الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أنْزَلْنا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: سَألَ مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ أخُو بَنِي سَلِمَةَ، وسَعْدُ بْنُ مُعاذٍ أخُو بَنِي الأشْهَلِ، وخارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ أخُو بالحارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ - نَفَرًا مِن أحْبارِ يَهُودَ عَنْ بَعْضِ ما في التَّوْراةِ، فَكَتَمُوهم إيّاهُ، وأبَوْا أنْ يُخْبِرُوهم، فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿إنَّ (p-٩٩)الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أنْزَلْنا مِنَ البَيِّناتِ والهُدى﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أنْزَلْنا مِنَ البَيِّناتِ والهُدى﴾ قالَ: هم أهْلُ الكِتابِ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أنْزَلْنا مِنَ البَيِّناتِ والهُدى﴾ الآيَةَ. قالَ: أُولَئِكَ أهْلُ الكِتابِ، كَتَمُوا الإسْلامَ وهو دِينُ اللَّهِ، وكَتَمُوا مُحَمَّدًا وهم يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهم في التَّوْراةِ والإنْحِيلِ، ﴿ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ قالَ: مِن مَلائِكَةِ اللَّهِ المُؤْمِنِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي العالِيَةِ في الآيَةِ قالَ: هم أهْلُ الكِتابِ، كَتَمُوا مُحَمَّدًا ونَعْتَهُ وهم يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ، حَسَدًا وبَغْيًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في الآيَةِ قالَ: زَعَمُوا أنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ كانَ لَهُ صَدِيقٌ مِنَ الأنْصارِ يُقالُ لَهُ: ثَعْلَبَةُ بْنُ عَنَمَةَ. قالَ لَهُ: هَلْ تَجِدُونَ مُحَمَّدًا عِنْدَكُمْ؟ قالَ: لا. قالَ: مُحَمَّدٌ: البَيِّناتُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَطاءٍ في قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ ويَلْعَنُهُمُ (p-١٠٠)اللاعِنُونَ﴾ قالَ: الجِنُّ والإنْسُ وكُلُّ دابَّةٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ قالَ: إذا أجْدَبَتِ البَهائِمُ دَعَتْ عَلى فُجّارِ بَنِي آدَمَ، فَقالَتْ: يُحْبَسُ عَنّا الغَيْثُ بِذُنُوبِهِمْ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ قالَ: إنَّ البَهائِمَ إذا اشْتَدَّتْ عَلَيْهِمُ السَّنَةُ قالَتْ: هَذا مِن أجْلِ عُصاةِ بَنِي آدَمَ، لَعَنَ اللَّهُ عُصاةَ بَنِي آدَمَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو نُعَيْمٍ في «الحِلْيَةِ»، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ قالَ: دَوابُّ الأرْضِ؛ العَقارِبُ والخَنافِسُ، يَقُولُونَ: إنَّما مُنِعْنا القَطْرَ بِذُنُوبِهِمْ. فَيَلْعَنُونَهم. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ قالَ: يَلْعَنُهم كُلُّ شَيْءٍ حَتّى الخَنافِسُ والعَقارِبُ، يَقُولُونَ: مُنِعْنا القَطْرَ بِذُنُوبِ بَنِي آدَمَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ حَتّى الخُنْفُساءُ. (p-١٠١)وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قالَ: «كُنّا في جِنازَةٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: ”إنَّ الكافِرَ يُضْرَبُ ضَرْبَةً بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَيَسْمَعُهُ كُلُّ دابَّةٍ غَيْرُ الثَّقَلَيْنِ، فَتَلْعَنُهُ كُلُّ دابَّةٍ سَمِعَتْ صَوْتَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ يَعْنِي: دَوابُّ الأرْضِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ قالَ: قالَ البَراءُ بْنُ عازِبٍ: إنَّ الكافِرَ إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ أتَتْهُ دابَّةٌ كَأنَّ عَيْنَيْها قِدْرانِ مِن نُحاسٍ، مَعَها عَمُودٌ مِن حَدِيدٍ، فَتَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَيَصِيحُ، لا يَسْمَعُ أحَدٌ صَوْتَهُ إلّا لَعَنَهَ، ولا يَبْقى شَيْءٌ إلّا سَمِعَ صَوْتَهُ، إلّا الثَّقَلَيْنِ؛ الجِنَّ والإنْسَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ قالَ: الكافِرُ إذا وُضِعَ في حُفْرَتِهِ ضُرِبَ ضَرْبَةً بِمِطْرَقٍ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُ صَوْتَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلّا الثَّقَلَيْنِ؛ الجِنَّ والإنْسَ، فَلا يَسْمَعُ صَيْحَتَهَ شَيْءٌ إلّا لَعَنَهُ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنْ عَبْدِ الوَهّابِ بْنِ عَطاءٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ﴾ الآيَةَ، قالَ: سَمِعْتُ الكَلْبِيَّ يَقُولُ: هُمُ اليَهُودُ، قالَ: (p-١٠٢)ومَن لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ هو بِأهْلٍ، رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلى يَهُودِيٍّ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ» مِن طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوانَ: أخْبَرَنِي الكَلْبِيُّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في هَذِهِ الآيَةِ، قالَ: هو الرَّجُلُ يَلْعَنُ صاحِبَهُ في أمْرٍ يَرى أنْ قَدْ أتى إلَيْهِ، فَتَرْتَفِعُ اللَّعْنَةُ في السَّماءِ سَرِيعًا، فَلا تَجِدُ صاحِبَها الَّتِي قِيلَتْ لَهُ أهْلًا، فَتَرْجِعُ إلى الَّذِي تَكَلَّمَ بِها، فَلا تَجِدُ لَها أهْلًا، فَتَنْطَلِقُ فَتَقَعُ عَلى اليَهُودِ، فَهو قَوْلُهُ: ﴿ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ فَمَن تابَ مِنهُمُ ارْتَفَعَتْ عَنْهُمُ اللَّعْنَةُ، فَكانَتْ في مَن بَقِيَ مِنَ اليَهُودِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿إلا الَّذِينَ تابُوا﴾ [البقرة: ١٦٠] الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، والحاكِمُ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «”مَن سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ عِنْدَهُ فَكَتَمَهُ، ألْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجامٍ مِن نارٍ يَوْمَ القِيامَةِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «”مَن سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ يَوْمَ القِيامَةِ بِلِجامٍ مِن نارٍ“» . (p-١٠٣)وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، والمُرْهِبِي في «فَضْلِ العِلْمِ»، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”مَن كَتَمَ عِلْمًا مِمّا يَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ النّاسَ في أمْرِ الدِّينِ، ألْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيامَةِ بِلِجامٍ مِن نارٍ“» . وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”إذا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أوَّلَها فَمَن كَتَمَ حَدِيثًا فَقَدْ كَتَمَ ما أنْزَلَ اللَّهُ“» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”أيُّما عَبْدٍ آتاهُ اللَّهُ عِلْمًا فَكَتَمَهُ، لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ القِيامَةِ مُلْجَمًا بِلِجامٍ مِن نارٍ“» . وأخْرَجَ أبُو يَعْلى، والطَّبَرانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”مَن سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ، جاءَ يَوْمَ القِيامَةِ مُلْجَمًا بِلِجامٍ مِن نارٍ“» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ مِن حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وابْنِ عَمْرٍو مِثْلَهُ. (p-١٠٤)وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «”مَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ العِلْمَ ثُمَّ لا يُحَدِّثُ بِهِ، كَمَثَلِ الَّذِي يَكْنِزُ الكَنْزَ فَلا يُنْفِقُ مِنهُ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ في «الزُّهْدِ»، عَنْ سَلْمانَ قالَ: عِلْمٌ لا يُقالُ بِهِ كَكَنْزٍ لا يُنْفَقُ مِنهُ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: لَوْلا آيَةٌ في كِتابِ اللَّهِ ما حَدَّثْتُ أحَدًا بِشَيْءٍ أبَدًا، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أنْزَلْنا مِنَ البَيِّناتِ والهُدى﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في «ناسِخِهِ»، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أنْزَلْنا مِنَ البَيِّناتِ والهُدى﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿اللاعِنُونَ﴾ ثُمَّ اسْتَثْنى فَقالَ: ﴿إلا الَّذِينَ تابُوا وأصْلَحُوا وبَيَّنُوا﴾ [البقرة: ١٦٠] الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَطاءٍ: ﴿إلا الَّذِينَ تابُوا وأصْلَحُوا﴾ [البقرة: ١٦٠] قالَ: ذَلِكَ كَفّارَةٌ لَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿إلا الَّذِينَ تابُوا وأصْلَحُوا﴾ [البقرة: ١٦٠] قالَ: أصْلَحُوا ما بَيْنَهم وبَيْنَ اللَّهِ، ﴿وبَيَّنُوا﴾ [البقرة: ١٦٠] الَّذِي جاءَهم (p-١٠٥)مِنَ اللَّهِ ولَمْ يَكْتُمُوا ولَمْ يَجْحَدُوا بِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿أتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾ [البقرة: ١٦٠] يَعْنِي أتَجاوَزُ عَنْهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب