الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿رَبَّنا واجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ومِن ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿رَبَّنا واجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ﴾ قالَ: مُخْلِصَيْنِ. (p-٧١٠)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَلّامِ بْنِ أبِي مُطِيعٍ في هَذِهِ الآيَةِ قالَ: كانا مُسْلِمَيْنِ ولَكِنْ سَألاهُ الثَّباتَ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿ومِن ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ يَعْنِيانِ العَرَبَ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأرِنا مَناسِكَنا﴾ . أخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والأزْرَقِيُّ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: قالَ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ: رَبِّ أرِنا مَناسِكَنا، فَأتاهُ جِبْرِيلُ فَأتى بِهِ البَيْتَ فَقالَ: ارْفَعِ القَواعِدَ، فَرَفَعَ القَواعِدَ وأتَمَّ البُنْيانَ، ثُمَّ أخَذَ بِيَدِهِ فَأخْرَجَهُ فانْطَلَقَ بِهِ إلى الصَّفا قالَ: هَذا مِن شَعائِرِ اللَّهِ. ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ إلى المَرْوَةَ، فَقالَ: وهَذا مِن شَعائِرِ اللَّهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ نَحْوَ مِنًى، فَلَمّا كانَ مِنَ العَقَبَةِ إذا (p-٧١١)إبْلِيسُ قائِمٌ عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَقالَ: كَبِّرْ وارْمِهِ، فَكَبَّرَ ورَماهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ إبْلِيسُ فَقامَ عِنْدَ الجَمْرَةِ الوُسْطى، فَلَمّا حاذى بِهِ جِبْرِيلُ وإبْراهِيمُ قالَ لَهُ: كَبِّرْ وارْمِهِ، فَكَبَّرَ ورَمى، فَذَهَبَ إبْلِيسُ، حَتّى أتى الجَمْرَةَ القُصْوى فَقالَ لَهُ جِبْرِيلُ: كَبِّرْ وارْمِهِ، فَكَبَّرَ ورَمى، فَذَهَبَ إبْلِيسُ وكانَ الخَبِيثُ أرادَ أنْ يُدْخِلَ في الحَجِّ شَيْئًا، فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَأخَذَ بِيَدِ إبْراهِيمَ حَتّى أتى بِهِ المَشْعَرَ الحَرامَ فَقالَ: هَذا المَشْعَرُ الحَرامُ ثُمَّ ذَهَبَ حَتّى أتى بِهِ عَرَفاتٍ قالَ: قَدْ عَرَفْتَ ما أرَيْتُكَ؟ قالَها ثَلاثًا، قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَأذِّنْ في النّاسِ بِالحَجِّ، قالَ: وكَيْفَ أُؤَذِّنُ؟ قالَ: قُلْ: يا أيُّها النّاسُ أجِيبُوا رَبَّكم. ثَلاثَ مِرارٍ، فَأجابَ العِبادُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا لَبَّيْكَ. فَمَن أجابَ إبْراهِيمَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الخَلْقِ فَهو حاجٌّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ ابْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: لَمّا فَرَغَ إبْراهِيمُ مِن بِناءِ البَيْتِ، قالَ: قَدْ فَعَلْتُ أيْ رَبِّ، فَأرِنا مَناسِكَنا، أبْرِزْها لَنا، عَلِّمْناها. فَبَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ فَحَجَّ بِهِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ والأزْرَقِيُّ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: حَجَّ إبْراهِيمُ (p-٧١٢)وإسْماعِيلُ وهُما ماشِيانِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ المَقامُ في أصْلِ الكَعْبَةِ، فَقامَ عَلَيْهِ إبْراهِيمُ، فَتَفَرَّجَتْ عَنْهُ هَذِهِ الجِبالُ؛ أبُو قُبَيْسٍ وضَواحِيهِ إلى ما بَيْنَهُ وبَيْنَ عَرَفاتٍ، فَأُرِيَ مَناسِكَهُ حَتّى انْتَهى إلَيْهِ، فَقِيلَ: عَرَفْتَ؟ قالَ: نَعَمْ، فَسُمِّيَتْ عَرَفاتٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ أبِي مِجْلَزٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذْ يَرْفَعُ إبْراهِيمُ القَواعِدَ مِنَ البَيْتِ وإسْماعِيلُ﴾ [البقرة: ١٢٧] قالَ: لَمّا فَرَغَ إبْراهِيمُ مِنَ البَيْتِ جاءَهُ جِبْرِيلُ أراهُ الطَّوافَ بِالبَيْتِ والصَّفا والمَرْوَةِ، ثُمَّ انْطَلَقا إلى العَقَبَةِ فَعَرَضَ لَهُما الشَّيْطانُ فَأخَذَ جِبْرِيلُ سَبْعَ حَصَياتٍ وأعْطى إبْراهِيمَ سَبْعَ حَصَياتٍ، فَرَمى وكَبَّرَ وقالَ لِإبْراهِيمَ: ارْمِ وكَبِّرْ. مَعَ كُلِّ رَمْيَةٍ حَتّى أفَلَ الشَّيْطانُ، ثُمَّ انْطَلَقا إلى الجَمْرَةِ الوُسْطى، فَعَرَضَ لَهُما الشَّيْطانُ فَأخَذَ جِبْرِيلُ سَبْعَ (p-٧١٣)حَصَياتٍ وأعْطى إبْراهِيمُ سَبْعَ حَصَياتٍ، فَرَمَيا وكَبَّرًا مَعَ كُلِّ رَمْيَةٍ حَتّى أفَلَ الشَّيْطانُ، ثُمَّ أتَيا الجَمْرَةَ القُصْوى فَعَرَضَ لَهُما الشَّيْطانُ، فَأخَذَ جِبْرِيلُ سَبْعَ حَصَياتٍ، وأعْطى إبْراهِيمَ سَبْعَ حَصَياتٍ وقالَ: ارْمِ وكَبِّرْ، فَرَمَيا وكَبَّرا مَعَ كُلِّ رَمْيَةٍ حَتّى أفَلَ، ثُمَّ أتى بِهِ إلى مِنًى فَقالَ: هَهُنا يَحْلِقُ النّاسُ رُءُوسَهم. ثُمَّ أتى بِهِ جَمْعًا فَقالَ: هَهُنا يَجْمَعُ النّاسُ الصَّلاةَ. ثُمَّ أتى بِهِ عَرَفاتٍ فَقالَ: عَرَفْتَ.، قالَ: نَعَمْ، فَمِن ثَمَّ سُمِّيَتْ عَرَفاتٍ. وأخْرَجَ الأزْرَقِيُّ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قالَ: ”لَمّا فَرَغَ إبْراهِيمُ مِنَ البَيْتِ الحَرامِ، قالَ: أيْ رَبِّ، قَدْ فَعَلْتُ، فَأرِنا مَناسِكَنا. فَبَعَثَ اللَّهُ إلَيْهِ جِبْرِيلَ، فَحَجَّ بِهِ، حَتّى إذا جاءَ يَوْمُ النَّحْرِ، عَرَضَ لَهُ إبْلِيسُ، فَقالَ: احْصِبْ، فَحَصَبَ سَبْعَ حَصَياتٍ، ثُمَّ الغَدُ، ثُمَّ اليَوْمُ الثّالِثُ، فَمَلَأ ما بَيْنَ الجَبَلَيْنِ، ثُمَّ عَلا عَلى ثَبِيرٍ، فَقالَ: يا عِبادَ اللَّهِ، أجِيبُوا رَبَّكم. فَسَمِعَ دَعْوَتَهُ مَن بَيْنَ الأبْحُرِ مِمَّنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن إيمانٍ، قالُوا: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ. قالَ: ولَمْ يَزَلْ عَلى وجْهِ الأرْضِ (p-٧١٤)سَبْعَةٌ المُسْلِمُوَنَ فَصاعِدًا، لَوْلا ذَلِكَ لَأُهْلِكَتِ الأرْضُ ومَن عَلَيْها“ . قالَ: وأوَّلُ مَن أجابَ إبْراهِيمُ حِينَ أذِنَ بِالحَجِّ أهْلُ اليَمَنِ. وأخْرَجَ الأزْرَقِيُّ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأرِنا مَناسِكَنا﴾ قالَ: مَذابِحَنا. وأخْرَجَ الجَنَدِيُّ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: قالَ اللَّهُ لِإبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: قُمْ فابْنِ لِي بَيْتًا، قالَ: أيْ رَبِّ أيْنَ؟ قالَ: سَأُخْبِرُكَ. فَبَعَثَ اللَّهُ إلَيْهِ سَحابَةً لَها رَأْسٌ فَقالَتْ: يا إبْراهِيمُ إنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أنْ تَخُطَّ قَدْرَ هَذِهِ السَّحابَةِ، قالَ: فَجَعَلَ إبْراهِيمُ يَنْظُرُ إلى السَّحابَةِ ويَخُطُّ، فَقالَ الرَّأْسُ: قَدْ فَعَلْتَ؟ قالَ: نَعَمْ، فارْتَفَعَتِ السَّحابَةُ فَحَفَرَ إبْراهِيمُ فَأبْرَزَ عَنْ أساسٍ نابِتٍ مِنَ الأرْضِ، فَبَنى إبْراهِيمُ، فَلَمّا فَرَغَ قالَ: أيْ رَبِّ قَدْ فَعَلْتُ فَأرِنا مَناسِكَنا، فَبَعَثَ اللَّهُ إلَيْهِ جِبْرِيلَ يَحُجُّ بِهِ، حَتّى إذا جاءَ يَوْمُ النَّحْرِ عَرَضَ لَهُ إبْلِيسُ، فَقالَ لَهُ جِبْرِيلُ: احْصِبْ، فَحَصَبَ بِسَبْعِ حَصَياتٍ، ثُمَّ الغَدُ ثُمَّ اليَوْمُ الرّابِعُ، ثُمَّ قالَ: أعْلُ ثَبِيرًا، فَعَلا ثَبِيرًا، فَقالَ: أيْ عِبادَ اللَّهِ، أُجِيبُوا، أيْ عِبادَ اللَّهِ أطِيعُوا اللَّهَ. فَسَمِعَ دَعْوَتَهُ ما (p-٧١٥)بَيْنَ الأبْحُرِ مِمَّنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنَ الإيمانِ، فَقالُوا: لَبَّيْكَ أطَعْناكَ اللَّهُمَّ أطَعْناكَ. وهي الَّتِي أتى اللَّهُ إبْراهِيمَ في المَناسِكِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ. ولَمْ يَزَلْ عَلى الأرْضِ سَبْعَةٌ مُسْلِمُونَ فَصاعِدًا، لَوْلا ذَلِكَ هَلَكَتِ الأرْضُ ومَن عَلَيْها. وأخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، والطَّبَرانِيُّ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَفَعَهُ قالَ: لَمّا أتى إبْراهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ المَناسِكَ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطانُ عِنْدَ جَمْرَةِ العَقَبَةِ فَرَماهُ بِسَبْعِ حَصَياتٍ حَتّى ساخَ في الأرْضِ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الجَمْرَةِ الثّانِيَةِ فَرَماهُ بِسَبْعِ حَصَياتٍ حَتّى ساخَ في الأرْضِ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الجَمْرَةِ الثّالِثَةِ فَرَماهُ بِسَبْعِ حَصَياتٍ حَتّى ساخَ في الأرْضِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: الشَّيْطانُ تَرْجُمُونَ ومِلَّةَ أبِيكم إبْراهِيمَ تَتَّبِعُونَ. وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وأحْمَدُ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّ إبْراهِيمَ لَمّا رَأى المَناسِكَ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطانُ عِنْدَ المَسْعى، فَسابَقَهُ إبْراهِيمُ فَسَبَقَهُ إبْراهِيمُ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ جِبْرِيلُ حَتّى أراهُ مِنًى فَقالَ: هَذا مُناخُ النّاسِ. فَلَمّا انْتَهى إلى جَمْرَةِ العَقَبَةِ فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطانُ، (p-٧١٦)فَرَماهُ بِسَبْعِ حَصَياتٍ حَتّى ذَهَبَ، ثُمَّ أتى بِهِ جَمْرَةَ الوُسْطى، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطانُ فَرَماهُ بِسَبْعِ حَصَياتٍ حَتّى ذَهَبَ، ثُمَّ أتى بِهِ جَمْرَةَ القُصْوى، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطانُ فَرَماهُ بِسَبْعِ حَصَياتٍ حَتّى ذَهَبَ، فَأتى بِهِ جَمْعًا فَقالَ: هَذا المَشْعَرُ، ثُمَّ أتى بِهِ عَرَفَةَ فَقالَ: هَذِهِ عَرَفَةُ. فَقالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أعَرَفْتَ؟ قالَ: نَعَمْ، ولِذَلِكَ سُمِّيَتْ عَرَفَةَ. أتَدْرِي كَيْفَ كانَتِ التَّلْبِيَةُ ؟ إنَّ إبْراهِيمَ لَمّا أُمِرَ أنْ يُؤَذِّنَ في النّاسِ بِالحَجِّ أُمِرَتِ الجِبالُ فَخَفَضَتْ رُءُوسَها ورُفِعَتْ لَهُ القُرى فَأذَّنَ في النّاسِ بِالحَجِّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وأرِنا مَناسِكَنا﴾ قالَ: أراهُما اللَّهُ مَناسِكَهُما، المَوْقِفَ بِعَرَفاتٍ والإفاضَةَ مِن جَمْعٍ ورَمْيَ الجِمارِ، والطَّوافَ بِالبَيْتِ، والسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب