الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي ذَرٍّ، أنَّهُ «سَألَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الإيمانِ، فَتَلا: ”﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ﴾“ حَتّى فَرَغَ مِنها، ثُمَّ سَألَهُ أيْضًا فَتَلاها، ثُمَّ سَألَهُ فَتَلاها، وقالَ: ”وإذا عَمِلْتَ حَسَنَةً أحَبَّها قَلْبُكَ، وإذا عَمِلْتَ سَيِّئَةً أبْغَضَها قَلْبُكَ“» . وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ راهُوَيْهِ في «مُسْنَدِهِ»، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ القاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالَ: «جاءَ رَجُلٌ إلى أبِي ذَرٍّ، فَقالَ: ما الإيمانُ؟ فَتَلا عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ﴾ حَتّى فَرَغَ مِنها، فَقالَ الرَّجُلُ: لَيْسَ عَنِ البِرِّ سَألْتُكَ. فَقالَ أبُو ذَرٍّ: جاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَسَألَهُ عَمّا سَألْتَنِي، فَقَرَأ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ، فَأبى أنْ يَرْضى كَما أبَيْتَ أنْ تَرْضى، فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”ادْنُ“ . فَدَنا فَقالَ: ”المُؤْمِنُ إذا عَمِلَ الحَسَنَةَ سَرَّتْهُ ورَجا ثَوابَها، وإذا عَمِلَ السَّيِّئَةَ أحْزَنَتْهُ وخافَ عِقابَها“» . (p-١٣٨)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ راهُوَيْهِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ «أنَّ أبا ذَرٍّ سَألَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الإيمانِ، فَقَرَأ: ”﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ﴾“ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ راهُوَيْهِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: سُئِلَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مَقْبَلَهُ مِنَ الشّامِ عَنِ الإيمانِ، فَقَرَأ: ﴿لَيْسَ البِرَّ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: كانَتِ اليَهُودُ تُصَلِّي قِبَلَ المَغْرِبِ، والنَّصارى تُصَلِّي قِبَلَ المَشْرِقِ، فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ﴾: يَعْنِي في الصَّلاةِ. يَقُولُ: لَيْسَ البِرَّ أنْ تُصَلُّوا ولا تَعْمَلُوا، فَهَذا حِينَ تَحَوَّلَ مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ، ونَزَلَتِ الفَرائِضُ، وحَدَّ الحُدُودَ، فَأمَرَ اللَّهُ بِالفَرائِضِ والعَمَلِ بِها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ﴾ يَعْنِي الصَّلاةَ. يَقُولُ: لَيْسَ البَرَّ أنْ تُصَلُّوا، ولَكِنَّ البِرَّ ما ثَبَتَ في القَلْبِ مِن طاعَةِ اللَّهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ البِرَّ﴾ الآيَةَ. قالَ: ذُكِرَ لَنا «أنَّ رَجُلًا سَألَ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ البِرِّ، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ، فَدَعا الرَّجُلَ، فَتَلاها عَلَيْهِ. وقَدْ كانَ الرَّجُلُ قَبْلَ الفَرائِضِ إذا شَهِدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، ثُمَّ ماتَ عَلى ذَلِكَ يُرْجى لَهُ ويُطْمَعُ لَهُ في خَيْرٍ. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ﴾، وكانَتِ اليَهُودُ تَوَجَّهَتْ قِبَلَ المَغْرِبِ، والنَّصارى قِبَلَ المَشْرِقِ، ﴿ولَكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة»: ١٧٧] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي العالِيَةِ قالَ: كانَتِ اليَهُودُ تُصَلِّي قِبَلَ المَغْرِبِ، والنَّصارى قِبَلَ المَشْرِقِ، فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ في «فَضائِلِهِ»، والثَّعْلَبِيُّ، مِن طَرِيقِ هارُونَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أنَّهُما قَرَآ: ( لَيْسَ البَرَّ بِأنْ تَوَلَّوْا ) . وأخْرَجَ وكِيعٌ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أبِي مَيْسَرَةَ قالَ: مَن عَمِلَ بِهَذِهِ الآيَةِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإيمانَ؛ ﴿لَيْسَ البِرَّ﴾ الآيَةَ. (p-١٤٠)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ﴾ ولَكِنَّ البِرَّ ما ثَبَتَ في القُلُوبِ مِن طاعَةِ اللَّهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي داوُدَ في «المَصاحِفِ»، عَنِ الأعْمَشِ قالَ: في قِراءَتِنا مَكانَ ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا﴾ (ولا تَحْسَبَنَّ أنَّ البِرَّ) . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ والمَلائِكَةِ والكِتابِ والنَّبِيِّينَ﴾ . أخْرَجَ أحْمَدُ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والآجُرِّيُّ في «الشَّرِيعَةِ»، واللّالَكائِيُّ في «السُّنَّةِ»، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ، «أنَّهم بَيْنَما هم جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، جاءَهُ رَجُلٌ يَمْشِي، حَسَنَ الشَّعْرِ، عَلَيْهِ ثِيابٌ بَياضٌ، فَنَظَرَ القَوْمُ بَعْضُهم إلى بَعْضٍ: ما نَعْرِفُ هَذا، وما هَذا بِصاحِبِ سَفَرٍ. ثُمَّ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، آتِيكَ؟ قالَ: ”نَعَمْ“ . فَجاءَ فَوَضَعَ رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ، ويَدَيْهِ عَلى فَخِذَيْهِ، فَقالَ: ما الإسْلامُ؟ قالَ: ”شَهادَةُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وتُقِيمُ الصَّلاةَ، وتُؤْتِي الزَّكاةَ، وتَصُومُ رَمَضانَ، وتَحُجُّ البَيْتَ“ . قالَ: فَما الإيمانُ؟ قالَ: ”أنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ ومَلائِكَتِهِ -ولَفْظُ ابْنِ مَرْدُوَيْهِ: أنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ والمَلائِكَةِ والكِتابِ والنَّبِيِّينَ - (p-١٤١)والجَنَّةِ والنّارِ، والبَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ، والقَدَرِ كُلِّهِ“ . قالَ: فَما الإحْسانُ؟ قالَ: ”أنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ كَأنَّكَ تَراهُ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فَإنَّهُ يَراكَ“ . قالَ: فَمَتى السّاعَةُ؟ قالَ: ”ما المَسْؤُولُ عَنْها بِأعْلَمَ مِنَ السّائِلِ“ . قالَ: فَما أشْراطُها؟ قالَ: ”إذا العُراةُ الحُفاةُ العالَةُ رُعاءُ الشّاءِ تَطاوَلُوا في البُنْيانِ، ووَلَدَتِ الإماءُ أرْبابَهُنَّ“ . ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”عَلَيَّ الرَّجُلَ“ . فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَمَكَثَ يَوْمَيْنِ أوْ ثَلاثَةً، ثُمَّ قالَ: ”يا ابْنَ الخَطّابِ، أتَدْرِي مَنِ السّائِلُ عَنْ كَذا وكَذا“؟ قالَ: اللَّهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ. قالَ: ”ذاكَ جِبْرِيلُ جاءَكم لِيُعَلِّمَكم دِينَكُمْ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ والبَزّارُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَجْلِسًا، فَأتاهُ جِبْرِيلُ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ واضِعًا كَفَّيْهِ عَلى رُكْبَتَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، حَدِّثْنِي عَنِ الإسْلامِ. قالَ: ”الإسْلامُ أنْ تُسْلِمَ وجْهَكَ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وأنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ“ . قالَ: فَإذا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ أسْلَمْتُ؟ قالَ: ”فَإذا فَعَلْتَ فَقَدْ أسْلَمْتَ“ . قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، حَدِّثْنِي عَنِ الإيمانِ. قالَ: ”الإيمانُ أنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ والمَلائِكَةِ والكِتابِ والنَّبِيِّينَ والمَوْتِ والحَياةِ بَعْدَ المَوْتِ، وتُؤْمِنَ بِالجَنَّةِ والنّارِ والحِسابِ والمِيزانِ، وتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ“ . قالَ: ”فَإذا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنتُ؟ قالَ:“فَإذا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنتَ”. قالَ: (p-١٤٢)يا رَسُولَ اللَّهِ، حَدِّثْنِي ما الإحْسانُ؟ قالَ:“الإحْسانُ أنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ كَأنَّكَ تَراهُ، فَإنْ لا تَراهُ فَإنَّهُ يَراكَ”» . وأخْرَجَ البَزّارُ، عَنْ أنَسٍ قالَ: «بَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جالِسًا مَعَ أصْحابِهِ، إذْ جاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيابُ السَّفَرِ، يَتَخَلَّلُ النّاسَ حَتّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلى رُكْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، ما الإسْلامُ؟ قالَ:“شَهادَةُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ، وصَوْمُ شَهْرِ رَمَضانَ، وحَجُّ البَيْتِ إنِ اسْتَطَعْتَ إلَيْهِ سَبِيلًا”. قالَ: فَإذا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأنا مُسْلِمٌ؟ قالَ:“نَعَمْ”. قالَ: صَدَقْتَ. ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، ما الإيمانُ؟ قالَ:“الإيمانُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ والمَلائِكَةِ والكِتابِ والنَّبِيِّينَ وبِالمَوْتِ وبِالبَعْثِ وبِالحِسابِ وبِالجَنَّةِ وبِالنّارِ وبِالقَدَرِ كُلِّهِ”. قالَ: فَإذا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأنا مُؤْمِنٌ؟ قالَ:“نَعَمْ”. قالَ: صَدَقْتَ. قالَ: يا مُحَمَّدُ، ما الإحْسانُ؟ قالَ:“أنْ تَخْشى اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فَإنْ لَمْ تَرَهُ فَإنَّهُ يَراكَ”. قالَ: فَإذا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأنا مُحْسِنٌ؟ قالَ:“نَعَمْ”قالَ: صَدَقْتَ. قالَ: يا مُحَمَّدُ، مَتّى السّاعَةُ؟ قالَ:“ما المَسْؤُولُ عَنْها بِأعْلَمَ مِنَ السّائِلِ”. وأدْبَرَ الرَّجُلُ، فَذَهَبَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“عَلَيَّ بِالرَّجُلِ”. فاتَّبَعُوهُ يَطْلُبُونَهُ، فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ذاكَ جِبْرِيلُ جاءَكم لِيُعَلِّمَكم دِينَكم ”» . (p-١٤٣)وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، وأبِي ذَرٍّ قالا: «إنّا لَجُلُوسٌ ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ جالِسٌ في مَجْلِسِهِ مُحْتَبٍ، إذْ أقْبَلَ رَجُلٌ مِن أحْسَنِ النّاسِ وجْهًا، وأطْيَبِ النّاسِ رِيحًا، وأنْقى النّاسِ ثَوْبًا، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، ما الإسْلامُ؟ قالَ:“أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ ولا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتِيَ الزَّكاةَ، وتَحُجَّ البَيْتَ، وتَصُومَ رَمَضانَ”. قالَ: فَإذا فَعَلْتُ هَذا فَقَدَ أسْلَمْتُ؟ قالَ:“نَعَمْ”. قالَ: صَدَقْتَ. فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، أخْبِرْنِي ما الإيمانُ؟ قالَ:“الإيمانُ بِاللَّهِ ومَلائِكَتِهِ والكِتابِ والنَّبِيِّينَ، وتُؤْمِنُ بِالقَدَرِ كُلِّهِ”. قالَ: فَإذا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنتُ؟ قالَ:“نَعَمْ”. قالَ: صَدَقْتَ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والنَّسائِيُّ، عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ قالَ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما الَّذِي بَعَثَكَ اللَّهُ بِهِ؟ قالَ:“بَعَثَنِي اللَّهُ بِالإسْلامِ”. قُلْتُ: وما الإسْلامُ؟ قالَ:“شَهادَةُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، وتُقِيمُ الصَّلاةَ، وتُؤْتِي الزَّكاةَ”» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وآتى المالَ عَلى حُبِّهِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿وآتى المالَ﴾ يَعْنِي: أعْطى المالَ، ﴿عَلى حُبِّهِ﴾ يَعْنِي: عَلى حُبِّ المالِ. (p-١٤٤)وأخْرَجَ ابْنُ المُبارَكِ في «الزُّهْدِ»، ووَكِيعٌ، وسُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في“سُنَنِهِ”، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ﴿وآتى المالَ عَلى حُبِّهِ﴾ قالَ: يُعْطِي وهو صَحِيحٌ شَحِيحٌ يَأْمُلُ العَيْشَ ويَخافُ الفَقْرَ. وأخْرَجَ الحاكِمُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنِ المُطَّلِبِ، أنَّهُ قِيلَ: «يا رَسُولَ اللَّهِ، ما ( آتى المالَ عَلى حُبِّهِ ) ؟ فَكُلُّنا نُحِبُّهُ! قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“تُؤْتِيهِ حِينَ تُؤْتِيهِ ونَفْسُكَ حِينَ تُحَدِّثُكَ بِطُولِ العُمْرِ والفَقْرِ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ حِبّانَ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“أفْضَلُ الصَّدَقَةِ أنْ تَصَّدَّقَ وأنْتَ صَحِيحٌ تَأمُلُ البَقاءَ وتَخْشى الفَقْرَ، ولا تُمْهِلْ، حَتّى إذا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلانٍ كَذا، لِفُلانٍ كَذا. ألا وقَدْ كانَ لِفُلانٍ”» . (p-١٤٥)وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والنَّسائِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «“مَثَلُ الَّذِي يُعْتِقُ أوْ يَتَصَدَّقُ عِنْدَ المَوْتِ مَثَلُ الَّذِي يُهْدِي إذا شَبِعَ”» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَوِي القُرْبى﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿ذَوِي القُرْبى﴾ يَعْنِي قَرابَتَهُ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في“سُنَنِهِ”، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «“أفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلى ذِي الرَّحِمِ الكاشِحِ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والدّارِمِيُّ، والطَّبَرانِيُّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزامٍ، «أنَّ رَجُلًا سَألَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الصَّدَقاتِ أيُّهُما أفْضَلُ؟ قالَ:“عَلى ذِي الرَّحِمِ الكاشِحِ”» . (p-١٤٦)وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، وابْنُ حِبّانَ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ مَيْمُونَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ قالَتْ: «أعْتَقْتُ جارِيَةً لِي، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ:“أما إنَّكِ لَوْ أعْطَيْتِها بَعْضَ أخْوالِكِ كانَ أعْظَمَ لِأجْرِكِ”» . وأخْرَجَ الخَطِيبُ في «تالِي التَّلْخِيصِ»، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، «أنَّ مَيْمُونَةَ اسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في جارِيَةٍ تُعْتِقُها، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“أعْطِيها أُخْتَكِ تَرْعى عَلَيْها، وصِلِي بِها رَحِمًا، فَإنَّهُ خَيْرٌ لَكِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أنَّها قالَتْ: «يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ لِي مِثْقالًا مِن ذَهَبٍ. قالَ:“اجْعَلِيهِ في قَرابَتِكِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في“سُنَنِهِ”، عَنْ سَلْمانَ بْنِ عامِرٍ الضَّبِّيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“الصَّدَقَةُ عَلى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وعَلى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتانِ؛ صَدَقَةٌ وصِلَةٌ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، عَنْ زَيْنَبَ (p-١٤٧)امْرَأةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَتْ: «سَألْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: أيُجْزِئُ عَنِّي مِنَ الصَّدَقَةِ النَّفَقَةُ عَلى زَوْجِي وأيْتامٍ في حِجِرِي؟ قالَ:“لَكِ أجْرانِ؛ أجْرُ الصَّدَقَةِ، وأجْرُ القَرابَةِ”» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وابْنَ السَّبِيلِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ابْنُ السَّبِيلِ هو الضَّيْفُ الَّذِي يَنْزِلُ بِالمُسْلِمِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: ابْنُ السَّبِيلِ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْكَ وهو مُسافِرٌ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والسّائِلِينَ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿والسّائِلِينَ﴾ قالَ: السّائِلُ الَّذِي يَسْألُكَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“لِلسّائِلِ حَقٌّ وإنْ جاءَ عَلى فَرَسٍ”» . (p-١٤٨)وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“أعْطُوا السّائِلَ وإنْ كانَ عَلى فَرَسٍ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ سالِمِ بْنِ أبِي الجَعْدِ قالَ: قالَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ: لِلسّائِلِ حَقٌّ وإنْ جاءَ عَلى فَرَسٍ مُطَوَّقٍ بِالفِضَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ حِبّانَ، مِن طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ، «عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ بُجَيْدٍ -وكانَتْ مِمَّنْ بايَعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ- أنَّها قالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ المِسْكِينَ لَيَقُومُ عَلى بابِي، فَما أجِدُ شَيْئًا أُعْطِيهِ إيّاهُ. فَقالَ لَها:“إنْ لَمْ تَجِدِي إلّا ظِلْفًا مُحْرَقًا فادْفَعِيهِ إلَيْهِ”ولَفْظُ ابْنِ خُزَيْمَةَ:“ولا تَرُدِّي سائِلَكِ، ولَوْ بِظِلْفٍ”» . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ سَعْدٍ مِن طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مُعاذٍ الأنْصارِيِّ، عَنْ جَدَّتِهِ حَوّاءَ قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «“رُدُّوا السّائِلَ ولَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالَ: كانَ يُقالُ: رُدُّوا (p-١٤٩)السّائِلَ ولَوْ بِمِثْلِ رَأْسِ القَطاةِ. وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ، والثَّعْلَبِيُّ، والدَّيْلَمِيُّ، والخَطِيبُ في «رُواةِ مالِكٍ»، بِسَنَدٍ واهٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «“هَدِيَّةُ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ السّائِلُ عَلى بابِهِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ شاهِينٍ، وابْنُ النَّجّارِ في «تارِيخِهِ»، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“ألا أدُلُّكم عَلى هَدايا اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ إلى خَلْقِهِ؟”. قُلْنا: بَلى. قالَ:“الفَقِيرُ مِن خَلْقِهِ، هو هَدِيَّةُ اللَّهِ، قَبِلَ ذَلِكَ أوْ تَرَكَ”» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وفِي الرِّقابِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿وفِي الرِّقابِ﴾ يَعْنِي: فِكاكَ الرِّقابِ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأقامَ الصَّلاةَ وآتى الزَّكاةَ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأقامَ الصَّلاةَ﴾ يَعْنِي: وأتَمَّ الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ، ﴿وآتى الزَّكاةَ﴾ يَعْنِي: الزَّكاةَ المَفْرُوضَةَ. (p-١٥٠)وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ عَدِيٍّ، والدّارَقُطْنِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“فِي المالِ حَقٌّ سِوى الزَّكاةِ”. ثُمَّ قَرَأ:“ ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ﴾ ”الآيَةَ» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ في «تارِيخِهِ»، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِلَ: «فِي المالِ حَقٌّ بَعْدَ الزَّكاةِ؟ قالَ:“نَعَمْ، تَحْمِلُ عَلى النَّجِيبَةِ”» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أنَّهُ سُئِلَ: هَلْ عَلى الرَّجُلِ في مالِهِ حَقٌّ سِوى الزَّكاةِ؟ قالَ: نَعَمْ. وتَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿وآتى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبى﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كُلْثُومٍ قالَ: حَدَّثَنِي أبِي، قالَ: قالَ لِي مُسْلِمُ بْنُ يَسارٍ: إنَّ الصَّلاةَ صَلاتانِ، وإنَّ الزَّكاةَ زَكاتانِ، واللَّهِ إنَّهُ لَفي كِتابِ اللَّهِ، أقْرَأُ عَلَيْكَ بِهِ قُرْآنًا ؟ قُلْتُ لَهُ: اقْرَأْ. قالَ: فَإنَّ اللَّهَ يَقُولُ في كِتابِهِ: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وآتى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبى واليَتامى والمَساكِينَ وابْنَ السَّبِيلِ﴾ فَهَذا وما دُونَهُ تَطَوُّعٌ كُلُّهُ، ﴿وأقامَ الصَّلاةَ﴾ قالَ: الفَرِيضَةِ، ﴿وآتى الزَّكاةَ﴾ فَهاتانِ فَرِيضَتانِ. * * * (p-١٥١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذا عاهَدُوا﴾ . أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي العالِيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذا عاهَدُوا﴾ قالَ: فَمَن أعْطى عَهْدَ اللَّهِ ثُمَّ نَقَضَهُ فاللَّهُ يَنْتَقِمُ مِنهُ، ومَن أعْطى ذِمَّةَ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ غَدَرَ بِها فالنَّبِيُّ ﷺ خَصْمُهُ يَوْمَ القِيامَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذا عاهَدُوا﴾: يَعْنِي: فِيما بَيْنَهم وبَيْنَ النّاسِ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والصّابِرِينَ في البَأْساءِ والضَّرّاءِ وحِينَ البَأْسِ﴾ . أخْرَجَ وكِيعٌ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في الآيَةِ قالَ: البَأْساءُ الفَقْرُ، والضَّرّاءُ السُّقْمُ، وحِينَ البَأْسِ حِينَ القِتالِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: كُنّا نُحَدِّثُ أنَّ البَأْساءَ البُؤْسُ والفَقْرُ، وأنَّ الضَّرّاءَ السُّقْمُ والوَجَعُ، وحِينَ البَأْسِ عِنْدَ مَواطِنِ القِتالِ. وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ سَألَهُ عَنِ ﴿البَأْساءِ والضَّرّاءِ﴾ قالَ: البَأْساءُ الخِصْبُ، والضَّرّاءُ الجَدْبُ. قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ قَوْلَ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو: (p-١٥٢) ؎إنَّ الإلَهَ عَزِيزٌ واسِعٌ حَكَمُ بِكَفِّهِ الضُّرُّ والبَأْساءُ والنِّعَمُ * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ﴾: يَعْنِي الَّذِينَ فَعَلُوا ما ذَكَرَ اللَّهُ في هَذِهِ الآيَةِ هُمُ الَّذِينَ صَدَقُوا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ في قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ قالَ: تَكَلَّمُوا بِكَلامِ الإيمانِ، فَكانَتْ حَقِيقَتُهُ العَمَلَ، صَدَقُوا اللَّهَ. قالَ: وكانَ الحَسَنُ يَقُولُ: هَذا كَلامُ الإيمانِ، وحَقِيقَتُهُ العَمَلُ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ القَوْلِ عَمَلٌ فَلا شَيْءَ. وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أبِي عامِرٍ الأشْعَرِيِّ قالَ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما تَمامُ البِرِّ؟ قالَ:“تَعْمَلُ في السِّرِّ عَمَلَ العَلانِيَةِ"» . وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ، عَنْ إبْراهِيمَ بْنِ أبِي شَيْبانَ قالَ: سَألْتُ زَيْدَ بْنَ رُفَيْعٍ فَقُلْتُ: يا أبا جَعْفَرٍ، ما تَقُولُ في الخَوارِجِ في تَكْفِيرِهِمُ النّاسَ؟ قالَ: كَذَبُوا، يُقُولُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ﴾ الآيَةَ. فَمَن آمَنَ بِهِنَّ فَهو مُؤْمِنٌ، ومَن كَفَرَ بِهِنَّ فَهو كافِرٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب