قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في «الدَّلائِلِ» مِن طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ . يَقُولُ: شِرْكٌ بِاللَّهِ، ﴿ويَكُونَ الدِّينُ﴾ ويَخْلُصُ التَّوْحِيدُ لِلَّهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿وقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ قالَ: الشِّرْكُ، ﴿فَإنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إلا عَلى الظّالِمِينَ﴾ قالَ: لا تُقاتِلُوا إلّا مَن قاتَلَكم.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والنَّحّاسُ في ”ناسِخِهِ“، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿ولا تُقاتِلُوهم عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرامِ حَتّى يُقاتِلُوكم فِيهِ﴾ [البقرة: ١٩١]: فَكانَ هَذا كَذا حَتّى نُسِخَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ . أيْ: شِرْكٌ، ﴿ويَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ قالَ: حَتّى يُقالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، عَلَيْها قاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وإلَيْها دَعا، وذُكِرَ لَنا أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَقُولُ: ”«إنَّ اللَّهَ أمَرَنِي أنْ أُقاتِلَ النّاسَ حَتّى يَقُولُوا: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ“ . ﴿فَإنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إلا عَلى الظّالِمِينَ﴾ قالَ: وإنَّ الظّالِمَ الَّذِي أبى أنْ يَقُولَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. يُقاتَلُ حَتّى يَقُولَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ» .
(p-٣١٦)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿ويَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ يَقُولُ: حَتّى لا يُعْبَدَ إلّا اللَّهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿فَلا عُدْوانَ إلا عَلى الظّالِمِينَ﴾ قالَ: هم مَن أبى أنْ يَقُولَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّهُ أتاهُ رَجُلانِ في فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقالا: إنَّ النّاسَ صَنَعُوا وأنْتَ ابْنُ عُمَرَ وصاحِبُ النَّبِيِّ ﷺ، فَما يَمْنَعُكَ أنْ تَخْرُجَ؟ قالَ: يَمْنَعُنِي أنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أخِي. قالا: ألَمْ يَقُلِ اللَّهُ: ﴿وقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ ؟ قالَ: قاتَلْنا حَتّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ وكانَ الدِّينُ لِلَّهِ، وأنْتُمْ تُرِيدُونَ أنْ تُقاتِلُوا حَتّى تَكُونَ فِتْنَةٌ ويَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ.
أخْرَجَ البُخارِيُّ، عَنْ نافِعٍ، أنَّ رَجُلًا أتى ابْنَ عُمَرَ فَقالَ: ما حَمَلَكَ عَلى أنْ تَحُجَّ عامًا وتَعْتَمِرَ عامًا، وتَتْرُكَ الجِهادَ في سَبِيلِ اللَّهِ، وقَدْ عَلِمْتَ ما رَغَّبَ اللَّهُ فِيهِ؟ قالَ: يا ابْنَ أخِي، بُنِيَ الإسْلامُ عَلى خَمْسٍ؛ إيمانٍ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ، والصَّلاةِ الخَمْسِ، وصِيامِ رَمَضانَ، وأداءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ. قالَ: ألا تَسْمَعُ ما ذَكَرَ اللَّهُ في كِتابِهِ: ﴿وإنْ طائِفَتانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأصْلِحُوا بَيْنَهُما﴾ [الحجرات: ٩] ﴿وقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ قالَ: فَعَلْنا عَلى عَهْدِ (p-٣١٧)رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وكانَ الإسْلامُ قَلِيلًا، فَكانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ في دِينِهِ؛ إمّا قَتَلُوهُ وإمّا عَذَّبُوهُ، حَتّى كَثُرَ الإسْلامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي ظَبْيانَ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى سَعْدٍ فَقالَ لَهُ: ألا تَخْرُجُ تَقاتِلُ مَعَ النّاسِ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ؟ فَقالَ سَعْدٌ: قَدْ قاتَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، فَأمّا أنْتَ وذا البَطِينُ تُرِيدُونَ أنْ أُقاتِلَ حَتّى تَكُونَ فِتْنَةٌ.
{"ayah":"وَقَـٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةࣱ وَیَكُونَ ٱلدِّینُ لِلَّهِۖ فَإِنِ ٱنتَهَوۡا۟ فَلَا عُدۡوَ ٰنَ إِلَّا عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ"}