُونَ فِيها بِالمَعْصِيَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُقاتِلٍ في قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الخاسِرُونَ﴾ يَقُولُ: هم أهْلُ النّارِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ نَسَبَهُ اللَّهُ إلى غَيْرِ أهْلِ الإسْلامِ مِنِ اسْمٍ، مِثْلَ خاسِرٍ ومُسْرِفٍ وظالِمٍ ومُجْرِمٍ وفاسِقٍ، فَإنَّما يَعْنِي بِهِ الكُفْرَ، وما نَسَبَهُ إلى أهْلِ الإسْلامِ، فَإنَّما يَعْنِي بِهِ الذَّنْبَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب