الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجالا أوْ رُكْبانًا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ مالِكٌ، والشّافِعِيُّ، وعَبْدُ الرَّزّاقِ، والبُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ، مِن طَرِيقِ نافِعٍ قالَ: «كانَ ابْنُ عُمَرَ إذا سُئِلَ عَنْ صَلاةِ الخَوْفِ قالَ: يَتَقَدَّمُ الإمامُ وطائِفَةٌ مِنَ النّاسِ، فَيُصَلِّي بِهِمُ الإمامُ رَكْعَةً، وتَكُونُ طائِفَةٌ مِنهم بَيْنَهُ وبَيْنَ العَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا، فَإذا صَلّى الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً اسْتَأْخَرُوا مَكانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا، ولا يُسَلِّمُونَ، ويَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الإمامُ وقَدْ صَلّى رَكْعَتَيْنِ، فَتَقُومُ كُلُّ واحِدَةٍ مِنَ الطّائِفَتَيْنِ، فَيُصَلُّونَ لِأنْفُسِهِمْ رَكْعَةً بَعْدَ أنْ يَنْصَرِفَ (p-١٠٦)الإمامُ، فَيَكُونُ كُلُّ واحِدٍ مِنَ الطّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلّى رَكْعَتَيْنِ، وإنْ كانَ خَوْفٌ هو أشَدُّ مِن ذَلِكَ صَلُّوا رِجالًا قِيامًا عَلى أقْدامِهِمْ، ﴿أوْ رُكْبانًا﴾ مُسْتَقْبِلِي القِبْلَةِ أوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيها، قالَ نافِعٌ: لا أرى ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إلّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ» ﷺ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، ومُسْلِمٌ، والنَّسائِيُّ، مِن طَرِيقِ نافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «صَلّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلاةَ الخَوْفِ في بَعْضِ أيّامِهِ، فَقامَتْ طائِفَةٌ مَعَهُ، وطائِفَةٌ بِإزاءِ العَدُوِّ، فَصَلّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبُوا، وجاءَ الآخَرُونَ فَصَلّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ قَضَتِ الطّائِفَتانِ رَكْعَةً رَكْعَةً» . قالَ: وقالَ ابْنُ عُمَرَ: فَإذا كانَ خَوْفٌ أكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَصَلِّ راكِبًا أوْ قائِمًا تُومِئُ إيماءً. وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، مِن طَرِيقِ نافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في صَلاةِ الخَوْفِ: ”أنْ يَكُونَ الإمامُ يُصَلِّي بِطائِفَةٍ مَعَهُ، فَيَسْجُدُونَ سَجْدَةً واحِدَةً، وتَكُونُ طائِفَةٌ مِنهم بَيْنَهم وبَيْنَ العَدُوِّ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الَّذِينَ سَجَدُوا السَّجْدَةَ مَعَ أمِيرِهِمْ، ثُمَّ يَكُونُوا مَكانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا، ويَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّوا مَعَ أمِيرِهِمْ سَجْدَةً واحِدَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ أمِيرُهم وقَدْ صَلّى صَلاتَهُ، ويُصَلِّي كُلُّ واحِدٍ مِنَ الطّائِفَتَيْنِ بِصَلاتِهِ سَجْدَةً لِنَفْسِهِ، فَإنْ كانَ خَوْفٌ أشَدَّ مِن ذَلِكَ ﴿فَرِجالا أوْ رُكْبانًا﴾“» . (p-١٠٧)وأخْرَجَ البَزّارُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”صَلاةُ المُسايَفَةِ رَكْعَةٌ، أيَّ وجْهٍ كانَ الرَّجُلُ يُجْزِئُ عَنْهُ، فَإنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُعِدْهُ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجالا أوْ رُكْبانًا﴾ . قالَ: يُصَلِّي الرّاكِبُ عَلى دابَّتِهِ، والرّاجِلُ عَلى رِجْلَيْهِ، ﴿فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجالا أوْ رُكْبانًا فَإذا أمِنتُمْ فاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكم ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ يَعْنِي: كَما عَلَّمَكم أنْ يُصَلِّيَ الرّاكِبُ عَلى دابَّتِهِ، والرّاجِلُ عَلى رِجْلَيْهِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: إذا كانَتِ المُسايَفَةُ فَلْيُومِئْ بِرَأْسِهِ حَيْثُ كانَ وجْهُهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَرِجالا أوْ رُكْبانًا﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَرِجالا﴾ قالَ: مُشاةً، ﴿أوْ رُكْبانًا﴾ قالَ: لِأصْحابِ مُحَمَّدٍ، عَلى الخَيْلِ في القِتالِ، إذا وقَعَ الخَوْفُ فَلْيُصَلِّ الرَّجُلُ عَلى كُلِّ جِهَةٍ؛ قائِمًا أوْ راكِبًا، أوْ ما قَدَرَ، عَلى أنْ يُومِئَ إيماءً بِرَأْسِهِ، أوْ يَتَكَلَّمَ بِلِسانِهِ. (p-١٠٨)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: أحَلَّ اللَّهُ لَكَ إذا كُنْتَ خائِفًا أنْ تُصَلِّيَ وأنْتَ راكِبٌ، وأنْتَ تَسْعى، وتُومِئُ إيماءً حَيْثُ كانَ وجْهُكَ؛ لِلْقِبْلَةِ أوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجالا أوْ رُكْبانًا﴾ . قالَ: هَذا في العَدُوِّ، يُصَلِّي الرّاكِبُ والماشِي يُومِئُونَ إيماءً حَيْثُ كانَ وُجُوهُهم، والرَّكْعَةُ الواحِدَةُ تُجْزِئُكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَرَكْعَةً، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَتَكْبِيرَةً حَيْثُ كانَ وجْهُهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجالا أوْ رُكْبانًا﴾ . قالَ: رَكْعَةً رَكْعَةً. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى خالِدِ بْنِ سُفْيانَ الهُذَلِيِّ، وكانَ نَحْوَ عُرَنَةَ وعَرَفاتٍ، فَقالَ: ”اذْهَبْ فاقْتُلْهُ“ . قالَ: فَرَأيْتُهُ وقَدْ حَضَرَتْ صَلاةُ العَصْرِ، فَقُلْتُ: إنِّي لَأخافُ أنْ يَكُونَ بَيْنِي وبَيْنَهُ ما أنْ أُؤَخِّرَ الصَّلاةَ. فانْطَلَقْتُ أمْشِي وأنا أُصَلِّي، أُومِئُ إيماءً نَحْوَهُ، فَلَمّا دَنَوْتُ مِنهُ قالَ لِي: مَن أنْتَ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ، بَلَغَنِي أنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذا الرَّجُلِ، فَجِئْتُكَ في ذَلِكَ. قالَ: إنِّي لَفي ذَلِكَ. فَمَشَيْتُ مَعَهُ ساعَةً، حَتّى إذا أمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حَتّى بَرَدَ» . (p-١٠٩)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ إبْراهِيمَ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجالا أوْ رُكْبانًا﴾ . قالَ: إذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ في المُطارَدَةِ، فَأوْمِئْ حَيْثُ كانَ وجْهُكَ، واجْعَلِ السُّجُودَ أخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَرِجالا أوْ رُكْبانًا﴾ . قالَ: ذَلِكَ عِنْدَ الضِّرابِ بِالسَّيْفِ، تُصَلِّي رَكْعَةً إيماءً حَيْثُ كانَ وجْهُكَ، راكِبًا كُنْتَ أوْ ماشِيًا أوْ ساعِيًا. وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وعَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والنَّسائِيُّ، وأبُو يَعْلى، والبَيْهَقِيُّ، في ”سُنَنِهِ“ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: «كُنّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الخَنْدَقِ، فَشُغِلْنا عَنْ صَلَواتِ الظُّهْرِ والعَصْرِ والمَغْرِبِ والعِشاءِ، حَتّى كُفِينا ذَلِكَ، وذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ﴾ [الأحزاب: ٢٥] . فَأمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِلالًا، فَأقامَ لِكُلِّ صَلاةٍ إقامَةً، وذَلِكَ قَبْلَ أنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجالا أوْ رُكْبانًا﴾ [البقرة»: ٢٣٩] . وأخْرَجَ وكِيعٌ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿فَإذا أمِنتُمْ﴾ قالَ: (p-١١٠)خَرَجْتُمْ مِن دارِ السَّفَرِ إلى دارِ الإقامَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في الآيَةِ قالَ: فَإذا أمِنتُمْ فَصَلُّوا الصَّلاةَ كَما افْتَرَضَ عَلَيْكم، إذا جاءَ الخَوْفُ كانَتْ لَهم رُخْصَةٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب