الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقالَ لَهم نَبِيُّهم إنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أنْ يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، مِن طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ خارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ، عَنْ أبِيهِ قالَ: أمَرَنِي عُثْمانُ بْنُ عَفّانَ أنْ أكْتُبَ لَهُ مُصْحَفًا، فَقالَ: إنِّي جاعِلٌ مَعَكَ رَجُلًا لَسِنًا فَصِيحًا، فَما اجْتَمَعْتُما عَلَيْهِ فاكْتُباهُ، وما اخْتَلَفْتُما فِيهِ فارْفَعاهُ إلَيَّ. قالَ زَيْدٌ: فَقُلْتُ أنا: التّابُوهُ. وقالَ أبانُ بْنُ سَعِيدٍ: التّابُوتُ. فَرَفَعاهُ إلى عُثْمانَ، فَقالَ: التّابُوتُ فَكُتِبَتْ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ، أنَّ عُثْمانَ بْنَ عَفّانَ أمَرَ فِتْيانَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ أنْ يَكْتُبُوا المَصاحِفَ، قالَ: فَما اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ فاجْعَلُوهُ بِلِسانِ قُرَيْشٍ. فَقالَ المُهاجِرُونَ: التّابُوتُ. وقالَ الأنْصارُ: التّابُوهُ. فَقالَ عُثْمانُ: اكْتُبُوهُ بِلُغَةِ المُهاجِرِينَ؛ التّابُوتَ. (p-١٤١)وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، والبُخارِيُّ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ أبِي داوُدَ، وابْنُ الأنْبارِيِّ، مَعًا في ”المَصاحِفِ“، وابْنُ حِبّانَ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، مِن طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، أنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمانِ قَدِمَ عَلى عُثْمانَ، وكانَ يُغازِي أهْلَ الشّامِ في فَتْحِ أرْمِينِيَّةَ وأذْرَبِيجانَ مَعَ أهْلِ العِراقِ، فَرَأى حُذَيْفَةُ اخْتِلافَهم في القُرْآنِ، فَقالَ لِعُثْمانَ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أنْ يَخْتَلِفُوا في الكِتابِ كَما اخْتَلَفَ اليَهُودُ والنَّصارى. فَأرْسَلَ إلى حَفْصَةَ أنْ أرْسِلِي إلَيَّ بِالصُّحُفِ نَنْسَخُها في المَصاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّها إلَيْكِ. فَأرْسَلَتْ حَفْصَةُ إلى عُثْمانَ بِالصُّحُفِ، فَأرْسَلَ عُثْمانُ إلى زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ، وسَعِيدِ بْنِ العاصِي، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارِثِ بْنِ هِشامٍ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ أنِ انْسَخُوا الصُّحُفَ في المَصاحِفِ. وقالَ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثَّلاثَةِ: ما اخْتَلَفْتُمْ أنْتُمْ وزَيْدُ بْنُ ثابِتٍ فاكْتُبُوهُ بِلِسانِ قُرَيْشٍ، فَإنَّما نَزَلَ بِلِسانِها. قالَ الزُّهْرِيُّ: فاخْتَلَفُوا يَوْمَئِذٍ في التّابُوتِ والتّابُوهُ، فَقالَ النَّفَرُ القُرَشِيُّونَ: التّابُوتُ. وقالَ زَيْدٌ: التّابُوهُ. فَرُفِعَ اخْتِلافُهم إلى عُثْمانَ، فَقالَ: اكْتُبُوا التّابُوتَ؛ فَإنَّهُ بِلِسانِ قُرَيْشٍ نَزَلَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنْ تابُوتِ (p-١٤٢)مُوسى ما سَعَتُهُ؟ قالَ: نَحْوٌ مِن ثَلاثَةِ أذْرُعٍ في ذِراعَيْنِ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِن رَبِّكُمْ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: السَّكِينَةُ الرَّحْمَةُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: السَّكِينَةُ الطُّمَأْنِينَةُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: السَّكِينَةُ دابَّةٌ قَدْرَ الهِرِّ؛ لَها عَيْنانِ لَهُما شُعاعٌ، وكانَ إذا التَقى الجَمْعانِ أخْرَجَتْ يَدَيْها، ونَظَرَتْ إلَيْهِمْ، فَيُهْزَمُ الجَيْشُ مِنَ الرُّعْبِ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“ بِسَنَدٍ فِيهِ مَن لا يُعْرَفُ، مِن طَرِيقِ خالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «”السَّكِينَةُ رِيحٌ خَجُوجٌ“» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ خالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قالَ: السَّكِينَةُ رِيحٌ خَجُوجٌ، ولَها رَأْسانِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأبُو عُبَيْدٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ عَساكِرَ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، مِن طَرِيقِ أبِي الأحْوَصِ، عَنْ عَلِيٍّ قالَ: السَّكِينَةُ لَها وجْهٌ كَوَجْهِ الإنْسانِ، ثُمَّ (p-١٤٣)هِيَ بَعْدُ رِيحٌ هَفّافَةٌ. وأخْرَجَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَلَيٍّ في قَوْلِهِ: ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِن رَبِّكُمْ﴾ . قالَ: رِيحٌ هَفّافَةٌ، لَها صُورَةٌ، ولَها وجْهٌ كَوَجْهِ الإنْسانِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ الصَّدَفِيِّ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ في مَجْلِسٍ، فَرَفَعَ نَظَرَهُ إلى السَّماءِ، ثُمَّ طَأْطَأ نَظَرَهُ، ثُمَّ رَفَعَهُ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقالَ: ”إنَّ هَؤُلاءِ القَوْمَ كانُوا يَذْكُرُونَ اللَّهَ - يَعْنِي أهْلَ مَجْلِسٍ أمامَهُ - فَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ تَحْمِلُها المَلائِكَةُ كالقُبَّةِ، فَلَمّا دَنَتْ مِنهم تَكَلَّمَ رَجُلٌ مِنهم بِباطِلٍ فَرُفِعَتْ عَنْهم“» . وأخْرَجَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: السَّكِينَةُ مِنَ اللَّهِ كَهَيْئَةِ الرِّيحِ؛ لَها وجْهٌ كَوَجْهِ الهِرِّ، وجَناحانِ وذَنَبٌ مِثْلُ ذَنَبِ الهِرِّ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ أبِي (p-١٤٤)مالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِن رَبِّكُمْ﴾ . قالَ: طَسْتٌ مِن ذَهَبٍ مِنَ الجَنَّةِ، كانَ يُغْسَلُ فِيها قُلُوبُ الأنْبِياءِ، ألْقى مُوسى فِيها الألْواحَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ السَّكِينَةِ، فَقالَ: رُوحٌ مِنَ اللَّهِ يَتَكَلَّمُ، إذا اخْتَلَفُوا في شَيْءٍ، تَكَلَّمَ فَأخْبَرَهم بِبَيانِ ما يُرِيدُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ: ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ﴾ . قالَ: شَيْءٌ تَسْكُنُ إلَيْهِ قُلُوبُهم. يَعْنِي: ما يَعْرِفُونَ مِنَ الآياتِ يَسْكُنُونَ إلَيْهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ قَتادَةَ: ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ﴾ أيْ: وقارٌ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿وبَقِيَّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ مُوسى﴾ . قالَ: عَصاهُ ورُضاضُ الألْواحِ. وأخْرَجَ وكِيعٌ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي صالِحٍ قالَ: كانَ في التّابُوتِ عَصا مُوسى وعَصا هارُونَ، وثِيابُ مُوسى وثِيابُ هارُونَ، ولَوْحانِ مِنَ التَّوْراةِ، والمَنُّ، وكَلِمَةُ الفَرَجِ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ الحَلِيمُ (p-١٤٥)الكَرِيمُ، وسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ السَّماواتِ السَّبْعِ ورَبِّ العَرْشِ العَظِيمِ، والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ. وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ بِشْرٍ في ”المُبْتَدَأِ“، وابْنُ عَساكِرَ، مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: البَقِيَّةُ رُضاضُ الألْواحِ، وعَصا مُوسى، وعِمامَةُ هارُونَ، وقَباءُ هارُونَ الَّذِي كانَ فِيهِ عَلاماتُ الأسْباطِ، وكانَ فِيهِ طَسْتٌ مِن ذَهَبٍ، فِيهِ صاعٌ مِن مَنِّ الجَنَّةِ، وكانَ يُفْطِرُ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ، وأمّا السَّكِينَةُ فَكانَتْ مِثْلَ رَأْسِ هِرَّةٍ مِن زَبَرْجَدَةٍ خَضْراءَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿تَحْمِلُهُ المَلائِكَةُ﴾ . قالَ: أقْبَلَتْ بِهِ المَلائِكَةُ تَحْمِلُهُ حَتّى وضَعَتْهُ في بَيْتِ طالُوتَ، فَأصْبَحَ في دارِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآيَةً﴾ . قالَ: عَلامَةً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب