الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو نُعَيْمٍ في ”الدَّلائِلِ“، وابْنُ عَبْدِ البَرِّ في «التَّمْهِيدِ»، عَنْ يَعْلى بْنِ أُمَيَّةَ قالَ: «جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ وهو بِالجِعِرّانَةِ، وعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وعَلَيْهِ أثَرُ خَلُوقٍ، فَقالَ: كَيْفَ تَأْمُرُنِي يا رَسُولَ اللَّهِ أنْ أصْنَعَ في عُمْرَتِي؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ . فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”أيْنَ السّائِلُ عَنِ العُمْرَةِ؟“ فَقالَ: ها أنا ذا. قالَ: ”اخْلَعِ الجُبَّةَ، واغْسِلْ عَنْكَ أثَرَ الخَلُوقِ، ثُمَّ ما كُنْتَ صانِعًا في حَجِّكَ فاصْنَعْهُ في عُمْرَتِكَ“» . وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ، وأحْمَدُ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، عَنْ يَعْلى بْنِ أُمَيَّةَ قالَ: «جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ وهو بِالجِعِرّانَةِ، عَلَيْهِ جُبَّةٌ وعَلَيْها خَلُوقٌ، فَقالَ: كَيْفَ تَأْمُرُنِي أنْ أصْنَعَ في (p-٣٢٧)عُمْرَتِي؟ قالَ: فَأُنْزِلَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ الوَحْيُ فَتَسَتَّرَ بِثَوْبٍ. وكانَ يَعْلى يَقُولُ: ودِدْتُ أنِّي أرى النَّبِيَّ ﷺ وقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ، فَقالَ عُمَرُ: أيَسُرُّكَ أنْ تَنْظُرَ إلى النَّبِيِّ ﷺ وقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ؟ فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ، فَنَظَرْتُ إلَيْهِ لَهُ غَطِيطٌ كَغَطِيطِ البَكْرِ، فَلَمّا سُرِّيَ عَنْهُ قالَ: ”أيْنَ السّائِلُ عَنِ العُمْرَةِ؟ اغْسِلْ عَنْكَ أثَرَ الخَلُوقِ، واخْلَعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ، واصْنَعْ في عُمْرَتِكَ ما أنْتَ صانِعٌ في حَجِّكَ“» . وأخْرَجَ وكِيعٌ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والنَّحّاسُ في ”ناسِخِهِ“، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ عَلِيٍّ: ﴿وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ قالَ: أنْ تُحْرِمَ مِن دُوَيْرَةِ أهْلِكَ. وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في قَوْلِهِ: ﴿وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾: ”إنَّ تَمامَ الحَجِّ أنْ تُحْرِمَ مِن دُوَيْرَةِ أهْلِكَ“» . (p-٣٢٨)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ في قَوْلِهِ: ﴿وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ . قالَ: مِن تَمامِهِما أنْ تُفْرِدَ كُلَّ واحِدٍ مِنهُما عَنِ الآخَرِ، وأنْ تَعْتَمِرَ في غَيْرِ أشْهُرِ الحَجِّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: مَن أحْرَمَ بِحَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أنْ يَحِلَّ حَتّى يُتِمَّها، تَمامُ الحَجِّ يَوْمَ النَّحْرِ إذا رَمى جَمْرَةَ العَقَبَةِ وزارَ البَيْتَ فَقَدْ حَلَّ، وتَمامُ العُمْرَةِ إذا طافَ بِالبَيْتِ وبِالصَّفا والمَرْوَةِ إذا حَلَّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: تَمامُهُما ما أمَرَ اللَّهُ فِيهِما. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ في ”فَضائِلِهِ“، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ وإبْراهِيمَ قالا: في قِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ إلى البَيْتِ: لا يُجاوِزُ بِالعُمْرَةِ البَيْتَ، الحَجُّ المَناسِكُ، والعُمْرَةُ البَيْتُ والصَّفا والمَرْوَةُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَلِيٍّ أنَّهُ قَرَأ: ”وأقِيمُوا الحَجَّ (p-٣٢٩)والعُمْرَةَ لِلْبَيْتِ“ . ثُمَّ قالَ: هي واجِبَةٌ مِثْلُ الحَجِّ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، والأصْبَهانِيُّ في «التَّرْغِيبِ»، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: أُمِرْتُمْ بِإقامَةِ أرْبَعٍ؛ أقِيمُوا الصَّلاةَ، وآتُوا الزَّكاةَ، وأقِيمُوا الحَجَّ والعُمْرَةَ إلى البَيْتِ، والحَجُّ الحَجُّ الأكْبَرُ، والعُمْرَةُ الحَجُّ الأصْغَرُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي داوُدَ في ”المَصاحِفِ“، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعاوِيَةَ قالَ: إنِّي لَفي المَسْجِدِ زَمَنَ الوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ في حَلْقَةٍ فِيها حُذَيْفَةُ، ولَيْسَ إذْ ذاكَ حَجَزَةٌ ولا جَلاوِزَةٌ إذْ هَتَفَ هاتِفٌ: مَن كانَ يَقْرَأُ عَلى قِراءَةِ أبِي مُوسى فَلْيَأْتِ الزّاوِيَةَ الَّتِي عِنْدَ أبْوابِ كِنْدَةَ، ومَن كانَ يَقْرَأُ عَلى قِراءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَلْيَأْتِ هَذِهِ الزّاوِيَةَ الَّتِي عِنْدَ دارِ عَبْدِ اللَّهِ، واخْتَلَفا في آيَةٍ في سُورَةِ ”البَقَرَةِ“؛ قَرَأ هَذا: ”وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلْبَيْتِ“ وقَرَأ هَذا: ﴿وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ فَغَضِبَ حُذَيْفَةُ واحْمَرَّتْ عَيْناهُ، ثُمَّ قامَ - وذَلِكَ في زَمَنِ عُثْمانَ - فَقالَ: إمّا أنْ تَرَكَبَ إلى أمِيرِ المُؤْمِنِينَ، وإمّا أنْ أرْكَبَ، فَهَكَذا كانَ مَن قَبْلَكُمْ، ثُمَّ أقْبَلَ فَجَلَسَ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا، فَقاتَلَ بِمَن أقْبَلَ مَن أدْبَرَ، حَتّى أظْهَرَ اللَّهُ دِينَهُ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ قَبَضَهُ، فَطَعَنَ النّاسُ في الإسْلامِ طَعْنَةَ جَوادٍ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ اسْتَخْلَفَ أبا بَكْرٍ، وكانَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ قَبَضَهُ، فَطَعَنَ النّاسُ في الإسْلامِ طَعْنَةَ جَوادٍ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ، فَنَزَلَ وسَطَ الإسْلامِ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ قَبَضَهُ، فَطَعَنَ النّاسُ في الإسْلامِ طَعْنَةَ جَوادٍ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ اسْتَخْلَفَ عُثْمانَ، وايْمُ اللَّهِ، لَيُوشِكَنَّ أنْ تَطْعَنُوا فِيهِ طَعْنَةً (p-٣٣٠)تَحْلِقُونَهُ كُلَّهُ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أنَّهُ قَرَأها: ﴿وأتِمُّوا الحَجَّ﴾ ثُمَّ قَطَعَ، ثُمَّ قالَ: (والعُمْرَةُ لِلَّهِ) . يَعْنِي بِرَفْعِ التّاءِ، وقالَ: هي تَطَوُّعٌ. وأخْرَجَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، والشّافِعِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ طاوُسٍ قالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبّاسٍ: أتَأْمُرُ بِالعُمْرَةِ قَبْلَ الحَجِّ، واللَّهُ تَعالى يَقُولُ: ﴿وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ ؟ فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كَيْفَ تَقْرَءُونَ: ﴿مِن بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِي بِها أوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١١] فَبِأيِّهِما تَبْدَءُونَ؟ قالُوا: بِالدَّيْنِ. قالَ: فَهو ذاكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والدّارَقُطْنِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: العُمْرَةُ واجِبَةٌ كَوُجُوبِ الحَجِّ، مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا. وأخْرَجَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، والشّافِعِيُّ في «الأُمِّ»، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ (p-٣٣١)قالَ: واللَّهِ إنَّها لَقَرِينَتُها في كِتابِ اللَّهِ: ﴿وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، كِلاهُما في «المُصَنَّفِ»، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قالَ: أُمِرْتُمْ في القُرْآنِ بِإقامَةِ أرْبَعٍ؛ أقِيمُوا الصَّلاةَ، وآتُوا الزَّكاةَ، وأقِيمُوا الحَجَّ والعُمْرَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: العُمْرَةُ الحَجَّةُ الصُّغْرى. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي داوُدَ في ”المَصاحِفِ“، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أنَّهُ قَرَأ: وأقِيمُوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلْبَيْتِ ثُمَّ قالَ: واللَّهِ لَوْلا التَّحَرُّجُ أنِّي لَمْ أسْمَعْ فِيها مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَيْئًا لَقُلْنا: إنَّ العُمْرَةَ واجِبَةٌ مِثْلُ الحَجِّ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: العُمْرَةُ واجِبَةٌ، لَيْسَ أحَدٌ مِن خَلْقِ اللَّهِ إلّا عَلَيْهِ حَجَّةٌ وعُمْرَةٌ واجِبَتانِ، مَنِ اسْتَطاعَ إلى ذَلِكَ سَبِيلًا. (p-٣٣٢)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ طاوُسٍ قالَ: العُمْرَةُ عَلى النّاسِ كُلِّهِمْ، إلّا عَلى أهْلِ مَكَّةَ، فَإنَّها لَيْسَتْ عَلَيْهِمْ عُمْرَةٌ، إلّا أنْ يَقْدَمَ أحَدٌ مِنهم مِن أُفُقٍ مِنَ الآفاقِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: لَيْسَ أحَدٌ مِن خَلْقِ اللَّهِ إلّا عَلَيْهِ حَجَّةٌ وعُمْرَةٌ واجِبَتانِ، مَنِ اسْتَطاعَ إلى ذَلِكَ سَبِيلًا كَما قالَ اللَّهُ، حَتّى أهْلُ بِوادِينا، إلّا أهْلَ مَكَّةَ، فَإنَّ عَلَيْهِمْ حَجَّةً ولَيْسَتْ عَلَيْهِمْ عُمْرَةٌ؛ مِن أجْلِ أنَّهم أهْلُ البَيْتِ، وإنَّما العُمْرَةُ مِن أجْلِ الطَّوافِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والحاكِمُ، مِن طَرِيقِ عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الحَجُّ والعُمْرَةُ فَرِيضَتانِ عَلى النّاسِ كُلِّهِمْ، إلّا أهْلَ مَكَّةَ، فَإنَّ عُمْرَتَهم طَوافُهُمْ، فَمَن جَعَلَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الحَرَمِ بَطْنَ وادٍ، فَلا يَدْخُلْ مَكَّةَ إلّا بِالإحْرامِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: لَيْسَ عَلى أهْلِ مَكَّةَ عُمْرَةٌ، إنَّما يَعْتَمِرُ مَن زارَ البَيْتَ لِيَطُوفَ بِهِ، وأهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ مَتّى شاءُوا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: الحَجُّ فَرِيضَةٌ، والعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ. (p-٣٣٣)وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ في «الأُمِّ»، وعَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي صالِحٍ ماهانَ الحَنَفِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”الحَجَّ جِهادٌ والعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ“» . وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ”«الحَجُّ جِهادٌ والعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «أنَّ رَجُلًا سَألَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ العُمْرَةِ: أواجِبَةٌ هِيَ؟ قالَ: ”لا، وأنْ تَعْتَمِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ“» . وأخْرَجَ الحاكِمُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«إنَّ الحَجَّ والعُمْرَةَ فَرِيضَتانِ، لا يَضُرُّكَ بِأيِّهِما بَدَأْتَ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والحاكِمُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أنَّ زَيْدَ بْنَ ثابِتٍ سُئِلَ عَنِ العُمْرَةِ قَبْلَ الحَجِّ، قالَ: صَلاتانِ - وفي لَفْظٍ: نُسُكانِ- لِلَّهِ عَلَيْكَ، لا يَضُرُّكَ بِأيِّهِما بَدَأْتَ. (p-٣٣٤)وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ في «الأُمِّ»، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، أنَّ في الكِتابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «”إنَّ العُمْرَةَ هي الحَجُّ الأصْغَرُ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ»، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: أوْصِنِي. قالَ: ”تَعْبُدُ اللَّهَ، ولا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وتُقِيمُ الصَّلاةَ، وتُؤْتِي الزَّكاةَ، وتَصُومُ شَهْرَ رَمَضانَ، وتَحُجُّ وتَعْتَمِرُ، وتَسْمَعُ وتُطِيعُ، وعَلَيْكَ بِالعَلانِيَةِ، وإيّاكَ والسِّرَّ“» . وأخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ حِبّانَ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«أفْضَلُ الأعْمالِ عِنْدَ اللَّهِ إيمانٌ لا شَكَّ فِيهِ، وغَزْوٌ لا غُلُولَ فِيهِ، وحَجٌّ مَبْرُورٌ“» . وأخْرَجَ مالِكٌ في «المُوَطَّأِ»، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «”العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفّارَةٌ لِما بَيْنَهُما، والحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزاءٌ إلّا الجَنَّةُ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ عامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ مَرْفُوعًا، مِثْلَهُ. (p-٣٣٥)وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ»، والأصْبَهانِيُّ في «التَّرْغِيبِ»، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«ما سَبَّحَ الحاجُّ مِن تَسْبِيحَةٍ، ولا هَلَّلَ مِن تَهْلِيلَةٍ، ولا كَبَّرَ مِن تَكْبِيرَةٍ، إلّا بُشِّرَ بِها تَبْشِيرَةً“» . وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ العاصِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”إنَّ الإسْلامَ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ، وإنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَها، وإنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ“» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، عَنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قالَ: «جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: إنِّي جَبانٌ، وإنِّي ضَعِيفٌ، فَقالَ: ”هَلُمَّ إلى جِهادٍ لا شَوْكَةَ فِيهِ؛ الحَجِّ“» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في «المُصَنَّفِ»، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قالَ: «سَألَ رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الجِهادِ، فَقالَ: ”ألا أدُلُّكَ عَلى جِهادٍ لا شَوْكَةَ فِيهِ؟ الحَجِّ“» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ قالَ: «جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: إنِّي رَجُلٌ جَبانٌ، ولا أُطِيقُ لِقاءَ العَدُوِّ، فَقالَ: ”ألا أدُلُّكَ عَلى جِهادٍ لا قِتالَ فِيهِ؟“ قالَ: بَلى يا رَسُولَ اللَّهِ. قالَ: ”عَلَيْكَ بِالحَجِّ (p-٣٣٦)والعُمْرَةِ“» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، نَرى الجِهادَ أفْضَلَ العَمَلِ، أفَلا نُجاهِدُ؟ فَقالَ: ”لَكِنَّ أفْضَلَ الجِهادِ؛ حَجٌّ مَبْرُورٌ“ . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ أبِي داوُدَ في ”المَصاحِفِ“، وابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ عَلى النِّساءِ مِن جِهادٍ؟ قالَ: ”عَلَيْهِنَّ جِهادٌ لا قِتالَ فِيهِ؛ الحَجُّ والعُمْرَةُ“» . وأخْرَجَ النَّسائِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”«جِهادُ الكَبِيرِ والضَّعِيفِ والمَرْأةِ: الحَجُّ والعُمْرَةُ“» . وأخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ”«الإسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وأنْ تُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتِيَ الزَّكاةَ، وتَحُجَّ وتَعْتَمِرَ، وتَغْتَسِلَ مِنَ الجَنابَةِ، وأنْ تُتِمَّ الوُضُوءَ، وتَصُومَ رَمَضانَ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ ماجَهْ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ (p-٣٣٧)اللَّهِ ﷺ: «”الحَجُّ جِهادُ كُلِّ ضَعِيفٍ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والطَّبَرانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«أفْضَلُ الأعْمالِ حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ، أوْ عُمْرَةٌ مَبْرُورَةٌ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والطَّبَرانِيُّ، عَنْ ماعِزٍ، «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ سُئِلَ: أيُّ الأعْمالِ أفْضَلُ؟ قالَ: ”إيمانٌ بِاللَّهِ وحْدَهُ، ثُمَّ الجِهادُ، ثُمَّ حَجَّةٌ بَرَّةٌ تَفْضُلُ سائِرَ الأعْمالِ كَما بَيْنَ مَطْلِعِ الشَّمْسِ ومَغْرِبِها“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، والطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ جابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «”الحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزاءٌ إلّا الجَنَّةُ“ . قِيلَ: وما بِرُّهُ؟ قالَ: ”إطْعامُ الطَّعامِ، وطِيبُ الكَلامِ“ . وفي لَفْظٍ: ”وإفْشاءُ السَّلامِ“» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرادٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«حُجُّوا؛ فَإنَّ الحَجَّ يَغْسِلُ الذُّنُوبَ كَما يَغْسِلُ الماءُ الدَّرَنَ“» . (p-٣٣٨)وأخْرَجَ البَزّارُ، عَنْ أبِي مُوسى رَفَعَهُ إلى النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ”«الحاجُّ يَشْفَعُ في أرْبَعِمِائَةٍ مِن أهْلِ بَيْتِهِ، ويَخْرُجُ مِن ذُنُوبِهِ كَما ولَدَتْهُ أُمُّهُ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ»، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ أبا القاسِمِ ﷺ يَقُولُ: «”مَن جاءَ يَؤُمُّ البَيْتَ الحَرامَ، فَرَكِبَ بِعِيرَهُ، فَما يَرْفَعُ خُفًّا ولا يَضَعُ خُفًّا إلّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِها حَسَنَةً، وحَطَّ عَنْهُ بِها خَطِيئَةً، ورَفَعَ لَهُ بِها دَرَجَةً، حَتّى إذا انْتَهى إلى البَيْتِ فَطافَ، وطافَ بَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلَقَ أوْ قَصَّرَ، خَرَجَ مِن ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ، فَلْيَسْتَأْنِفِ العَمَلَ“» . وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«وفْدُ اللَّهِ ثَلاثَةٌ؛ الغازِي، والحاجُّ، والمُعْتَمِرُ“» . وأخْرَجَ البَزّارُ، عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”الحُجّاجُ والعُمّارُ وفْدُ اللَّهِ، دَعاهم فَأجابُوهُ، وسَألُوهُ فَأعْطاهُمْ“» . وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، وابْنُ حِبّانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ”«الغازِي في سَبِيلِ اللَّهِ، والحاجُّ والمُعْتَمِرُ وفْدُ اللَّهِ، دَعاهم فَأجابُوهُ، وسَألُوهُ فَأعْطاهُمْ“» . (p-٣٣٩)وأخْرَجَ النَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ حِبّانَ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”الحُجّاجُ والعُمّارُ وفْدُ اللَّهِ؛ إنْ دَعَوْهُ أجابَهُمْ، وإنِ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَوْ يَعْلَمُ المُقِيمُونَ ما لِلْحُجّاجِ عَلَيْهِمْ مِنَ الحَقِّ لَأتَوْهم حِينَ يَقْدَمُونَ حَتّى يُقَبِّلُوا رَواحِلَهُمْ؛ لِأنَّهم وفْدُ اللَّهِ مِن جَمِيعِ النّاسِ. وأخْرَجَ البَزّارُ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، والطَّبَرانِيُّ في «الصَّغِيرِ»، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”يُغْفَرُ لِلْحاجِّ ولِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الحاجُّ بَقَيَّةَ ذِي الحِجَّةِ والمُحَرَّمِ وصَفَرَ وعَشْرًا مِن رَبِيعٍ الأوَّلِ“، وفي لَفْظٍ: ”اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْحاجِّ، ولِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الحاجُّ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، ومُسَدَّدٌ في ”مُسْنَدِهِ“، عَنْ عُمَرَ قالَ: يُغْفَرُ لِلْحاجِّ ولِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الحاجُّ بَقِيَّةَ ذِي الحِجَّةِ والمُحَرَّمَ وصَفَرَ وعَشْرًا مِن رَبِيعٍ الأوَّلِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عُمَرَ أنَّهُ خَطَبَ عِنْدَ بابِ الكَعْبَةِ فَقالَ: ما مِن أحَدٍ (p-٣٤٠)يَجِيءُ إلى هَذا البَيْتِ، لا يَنْهَزُهُ غَيْرُ صَلاةٍ فِيهِ، حَتّى يَسْتَلِمَ الحَجَرَ، إلّا كُفِّرَ عَنْهُ ما كانَ قَبْلَ ذَلِكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عُمَرَ، قالَ: مَن حَجَّ هَذا البَيْتَ، لا يُرِيدُ غَيْرَهُ، خَرَجَ مِن ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ. وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أُمِّ مَعْقِلٍ، «أنَّ زَوْجَها جَعَلَ بَكْرًا في سَبِيلِ اللَّهِ، وأنَّها أرادَتِ العُمْرَةَ، فَسَألَتْ زَوْجَها البَكْرَ، فَأبى عَلَيْها، فَأتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَأمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ يُعْطِيَها، وقالَ: ”إنَّ الحَجَّ والعُمْرَةَ لَمِن سَبِيلِ اللَّهِ، وإنَّ عُمْرَةً في رَمَضانَ تَعْدِلُ حَجَّةً أوْ تُجْزِئُ بِحَجَّةٍ“» . وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «أرادَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الحَجَّ، فَقالَتِ امْرَأةٌ لِزَوْجِها: حُجَّ بِي، قالَ: ما عِنْدِي ما أحُجُّ بِكِ عَلَيْهِ، قالَتْ: فَحُجَّ بِي عَلى ناضِحِكَ. قالَ: ذاكَ نَعْتَقِبُهُ أنا ووَلَدُكِ، قالَتْ: فَحُجَّ بِي عَلى جَمَلِكَ فُلانٍ. قالَ: ذاكَ حَبِيسٌ في سَبِيلِ اللَّهِ. قالَتْ: فَبِعْ تَمْرَ رَفِّكَ. قالَ: ذاكَ (p-٣٤١)قُوتِي وقُوتُكِ، فَلَمّا رَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ مِن مَكَّةَ أرْسَلَتْ إلَيْهِ زَوْجَها، فَقالَتْ: أقْرِئْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنِّي السَّلامَ، وسَلْهُ: ما يَعْدِلُ حَجَّةً مَعَكَ؟ فَأتى زَوْجُها النَّبِيَّ ﷺ، فَأخْبَرَهُ فَقالَ: ”أما أنَّكَ لَوْ كُنْتَ حَجَجْتَ بِها عَلى الجَمَلِ الحَبِيسِ كانَ في سَبِيلِ اللَّهِ“، وضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَعَجُّبًا مِن حِرْصِها عَلى الحَجِّ، وقالَ: ”أقْرِئْها مِنِّي السَّلامَ ورَحْمَةَ اللَّهِ، وأخْبِرْها أنَّها تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي عُمْرَةٌ في رَمَضانَ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ عائِشَةَ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ لَها في عُمْرَتِها: «”إنَّ لَكِ مِنَ الأجْرِ عَلى قَدْرِ نَصَبِكِ ونَفَقَتِكِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، أنَّ قَوْمًا مَرُّوا بِأبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، فَقالَ لَهم: ما أنْصَبَكم إلّا الحَجُّ، اسْتَأْنِفُوا العَمَلَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ إبْراهِيمَ، أنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قالَ لِقَوْمٍ ذَلِكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ قالَ: قُلْتُ لِعَطاءٍ: أبَلَغَكَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”اسْتَقْبِلُوا العَمَلَ بَعْدَ الحَجِّ ؟“ قالَ: لا، ولَكِنْ عُثْمانُ وأبُو ذَرٍّ. (p-٣٤٢)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ كَعْبٍ، أنَّهُ رَأى قَوْمًا مِنَ الحُجّاجِ فَقالَ: لَوْ يَعْلَمُ هَؤُلاءِ ما لَهم بَعْدَ المَغْفِرَةِ لَقَرَّتْ عُيُونُهم. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ كَعْبٍ قالَ: إذا كَبَّرَ الحاجُّ والمُعْتَمِرُ والغازِي، كَبَّرَ الدَّوُّ الَّذِي يَلِيهِ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، حَتّى يَنْقَطِعَ في الأُفُقِ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«مَن أرادَ الحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ؛ فَإنَّهُ قَدْ تَضِلُّ الضّالَّةُ، ويَمْرَضُ المَرِيضُ، وتَكُونُ الحاجَةُ“» . وأخْرَجَ الأصْبَهانِيُّ في «التَّرْغِيبِ»، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”تَعَجَّلُوا إلى الحَجِّ - يَعْنِي الفَرِيضَةَ - فَإنَّ أحَدَكم لا يَدْرِي ما يَعْرِضُ لَهُ“» . وأخْرَجَ الأصْبَهانِيُّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«ما مِن عَبْدٍ ولا أمَةٍ يَضِنُّ بِنَفَقَةٍ يُنْفِقُها فِيما يُرْضِي اللَّهَ، إلّا أنْفَقَ أضْعافَها فِيما يُسْخِطُ اللَّهَ، وما مِن عَبْدٍ يَدَعُ الحَجَّ لِحاجَةٍ مِن حَوائِجِ (p-٣٤٣)الدُّنْيا، إلّا رَأى المُخَلَّفِينَ قَبْلَ أنْ يَقْضِيَ تِلْكَ الحاجَةَ، وما مِن عَبْدٍ يَدَعُ المَشْيَ في حاجَةِ أخِيهِ قُضِيَتْ أوْ لَمْ تُقْضَ، إلّا ابْتُلِيَ بِمَعُونَةِ مَن يَأْثَمُ عَلَيْهِ ولا يُؤْجَرُ فِيهِ» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، عَنْ أبِي ذَرٍّ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «“إنَّ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ: إلَهِي، ما لِعِبادِكَ إذا هم زارُوكَ في بَيْتِكَ؟ قالَ: لِكُلِّ زائِرٍ حَقٌّ عَلى المَزُورِ، حَقًّا يا داوُدُ، إنَّ لَهم أنْ أُعافِيَهم في الدُّنْيا، وأغْفِرَ لَهم إذا لَقِيتُهم» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«ما راحَ مُسْلِمٌ في سَبِيلِ اللَّهِ مُجاهِدًا أوْ حاجًّا، مُهِلًّا أوْ مُلَبِّيًا، إلّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ بِذُنُوبِهِ، وخَرَجَ مِنها“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ»، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”«الحُجّاجُ والعُمّارُ وفْدُ اللَّهِ؛ إنْ سَألُوا أُعْطُوا، وإنْ دَعَوْا أُجِيبُوا، وإنْ أنْفَقُوا أخْلَفَ لَهُمْ، والَّذِي نَفْسُ أبِي القاسِمِ بِيَدِهِ، ما كَبَّرَ مُكَبِّرٌ عَلى نَشَزٍ، ولا أهَلَّ مُهِلٌّ عَلى شَرَفٍ مِنَ الأشْرافِ، إلّا أهَلَّ ما بَيْنَ يَدَيْهِ وكَبَّرَ (p-٣٤٤)حَتّى يَنْقَطِعَ مِنهُ مُنْقَطَعُ التُّرابِ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”الحُجّاجُ والعُمّارُ وفْدُ اللَّهِ؛ يُعْطِيهِمْ ما سَألُوا، ويَسْتَجِيبُ لَهم ما دَعَوْا، ويُخْلِفُ عَلَيْهِمْ ما أنْفَقُوا، الدِّرْهَمَ بِألْفِ ألْفٍ» . وأخْرَجَ البَزّارُ، والطَّبَرانِيُّ في“الأوْسَطِ”، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَرْفَعُهُ قالَ: «“ ما أمْعَرَ حاجٌّ قَطُّ”. قِيلَ لِجابِرٍ: ما الإمْعارُ؟ قالَ: ما افْتَقَرَ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ حِبّانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «تابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ والعُمْرَةِ؛ فَإنَّهُما يَنْفِيانِ الفَقْرَ والذُّنُوبَ، كَما يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ والذَّهَبِ والفِضَّةِ، ولَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوابٌ دُونَ الجَنَّةِ، وما مِن مُؤْمِنٍ يَظَلُّ يَوْمَهُ مُحْرِمًا إلّا غابَتِ الشَّمْسُ بِذُنُوبِهِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ:“ «تابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ والعُمْرَةِ، فَإنَّ المُتابَعَةَ بَيْنَهُما تَنْفِي الفَقْرَ (p-٣٤٥)والذُّنُوبَ، كَما يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ”» . وأخْرَجَ البَزّارُ، عَنْ جابِرٍ مَرْفُوعًا، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ الحارِثُ بْنُ أبِي أُسامَةَ في“مُسْنَدِهِ”، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، عَنْ عامِرِ بْنِ رَبِيعٍ مَرْفُوعًا، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ:“ «ما أهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ، ولا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قَطُّ إلّا بُشِّرَ”، قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، بِالجَنَّةِ؟ قالَ:“نَعَمْ”» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ»، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «ما أهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ إلّا آبَتِ الشَّمْسُ بِذُنُوبِهِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: ما أتى هَذا البَيْتَ طالِبُ حاجَةٍ لِدِينٍ أوْ دُنْيا إلّا رَجَعَ بِحاجَتِهِ. وأخْرَجَ أبُو يَعْلى، والطَّبَرانِيُّ، والدّارَقُطْنِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عائِشَةَ (p-٣٤٦)قالَتْ: وقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «مَن خَرَجَ في هَذا الوَجْهِ بِحَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ فَماتَ فِيهِ، لَمْ يُعْرَضْ، ولَمْ يُحاسَبْ، وقِيلَ لَهُ: ادْخُلِ الجَنَّةَ”. قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ إنَّ اللَّهَ يُباهِي بِالطّائِفِينَ”» . وأخْرَجَ الحارِثُ بْنُ أبِي أُسامَةَ في“مُسْنَدِهِ”، والأصْبَهانِيُّ في «التَّرْغِيبِ»، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «مَن ماتَ في طَرِيقِ مَكَّةَ ذاهِبًا أوْ راجِعًا، لَمْ يُعْرَضْ ولَمْ يُحاسَبْ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ»، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”«مَن أهَلَّ بِالحَجِّ والعُمْرَةِ مِنَ المَسْجِدِ الأقْصى إلى المَسْجِدِ الحَرامِ، غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ وما تَأخَّرَ، ووَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ وضَعَّفَهُ، عَنْ أبِي ذَرٍّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: «”إذا خَرَجَ الحاجُّ مِن أهْلِهِ، فَسارَ ثَلاثَةَ أيّامٍ أوْ ثَلاثَ لَيالٍ، خَرَجَ مِن ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ، وكانَ سائِرُ أيّامِهِ دَرَجاتٌ، ومَن كَفَّنَ مَيِّتًا كَساهُ اللَّهُ مِن ثِيابِ الجَنَّةِ، ومَن غَسَّلَ (p-٣٤٧)مَيِّتًا خَرَجَ مِن ذُنُوبِهِ، ومَن حَثى عَلَيْهِ التُّرابَ في قَبْرِهِ كانَتْ لَهُ بِكُلِّ هَباءَةٍ أثْقَلُ في مِيزانِهِ مِن جَبَلٍ مِنَ الجِبالِ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ”«ما تَرْفَعُ إبِلُ الحاجَّ رِجْلًا ولا تَضَعُ يَدًا، إلّا كَتَبَ لَهُ اللَّهُ بِها حَسَنَةً، أوْ مَحا عَنْهُ سَيِّئَةً، أوْ رَفَعَهُ بِها دَرَجَةً“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ الأصْبَهانِيِّ قالَ: قُلْتُ لِعَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ: أبَلَغَكَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”يَسْتَأْنِفُونَ العَمَلَ؟“ يَعْنِي الحاجَّ، قالَ: لا، ولَكِنْ بَلَغَنِي عَنْ عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ، وأبِي ذَرٍّ الغِفارِيِّ، أنَّهُما قالا: يَسْتَقْبِلُونَ العَمَلَ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَجُلًا مَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الخَطّابِ، وقَدْ قَضى نُسُكَهُ، فَقالَ لَهُ عُمَرُ: أحَجَجْتَ؟ قالَ: نَعَمْ، فَقالَ لَهُ: اجْتَنَبْتَ ما نُهِيتَ عَنْهُ ؟ فَقالَ: ما ألَوْتُ. قالَ عُمَرُ: اسْتَقْبِلْ عَمَلَكَ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ لَيُدْخِلُ بِالحَجَّةِ الواحِدَةِ ثَلاثَةَ نَفَرٍ الجَنَّةَ؛ المَيِّتَ، والحاجَّ عَنْهُ، والمُنْفِذَ ذَلِكَ“» . (p-٣٤٨)يَعْنِي الوَصِيَّ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في «المُصَنَّفِ»، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ في ”مُسْنَدِهِ“، وأبُو يَعْلى، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«يَقُولُ تَبارَكَ وتَعالى: إنَّ عَبْدًا أصْحَحْتُ لَهُ جِسْمَهُ، وأوْسَعْتُ لَهُ في رِزْقِهِ، يَأْتِي عَلَيْهِ خَمْسُ سِنِينَ لا يَفِدُ إلَيَّ لَمَحْرُومٌ“» . وأخْرَجَ أبُو يَعْلى، عَنْ خَبّابِ بْنِ الأرَتِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ”إنَّ عَبْدًا أصْحَحْتُ لَهُ جِسْمَهُ، وأوْسَعْتُ لَهُ في الرِّزْقِ، يَأْتِي عَلَيْهِ خَمْسُ حِجَجٍ لَمْ يَأْتِ إلَيَّ فِيهِنَّ لَمَحْرُومٌ“» . وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: في كُلِّ شَهْرٍ عُمْرَةٌ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ عُمَرَ قالَ: إذا وضَعْتُمُ السُّرُوجَ فَشُدُّوا الرِّحالَ إلى الحَجِّ والعُمْرَةِ، فَإنَّهُما أحَدُ الجِهادَيْنِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ جابِرِ بْنِ زَيْدٍ قالَ: الصَّوْمُ والصَّلاةُ يُجْهِدانِ البَدَنَ، (p-٣٤٩)ولا يُجْهِدانِ المالَ، والصَّدَقَةُ تُجْهِدُ المالَ، ولا تُجْهِدُ البَدَنَ، وإنِّي لا أعْلَمُ شَيْئًا أجْهَدَ لِلْمالِ والبَدَنِ مِنَ الحَجِّ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنْ أُحْصِرْتُمْ فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ﴾ وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَإنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ يَقُولُ: مَن أحْرَمَ بِحَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ، ثُمَّ حُبِسَ عَنِ البَيْتِ بِمَرَضٍ يُجْهِدُهُ، أوْ عَدُوٍّ يَحْبِسُهُ، فَعَلَيْهِ ذَبْحُ ما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ؛ شاةٌ فَما فَوْقَها، فَإنْ كانَتْ حَجَّةَ الإسْلامِ فَعَلَيْهِ قَضاؤُها، وإنْ كانَتْ بَعْدَ حَجَّةِ الفَرِيضَهِ فَلا قَضاءَ عَلَيْهِ، ﴿ولا تَحْلِقُوا رُءُوسَكم حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ . فَإنْ كانَ أحْرَمَ بِالحَجِّ فَمَحِلُّهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وإنْ كانَ أحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَمَحِلُّ هَدْيِهِ إذا أتى البَيْتَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ الآيَةَ. قالَ: هو الرَّجُلُ مِن أصْحابِ مُحَمَّدٍ كانَ يُحْبَسُ عَنِ البَيْتِ، فَيُهْدِي إلى البَيْتِ، ويَمْكُثُ عَلى إحْرامِهِ حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَإنْ بَلَغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ حَلَقَ رَأْسَهُ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ إبْراهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ الآيَةَ، يَقُولُ: إذا أهَلَّ الرَّجُلُ بِالحَجِّ فَأُحْصِرَ، بَعَثَ بِما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ، فَإنْ هو عَجَّلَ قَبْلَ أنْ (p-٣٥٠)يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَحَلَقَ رَأسَهُ، أوْ مَسَّ طِيبًا، أوْ تَداوى بِدَواءٍ، كانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ ”مِن صِيامٍ أوْ صَدَقَةٍ أوْ نُسُكٍ“، والصِّيامُ ثَلاثَةَ أيّامٍ، والصَّدَقَةُ ثَلاثَةَ آصُعٍ عَلى سِتَّةِ مَساكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صاعٍ، والنُّسُكُ شاةٌ ﴿فَإذا أمِنتُمْ﴾ . يَقُولُ: فَإذا بَرِئَ فَمَضى مِن وجْهِهِ ذَلِكَ إلى البَيْتِ، أحَلَّ مِن حَجَّتِهِ بِعُمْرَةٍ، وكانَ عَلَيْهِ الحَجُّ مِن قابِلٍ، فَإنْ هو رَجَعَ ولَمْ يُتِمَّ مِن وجْهِهِ ذَلِكَ إلى البَيْتِ، كانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ وعُمْرَةٌ، فَإنْ رَجَعَ مُتَمَتِّعًا في أشْهُرِ الحَجِّ كانَ عَلَيْهِ ما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ شاةٌ، فَإنْ هو لَمْ يَجِدْ ﴿فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ في الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ . قالَ إبْراهِيمُ: فَذَكَرْتُ هَذا الحَدِيثَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقالَ: هَكَذا قالَ ابْنُ عَبّاسٍ في هَذا الحَدِيثِ كُلِّهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الحَصْرُ حَبْسٌ كُلُّهُ. وأخْرَجَ مالِكٌ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ عَلِيٍّ في قَوْلِهِ: ﴿فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ﴾ قالَ: شاةٌ. (p-٣٥١)وأخْرَجَ وكِيعٌ، وسُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ، مِن طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: ﴿فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ﴾ قالَ: شاةٌ. وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ في ”الأُمِّ“، ووَكِيعٌ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ، مِن طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: ﴿فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ﴾ قالَ: بَقَرَةٌ أوْ جَزُورٌ، قِيلَ: أوَما يَكْفِيهِ شاةٌ؟ قالَ: لا. وأخْرَجَ وكِيعٌ، وسُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ﴾ قالَ: ما يَجِدُ، قَدْ يَسْتَيْسِرُ عَلى الرَّجُلِ الجَزُورُ والجَزُورانِ. وأخْرَجَ وكِيعٌ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: مِنَ الأزْواجِ الثَّمانِيَةِ، مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والضَّأْنِ والمَعْزِ، عَلى قَدْرِ المَيْسَرَةِ، وما عَظُمَتْ فَهو أفْضَلُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ﴾ . قالَ: عَلَيْهِ هَدْيٌ؛ إنْ كانَ مُوسَرًا فَمِنَ الإبِلِ، وإلّا فَمِنَ البَقَرِ، وإلّا فَمِنَ الغَنَمِ. وأخْرَجَ وكِيعٌ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ القاسِمِ، عَنْ عائِشَةَ، وابْنِ عُمَرَ، أنَّهُما كانا لا يَرَيانِ ما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ إلّا مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ، وكانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقُولُ: ما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ الشّاةُ. وأخْرَجَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، والشّافِعِيُّ في «الأُمِّ»، وعَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لا حَصْرَ إلّا حَصْرُ العَدُوِّ، فَأمّا مَن أصابَهُ مَرَضٌ أوْ وجَعٌ أوْ ضَلالٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، إنَّما قالَ اللَّهُ: ﴿فَإذا أمِنتُمْ﴾ فَلا يَكُونُ الأمْنُ إلّا مِنَ الخَوْفِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: لا إحْصارَ إلّا مِن عَدُوٍّ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: لا إحْصارَ إلّا مِنَ الحَرْبِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: لا إحْصارَ إلّا مِن مَرَضٍ أوْ عَدُوٍّ أوْ أمْرٍ حابِسٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عُرْوَةَ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ حَبَسَ المُحْرِمَ فَهو إحْصارٌ. (p-٣٥٣)وأخْرَجَ البُخارِيُّ، والنَّسائِيُّ، عَنْ نافِعٍ، «أنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وسالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أخْبَراهُ، أنَّهُما كَلَّما عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَيالِيَ نَزَلَ الجَيْشَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ فَقالَ: لا يَضُرُّكَ أنْ لا تَحُجَّ العامَ، إنّا نَخافُ أنْ يُحالَ بَيْنَكَ وبَيْنَ البَيْتِ، فَقالَ: خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُعْتَمِرِينَ، فَحالَ كُفّارُ قُرَيْشٍ دُونَ البَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِيُّ ﷺ هَدْيَهُ، وحَلَقَ رَأْسَهَ» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَحَلَقَ رَأسَهُ، وجامَعَ نِساءَهُ، ونَحَرَ هَدْيَهُ حَتّى اعْتَمَرَ عامًا قابِلًا» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تَحْلِقُوا رُءُوسَكم حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ . أخْرَجَ البُخارِيُّ، عَنِ المِسْوَرِ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَحَرَ قَبْلَ أنْ يَحْلِقَ، وأمَرَ أصْحابَهُ بِذَلِكَ» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ تَعْلِيقًا، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّما البَدَلُ عَلى مَن نَقَضَ حَجَّهُ بِالتِذاذٍ، وأمّا مَن حَبَسَهُ عُذْرٌ أوْ غَيْرُ ذَلِكَ، فَإنَّهُ لا يَحِلُّ ولا يَرْجِعُ، وإنْ كانَ مَعَهُ هَدْيٌ وهو مَحْصَرٌ، نَحَرَهُ إنْ كانَ لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَبْعَثَ بِهِ، وإنِ اسْتَطاعَ أنْ (p-٣٥٤)يَبْعَثَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ. وأخْرَجَ الحاكِمُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّ أهْلَ الحُدَيْبِيَةِ أُمِرُوا بِإبْدالِ الهَدْيِ في العامِ الَّذِي دَخَلُوا فِيهِ مَكَةَ، فَأبْدَلُوا، وعَزَّتِ الإبِلُ فَرُخِّصَ لَهم في مَن لا يَجِدُ بَدَنَةً في اشْتِراءِ بَقَرَةٍ. وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي حاضِرٍ الحِمْيَرِيِّ قالَ: «خَرَجْتُ مُعْتَمِرًا عامَ حُوصِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ ومَعِي هَدْيٌ، فَمُنِعْنا أنْ نَدْخُلَ الحَرَمَ، فَنَحَرْتُ الهَدْيَ مَكانِي، وأحْلَلْتُ، فَلَمّا كانَ العامُ المُقْبِلُ خَرَجْتُ لِأقْضِيَ عُمْرَتِي، فَأتَيْتُ ابْنَ عَبّاسٍ فَسَألْتُهُ، فَقالَ: أبْدِلِ الهَدْيَ، فَإنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أمَرَ أصْحابَهُ أنْ يُبَدِّلُوا الهَدْيَ الَّذِي نَحَرُوا عامَ الحُدَيْبِيَةِ في عُمْرَةِ القَضاءِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ إبْراهِيمَ قالَ: إذا حَلَقَ قَبْلَ أنْ يَذْبَحَ أهْراقَ لِذَلِكَ دَمًا ثُمَّ قَرَأ: ﴿ولا تَحْلِقُوا رُءُوسَكم حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الأعْرَجِ أنَّهُ قَرَأ: (حَتّى يَبْلُغَ الهَدِيُّ مَحِلَّهُ) و(هَدِيًّا بالِغَ الكَعْبَةِ) بِكَسْرِ الدّالِ مُثَقَّلًا. * * * (p-٣٥٥)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا أوْ بِهِ أذًى مِن رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِن صِيامٍ أوْ صَدَقَةٍ أوْ نُسُكٍ﴾ . أخْرَجَ أحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ والطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قالَ: «كُنّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالحُدَيْبِيَةِ ونَحْنُ مُحْرِمُونَ، وقَدْ حَصَرَنا المُشْرِكُونَ، وكانَتْ لِي وفْرَةٌ، فَجَعَلَتِ الهَوامُّ تَسّاقَطُ عَلى وجْهِي، فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ ﷺ فَقالَ: ”أيُؤْذِيكَ هَوامُّ رَأْسِكَ“؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَأمَرَنِي أنْ أحْلِقَ. قالَ: ونَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا أوْ بِهِ أذًى مِن رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِن صِيامٍ أوْ صَدَقَةٍ أوْ نُسُكٍ﴾ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”صُمْ ثَلاثَةَ أيّامٍ، أوْ تَصَدَّقْ بِفَرَقٍ بَيْنَ سِتَّةٍ، أوِ انْسُكْ مِمّا تَيَسَّرَ“» . وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ”ناسِخِهِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا﴾ ثُمَّ اسْتَثْنى فَقالَ: ﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا أوْ بِهِ أذًى مِن رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِن صِيامٍ أوْ صَدَقَةٍ أوْ نُسُكٍ﴾ . وأخْرَجَ وكِيعٌ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ حِبّانَ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قالَ: «قَعَدْتُ إلى كَعْبِ بْنِ (p-٣٥٦)عُجْرَةَ» فَسَألْتُهُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿فَفِدْيَةٌ مِن صِيامٍ أوْ صَدَقَةٍ أوْ نُسُكٍ﴾ . فَقالَ: نَزَلَتْ فِيَّ، كانَ بِي أذًى مِن رَأْسِي، فَحُمِلْتُ إلى النَّبِيِّ ﷺ والقَمْلُ يَتَناثَرُ عَلى وجْهِي، فَقالَ: ”ما كُنْتُ أرى أنَّ الجَهْدَ بَلَغَ بِكَ هَذا، أما تَجِدُ شاةً؟“ قُلْتُ: لا، قالَ: ”صُمْ ثَلاثَةَ أيّامٍ، أوْ أطْعِمْ سِتَّةَ مَساكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صاعٍ مِن طَعامٍ، واحْلِقْ رَأْسَكَ“، فَنَزَلَتْ فِيَّ خاصَّةً وهي لَكم عامَّةٌ. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قالَ: «لَفِيَّ نَزَلَتْ، وإيّايَ عُنِيَ بِها: ﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا أوْ بِهِ أذًى مِن رَأْسِهِ﴾ قالَ لِيَ النَّبِيُّ ﷺ وهو بِالحُدَيْبِيَةِ، وهو عِنْدَ الشَّجَرَةِ: ”أيُؤْذِيكَ هَوامُّكَ“؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَنَزَلَتْ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ والواحِدِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «لَمّا نَزَلْنا الحُدَيْبِيَةَ جاءَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ يَنْتَثِرُ هَوامَّ رَأْسِهِ عَلى وجْهِهِ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَذا القَمْلُ قَدْ أكَلَنِي، فَأنْزَلَ اللَّهُ في ذَلِكَ المَوْقِفِ: ﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا﴾ الآيَةَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”النُّسُكُ شاةٌ، والصِّيامُ ثَلاثَةُ أيّامٍ، والطَّعامُ فَرَقٌ بَيْنَ سِتَّةِ مَساكِينَ“» . (p-٣٥٧)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا﴾ يَعْنِي مَنِ اشْتَدَّ مَرَضُهُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا﴾ يَعْنِي بِالمَرَضِ أنْ يَكُونَ بِرَأْسِهِ أذًى أوْ قُرُوحٌ، ”أوْ بِهِ أذًى مِن رَأْسِهِ“ . قالَ: الأذى هو القَمْلُ. وأخْرَجَ وكِيعٌ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: قُلْتُ لِعَطاءٍ: ما ﴿أوْ بِهِ أذًى مِن رَأْسِهِ﴾ ؟ قالَ: القَمْلُ وغَيْرُهُ، الصُّداعُ وما كانَ في رَأْسِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: النُّسُكُ أنْ يَذْبَحَ شاةً. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: ”أيُؤْذِيكَ هَوامُّ رَأْسِكَ“؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: ”فاحْلِقْهُ وافْتَدِ؛ إمّا صَوْمَ ثَلاثَةِ أيّامٍ، وإمّا أنْ تُطْعِمَ سِتَّةَ مَساكِينَ، أوْ نُسُكُ شاةٍ“» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ فَقالَ: الصِّيامُ ثَلاثَةُ أيّامٍ، والصَّدَقَةُ ثَلاثَةُ آصُعٍ عَلى سِتَّةِ مَساكِينَ، والنُّسُكُ شاةٌ. (p-٣٥٨)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، مِثْلَهَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ في القُرْآنِ: ”أوْ، أوْ“ . فَصاحِبُهُ مُخَيَّرٌ، فَإذا كانَ: ﴿فَمَن لَمْ يَجِدْ﴾ فَهو الأوَّلُ فالأوَّلُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ في القُرْآنِ: ”أوْ، أوْ“ . فَهو خِيارٌ. وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ في «الأُمِّ»، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ في القُرْآنِ ”أوْ، أوْ“ . لَهُ أيُّهُ شاءَ. قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: إلّا قَوْلَهُ تَعالى: ﴿إنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ [المائدة: ٣٣] فَلَيْسَ بِمُخَيَّرٍ فِيها. وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ في القُرْآنِ ”أوْ، أوْ“ يَخْتارُ مِنهُ صاحِبُهُ ما شاءَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ وإبْراهِيمَ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، والضَّحّاكِ، مِثْلَهُ. * * * (p-٣٥٩)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإذا أمِنتُمْ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَن تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ﴾ . يَقُولُ: مَن أحْرَمَ بِالعُمْرَةِ في أشْهُرِ الحَجِّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: التَّمَتُّعُ الِاعْتِمارُ في أشْهُرِ الحَجِّ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أنَّهُ خَطَبَ فَقالَ: يا أيُّها النّاسُ، واللَّهِ ما التَّمَتُّعُ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ كَما تَصْنَعُونَ، إنَّما التَّمَتُّعُ أنْ يُهِلَّ الرَّجُلُ بِالحَجِّ، فَيَحْصُرُهُ عَدُوٌّ أوْ مَرَضٌ أوْ كَسْرٌ، أوْ يَحْبِسُهُ أمْرٌ، حَتّى تَذْهَبَ أيّامُ الحَجِّ، فَيَقْدَمُ فَيَجْعَلُها عُمْرَةً، فَيَتَمَتَّعُ بِحِلَّهِ إلى العامِ المُقْبِلِ، ثُمَّ يَحُجُّ ويُهْدِي هَدْيًا، فَهَذا التَّمَتُّعُ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: كانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: إنَّما المُتْعَةُ لِمَن أُحْصِرَ، ولَيْسَتْ لِمَن خُلِّيَ سَبِيلُهُ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هي لِمَن أُحْصِرَ ومَن خُلِّيَتْ سَبِيلُهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَلِيٍّ في قَوْلِهِ: ﴿فَإذا أمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ﴾ قالَ: فَإنْ أخَّرَ العُمْرَةَ حَتّى يَجْمَعَها مَعَ الحَجِّ فَعَلَيْهِ الهَدْيُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: إنَّما سُمِّيَتِ المُتْعَةَ لِأنَّهم (p-٣٦٠)كانُوا يَتَمَتَّعُونَ مِنَ النِّساءِ والثِّيابِ، وفي لَفْظٍ: يَتَمَتَّعُ بِأهْلِهِ وثِيابِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ إذا حَجُّوا قالُوا: إذا عَفا الوَبَرُ، وتَوَلّى الدُّبُرُ، ودَخَلَ صَفَرُ، حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ. فَأنْزَلَ اللَّهُ التَّمَتُّعَ بِالعُمْرَةِ؛ تَغْيِيرًا لِما كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ يَصْنَعُونَ، وتَرْخِيصًا لِلنّاسِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أبِي جَمْرَةَ، أنَّ رَجُلًا قالَ لِابْنِ عَبّاسٍ: تَمَتَّعْتُ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ، ولِي أرْبَعُونَ دِرْهَمًا، فِيها كَذا، وفِيها كَذا، وفِيها نَفَقَةٌ، فَقالَ: صُمْ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ: ﴿فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ في الحَجِّ﴾ قالَ: قَبْلَ التَّرْوِيَةِ يَوْمٌ، ويَوْمُ التَّرْوِيَةِ، ويَوْمُ عَرَفَةَ، فَإنْ فاتَتْهُ صامَهُنَّ أيّامَ التَّشْرِيقِ. وأخْرَجَ وكِيعٌ، وعَبَدَ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ في قَوْلِهِ: ﴿فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ في الحَجِّ﴾ قالَ: قَبْلَ التَّرْوِيَةِ يَوْمٌ، ويَوْمُ التَّرْوِيَةِ، ويَوْمُ عَرَفَةَ، فَإنْ فاتَهُ صِيامُها صامَها أيّامَ مِنًى فَإنَّهُنَّ مِنَ الحَجِّ. (p-٣٦١)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، ومُجاهِدٍ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الصِّيامُ لِلْمُتَمَتِّعِ ما بَيْنَ إحْرامِهِ إلى يَوْمِ عَرَفَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: إذا لَمْ يَجِدِ المُتَمَتِّعُ بِالعُمْرَةِ هَدْيًا فَعَلَيْهِ صِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ في الحَجِّ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، وإنْ كانَ يَوْمُ عَرَفَةَ الثّالِثَ، فَقَدْ تَمَّ صَوْمُهُ، وسَبْعَةٍ إذا رَجَعَ إلى أهْلِهِ. وأخْرَجَ مالِكٌ والشّافِعِيُّ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: الصِّيامُ لِمَن تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ لِمَن لَمْ يَجِدْ هَدْيًا ما بَيْنَ أنْ يُهِلَّ بِالحَجِّ إلى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإنْ لَمْ يَصُمْ صامَ أيّامَ مِنًى. وأخْرَجَ مالِكٌ، والشّافِعِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، والدّارَقُطْنِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وعائِشَةَ قالا: لَمْ يُرَخَّصْ في أيّامِ التَّشْرِيقِ أنْ يُصَمْنَ إلّا لِمُتَمَتِّعٍ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، والدّارَقُطْنِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «رَخَّصَ (p-٣٦٢)رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلْمُتَمَتِّعِ إذا لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ ولَمْ يَصُمْ حَتّى فاتَتْهُ أيّامُ العَشْرِ أنْ يَصُومَ أيّامَ التَّشْرِيقِ مَكانَها» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ، عَنْ عائِشَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ”«مَن لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَصُمْ ثَلاثَةَ أيّامٍ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، ومَن لَمْ يَكُنْ صامَ تِلْكَ الثَّلاثَةَ أيّامٍ فَلْيَصُمْ أيّامَ التَّشْرِيقِ؛ أيّامَ مِنًى“» . وأخْرَجَ مالِكٌ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذاقَةَ بْنِ قَيْسٍ، فَنادى في أيّامِ التَّشْرِيقِ، فَقالَ: ”إنَّ هَذِهِ أيّامُ أكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرِ اللَّهِ، إلّا مَن كانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ مِن هَدْيٍ“» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ مِن طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذاقَةَ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أمَرَهُ في رَهْطٍ أنْ يَطُوفُوا في مِنًى في حَجَّةِ الوَداعِ فَيُنادُوا: ”أنَّ هَذِهِ أيّامُ أكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرِ اللَّهِ، فَلا صَوْمَ فِيهِنَّ إلّا صَوْمًا في هَدْيٍ» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: لا يُجْزِئُهُ صَوْمُ ثَلاثَةِ أيّامٍ، وهو مُتَمَتِّعٌ إلّا أنْ يُحْرِمَ. (p-٣٦٣)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: لا يَصُومُ مُتَمَتِّعٌ إلّا في العَشْرِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ قالَ: قالَ مُجاهِدٌ: يَصُومُ المُتَمَتِّعُ إنْ شاءَ يَوْمًا مِن شَوّالٍ وإنْ شاءَ يَوْمًا مِن ذِي القِعْدَةِ. قالَ: وقالَ طاوُسٌ وعَطاءٌ: لا يَصُومُ المُتَمَتِّعُ إلّا في العَشْرِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ لَيْثٍ قالَ: قالَ طاوُسٌ وعَطاءٌ: لا يَصُومُ الثَّلاثَةَ إلّا في العَشْرِ. وقالَ مُجاهِدٌ، لا بَأْسَ أنْ يَصُومَهُنَّ في أشْهُرِ الحَجِّ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ «سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الحاجِّ. فَقالَ: أهَلَّ المُهاجِرُونَ والأنْصارُ وأزْواجُ النَّبِيِّ ﷺ في حَجَّةِ الوَداعِ وأهْلَلْنا، فَلَمّا قَدِمْنا مَكَّةَ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ اجْعَلُوا إهْلالَكم بِالحَجِّ عُمْرَةً إلّا مَن قَلَّدَ الهَدْيَ”، فَطُفْنا بِالبَيْتِ وبِالصَّفا والمَرْوَةِ، وأتَيْنا النِّساءَ، ولَبِسْنا الثِّيابَ، وقالَ:“ مَن قَلَّدَ الهَدْيَ فَإنَّهُ لا يُحِلُّ حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ”، ثُمَّ أمَرَنا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أنْ نُهِلَّ بِالحَجِّ، فَإذا فَرَغْنا مِنَ المَناسِكِ جِئْنا فَطُفْنا بِالبَيْتِ وبِالصَّفا والمَرْوَةِ، وقَدْ تَمَّ حَجُّنا، وعَلَيْنا الهَدْيُ، كَما قالَ اللَّهُ: ﴿فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ في الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ إلى أمْصارِكُمْ، والشّاةُ تُجْزِئُ، فَجَمَعُوا نُسُكَيْنِ في (p-٣٦٤)عامٍ بَيْنَ الحَجِّ والعُمْرَةِ، فَإنَّ اللَّهَ أنْزَلَهُ في كِتابِهِ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وأباحَهُ لِلنّاسِ غَيْرِ أهْلِ مَكَّةَ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ وأشْهُرُ الحَجِّ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ: شَوّالٌ وذُو القِعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ، فَمَن تَمَتَّعَ في هَذِهِ الأشْهُرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ أوْ صَوْمٌ، والرَّفَثُ الجِماعُ، والفُسُوقُ المَعاصِي، والجِدالُ المِراءُ» . وأخْرَجَ مالِكٌ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: مَنِ اعْتَمَرَ في أشْهُرِ الحَجِّ؛ في شَوّالٍ، أوْ ذِي القِعْدَةِ، أوْ ذِي الحِجَّةِ، فَقَدِ اسْتَمْتَعَ ووَجَبَ عَلَيْهِ الهَدْيُ، أوِ الصِّيامُ إنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ قالَ: مَنِ اعْتَمَرَ في شَوّالٍ أوْ في ذِي القِعْدَةِ، ثُمَّ قامَ حَتّى يَحُجَّ، فَهو مُتَمَتِّعٌ، عَلَيْهِ ما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ، فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ وسَبْعَةٍ إذا رَجَعَ إلى أهْلِهِ، ومَنِ اعْتَمَرَ في أشْهُرِ الحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ، فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، ذاكَ مَن أقامَ ولَمْ يَرْجِعْ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ قالَ: كانَ أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ إذا اعْتَمَرُوا في أشْهُرِ الحَجِّ، ثُمَّ لَمْ يَحُجُّوا مِن عامِهِمْ ذَلِكَ، لَمْ يُهْدُوا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ عُمَرُ: إذا اعْتَمَرَ في أشْهُرِ الحَجِّ (p-٣٦٥)ثُمَّ أقامَ فَهو مُتَمَتِّعٌ، فَإنْ رَجَعَ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: مَنِ اعْتَمَرَ في أشْهُرِ الحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ إلى بَلَدِهِ ثُمَّ حَجَّ مِن عامِهِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، ذاكَ مَن أقامَ ولَمْ يَرْجِعْ. وأخْرَجَ الحاكِمُ، عَنْ أُبَيٍّ أنَّهُ كانَ يَقْرَؤُها: (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ مُتَتابِعاتٍ) . وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“تارِيخِهِ”، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في“سُنَنِهِ”، عَنِ ابْنِ عُمَرَ في قَوْلِهِ: ﴿وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ قالَ: إلى أهْلِيكم. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ قالَ: إذا رَجَعْتُمْ إلى أمْصارِكم. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ ﴿وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ . قالَ: إلى بِلادِكم حَيْثُ كانَتْ. وأخْرَجَ وكِيعٌ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ . قالَ: إنَّما هي رُخْصَةٌ، إنْ شاءَ صامَهُنَّ في الطَّرِيقِ، وإنْ شاءَ صامَها بَعْدَ ما يَرْجِعُ إلى أهْلِهِ، ولا يُفَرِّقُ بَيْنَهُنَّ. (p-٣٦٦)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَطاءٍ والحَسَنِ: ﴿وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ قالَ عَطاءٌ: في الطَّرِيقِ إنْ شاءَ، وقالَ الحَسَنُ: إذا رَجَعَ إلى مِصْرِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: إنْ أقامَ صامَهُنَّ بِمَكَّةَ إنْ شاءَ. وأخْرَجَ وكِيعٌ، عَنْ عَطاءٍ: ﴿وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ قالَ: إذا قَضَيْتُمْ حَجَّكُمْ، وإذا رَجَعَ إلى أهْلِهِ أحَبُّ إلَيَّ. وأخْرَجَ وكِيعٌ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ طاوُسٍ: ﴿وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ قالَ: إنْ شاءَ فَرَّقَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ﴾ قالَ: كامِلَةٌ مِنَ الهَدْيِ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في حَجَّةِ الوَداعِ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ وأهْدى، فَساقَ مَعَهُ الهَدْيَ مِن ذِي الحُلَيْفَةِ، وبَدَأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأهَلَّ بِالعُمْرَةِ، ثُمَّ أهَلَّ بِالحَجِّ فَتَمَتَّعَ النّاسُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ، فَكانَ مِنَ النّاسِ مَن أهْدى فَساقَ الهَدْيَ، ومِنهم مَن لَمْ يُهْدِ، فَلَمّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ مَكَّةَ قالَ لِلنّاسِ:“ مَن مِنكم أهْدى، فَإنَّهُ لا يَحِلُّ لِشَيْءٍ حَرُمَ مِنهُ حَتّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، ومَن لَمْ يَكُنْ أهْدى فَلْيَطُفْ بِالبَيْتِ وبِالصَّفا والمَرْوَةِ ولْيُقَصِّرْ ولْيَحْلِلْ، ثُمَّ لْيُهِلَّ بِالحَجِّ، فَمَن لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلاثَةَ أيّامٍ (p-٣٦٧)فِي الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذا رَجَعَ إلى أهْلِهِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ قالَ: «نَزَلَتْ آيَةُ المُتْعَةِ في كِتابِ اللَّهِ، وفَعَلْناها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الحَجِّ، ولَمْ يَنْهَ عَنْها حَتّى ماتَ، قالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ ما شاءَ» . وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، عَنْ أبِي نَضْرَةَ قالَ: «كانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَأْمُرُ بِالمُتْعَةِ، وكانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَنْهى عَنْها، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِجابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقالَ: عَلى يَدَيَّ دارَ الحَدِيثُ، تَمَتَّعْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمّا قامَ عُمَرُ قالَ: إنَّ اللَّهَ كانَ يُحِلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ ما شاءَ مِمّا شاءَ، وإنَّ القُرْآنَ قَدْ نَزَلَ مَنازِلَهُ، فَأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ، كَما أمَرَكُمُ اللَّهُ، وافْصِلُوا حَجَّكم عَنْ عُمْرَتِكُمْ، فَإنَّهُ أتَمُّ لِحَجِّكم وأتَمُّ لِعُمْرَتِكم» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والنَّسائِيُّ، عَنْ أبِي مُوسى قالَ: «قَدِمْتُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهو بِالبَطْحاءِ، فَقالَ:“بِمَ أهَلَلْتَ؟”قُلْتُ: أهَلَلْتُ بِإهْلالِ النَّبِيِّ ﷺ . قالَ:“هَلْ سُقْتَ مِن هَدْيٍ؟”قُلْتُ: لا. قالَ:“طُفْ بِالبَيْتِ وبِالصَّفا والمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ”، فَطُفْتُ بِالبَيْتِ وبِالصَّفا والمَرْوَةِ، ثُمَّ أتَيْتُ امْرَأةً مِن (p-٣٦٨)قَوْمِي، فَمَشَّطَتْنِي وغَسَلَتْ رَأْسِي، فَكُنْتُ أُفْتِي النّاسَ بِذَلِكَ في إمارَةِ أبِي بَكْرٍ وإمارَةِ عَمَرَ، فَإنِّي لَقائِمٌ بِالمَوْسِمِ إذا جاءَنِي رَجُلٌ فَقالَ: إنَّكَ لا تَدْرِي ما أحْدَثَ أمِيرُ المُؤْمِنِينَ في شَأْنِ النُّسُكِ، فَقُلْتُ: أيُّها النّاسُ، مَن كُنّا أفْتَيْناهُ بِشَيْءٍ فَلْيَتَّئِدْ، فَهَذا أمِيرُ المُؤْمِنِينَ قادِمٌ عَلَيْكم فَبِهِ فائْتَمُّوا، فَلَمّا قَدِمَ قُلْتُ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، ما هَذا الَّذِي أحْدَثْتَ في شَأْنِ النُّسُكِ؟ قالَ: أنْ نَأْخُذَ بِكِتابِ اللَّهِ، فَإنَّ اللَّهَ قالَ: ﴿وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ . وأنْ نَأْخُذَ بِسُنَّةِ نَبِيِّنا ﷺ، لَمْ يَحِلَّ حَتّى نَحَرَ الهَدْيَ» . وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ راهَوَيْهِ في“مُسْنَدِهِ”، وأحْمَدُ، عَنِ الحَسَنِ، «أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ هَمَّ أنْ يَنْهى عَنْ مُتْعَةِ الحَجِّ، فَقامَ إلَيْهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ، قَدْ نَزَلَ بِها كِتابُ اللَّهِ، واعْتَمَرْناها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَتَرَكَ عُمَرُ» . وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قالَ: «كانَ عُثْمانُ يَنْهى عَنِ المُتْعَةِ، وكانَ عَلِيٌّ يَأْمُرُ بِها، فَقالَ عُثْمانُ لِعَلِيٍّ كَلِمَةً، فَقالَ عَلِيٌّ: لَقَدْ عَلِمْتَ أنّا قَدْ تَمَتَّعْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قالَ: أجَلْ، ولَكِنّا كُنّا خائِفِينَ» . وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ راهَوَيْهِ، عَنْ عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ المُتْعَةِ في الحَجِّ (p-٣٦٩)فَقالَ: كانَتْ لَنا لَيْسَتْ لَكم. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، ومُسْلِمٌ، عَنْ أبِي ذَرٍّ قالَ: كانَتِ المُتْعَةُ في الحَجِّ لِأصْحابِ مُحَمَّدٍ ﷺ خاصَّةً. وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، عَنْ أبِي ذَرٍّ قالَ: لا تَصْلُحُ المُتْعَتانِ إلّا لَنا خاصَّةً. يَعْنِي مُتْعَةَ النِّساءِ ومُتْعَةَ الحَجِّ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والنَّسائِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ قالَ: «اخْتَلَفَ عَلِيٌّ وعُثْمانُ وهُما بِعُسْفانَ في المُتْعَةِ، فَقالَ عَلِيٌّ: ما تُرِيدُ إلّا أنْ تَنْهى عَنْ أمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ . قالَ: فَلَمّا رَأى ذَلِكَ عَلِيٌّ أهَلَّ بِهِما جَمِيعًا» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، عَنْ أبِي جَمْرَةَ قالَ: سَألْتُ ابْنَ عَبّاسٍ عَنِ المُتْعَةِ. فَأمَرَنِي بِها، وسَألْتُهُ، عَنِ الهَدْيِ. فَقالَ: فِيها جَزُورٌ أوْ بَقَرَةٌ أوْ شاةٌ أوْ شِرْكٌ في دَمٍ. قالَ: وكانَ ناسٌ كَرِهُوها، فَنِمْتُ فَرَأيْتُ في المَنامِ كَأنَّ إنْسانًا يُنادِي: حَجٌّ مَبْرُورٌ، ومُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، فَأتَيْتُ ابْنَ عَبّاسٍ فَحَدَّثْتُهُ، فَقالَ: اللَّهُ أكْبَرُ، سُنَّةُ أبِي القاسِمِ ﷺ . وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ مِن طَرِيقِ مُجاهِدٍ وعَطاءٍ، عَنْ جابِرٍ قالَ: «كَثُرَتِ (p-٣٧٠)القالَةُ مِنَ النّاسِ، فَخَرَجْنا حُجّاجًا، حَتّى إذا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنا وبَيْنَ أنْ نَحِلَّ إلّا لَيالٍ قَلائِلُ أُمِرْنا بِالإحْلالِ، قُلْنا: أيَرُوحُ أحَدُنا إلى عَرَفَةَ وفَرْجُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقامَ خَطِيبًا، فَقالَ:“ أبِاللَّهِ تُعَلِّمُونِي أيُّها النّاسُ، فَأنا واللَّهِ أعْلَمُكم بِاللَّهِ وأتْقاكم لَهُ، ولَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِن أمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ ما سُقْتُ هَدْيًا، ولَحَلَلْتُ كَما أحَلُّوا، فَمَن لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَصُمْ ثَلاثَةَ أيّامٍ في الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذا رَجَعَ إلى أهْلِهِ، ومَن وجَدَ هَدْيًا فَلْيَنْحَرْ"، فَكُنّا نَنْحَرُ الجَزُورَ عَنْ سَبْعَةٍ. قالَ عَطاءٌ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَسَمَ يَوْمَئِذٍ في أصْحابِهِ غَنَمًا، فَأصابَ سَعْدَ بْنَ أبِي وقّاصٍ تَيْسٌ، فَذَبَحَهُ عَنْ نَفْسِهِ» . وأخْرَجَ مالِكٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: لَأنْ أعْتَمِرَ قَبْلَ الحَجِّ وأُهْدِي أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أعْتَمِرَ بَعْدَ الحَجِّ في ذِي الحِجَّةِ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ . أخْرَجَ وكِيعٌ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَطاءٍ في قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ قالَ: سِتُّ قُرُيّاتٌ؛ عَرَفَةُ، وعُرَنَةُ، والرَّجِيعُ، والنَّخْلَتانِ، ومَرُّ الظَّهْرانِ، وضَجْنانُ، وقالَ مُجاهِدٌ: هم أهْلُ الحَرَمِ. (p-٣٧١)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ قالَ: هم أهْلُ الحَرَمِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الحَرَمُ كُلُّهُ هو المَسْجِدُ الحَرامُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والأزْرَقِيُّ، عَنْ عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ، قالَ: هو الحَرَمُ أجْمَعُ. وأخْرَجَ الأزْرَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ قالَ: أساسُ المَسْجِدِ الحَرامِ الَّذِي وضَعَهُ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنَ الحَزْوَرَةِ إلى المَسْعى إلى مَخْرَجِ سَيْلِ أجِيادَ. وأخْرَجَ الأزْرَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: إنّا لَنَجِدُ في كِتابِ اللَّهِ أنَّ حَدَّ المَسْجِدِ الحَرامِ مِنَ الحَزْوَرَةَ إلى المَسْعى. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: لَيْسَ لِأحَدِ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ رُخْصَةٌ في الإحْصارِ؛ لِأنَّ الرَّجُلَ إذا مَرِضَ حُمِلَ ووُقِفَ بِهِ بِعَرَفَةَ، ويُطافُ بِهِ مَحْمُولًا. (p-٣٧٢)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عُرْوَةَ قالَ: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾: عَنى بِذَلِكَ أهْلَ مَكَّةَ، لَيْسَتْ لَهم مُتْعَةٌ، ولَيْسَ عَلَيْهِمْ إحْصارٌ؛ لِقُرْبِهِمْ مِنَ المَشْعَرِ. وأخْرَجَ الأزْرَقِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: قُلْتُ لِعَطاءٍ: مَن لَهُ المُتْعَةُ؟ فَقالَ: قالَ اللَّهُ: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ . فَأمّا القُرى الحاضِرَةُ المَسْجِدَ الحَرامَ الَّتِي لا تَتَمَتَّعُ أهْلُها، فالمُطَمْئِنَّةُ بِمَكَّةَ المُطِلَّةُ عَلَيْها؛ نَخْلَتانِ، ومَرُّ الظَّهْرانِ، وعُرَنَةُ، وضَجْنانُ، والرَّجِيعُ، وأمّا القُرى الَّتِي لَيْسَتْ بِحاضِرَةِ المَسْجِدِ الحَرامِ الَّتِي يَتَمَتَّعُ أهْلُها إنْ شاءُوا فالسَّفَرُ، والسَّفَرُ ما يُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلاةُ؛ عُسْفانُ وجُدَّةُ، ورُهاطٌ، وأشْباهُ ذَلِكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: المُتْعَةُ لِلنّاسِ إلّا لِأهْلِ مَكَّةَ، هي لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ في الحَرَمِ، وذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ كانَ يَقُولُ: يا أهْلَ مَكَّةَ، إنَّهُ لا مُتْعَةَ لَكُمْ، أُحِلَّتْ لِأهْلِ الآفاقِ وحُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ، إنَّما (p-٣٧٣)يَقْطَعُ أحَدُكم وادِيًا ثُمَّ يُهِلُّ بِعُمْرَةٍ، ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ امْرَأةٍ صَرُورَةٍ، أتَعْتَمِرُ في حَجَّتِها؟ قالَ: نَعَمْ، إنَّ اللَّهَ جَعَلَها رُخْصَةً إنْ لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَيْسَ عَلى أهْلِ مَكَّةَ هَدْيٌ في مُتْعَةٍ، ثُمَّ قَرَأ: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ طاوُسٍ قالَ: لَيْسَ عَلى أهْلِ مَكَّةَ مُتْعَةٌ، ثُمَّ قَرَأ: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: لَيْسَ عَلى أهْلِ مَكَّةَ مُتْعَةٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرانَ قالَ: لَيْسَ عَلى أهْلِ مَكَّةَ ولا مَن نَظَرَ إلى مَكَّةَ مُتْعَةٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ طاوُسٍ قالَ: المُتْعَةُ لِلنّاسِ أجْمَعِينَ إلّا أهْلَ مَكَّةَ. (p-٣٧٤)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: لَيْسَ عَلى أهْلِ مَكَّةَ مُتْعَةٌ ولا إحْصارٌ، إنَّما يَتَعَشَّوْنَ حَتّى يَقْضُونَ حَجَّهم. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ أنَّهُ تَلا قَوْلَهُ تَعالى: ﴿أنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ قالَ: لَوْ يَعْلَمُ النّاسُ قَدْرَ عُقُوبَةِ اللَّهِ، ونِقْمَةِ اللَّهِ، وبَأْسِ اللَّهِ، ونَكالِ اللَّهِ، لَما رَقَأ لَهم دَمْعٌ، وما قَرَّتْ أعْيُنُهم بِشَيْءٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب