الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ﴾ قالَ: اذْكُرُونِي بِطاعَتِي أذْكُرْكم بِمَغْفِرَتِي. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، والدَّيْلَمِيُّ مِن طَرِيقِ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”﴿فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ﴾ يَقُولُ: اذْكُرُونِي يا مَعاشِرَ العِبادِ بِطاعَتِي، أذْكُرْكم بِمَغْفِرَتِي“» . وأخْرَجَ ابْنُ لالٍ، والدَّيْلَمِيُّ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ أبِي هِنْدٍ الدّارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «”قالَ اللَّهُ: اذْكُرُونِي بِطاعَتِي، أذْكُرْكم بِمِغْفِرَتِي، فَمَن ذَكَرَنِي وهو مُطِيعٌ فَحَقٌّ عَلَيَّ أنْ أذْكُرَهُ بِمِغْفِرَتِي، ومَن ذَكَرَنِي وهو لِي عاصٍ، فَحَقٌّ (p-٣٨)عَلَيَّ أنْ أذْكُرَهُ بِمَقْتٍ“» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ﴾ قالَ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يَقُولُ اللَّهُ: ذِكْرِي لَكم خَيْرٌ مِن ذِكْرِكم لِي. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، وأبُو نُعَيْمٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «”يَقُولُ اللَّهُ: يا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ إذا ما ذَكَرْتَنِي شَكَرْتَنِي، وإذا ما نَسِيتَنِي كَفَرْتَنِي“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ، أنَّ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ: يا رَبِّ، أخْبِرْنِي كَيْفَ أشْكُرُكَ؟ قالَ: تَذْكُرُنِي ولا تَنْسانِي، فَإذا ذَكَرْتَنِي فَقَدْ شَكَرْتَنِي، وإذا نَسِيتَنِي فَقَدْ كَفَرْتَنِي. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”مَن أعْطى أرْبَعًا أُعْطِيَ أرْبَعًا، وتَفْسِيرُ ذَلِكَ في كِتابِ اللَّهِ؛ مَن أعْطى الذِّكْرَ ذَكَرَهُ اللَّهُ؛ لِأنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ﴾ . ومَن أعْطى الدُّعاءَ أُعْطِيَ الإجابَةَ؛ لِأنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠] . ومَن أعْطى الشُّكْرَ أُعْطِيَ الزِّيادَةَ؛ لِأنَّ اللَّهَ يَقُولُ: (p-٣٩)﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧] . ومَن أعْطى الِاسْتِغْفارَ أُعْطِيَ المَغْفِرَةَ؛ لِأنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكم إنَّهُ كانَ غَفّارًا﴾ [نوح»: ١٠] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ﴾ قالَ: لَيْسَ مِن عَبْدٍ يَذْكُرُ اللَّهَ إلّا ذَكَرَهُ اللَّهُ؛ لا يَذْكُرُهُ مُؤْمِنٌ إلّا ذَكَرَهُ بِرَحْمَةٍ، ولا يَذْكُرُهُ كافِرٌ إلّا ذَكَرَهُ بِعَذابٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في «المُصَنَّفِ»، وأحْمَدُ في «الزُّهْدِ»، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: أوْحى اللَّهُ إلى داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ: قُلْ لِلظَّلَمَةِ لا يَذْكُرُونِي؛ فَإنَّ حَقًّا عَلَيَّ أنْ أذْكُرَ مَن ذَكَرَنِي، وإنَّ ذِكْرِي إيّاهم أنْ ألْعَنَهم. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّهُ قِيلَ لَهُ: أرَأيْتَ قاتِلَ النَّفْسِ، وشارِبَ الخَمْرِ، والسّارِقَ، والزّانِيَ، يَذْكُرُ اللَّهَ، وقَدْ قالَ اللَّهُ: ﴿فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ﴾ قالَ: إذا ذَكَرَ اللَّهَ هَذا ذَكَرَهُ اللَّهُ بِلَعْنَتِهِ حَتّى يَسْكُتَ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنْ خالِدِ بْنِ أبِي عِمْرانَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“مَن أطاعَ اللَّهَ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ، (p-٤٠)وإنْ قَلَّتْ صَلاتُهُ وصِيامُهُ وتِلاوَتُهُ لِلْقُرْآنِ، ومَن عَصى اللَّهَ فَقَدْ نَسِيَ اللَّهَ وإنْ كَثُرَتْ صَلاتُهُ وصِيامُهُ وتِلاوَتُهُ لِلْقُرْآنِ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“يَقُولُ اللَّهُ: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وأنا مَعَهُ إذا ذَكَرَنِي، فَإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَأٍ خَيْرٍ مِنهُمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبَيْهَقِيُّ في «الأسْماءِ والصِّفاتِ»، عَنْ أنَسٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «“قالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: يا ابْنَ آدَمَ، إنْ ذَكَرْتَنِي في نَفْسِكَ ذَكَرْتُكَ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرْتَنِي في مَلَأٍ ذَكَرْتُكَ في مَلَأٍ مِنَ المَلائِكَةِ - أوْ قالَ: في مَلَأٍ خَيْرٍ مِنهُمْ- وإنْ دَنَوْتَ مِنِّي شِبْرًا دَنَوْتُ مِنكَ ذِراعًا، وإنْ دَنَوْتَ مِنِّي ذِراعًا دَنَوْتُ مِنكَ باعًا، وإنْ أتَيْتَنِي تَمْشِي أتَيْتُكَ هَرْوَلَةً”» . (p-٤١)وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“قالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: لا يَذْكُرُنِي أحَدٌ في نَفْسِهِ إلّا ذَكَرْتُهُ في مَلَأٍ مِنَ مَلائِكَتِي، ولا يَذْكُرُنِي في مَلَأٍ إلّا ذَكَرْتُهُ في الرَّفِيقِ الأعْلى”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في «الذِّكْرِ»، والبَزّارُ، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «“قالَ اللَّهُ: يا ابْنَ آدَمَ، إنْ ذَكَرْتَنِي خالِيًا ذَكَرْتُكَ خالِيًا، وإنْ ذَكَرْتَنِي في مَلَأٍ ذَكَرْتُكَ في مَلَأٍ خَيْرٍ مِنَ الَّذِينَ تَذْكُرُنِي فِيهِمْ وأكْثَرَ”» . وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، وابْنُ حِبّانَ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «“إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يَقُولُ: أنا مَعَ عَبْدِي إذا هو ذَكَرَنِي وتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتاهُ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ حِبّانَ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، «أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ شَرائِعَ الإسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أتَثَبَّتُ بِهِ. قالَ:“لا يَزالُ لِسانُكَ رَطْبًا مِن ذِكْرِ اللَّهِ”» . (p-٤٢)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَزّارُ، وابْنُ حِبّانَ، والطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ مالِكِ بْنِ يَخامِرَ، «أنَّ مُعاذَ بْنَ جَبَلٍ قالَ لَهم: إنَّ آخِرَ كَلامٍ فارَقْتُ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أنْ قُلْتُ: أيُّ الأعْمالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ ؟ قالَ:“أنْ تَمُوتَ ولِسانُكَ رَطْبٌ مِن ذِكْرِ اللَّهِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ أبِي المُخارِقِ قالَ: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «“مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِرَجُلٍ مُغَيَّبٍ في نُورِ العَرْشِ، قُلْتُ: مَن هَذا؛ أمَلَكٌ ؟ قِيلَ: لا، قُلْتُ: نَبِيٌّ ؟ قِيلَ: لا. قُلْتُ: مَن هو ؟ قالَ: هَذا رَجُلٌ كانَ في الدُّنْيا لِسانُهُ رَطْبٌ مِن ذِكْرِ اللَّهِ، وقَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَساجِدِ، ولَمْ يَسْتَسِبَّ لِوالِدَيْهِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ في «الزُّهْدِ»، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ سالِمِ بْنِ أبِي الجَعْدِ، قالَ: قِيلَ لِأبِي الدَّرْداءِ: إنَّ الرَّجُلَ أعْتَقَ مِائَةَ نَسَمَةٍ. قالَ: إنَّ مِائَةَ نَسَمَةٍ مِن مالِ رَجُلٍ لَكَثِيرٌ، وأفْضَلُ مِن ذَلِكَ إيمانٌ مَلْزُومٌ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ، وألّا يَزالَ لِسانُ أحَدِكم رَطْبًا مِن ذِكْرِ اللَّهِ. (p-٤٣)وأخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“ألا أُنَبِّئُكم بِخَيْرِ أعْمالِكُمْ، وأزْكاها عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وأرْفَعِها في دَرَجاتِكُمْ، وخَيْرٍ لَكم مِن إنْفاقِ الذَّهَبِ والوَرِقِ، وخَيْرٍ لَكم مِن أنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكم فَتَضْرِبُوا أعْناقَهم ويَضْرِبُوا أعْناقَكُمْ؟”قالُوا: بَلى. قالَ:“ذِكْرُ اللَّهِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ كانَ يَقُولُ: «“إنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سِقالَةً، وإنَّ سِقالَةَ القُلُوبِ ذِكْرُ اللَّهِ، وما مِن شَيْءٍ أنْجى مِن عَذابِ اللَّهِ مِن ذِكْرِ اللَّهِ”. قالُوا: ولا الجِهادُ في سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قالَ:“ولَوْ أنْ يَضْرِبَ بِسَيْفِهِ حَتّى يَنْقَطِعَ”» . وأخْرَجَ البَزّارُ، والطَّبَرانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“مَن عَجَزَ مِنكم عَنِ اللَّيْلِ أنْ يُكابِدَهُ، وبَخِلَ بِالمالِ أنْ يُنْفِقَهُ، وجَبُنَ عَنِ العَدُوِّ أنْ يُجاهِدَهُ، فَلْيُكْثِرْ ذِكْرَ اللَّهِ”» . (p-٤٤)وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، عَنْ جابِرٍ رَفَعَهُ إلى النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «“ما عَمِلَ آدَمِيٌّ عَمَلًا أنْجى لَهُ مِنَ العَذابِ مِن ذِكْرِ اللَّهِ”. قِيلَ: ولا الجِهادُ في سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قالَ:“ولا الجِهادُ في سَبِيلِ اللَّهِ، إلّا أنْ يَضْرِبَ بِسَيْفِهِ حَتّى يَنْقَطِعَ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ «الشُّكْرِ»، والطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «“أرْبَعٌ مَن أُعْطِيَهُنَّ فَقَدْ أُعْطِيَ خَيْرَ الدُّنْيا والآخِرَةِ؛ قَلْبٌ شاكِرٌ، ولِسانٌ ذاكِرٌ، وبَدَنٌ عَلى البَلاءِ صابِرٌ، وزَوْجَةٌ لا تَبْغِيهِ خَوْنًا في نَفْسِها ومالِهِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ حِبّانَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «“لَيَذْكُرَنَّ اللَّهَ أقْوامٌ في الدُّنْيا عَلى الفُرُشِ المُمَهَّدَةِ، يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الدَّرَجاتِ العُلا”» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي مُوسى قالَ: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «“مَثَلَ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ والَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ أبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «“ما مِن يَوْمٍ ولَيْلَةٍ إلّا ولِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ فِيهِ صَدَقَةٌ يَمُنُّ بِها عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ، وما مَنَّ اللَّهُ عَلى عَبْدٍ (p-٤٥)بِأفْضَلَ مِن أنْ يُلْهِمَهُ ذِكْرَهُ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ خالِدِ بْنِ مَعْدانَ قالَ: إنَّ اللَّهَ يَتَصَدَّقُ كُلَّ يَوْمٍ بِصَدَقَةٍ، فَما تَصَدَّقَ عَلى عَبْدِهِ بِشَيْءٍ أفْضَلَ مِن ذِكْرِهِ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، عَنْ أبِي مُوسى قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“لَوْ أنَّ رَجُلًا في حِجْرِهِ دَراهِمُ يَقْسِمُها وآخَرَ يَذْكُرُ اللَّهَ، لَكانَ الذّاكِرُ لِلَّهِ أفْضَلَ”» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“لَيْسَ يَتَحَسَّرُ أهْلُ الجَنَّةِ إلّا عَلى ساعَةٍ مَرَّتْ بِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ تَعالى فِيها”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عائِشَةَ، أنَّها سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «“ما مِن ساعَةٍ تَمُرُّ بِابْنِ آدَمَ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ تَعالى فِيها إلّا تَحَسَّرَ عَلَيْها يَوْمَ القِيامَةِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ ماجَهْ (p-٤٦)والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، وأبِي سَعِيدٍ، أنَّهُما شَهِدا عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ قالَ: «“لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلّا حَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ، وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، ونَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، وأبِي سَعِيدٍ، قالا: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“إنَّ لِأهْلِ ذِكْرِ اللَّهِ أرْبَعًا؛ تَنْزِلُ عَلَيْهِمُ السِّكِّينَةُ، وتَغْشاهُمُ الرَّحْمَةُ، وتَحُفُّ بِهِمُ المَلائِكَةُ، ويَذْكُرُهُمُ الرَّبُّ في مَلَأٍ عِنْدَهُ”» . وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «“إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أنا مَعَ عَبْدِي إذا هو ذَكَرَنِي وتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتاهُ”» . وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أنَسٍ مَرْفُوعًا، «“قالَ اللَّهُ: عَبْدِي، أنا عِنْدَ ظَنِّكَ بِي، وأنا مَعَكَ إذا ذَكَرْتَنِي”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في «المُصَنَّفِ»، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: ذِكْرُ اللَّهِ بِالغَداةِ والعَشِيِّ أعْظَمُ مِن حَطْمِ السُّيُوفِ في سَبِيلِ اللَّهِ وإعْطاءِ المالِ سَحًّا“ . (p-٤٧)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالَ: لَوْ أنَّ رَجُلَيْنِ أحَدُهُما يَحْمِلُ عَلى الجِيادِ في سَبِيلِ اللَّهِ والآخَرُ يَذْكُرُ اللَّهَ، لَكانَ الذّاكِرُ أعْظَمَ وأفْضَلَ أجْرًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ في «الزُّهْدِ»، عَنْ سَلْمانَ الفارِسِيِّ قالَ: لَوْ باتَ رَجُلٌ يُعْطِي القِيانَ البِيضَ - ولَفْظُ أحْمَدَ: يُطاعِنُ الأقْرانَ - وباتَ آخَرُ يَقْرَأُ القُرْآنَ أوْ يَذْكُرُ اللَّهَ، لَرَأيْتُ أنَّ ذاكِرَ اللَّهِ أفْضَلُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قالَ: لَوْ أنَّ رَجُلَيْنِ أقْبَلَ أحَدُهُما مِنَ المَشْرِقِ، والآخَرُ مِنَ المَغْرِبِ، مَعَ أحَدِهِما ذَهَبٌ لا يَضَعُ مِنهُ شَيْئًا إلّا في حَقٍّ، والآخَرُ يَذْكُرُ اللَّهَ، حَتّى يَلْتَقِيا في طَرِيقٍ، كانَ الَّذِي يَذْكُرُ اللَّهَ أفْضَلَهُما. وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والبَيْهَقِيُّ في «الأسْماءِ والصِّفاتِ»، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”إنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهْلَ الذِّكْرِ، فَإذا وجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنادَوْا: هَلُمُّوا إلى حاجَتِكم. فَيَحُفُّونَهم بِأجْنِحَتِهِمْ إلى السَّماءِ، فَإذا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وصَعِدُوا إلى السَّماءِ، فَيَسْألُهم رَبُّهُمْ، وهو أعْلَمُ: مِن أيْنَ جِئْتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنا مِن عِنْدِ عِبادٍ لَكَ في الأرْضِ يُسَبِّحُونَكَ ويُكَبِّرُونَكَ ويُهَلِّلُونَكَ ويَحْمَدُونَكَ. فَيَقُولُ: هَلْ رَأوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لا. فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأوْكَ كانُوا أشَدَّ لَكَ عِبادَةً، وأشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وأكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. (p-٤٨)فَيَقُولُ: فَما يَسْألُونَ ؟ فَيَقُولُونَ: يَسْألُونَكَ الجَنَّةَ. فَيَقُولُ: وهَلْ رَأوْها ؟ فَيَقُولُونَ: لا. فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأوْها ؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ أنَّهم رَأوْها كانُوا أشَدَّ عَلَيْها حِرْصًا، وأشَدَّ لَها طَلَبًا، وأعْظَمَ فِيها رَغْبَةً. قالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ فَيَقُولُونَ: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النّارِ. فَيَقُولُ: وهَلْ رَأوْها؟ فَيَقُولُونَ: لا. فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأوْها ؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ أنَّهم رَأوْها كانُوا أشَدَّ مِنها فِرارًا، وأشَدَّ لَها مَخافَةً. فَيَقُولُ: أُشْهِدُكم أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهم. فَيَقُولُ مَلَكٌ مِنَ المَلائِكَةِ: فِيهِمْ فُلانٌ لَيْسَ مِنهم، إنَّما جاءَ لِحاجَةٍ. قالَ: هُمُ القَوْمُ لا يَشْقى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، عَنْ مُعاوِيَةَ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ عَلى حَلْقَةٍ مِن أصْحابِهِ، فَقالَ: ”ما أجْلَسَكم ؟“ قالُوا: جَلَسْنا نَذْكُرُ اللَّهَ، ونَحْمَدُهُ عَلى ما هَدانا لِلْإسْلامِ، ومَنَّ بِهِ عَلَيْنا. قالَ: ”آللَّهِ، ما أجْلَسَكم إلّا ذَلِكَ ؟“ قالُوا: آللَّهِ ما أجْلَسَنا إلّا ذَلِكَ. قالَ: أما إنِّي لَمْ أسْتَحْلِفْكم تُهْمَةً لَكُمْ، ولَكِنْ أتانِي جِبْرِيلُ، فَأخْبَرَنِي أنَّ اللَّهَ يُباهِي بِكُمُ المَلائِكَةَ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ حِبّانَ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «“يَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ القِيامَةِ: سَيَعْلَمُ أهْلُ الجَمْعِ اليَوْمَ مَن أهْلُ الكَرَمِ”. فَقِيلَ: ومَن أهْلُ الكَرَمِ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قالَ:“أهْلُ (p-٤٩)مَجالِسِ الذِّكْرِ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ أنَسٍ قالَ: «كانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ إذا لَقِيَ الرَّجُلَ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: تَعالَ نُؤْمِنُ بِرَبِّنا ساعَةً. فَقالَ ذاتَ يَوْمٍ لِرَجُلٍ، فَغَضِبَ الرَّجُلُ، فَجاءَ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ألا تَرى إلى ابْنِ رَواحَةَ يَرْغَبُ عَنْ إيمانِكَ إلى إيمانِ ساعَةٍ ؟ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ:“يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ رَواحَةَ؛ إنَّهُ يُحِبُّ المَجالِسَ الَّتِي تَتَباهى بِها المَلائِكَةُ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبَزّارُ، وأبُو يَعْلى، والطَّبَرانِيُّ، عَنْ أنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: «“ما مِن قَوْمٍ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ اللَّهَ، لا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إلّا وجْهَهُ، إلّا ناداهم مُنادٍ مِنَ السَّماءِ: أنْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكم، قَدْ بُدِّلَتْ سَيِّئاتُكم حَسَناتٍ”» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ سَهْلِ ابْنِ الحَنْظَلِيَّةِ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“ما جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ فِيهِ فَيَقُومُونَ حَتّى يُقالَ لَهم: قُومُوا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، وبُدِّلَتْ سَيِّئاتُكم حَسَناتٍ”» . (p-٥٠)وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“ما مِن قَوْمٍ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلّا ناداهم مُنادٍ في السَّماءِ: قُومُوا مَغْفُورًا لَكم، قَدْ بُدِّلَتْ سَيِّئاتُكم حَسَناتٍ. وما مِن قَوْمٍ اجْتَمَعُوا في مَجْلِسٍ، فَتَفَرَّقُوا ولَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ إلّا كانَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ القِيامَةِ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“ما عَمِلَ آدَمِيٌّ عَمَلًا قَطُّ أنْجى لَهُ مِن عَذابِ القَبْرِ مِن ذِكْرِ اللَّهِ”» . وقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“ألا أُخْبِرُكم بِخَيْرِ أعْمالِكُمْ، وأزْكاها عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وأرْفَعِها في دَرَجاتِكُمْ، وخَيْرٍ لَكم مِن تَعاطِي الذَّهَبِ والفِضَّةِ، ومِن أنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكم فَتَضْرِبُوا أعْناقَهم ويَضْرِبُوا أعْناقَكُمْ؟”قالُوا: بَلى يا رَسُولَ اللَّهِ. قالَ:“ذِكْرُ اللَّهِ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ، أنَّهُ «سَألَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ أفْضَلِ الإيمانِ ؟ قالَ:“أنْ تُحِبَّ لِلَّهِ، وتُبْغِضَ لِلَّهِ، وتُعْمِلَ لِسانَكَ في ذِكْرِ اللَّهِ”. قالَ: وماذا يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ:“وأنْ تُحِبَّ لِلنّاسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وتَكْرَهَ لَهم ما تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ، وأنْ تَقُولَ خَيْرًا أوْ تَصْمُتَ”» . (p-٥١)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ «الزُّهْدِ»، عَنْ أبِي بَرْزَةَ الأسْلَمِيِّ، قالَ: لَوْ أنَّ رَجُلًا في حِجْرِهِ دَنانِيرُ يُعْطِيها، وآخَرَ ذاكِرٌ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ، لَكانَ الذّاكِرُ أفْضَلَ. وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ، قالَ: اذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ كُلِّ حُجَيْرَةٍ وشُجَيْرَةٍ ومُدَيْرَةٍ، واذْكُرْهُ في سَرّائِكَ يَذْكُرْكَ في ضَرّائِكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ في «الزُّهْدِ»، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ، قالَ: إنَّ الَّذِينَ لا تَزالُ ألْسِنَتُهم رَطْبَةً بِذِكْرِ اللَّهِ تَبارَكَ وتَعالى يَدْخُلُ أحَدُهُمُ الجَنَّةَ وهو يَضْحَكُ. وأخْرَجَ أحْمَدُ في «الزُّهْدِ»، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ، قالَ: لَأنْ أُكَبِّرَ مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أتَصَدَّقَ بِمِائَةِ دِينارٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: ما اجْتَمَعَ مَلَأٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلّا ذَكَرَهُمُ اللَّهُ في مَلَأٍ أعَزَّ مِنهُ وأكْرَمَ، وما تَفَرَّقَ قَوْمٌ لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ في مَجْلِسِهِمْ إلّا كانَ حَسْرَةً عَلَيْهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ. (p-٥٢)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عُمَرَ قالَ: التَّكْبِيرَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وما فِيها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“ما عَمِلَ ابْنُ آدَمَ عَمَلًا أنْجى لَهُ مِنَ النّارِ مِن ذِكْرِ اللَّهِ”. قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قالَ:“ولا الجِهادُ في سَبِيلِ اللَّهِ، تَضْرِبُ بِسَيْفِكَ حَتّى يَنْقَطِعَ، ثُمَّ تَضْرِبُ بِسَيْفِكَ حَتّى يَنْقَطِعَ، ثُمَّ تَضْرِبُ بِسَيْفِكَ حَتّى يَنْقَطِعَ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ، قالَ: لَأنْ أذْكُرَ اللَّهَ مِن غَدْوَةٍ حَتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أحْمِلَ عَلى الجِيادِ في سَبِيلِ اللَّهِ مِن غَدْوَةٍ حَتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ قالَ: لَأنْ أكُونَ في قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِن حِينِ يُصَلُّونَ الغَداةَ إلى حِينِ تَطْلُعُ الشَّمْسُ، أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أكُونَ عَلى مُتُونِ الخَيْلِ أُجاهِدُ في سَبِيلِ اللَّهِ إلى أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ولَأنْ أكُونَ في قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِن حِينِ يُصَلُّونَ العَصْرَ حَتّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أكُونَ عَلى مُتُونِ الخَيْلِ أُجاهِدُ في سَبِيلِ اللَّهِ حَتّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ سَلْمانَ قالَ: إذا كانَ العَبْدُ يَحْمَدُ اللَّهَ في السَّرّاءِ، ويَحْمَدُهُ في الرَّخاءِ، فَأصابَهُ ضُرٌّ فَدَعا اللَّهَ قالَتِ المَلائِكَةُ: صَوْتٌ مَعْرُوفٌ مِنِ (p-٥٣)امْرِئٍ ضَعِيفٍ. فَيَشْفَعُونَ لَهُ، فَإذا كانَ العَبْدُ لا يَذْكُرُ اللَّهَ في السَّرّاءِ، ولا يَحْمَدُهُ في الرَّخاءِ، فَأصابَهُ ضُرٌّ فَدَعا اللَّهَ قالَتِ المَلائِكَةُ: صَوْتٌ مُنْكَرٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“أشَدُّ الأعْمالِ ثَلاثَةٌ؛ ذِكْرُ اللَّهِ عَلى كُلِّ حالٍ، والإنْصافُ مِن نَفْسِكَ، والمُواساةُ في المالِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: إنَّ أهْلَ السَّماءِ لَيَرَوْنَ بُيُوتَ أهْلِ الذِّكْرِ تُضِيءُ لَهم كَما تُضِيءُ الكَواكِبُ لِأهْلِ الأرْضِ. وأخْرَجَ البَزّارُ، عَنْ أنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «“إنَّ لِلَّهِ سَيّارَةً مِنَ المَلائِكَةِ يَطْلُبُونَ حِلَقَ الذِّكْرِ، فَإذا أتَوْا عَلَيْهِمْ حَفُّوا بِهِمْ، ثُمَّ بَعَثُوا رائِدَهم إلى السَّماءِ إلى رَبِّ العِزَّةِ تَبارَكَ وتَعالى فَيَقُولُونَ: رَبَّنا، أتَيْنا عَلى عِبادٍ مِن عِبادِكَ يُعَظِّمُونَ آلاءَكَ، ويَتْلُونَ كِتابَكَ، ويُصَلُّونَ عَلى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ﷺ، ويَسْألُونَكَ لِآخِرَتِهِمْ ودُنْياهم، فَيَقُولُ تَبارَكَ وتَعالى: غَشُّوهم بِرَحْمَتِي، فَهُمُ الجُلَساءُ لا يَشْقى بِهِمْ جَلِيسُهم» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قالَ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما غَنِيمَةُ مَجالِسِ (p-٥٤)الذِّكْرِ؟ قالَ: ”غَنِيمَةُ مَجالِسِ الذِّكْرِ الجَنَّةُ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَزّارُ، وأبُو يَعْلى، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في «الدَّعَواتِ»، عَنْ جابِرٍ قالَ: «خَرَجَ عَلَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: ”يا أيُّها النّاسُ، إنْ لِلَّهِ سَرايا مِنَ المَلائِكَةِ، تَحُلُّ وتَقِفُ عَلى مَجالِسِ الذِّكْرِ، فارْتَعُوا في رِياضِ الجَنَّةِ“ . قالُوا: وأيْنَ رِياضُ الجَنَّةِ ؟ قالَ: ”مَجالِسُ الذِّكْرِ، فاغْدُوا ورُوحُوا في ذِكْرِ اللَّهِ، وذَكِّرُوهُ أنْفُسَكُمْ، مَن كانَ يُحِبُّ أنْ يَعْلَمَ مَنزِلَتَهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنزِلَةُ اللَّهِ عِنْدَهُ، فَإنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ العَبْدَ مِنهُ حَيْثُ أنْزَلَهُ مِن نَفْسِهِ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، عَنْ أنَسٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «”إذا مَرَرْتُمْ بِرِياضِ الجَنَّةِ فارْتَعُوا“ . قالُوا: وما رِياضُ الجَنَّةِ ؟ قالَ: ”حِلَقُ الذِّكْرِ“» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «”عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ -وكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ - رِجالٌ لَيْسُوا بِأنْبِياءَ ولا شُهَداءَ، يَغْشى بَياضُ وُجُوهِهِمْ نَظَرَ النّاظِرِينَ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ والشُّهَداءُ بِمَقْعَدِهِمْ وقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ“» . (p-٥٥)قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَن هم ؟ قالَ: ”هم جُمّاعٌ مِن نَوازِعِ القَبائِلِ، يَجْتَمِعُونَ عَلى ذِكْرِ اللَّهِ تَعالى، فَيَنْتَقُونَ أطايِبَ الكَلامِ، كَما يَنْتَقِي آكِلُ التَّمْرِ أطايِبَهُ“ . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ أقْوامًا يَوْمَ القِيامَةِ، في وُجُوهِهِمُ النُّورُ، عَلى مَنابِرِ اللُّؤْلُؤِ، يَغْبِطُهُمُ النّاسُ، لَيْسُوا بِأنْبِياءَ ولا شُهَداءَ“ . فَقالَ أعْرابِيٌّ: يا رَسُولَ اللَّهِ، حَلِّهِمْ لَنا نَعْرِفْهم. قالَ: ”هُمُ المُتَحابُّونَ في اللَّهِ، مِن قَبائِلَ شَتّى وبِلادٍ شَتّى، يَجْتَمِعُونَ عَلى ذِكْرِ اللَّهِ يَذْكُرُونَهُ“» . وأخْرَجَ الخَرائِطِيُّ في «الشُّكْرِ» عَنْ خُلَيْدٍ العَصَرِيِّ قالَ: إنَّ لِكُلِّ بَيْتٍ زِينَةً، وزِينَةُ المَساجِدِ الرِّجالُ عَلى ذِكْرِ اللَّهِ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «الدَّعَواتِ» عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ لَهم: «”أتُحِبُّونَ أيُّها النّاسُ أنْ تَجْتَهِدُوا في الدُّعاءِ ؟“ قالُوا: نَعَمْ. قالَ: ”قُولُوا: اللَّهُمَّ أعِنّا عَلى ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عِبادَتِكَ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ في «الزُّهْدِ»، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ قالَ: أوْحى اللَّهُ إلى داوُدَ إنَّكَ إنْ ذَكَرْتَنِي ذَكَرْتُكَ، وإنْ نَسِيتَنِي تَرَكْتُكَ، واحْذَرْ أنْ أجِدَكَ عَلى حالٍ لا أنْظُرُ إلَيْكَ فِيهِ. (p-٥٦)وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُهُ في «زَوائِدِهِ»، عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أبِيهِ أنَّهُ قالَ لَهُ: يا بُنَيَّ، إذا كُنْتَ في قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ، فَبَدَتْ لَكَ حاجَةٌ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ حِينَ تَقُومُ؛ فَإنَّكَ لا تَزالُ لَهم شَرِيكًا ما دامُوا جُلُوسًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ قالَ: ما مِن شَيْءٍ أحَبُّ إلى اللَّهِ مِنَ الذِّكْرِ والشُّكْرِ. قَوْلُهُ تَعالى ﴿واشْكُرُوا لِي ولا تَكْفُرُونِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ «الشُّكْرِ»، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ قالَ: «كانَ مِن دُعاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: ”اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلى ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عِبادَتِكَ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنْ مُعاذٍ قالَ: قالَ لِيَ النَّبِيُّ ﷺ: «”إنِّي لَأُحِبُّكَ، لا تَدَعَنَّ أنْ تَقُولَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ: اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلى ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عِبادَتِكَ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ في «الزُّهْدِ»، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي الجَلْدِ قالَ: قَرَأْتُ في مُساءَلَةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، أنَّهُ قالَ: يا رَبِّ، كَيْفَ لِي أنْ أشْكُرَكَ (p-٥٧)وأصْغَرُ نِعْمَةٍ وضَعْتَها عِنْدِي مِن نِعَمِكَ لا يُجازِي بِها عَمَلِي كُلُّهُ؟ فَأتاهُ الوَحْيُ: أنْ يا مُوسى، الآنَ شَكَرْتَنِي. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ سُلَيْمانَ التَّيْمِيِّ قالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ أنْعَمَ عَلى العِبادِ عَلى قَدْرِهِ، وكَلَّفَهُمُ الشُّكْرَ عَلى قَدْرِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوانَ قالَ: ما قالَ عَبْدٌ كَلِمَةً أحَبَّ إلَيْهِ وأبْلَغَ في الشُّكْرِ عِنْدَهُ مِن أنْ يَقُولَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أنْعَمَ عَلَيْنا وهَدانا لِلْإسْلامِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ الأصْبَغِ بْنِ نُباتَةَ قالَ: كانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذا دَخَلَ الخَلاءَ قالَ: بِسْمِ اللَّهِ الحافِظِ مِنَ المُودِي، وإذا خَرَجَ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلى بَطْنِهِ، ثُمَّ قالَ: يا لَها مِن نِعْمَةٍ، لَوْ يَعْلَمُ العِبادُ شُكْرَها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا عَنِ الحَسَنِ قالَ: إنَّ اللَّهَ لَيَمْنَعُ بِالنِّعْمَةَ ما شاءَ، فَإذا لَمْ يَشْكُرْ عَلَيْها قَلَبَها عَذابًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والخَرائِطِيُّ، كِلاهُما في كِتابِ «الشُّكْرِ»، (p-٥٨)والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ» عَنْ عائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قالَ: «”ما أنْعَمَ اللَّهُ عَلى عَبْدٍ مِن نِعْمَةٍ، فَعَلِمَ أنَّها مِن عِنْدِ اللَّهِ إلّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ شُكْرَها قَبْلَ أنْ يَحْمَدَهُ، وما عَلِمَ اللَّهُ مِن عَبْدٍ نَدامَةً عَلى ذَنْبٍ إلّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ أنْ يَسْتَغْفِرَهُ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَشْتَرِي الثَّوْبَ بِالدِّينارِ فَيَلْبَسُهُ فَيَحْمَدُ اللَّهَ، فَما يَبْلُغُ رُكْبَتَيْهِ حَتّى يُغْفَرَ لَهُ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «الشَّعْبِ» عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: مَن قالَ حِينَ يُصْبِحُ: الحَمْدُ لِلَّهِ عَلى حُسْنِ المَساءِ، والحَمْدُ لِلَّهِ عَلى حُسْنِ المَبِيتِ، والحَمْدُ لِلَّهِ عَلى حُسْنِ الصَّباحِ. فَقَدْ أدّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ ويَوْمِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قالَ: قالَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ: يا رَبِّ، ما الشُّكْرُ الَّذِي يَنْبَغِي لَكَ؟ قالَ: لا يَزالُ لِسانُكَ رَطْبًا مِن ذِكْرِي. قالَ: فَإنّا نَكُونُ مِنَ الحالِ عَلى حالٍ نُجِلُّكَ أنْ نَذْكُرَكَ عَلَيْها. قالَ: ما هي ؟ قالَ: الغائِطُ، وإهْراقَةُ الماءِ مِنَ الجَنابَةِ، وعَلى غَيْرِ وُضُوءٍ. قالَ: كَلّا. قالَ: يا رَبِّ، كَيْفَ أقُولُ ؟ قالَ: تَقُولُ سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، لا إلَهَ إلّا أنْتَ، فَجَنِّبْنِي الأذى، سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ، لا إلَهَ إلّا أنْتَ، فَقِنِي مِنَ الأذى (p-٥٩)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ إسْحاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي طَلْحَةَ، «أنَّ رَجُلًا كانَ يَأْتِي النَّبِيَّ ﷺ، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ”كَيْفَ أصْبَحْتَ؟“ فَيَقُولُ الرَّجُلُ: أحْمَدُ إلَيْكَ اللَّهَ، وأحْمَدُ اللَّهَ إلَيْكَ. فَكانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدْعُو لَهُ، فَجاءَ يَوْمًا، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: ”كَيْفَ أنْتَ يا فُلانُ؟“ قالَ: بِخَيْرٍ إنْ شَكَرْتُ. فَسَكَتَ النَّبِيُّ ﷺ، فَقالَ الرَّجُلُ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، كُنْتَ تَسْألُنِي وتَدْعُو لِي، وإنَّكَ سَألْتَنِي اليَوْمَ فَلَمْ تَدْعُ لِي. فَقالَ: ”إنِّي كُنْتُ أسْألُكَ فَتَشْكُرُ اللَّهَ، وإنِّي سَألْتُكَ اليَوْمَ فَشَكَكْتَ في الشُّكْرِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا عَنْ أبِي قِلابَةَ قالَ: لا تَضُرُّكم دُنْيا إذا شَكَرْتُمُوها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا عَنْ أبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّهُ كانَ يَقُولُ في دُعائِهِ: أسْألُكَ تَمامَ النِّعْمَةِ في الأشْياءِ كُلِّها، والشُّكْرَ لَكَ عَلَيْها حَتّى تَرْضى وبَعْدَ الرِّضا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي حازِمٍ، أنَّ رَجُلًا قالَ لَهُ: ما شُكْرُ العَيْنَيْنِ ؟ قالَ: إنْ رَأيْتَ بِهِما خَيْرًا أعْلَنْتَهُ، وإنْ رَأيْتَ بِهِما شَرًّا سَتَرْتَهُ. قالَ: فَما شُكْرُ الأُذُنَيْنِ ؟ قالَ: إنْ سَمِعْتَ بِهِما خَيْرًا وعَيْتَهُ، وإنْ سَمِعْتَ بِهِما شَرًّا أخْفَيْتَهُ، قالَ: فَما شُكْرُ اليَدَيْنِ ؟ قالَ: لا تَأْخُذْ بِهِما ما لَيْسَ لَهُما، ولا تَمْنَعْ حَقًّا لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ هو فِيهِما. قالَ: فَما شُكْرُ البَطْنِ ؟ قالَ: أنْ يَكُونَ أسْفَلُهُ طَعامًا، وأعْلاهُ (p-٦٠)عِلْمًا، قالَ: فَما شُكْرُ الفَرْجِ؟ قالَ: كَما قالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إلا عَلى أزْواجِهِمْ أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ﴾ [المؤمنون: ٦] إلى قَوْلِهِ: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ العادُونَ﴾ [المؤمنون: ٧] قالَ: فَما شُكْرُ الرِّجْلَيْنِ ؟ قالَ: إنْ رَأيْتَ حَيًّا غَبَطْتَهُ اسْتَعْمَلْتَ عَمَلَهُ بِهِما، وإنْ رَأيْتَ مَيِّتًا مَقَتَّهُ كَفَفْتَهُما عَنْ عَمَلِهِ، وأنْتَ شاكِرٌ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ. فَأمّا مَن شَكَرَ بِلِسانِهِ، ولَمْ يَشْكُرْ بِجَمِيعِ أعْضائِهِ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ كِساءٌ، فَأخَذَ بِطَرَفِهِ ولَمْ يَلْبَسْهُ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ مِنَ الحَرِّ والبَرْدِ والثَّلْجِ والمَطَرِ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ» عَنْ عَلِيِّ بْنِ المَدِينِيِّ قالَ: قِيلَ لِسُفْيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: ما حَدُّ الزُّهْدِ؟ قالَ: أنْ تَكُونَ شاكِرًا في الرَّخاءِ، صابِرًا في البَلاءِ، فَإذا كانَ كَذَلِكَ فَهو زاهِدٌ. قِيلَ لِسُفْيانَ: ما الشُّكْرُ ؟ قالَ: أنْ تَجْتَنِبَ ما نَهى اللَّهُ عَنْهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ قالَ: قَيِّدُوا نِعَمَ اللَّهِ بِالشُّكْرِ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وشُكْرُ اللَّهِ تَرْكُ المَعْصِيَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ لُوطٍ الأنْصارِيِّ قالَ: كانَ يُقالُ: الشُّكْرُ تَرْكُ المَعْصِيَةِ. (p-٦١)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ قالَ: كانَ يُقالُ: الشُّكْرُ تَرْكُ المَعاصِي. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ الجُنَيْدِ قالَ: قالَ السَّرِيُّ يَوْمًا: ما الشُّكْرُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: الشُّكْرُ عِنْدِي ألّا يُسْتَعانَ عَلى المَعاصِي بِشَيْءٍ مِن نِعَمِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ سُفْيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قالَ: قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: ما الزّاهِدُ ؟ قالَ: مَن لَمْ يَغْلِبِ الحَرامُ صَبْرَهُ، ولَمْ يَمْنَعِ الحَلالُ شُكْرَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ قالَ: الشُّكْرُ يَأْخُذُ بِجِرْمِ الحَمْدِ وأصْلِهِ وفَرْعِهِ، فَلْيَنْظُرْ في نِعَمٍ مِنَ اللَّهِ في بَدَنِهِ وسَمْعِهِ وبَصَرِهِ ويَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ وغَيْرِ ذَلِكَ، لَيْسَ مِن هَذا شَيْءٌ إلّا وفِيهِ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ، حَقٌّ عَلى العَبْدِ أنْ يَعْمَلَ بِالنِّعَمِ اللّاتِي هي في يَدَيْهِ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ في طاعَتِهِ، ونِعَمٍ أُخْرى في الرِّزْقِ، وحَقٌّ عَلَيْهِ أنْ يَعْمَلَ لِلَّهِ فِيما أنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ الرِّزْقِ في طاعَتِهِ، فَمَن عَمِلَ بِهَذا كانَ أخَذَ بِجِرْمِ الشُّكْرِ وأصْلِهِ وفَرْعِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عامِرٍ قالَ: الشُّكْرُ نِصْفُ الإيمانِ، والصَّبْرُ نِصْفُ الإيمانِ، واليَقِينُ الإيمانُ كُلُّهُ. (p-٦٢)وقالَ البَيْهَقِيُّ: أنْبَأنا أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قالَ: سُئِلَ الأُسْتاذُ أبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمانَ الصُّعْلُوكِيُّ عَنِ الشُّكْرِ والصَّبْرِ؛ أيُّهُما أفْضَلُ؟ فَقالَ: هُما في مَحَلِّ الِاسْتِواءِ، فالشُّكْرُ وظِيفَةُ السَّرّاءِ، والصَّبْرُ فَرِيضَةُ الضَّرّاءِ. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ ماجَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «”لِلطّاعِمِ الشّاكِرِ مِنَ الأجْرِ مِثْلُ ما لِلصّائِمِ الصّابِرِ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: مَن لَمْ يَعْرِفْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إلّا في مَطْعَمِهِ ومَشْرَبِهِ فَقَدْ قَلَّ عِلْمُهُ وحَضَرَ عَذابُهُ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنِ الفُضَيْلِ بْنِ عِياضٍ قالَ: عَلَيْكم بِالشُّكْرِ؛ فَإنَّهُ قَلَّ قَوْمٌ كانَتْ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ نِعْمَةٌ فَزالَتْ عَنْهم ثُمَّ عادَتْ إلَيْهِمْ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ عُمارَةَ بْنِ حَمْزَةَ قالَ: إذا وصَلَتْ إلَيْكم أطْرافُ النِّعَمِ فَلا تُنَفِّرُوا أقْصاها بِقِلَّةِ الشُّكْرِ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”مَن نَظَرَ في الدِّينِ إلى مَن فَوْقَهُ، وفي الدُّنْيا إلى مَن تَحْتَهُ، كَتَبَهُ اللَّهُ صابِرًا شاكِرًا، ومَن نَظَرَ في الدِّينِ إلى (p-٦٣)مَن تَحْتَهُ، ونَظَرَ في الدُّنْيا إلى مَن فَوْقَهُ، لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ صابِرًا ولا شاكِرًا“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «”خَصْلَتانِ مَن كانَتا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ صابِرًا شاكِرًا، ومَن لَمْ يَكُونا فِيهِ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ صابِرًا ولا شاكِرًا؛ مَن نَظَرَ في دِينِهِ إلى مَن فَوْقَهُ، فاقْتَدى بِهِ، ومَن نَظَرَ في دُنْياهُ إلى مَن هو دُونَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلى ما فَضَّلَهُ بِهِ عَلَيْهِ، كَتَبَهُ اللَّهُ صابِرًا شاكِرًا، ومَن نَظَرَ في دِينِهِ إلى مَن هو دُونَهُ، ونَظَرَ في دُنْياهُ إلى مَن هو فَوْقَهُ، فَأسِفَ عَلى ما فاتَهُ، لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ صابِرًا ولا شاكِرًا» . وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ صُهَيْبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“عَجَبًا لِأمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَ المُؤْمِنِ كُلَّهُ خَيْرٌ؛ إنْ أصابَتْهُ سَرّاءُ فَشَكَرَ كانَ خَيْرًا لَهُ، وإنْ أصابَتْهُ ضَرّاءُ فَصَبَرَ كانَ خَيْرًا لَهُ”» . وأخْرَجَ النَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أُعْطِيَ قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ. فَشَكَرَ، وإنِ ابْتُلِيَ قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ. فَصَبَرَ، فالمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ عَلى كُلِّ حالٍ، حَتّى اللُّقْمَةَ يَرْفَعُها إلى فِيهِ”» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ وضَعَّفَهُ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“مَن (p-٦٤)كانَتْ فِيهِ ثَلاثٌ أدْخَلَهُ اللَّهُ في رَحْمَتِهِ، وأراهُ مَحَبَّتَهُ، وكانَ في كَنَفِهِ؛ مَن إذا أُعْطِيَ شَكَرَ، وإذا قَدَرَ غَفَرَ، وإذا غَضِبَ فَتَرَ”» . وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ وضَعَّفَهُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“ثَلاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ آواهُ اللَّهُ في كَنَفِهِ، وسَتَرَ عَلَيْهِ بِرَحْمَتِهِ، وأدْخَلَهُ في مَحَبَّتِهِ”. قِيلَ: وما هُنَّ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قالَ:“مَن إذا أُعْطِيَ شَكَرَ، وإذا قَدَرَ غَفَرَ، وإذا غَضِبَ فَتَرَ”» . وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في «الشُّكْرِ»، والفِرْيابِيُّ في «الذِّكْرِ»، والمَعْمَرِيُّ في «عَمَلِ اليَوْمِ واللَّيْلَةِ»، والطَّبَرانِيُّ في «الدُّعاءِ»، وابْنُ حِبّانَ، والبَيْهَقِيُّ، والمُسْتَغْفِرِيُّ، كِلاهُما في «الدَّعَواتِ»، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنّامٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“مَن قالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ ما أصْبَحَ بِي مِن نِعْمَةٍ أوْ بِأحَدٍ مِن خَلْقِكَ فَمِنكَ وحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الحَمْدُ ولَكَ الشُّكْرُ. فَقَدْ أدّى شُكْرَ يَوْمِهِ، ومَن قالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي فَقَدْ أدّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أنَّهُ كانَ عَلى الطّائِفِ، فَأصابَهم مَطَرٌ، فَخَطَبَ النّاسَ فَقالَ: يا أيُّها النّاسُ، احْمَدُوا اللَّهَ عَلى ما وضَعَ (p-٦٥)لَكم مِن رِزْقِهِ؛ فَإنَّهُ بَلَغَنِي عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «“إذا أنْعَمَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ عَلى عَبْدٍ بِنِعْمَةٍ، فَحَمِدَهُ عِنْدَها فَقَدْ أدّى شُكْرَها”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والخَرائِطِيُّ، كِلاهُما في كِتابِ «الشُّكْرِ»، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «“مَن رَأى صاحِبَ بَلاءٍ فَقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عافانِي مِمّا ابْتَلاكَ بِهِ، وفَضَّلَنِي عَلَيْكَ وعَلى جَمِيعِ خَلْقِهِ تَفْضِيلًا. فَقَدْ أدّى شُكْرَ النِّعْمَةِ”» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ كَعْبٍ قالَ: ما أنْعَمَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ عَلى عَبْدٍ نِعْمَةً في الدُّنْيا، فَشَكَرَها لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وتَواضَعَ بِها لِلَّهِ، إلّا أعْطاهُ نَفْعَها في الدُّنْيا، ورَفَعَ لَهُ بِها دَرَجَةً في الآخِرَةِ، وما أنْعَمَ اللَّهُ عَلى عَبْدٍ مِن نِعْمَةٍ في الدُّنْيا، فَلَمْ يَشْكُرْها لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ، ولَمْ يَتَواضَعْ بِها لِلَّهِ، إلّا مَنَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ نَفْعَها في الدُّنْيا، وفَتَحَ لَهُ طَبَقًا مِنَ النّارِ، فَعَذَّبَهُ إنْ شاءَ، أوْ تَجاوَزَ عَنْهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ: ما مِن عَبْدٍ يَشْرَبُ مِن ماءِ القَراحِ فَيَدْخُلُ بِغَيْرِ أذًى، ويَخْرُجُ بِغَيْرِ أذًى، إلّا وجَبَ عَلَيْهِ الشُّكْرُ. (p-٦٦)وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي بَكْرَةَ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ إذا جاءَهُ أمْرٌ يَسُرُّهُ خَرَّ ساجِدًا لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ شُكْرًا لِلَّهِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ لَهُ: «“إنِّي لَقِيتُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَبَشَّرَنِي، وقالَ: إنَّ اللَّهَ يَقُولُ لَكَ: مَن صَلّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، ومَن سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ. فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا”» . وأخْرَجَ الخَرائِطِيُّ في «الشُّكْرِ»، عَنْ جابِرٍ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ إذا رَأى صاحِبَ بَلاءٍ خَرَّ ساجِدًا» . وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والخَرائِطِيُّ في «الشُّكْرِ»، عَنْ شَدّادِ بْنِ أوْسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «“إذا كَنَزَ النّاسُ الذَّهَبَ والفِضَّةَ فاكْنِزُوا هَؤُلاءِ الكَلِماتِ؛ اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ الثَّباتَ في الأمْرِ، والعَزِيمَةَ عَلى الرُّشْدِ، وأسْألُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وأسْألُكَ حُسْنَ عِبادَتِكَ، وأسْألُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، ولِسانًا صادِقًا، وأسْألُكَ مِن خَيْرِ ما تَعْلَمُ، وأعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ ما تَعْلَمُ، وأسْتَغْفِرُكَ لِما تَعْلَمُ، إنَّكَ أنْتَ عَلّامُ الغُيُوبِ”» . وأخْرَجَ الخَرائِطِيُّ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (p-٦٧)«“أفْضَلُ الذِّكْرِ لا إلّا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأفْضَلُ الشُّكْرِ الحَمْدُ لِلَّهِ”» . وأخْرَجَ الخَرائِطِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في «الدَّعَواتِ»، عَنْ مَنصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ قالَ: «مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِرَجُلٍ وهو يَقُولُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانِي لِلْإسْلامِ، وجَعَلَنِي مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“لَقَدْ شَكَرْتَ عَظِيمًا"» . وأخْرَجَ الخَرائِطِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قالَ: يا هَؤُلاءِ، احْفَظُوا اثْنَتَيْنِ؛ شُكْرَ النِّعْمَةِ، وإخْلاصَ الإيمانِ. وأخْرَجَ الخَرائِطِيُّ عَنْ أبِي عُمَرَ الشَّيْبانِيِّ قالَ: قالَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمَ الطُّورِ: يا رَبِّ، إنْ أنا صَلَّيْتُ فَمِن قِبَلِكَ، وإنْ أنا تَصَدَّقْتُ فَمِن قِبَلِكَ، وإنْ أنا بَلَّغْتُ رِسالاتِكَ فَمِن قِبَلِكَ، فَكَيْفَ أشْكُرُكَ؟ قالَ: يا مُوسى، الآنَ شَكَرْتَنِي. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، والخَرائِطِيُ، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ الأزْدِيِّ، وكانَ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: إنَّما تَثْبُتُ النِّعْمَةُ بِشُكْرِ المُنْعَمِ عَلَيْهِ لِلْمُنْعِمِ. وأخْرَجَ الخَرائِطِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: اشْكُرِ المُنْعِمَ عَلَيْكَ؛ فَإنَّهُ لا نَفادَ لِلنِّعَمِ إذا شُكِرَتْ، ولا (p-٦٨)بَقاءَ لَها إذا كُفِرَتْ، والشُّكْرُ زِيادَةٌ في النِّعَمِ، وأمانٌ مِنَ الغِيَرِ. وأخْرَجَ الخَرائِطِيُّ، عَنْ خالِدٍ الرَّبَعِيِّ قالَ: كانَ يُقالُ: إنَّ مِن أجْدَرِ الأعْمالِ أنْ تُعَجَّلَ عُقُوبَتُهُ؛ الأمانَةُ تُخانُ، والرَّحِمُ يُقْطَعُ، والإحْسانُ يُكْفَرُ. وأخْرَجَ الخَرائِطِيُّ عَنْ كَعْبِ الأحْبارِ قالَ: شَرُّ الحَدِيثِ التَّجْدِيفُ. قالَ أبُو عُبَيْدٍ: قالَ الأصْمَعِيُّ: التَّجْدِيفُ هو الكُفْرُ بِالنِّعَمِ. وقالَ الأُمَوِيُّ: هو اسْتِقْلالُ ما أعْطاهُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب