الباحث القرآني

(p-١٧٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ﴾ أخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «”بُنِيَ الإسْلامُ عَلى خَمْسٍ؛ شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصَوْمِ رَمَضانَ، والحَجِّ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالَ: «أُحِيلَتِ الصَّلاةُ ثَلاثَةَ أحْوالٍ، وأُحِيلَ الصِّيامُ ثَلاثَةَ أحْوالٍ، فَأمّا أحْوالُ الصَّلاةِ، فَإنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدِمَ المَدِينَةَ فَصَلّى سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إلى بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ أنْزَلَ عَلَيْهِ: ﴿قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وجْهِكَ في السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها﴾ [البقرة: ١٤٤] الآيَةَ؛ فَوَجَّهَهُ اللَّهُ إلى مَكَّةَ، هَذا حَوْلٌ. قالَ: وكانُوا يَجْتَمِعُونَ لِلصَّلاةِ، ويُؤْذِنُ بِها بَعْضُهم بَعْضًا، حَتّى نَفَسُوا أوْ كادُوا يَنْقَسُونَ، ثُمَّ إنَّ رَجُلًا مِنَ الأنْصارِ يُقالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ. أتى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي رَأيْتُ فِيما يَرى النّائِمُ -ولَوْ قُلْتُ: إنِّي لَمْ أكُنْ نائِمًا لَصَدَقْتُ- أنِّي بَيْنا أنا بَيْنَ النّائِمِ واليَقْظانِ إذْ رَأيْتُ شَخْصًا عَلَيْهِ ثَوْبانِ أخْضَرانِ، فاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ فَقالَ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. مَثْنى مَثْنى، حَتّى فَرَغَ الأذانُ، ثُمَّ أمْهَلَ ساعَةً، ثُمَّ قالَ مِثْلَ الَّذِي قالَ، غَيْرَ أنَّهُ يَزِيدُ في ذَلِكَ: قَدْ قامَتِ الصَّلاةُ، قَدْ (p-١٧١)قامَتِ الصَّلاةُ. قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”عَلِّمْها بِلالًا فَلْيُؤَذِّنْ بِها“ . فَكانَ بِلالٌ أوَّلَ مَن أذَّنَ بِها. قالَ: وجاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُ قَدْ طافَ بِي مِثْلُ الَّذِي طافَ بِهِ، غَيْرَ أنَّهُ سَبَقَنِي. فَهَذانَ حَوْلانِ. قالَ: وكانُوا يَأْتُونَ الصَّلاةَ قَدْ سَبَقَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِبَعْضِها، فَكانَ الرَّجُلُ يُشِيرُ إلى الرَّجُلِ: كَمْ صَلّى؟ فَيَقُولُ: واحِدَةً أوِ اثْنَتَيْنِ. فَيُصَلِّيهِما، ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ القَوْمِ صَلاتَهُمْ، فَجاءَ مُعاذٌ فَقالَ: لا أجِدُهُ عَلى حالٍ أبَدًا إلّا كُنْتُ عَلَيْها، ثُمَّ قَضَيْتُ ما سَبَقَنِي. فَجاءَ وقَدْ سَبَقَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِبَعْضِها، فَثَبَتَ مَعَهُ، فَلَمّا قَضى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلاتَهُ قامَ فَقَضى، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”إنَّهُ قَدْ سَنَّ لَكم مُعاذٌ، فَهَكَذا فاصْنَعُوا“، فَهَذِهِ ثَلاثَةُ أحْوالٍ. وأمّا أحْوالُ الصِّيامِ، فَإنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَجَعَلَ يَصُومُ مِن كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيّامٍ، وصامَ عاشُوراءَ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِ الصِّيامَ، وأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وعَلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَكانَ مَن شاءَ صامَ، ومَن شاءَ أطْعَمَ مِسْكِينًا، فَأجْزَأ ذَلِكَ عَنْهُ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ أنْزَلَ الآيَةَ الأُخْرى: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِلنّاسِ﴾ [البقرة: ١٨٥] (p-١٧٢)إلى قَوْلِهِ: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] فَأثْبَتَ اللَّهُ صِيامَهُ عَلى المُقِيمِ الصَّحِيحِ، ورَخَّصَ فِيهِ لِلْمَرِيضِ والمُسافِرِ، وثَبَتَ الإطْعامُ لِلْكَبِيرِ الَّذِي لا يَسْتَطِيعُ الصِّيامَ، فَهَذانِ حَوْلانِ. قالَ: وكانُوا يَأْكُلُونَ ويَشْرَبُونَ ويَأْتُونَ النِّساءَ ما لَمْ يَنامُوا، فَإذا نامُوا امْتَنَعُوا، ثُمَّ إنَّ رَجُلًا مِنَ الأنْصارِ يُقالُ لَهُ: صِرْمَةُ. كانَ يَعْمَلُ صائِمًا حَتّى أمْسى، فَجاءَ إلى أهْلِهِ، فَصَلّى العِشاءَ ثُمَّ نامَ، فَلَمْ يَأْكُلْ ولَمْ يَشْرَبْ حَتّى أصْبَحَ، فَأصْبَحَ صائِمًا، فَرَآهُ النَّبِيُّ ﷺ وقَدْ جَهَدَ جَهْدًا شَدِيدًا، فَقالَ: ”ما لِي أراكَ قَدْ جَهَدْتَ جَهْدًا شَدِيدًا“؟ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي عَمِلْتُ أمْسِ، فَجِئْتُ حِينَ جِئْتُ فَألْقَيْتُ نَفْسِي فَنِمْتُ، فَأصْبَحْتُ حِينَ أصْبَحْتُ صائِمًا. قالَ: وكانَ عُمَرُ قَدْ أصابَ النِّساءَ بَعْدَ ما نامَ، فَأتى النَّبِيَّ ﷺ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أُحِلَّ لَكم لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إلى نِسائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] إلى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أتِمُّوا الصِّيامَ إلى اللَّيْلِ﴾ [البقرة»: ١٨٧] . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾: يَعْنِي بِذَلِكَ أهْلَ الكِتابِ. (p-١٧٣)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: إنَّ النَّصارى فُرِضَ عَلَيْهِمْ شَهْرُ رَمَضانَ كَما فُرِضَ عَلَيْنا، فَكانُوا رُبَّما صامُوهُ في القَيْظِ، فَحَوَّلُوهُ إلى الفَصْلِ، وضاعَفُوهُ حَتّى صارَ إلى خَمْسِينَ يَوْمًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ قالَ: الَّذِينَ مِن قَبْلِنا هُمُ النَّصارى، كُتِبَ عَلَيْهِمْ رَمَضانُ، وكُتِبَ عَلَيْهِمْ ألّا يَأْكُلُوا ولا يَشْرَبُوا بَعْدَ النَّوْمِ، ولا يَنْكِحُوا النِّساءَ شَهْرَ رَمَضانَ، فاشْتَدَّ عَلى النَّصارى صِيامُ رَمَضانَ، فاجْتَمَعُوا فَجَعَلُوا صِيامًا في الفَصْلِ بَيْنَ الشِّتاءِ والصَّيْفِ، وقالُوا: نَزِيدُ عِشْرِينَ يَوْمًا، نُكَفِّرُ بِها ما صَنَعْنا. فَلَمْ يَزَلِ المُسْلِمُونَ يَصْنَعُونَ كَما تَصْنَعُ النَّصارى، حَتّى كانَ مِن أمْرِ أبِي قَيْسِ بْنِ صِرْمَةَ وعُمَرَ بْنِ الخَطّابِ ما كانَ، فَأحَلَّ اللَّهُ لَهُمُ الأكْلَ والشُّرْبَ والجِماعَ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في «تارِيخِهِ»، والنَّحّاسُ في «ناسِخِهِ»، والطَّبَرانِيُّ، عَنْ دَغْفَلِ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «”كانَ عَلى النَّصارى صَوْمُ شَهْرِ رَمَضانَ، فَمَرِضَ مَلِكُهُمْ، فَقالُوا: لَئِنْ شَفاهُ اللَّهُ لَنَزِيدَنَّ عَشْرًا. ثُمَّ كانَ آخَرُ، فَأكَلَ لَحْمًا فَأُوجِعَ فُوهُ، فَقالُوا: لَئِنْ شَفاهُ اللَّهُ لَنَزِيدَنَّ سَبْعَةً. ثُمَّ كانَ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ (p-١٧٤)آخَرُ، فَقالُوا: ما نَدَعُ مِن هَذِهِ الثَّلاثَةِ الأيّامِ شَيْئًا أنْ نُتِمَّها، ونَجْعَلَ صَوْمَنا في الرَّبِيعِ. فَفَعَلَ فَصارَتْ خَمْسِينَ يَوْمًا“» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ في قَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ قالَ: كُتِبَ عَلَيْهِمُ الصِّيامُ مِنَ العَتَمَةِ إلى العَتَمَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ قالَ: أهْلُ الكِتابِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ قالَ: تَتَّقُونَ مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ والنِّساءِ مِثْلَ ما اتَّقَوْا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَطاءٍ في قَوْلِهِ: ﴿أيّامًا مَعْدُوداتٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قالَ: كُتِبَ عَلَيْهِمُ الصِّيامُ ثَلاثَةَ أيّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ – ولَمْ يُسَمَّ الشَّهْرُ- أيّامًا مَعْدُوداتٍ. قالَ: وكانَ هَذا صِيامَ النّاسِ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ شَهْرَ رَمَضانَ. (p-١٧٥)وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ قالَ: نَسَخَ شَهْرُ رَمَضانَ كُلَّ صَوْمٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُقاتِلٍ: ﴿أيّامًا مَعْدُوداتٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] يَعْنِي: أيّامَ رَمَضانَ ثَلاثِينَ يَوْمًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ﴾ قالَ: كانَ ثَلاثَةَ أيّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، ثُمَّ نُسِخَ بِالَّذِي أنْزَلَ اللَّهُ مِن صِيامِ رَمَضانَ، فَهَذا الصَّوْمُ الأوَّلُ مِنَ العَتَمَةِ، وجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ فِدْيَةً طَعامَ مِسْكِينٍ، فَمَن شاءَ مِن مُسافِرٍ أوْ مُقِيمٍ أنْ يُطْعِمَ مِسْكِينًا ويُفْطِرَ، وكانَ ذَلِكَ رُخْصَةً لَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ في الصَّوْمِ الآخَرِ: ﴿فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] ولَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ في الصَّوْمِ الآخِرِ ﴿فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]، فَنُسِخَتِ الفِدْيَةُ، وثَبَتَ في الصَّوْمِ الآخِرِ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] وهو الإفْطارُ في السَّفَرِ، وجَعْلُهُ عِدَّةً مِن أيّامٍ أُخَرَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ قالَ: هو شَهْرُ رَمَضانَ، كَتَبَهُ اللَّهُ عَلى مَن كانَ قَبْلَكُمْ، وقَدْ كانُوا يَصُومُونَ مِن كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيّامٍ، ويُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ بِالغَداةِ، ورَكْعَتَيْنِ بِالعَشِيِّ، حَتّى افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ شَهْرَ رَمَضانَ. (p-١٧٦)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: كانَ الصَّوْمُ الأوَّلُ صامَهُ نُوحٌ فَمَن دُونَهُ، حَتّى صامَهُ النَّبِيُّ ﷺ وأصْحابُهُ، وكانَ صَوْمُهم مِن كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيّامٍ إلى العِشاءِ، وهَكَذا صامَهُ النَّبِيُّ ﷺ وأصْحابُهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”صِيامُ رَمَضانَ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلى الأُمَمِ قَبْلَكُمْ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: لَقَدْ كُتِبَ الصِّيامُ عَلى كُلِّ أُمَّةٍ خَلَتْ، كَما كُتِبَ عَلَيْنا شَهْرًا كامِلًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كُتِبَ عَلى النَّصارى الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَيْكُمْ، وتَصْدِيقُ ذَلِكَ في كِتابِ اللَّهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾، قالَ: فَكانَ أوَّلَ أمْرِ النَّصارى أنْ قَدَّمُوا يَوْمًا، قالُوا: حَتّى لا نُخْطِئَ، ثُمَّ قَدَّمُوا يَوْمًا وأخَّرُوا يَوْمًا، قالُوا: حَتّى لا نُخْطِئَ، ثُمَّ إنَّ آخِرَ أمْرِهِمْ صارُوا إلى أنْ قالُوا: نُقَدِّمُ عَشْرًا ونُؤَخِّرُ عَشْرًا حَتّى لا نُخْطِئَ. فَضَلُّوا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: أُنْزِلَتْ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ . كُتِبَ عَلَيْهِمْ أنَّ أحَدَهم إذا صَلّى (p-١٧٧)العَتَمَةَ ونامَ، حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعامُ والشَّرابُ والنِّساءُ إلى مِثْلِها. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾، قالَ: كُتِبَ عَلَيْهِمْ إذا نامَ أحَدُهم قَبْلَ أنْ يَطْعَمَ شَيْئًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أنْ يَطْعَمَ إلى القابِلَةِ، والنِّساءُ عَلَيْهِمْ حَرامٌ لَيْلَةَ الصِّيامِ، وهو عَلَيْهِمْ ثابِتٌ، وقَدْ رُخِّصَ لَكم في ذَلِكَ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: كانَ عاشُوراءَ يُصامُ، فَلَمّا نَزَلَ رَمَضانُ كانَ مَن شاءَ صامَ، ومَن شاءَ أفْطَرَ. وأخْرَجَ سُنَيْدٌ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾، يَعْنِي بِذَلِكَ أهْلَ الكِتابِ، وكانَ كِتابُهُ عَلى أصْحابِ مُحَمَّدٍ ﷺ، أنَّ الرَّجُلَ يَأْكُلُ ويَشْرَبُ ويَنْكِحُ، ما بَيْنَهُ وبَيْنَ أنْ يُصَلِّيَ العَتَمَةَ أوْ يَرْقُدَ، فَإذا صَلّى العَتَمَةَ أوْ رَقَدَ مُنِعَ مِن ذَلِكَ إلى مِثْلِها مِنَ القابِلَةِ، فَنَسَخَتْها هَذِهِ الآيَةُ: ﴿أُحِلَّ لَكم لَيْلَةَ الصِّيامِ﴾ [البقرة: ١٨٧] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب