الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآيَتَيْنِ. أخْرَجَ الواحِدِيُّ والثَّعْلَبِيُّ بِسَنَدٍ واهٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وأصْحابِهِ، وذَلِكَ أنَّهم خَرَجُوا ذاتَ يَوْمٍ فاسْتَقْبَلَهم نَفَرٌ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: انْظُرُوا كَيْفَ أرُدُّ هَؤُلاءِ السُّفَهاءَ عَنْكُمْ، فَذَهَبَ فَأخَذَ بِيَدِ أبِي بَكْرٍ فَقالَ: مَرْحَبًا بِالصِّدِّيقِ سَيِّدِ بَنِي تَمِيمٍ وشَيْخِ الإسْلامِ وثانِي رَسُولِ اللَّهِ في الغارِ، الباذِلِ نَفْسَهُ ومالَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ أخَذَ بِيَدِ عُمَرَ فَقالَ: مَرْحَبًا بِسَيِّدِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ الفارُوقِ القَوِيِّ في دِينِ اللَّهِ، الباذِلِ نَفْسَهُ ومالَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ أخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ وقالَ: (p-١٦٥)مَرْحَبًا بِابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وخَتَنِهِ سَيِّدِ بَنِي هاشِمٍ ما خَلا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ افْتَرَقُوا فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ لِأصْحابِهِ: كَيْفَ رَأيْتُمُونِي فَعَلْتُ! فَإذا رَأيْتُمُوهم فافْعَلُوا كَما فَعَلْتُ، فَأثْنَوْا عَلَيْهِ خَيْرًا، فَرَجَعَ المُسْلِمُونَ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَأخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآيَةَ، قالَ: كانَ رِجالٌ مِنَ اليَهُودِ إذا لَقُوا أصْحابَ النَّبِيِّ ﷺ أوْ بَعْضَهم قالُوا: إنّا عَلى دِينِكم ﴿وإذا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ﴾ وهم إخْوانُهم ﴿قالُوا إنّا مَعَكُمْ﴾ أيْ: عَلى مِثْلِ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ ﴿إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ قالَ: ساخِرُونَ بِأصْحابِ مُحَمَّدٍ ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ قالَ: يَسْخَرُ بِهِمْ لِلنِّقْمَةِ مِنهم ﴿ويَمُدُّهم في طُغْيانِهِمْ﴾ قالَ: أيْ في كُفْرِهِمْ ﴿يَعْمَهُونَ﴾ قالَ: يَتَرَدَّدُونَ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا﴾ وهم مُنافِقُو أهْلِ الكِتابِ، فَذَكَرَهم وذَكَرَ اسْتِهْزاءَهُمْ، وأنَّهم وإذا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ قالُوا: إنّا مَعَكم عَلى دِينِكم (p-١٦٦)﴿إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ بِأصْحابِ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ اللَّهُ ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ في الآخِرَةِ، يَفْتَحُ لَهم بابًا في جَهَنَّمَ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُقالُ لَهم: تَعالَوْا. فَيُقْبِلُونَ يَسْبَحُونَ في النّارِ، والمُؤْمِنُونَ عَلى الأرائِكِ وهي السُّرُرُ في الحِجالِ يَنْظُرُونَ إلَيْهِمْ، فَإذا انْتَهَوْا إلى البابِ سُدَّ عَنْهم فَضَحِكَ المُؤْمِنُونَ مِنهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ في الآخِرَةِ ويَضْحَكُ المُؤْمِنُونَ مِنهم حِينَ غُلِّقَتْ دُونَهُمُ الأبْوابُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿فاليَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الكُفّارِ يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: ٣٤] [ المُطَفِّفِينَ: ٣٤] . وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا﴾ أيْ: صاحِبُكم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ولَكِنَّهُ إلَيْكم خاصَّةً ﴿وإذا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ﴾ مِن يَهُودَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَهم بِالتَّكْذِيبِ ﴿قالُوا إنّا مَعَكُمْ﴾ أيْ إنّا عَلى مِثْلِ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ، ﴿إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ أيْ إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ بِالقَوْمِ ونَلْعَبُ بِهِمْ. (p-١٦٧)وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنِ اليَمانِيِّ أنَّهُ قَرَأ ”وإذا لاقَوُا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا“ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي مالِكٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا خَلَوْا﴾ قالَ: مَضَوْا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ﴾ قالَ: رُءُوسِهِمْ في الكُفْرِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ﴾ قالَ: أصْحابِهِمْ مِنَ المُنافِقِينَ والمُشْرِكِينَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ﴾ قالَ: إلى إخْوانِهِمْ مِنَ المُشْرِكِينَ ورُءُوسِهِمْ وقادَتِهِمْ في الشَّرِّ ﴿قالُوا إنّا مَعَكم إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ يَقُولُونَ: إنَّما نَسْخَرُ مِن هَؤُلاءِ القَوْمِ ونَسْتَهْزِئُ بِهِمْ. (p-١٦٨)وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ أبِي صالِحٍ في قَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ قالَ: يُقالُ لِأهْلِ النّارِ وهم في النّارِ: اخْرُجُوا. وتُفْتَحُ لَهم أبْوابُ النّارِ فَإذا رَأوْها قَدْ فُتِحَتْ أقْبَلُوا إلَيْها يُرِيدُونَ الخُرُوجَ، والمُؤْمِنُونَ يَنْظُرُونَ إلَيْهِمْ عَلى الأرائِكِ، فَإذا انْتَهَوْا إلى أبْوابِها غُلِّقَتْ دُونَهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ ويَضْحَكُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُونَ حِينَ غُلِّقَتْ دُونَهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿فاليَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الكُفّارِ يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: ٣٤] [ المُطَفِّفِينَ: ٣٤] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ ﴿ويَمُدُّهُمْ﴾ قالَ: يُمْلِي لَهم ﴿فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ قالَ: في كُفْرِهِمْ يَتَمادَوْنَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿يَعْمَهُونَ﴾ قالَ: يَتَمادَوْنَ. وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يَعْمَهُونَ﴾ قالَ: يَلْعَبُونَ ويَتَرَدَّدُونَ، قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ قَوْلَ الأعْشى:(p-١٦٩) ؎أُرانِي قَدْ عَمِهْتُ وشابَ رَأْسِي وهَذا اللِّعْبُ شَيْنٌ بِالكَبِيرِ وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَمُدُّهُمْ﴾ قالَ: يَزِيدُهم ﴿فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ قالَ: يَلْعَبُونَ ويَتَرَدَّدُونَ في الضَّلالَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب