الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أمْ تُرِيدُونَ أنْ تَسْألُوا رَسُولَكُمْ﴾ الآياتِ. أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «قالَ رافِعُ بْنُ حُرَيْمِلَةَ ووَهْبُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: يا مُحَمَّدُ ائْتِنا بِكِتابٍ تُنَزِّلُهُ عَلَيْنا مِنَ السَّماءِ نَقْرَؤُهُ، أوْ فَجِّرْ لَنا أنْهارًا نَتَّبِعْكَ ونُصَدِّقْكَ فَأنْزَلَ اللَّهُ في ذَلِكَ: ﴿أمْ تُرِيدُونَ أنْ تَسْألُوا رَسُولَكُمْ﴾ (p-٥٥٥)إلى قَوْلِهِ ﴿سَواءَ السَّبِيلِ﴾ وكانَ حُيَيُّ بْنُ أخَطَبَ وأبُو ياسِرِ بْنُ أخَطَبَ مِن أشَدِّ يَهُودَ حَسَدًا لِلْعَرَبِ إذْ خَصَّهُمُ اللَّهُ بِرَسُولِهِ، وكانا جاهِدَيْنِ في رَدِّ النّاسِ عَنِ الإسْلامِ ما اسْتَطاعا، فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِما: ﴿ودَّ كَثِيرٌ مِن أهْلِ الكِتابِ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ قالَ: «قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ كانَتْ كَفّاراتُنا كَكَفّاراتِ بَنِي إسْرائِيلَ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ما أعْطاكُمُ اللَّهُ خَيْرٌ، كانَتْ بَنُو إسْرائِيلَ إذا أصابَ أحَدُهُمُ الخَطِيئَةَ وجَدَها مَكْتُوبَةً عَلى بابِهِ وكَفّارَتَها، فَإنْ كَفَّرَها كانَتْ لَهُ خِزْيًا في الدُّنْيا، وإنْ لَمْ يُكَفِّرْها كانَتْ لَهُ خِزْيًا في الآخِرَةِ، وقَدْ أعْطاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا مِن ذَلِكَ، قالَ: ﴿ومَن يَعْمَلْ سُوءًا أوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾ [النساء: ١١٠] الآيَةَ [ النِّساءِ: ١١٠] والصَّلَواتُ الخَمْسُ، والجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ كَفّاراتٌ لِما بَيْنَهُنَّ. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أمْ تُرِيدُونَ أنْ تَسْألُوا رَسُولَكُمْ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: سَألَتِ العَرَبُ مُحَمَّدًا ﷺ أنَّ يَأْتِيَهم بِاللَّهِ فَيَرَوْهُ جَهْرَةً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. (p-٥٥٦)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿أمْ تُرِيدُونَ أنْ تَسْألُوا رَسُولَكم كَما سُئِلَ مُوسى مِن قَبْلُ﴾ قالَ: ما كانَ سُئِلَ مُوسى أنْ قِيلَ لَهُ: (أرِنا اللَّهَ جَهْرَةً) [ النِّساءِ: ١٥٣] . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: سَألَتْ قُرَيْشْ مُحَمَّدًا ﷺ أنْ يَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفا ذَهَبًا، فَقالَ: نَعَمْ، وهو لَكم كالمائِدَةِ لِبَنِي إسْرائِيلَ إنْ كَفَرْتُمْ. فَأبَوْا ورَجَعُوا،، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أمْ تُرِيدُونَ أنْ تَسْألُوا رَسُولَكم كَما سُئِلَ مُوسى مِن قَبْلُ﴾ أنْ يُرِيَهُمُ اللَّهُ جَهْرَةً. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿ومَن يَتَبَدَّلِ الكُفْرَ بِالإيمانِ﴾ يَقُولُ: يَتَبَدَّلُ الشِّدَّةَ بِالرَّخاءِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ﴾ قالَ: عَدَلَ عَنِ السَّبِيلِ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في “ الدَّلائِلِ “ عَنْ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ قالَ: «كانَ المُشْرِكُونَ واليَهُودُ مِن أهْلِ المَدِينَةِ حِينَ قَدِمَ (p-٥٥٧)رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وأصْحابَهُ أشَدَّ الأذى، فَأمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ والمُسْلِمِينَ بِالصَّبْرِ عَلى ذَلِكَ، والعَفْوِ عَنْهُمْ، فَفِيهِمْ أنْزَلَ اللَّهُ ﴿ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم ومِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا أذًى كَثِيرًا﴾ [آل عمران: ١٨٦] الآيَةَ [ آلِ عِمْرانَ: ١٨٦]، وفِيهِمْ أنْزَلَ اللَّهُ ﴿ودَّ كَثِيرٌ مِن أهْلِ الكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكم مِن بَعْدِ إيمانِكم كُفّارًا حَسَدًا﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في “ الدَّلائِلِ “ عَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأصْحابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ وأهْلِ الكِتابِ كَما أمَرَهُمُ اللَّهُ ويَصْبِرُونَ عَلى الأذى، قالَ اللَّهُ ﴿ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم ومِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا أذًى كَثِيرًا﴾ [آل عمران: ١٨٦] وقالَ: ﴿ودَّ كَثِيرٌ مِن أهْلِ الكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكم مِن بَعْدِ إيمانِكم كُفّارًا حَسَدًا مِن عِنْدِ أنْفُسِهِمْ مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ فاعْفُوا واصْفَحُوا حَتّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأمْرِهِ﴾ وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَأوَّلُ في العَفْوِ ما أمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتّى أذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ بِقَتْلٍ، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ مَن قَتَلَ مِن صَنادِيدِ قُرَيْشٍ» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وقَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ودَّ كَثِيرٌ مِن أهْلِ الكِتابِ﴾ قالا: كَعْبُ بْنُ الأشْرَفِ. (p-٥٥٨)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ في قَوْلِهِ: ﴿حَسَدًا مِن عِنْدِ أنْفُسِهِمْ﴾ قالَ: مِن قِبَلِ أنْفُسِهِمْ ﴿مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ﴾ يَقُولُ: تَبَيَّنَ لَهم أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ﴾ قالَ: مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهم أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهم في التَّوْراةِ والإنْجِيلِ، نَعْتَهُ وأمْرَهُ ونُبُوَّتَهُ، ومِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهم أنَّ الإسْلامَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي جاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ ﴿فاعْفُوا واصْفَحُوا﴾ قالَ: أمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أنْ يَعْفُوَ عَنْهم ويَصْفَحَ حَتّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأمْرِهِ فَأنْزَلَ اللَّهُ في ”بَراءَةَ“ وأمَرَهُ فَقالَ: ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [التوبة: ٢٩] الآيَةَ [ التَّوْبَةِ: ٢٩]، فَنَسَخَتْها هَذِهِ الآيَةُ، وأمَرَهُ اللَّهُ فِيها بِقِتالِ أهْلِ الكِتابِ حَتّى يُسْلِمُوا أوْ يُقِرُّوا بِالجِزْيَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في “ الدَّلائِلِ “ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فاعْفُوا واصْفَحُوا﴾ وقَوْلِهِ ﴿وأعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: ٩٤] [ الحِجْرِ: ٩٤] . ونَحْوِ هَذا في العَفْوِ عَنِ المُشْرِكِينَ. قالَ: نُسِخَ ذَلِكَ كُلُّهُ بُقُولِهِ: ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [التوبة: ٢٩] الآيَةَ [ التَّوْبَةِ: ٢٩] وقَوْلِهِ: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] [ التَّوْبَةِ: ٥] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ والنَّحّاسُ في ”ناسِخِهِ“ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: (p-٥٥٩)﴿فاعْفُوا واصْفَحُوا﴾ قالَ: هي مَنسُوخَةٌ نَسَخَتْها: ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكم مِن خَيْرٍ﴾ يَعْنِي مِنَ الأعْمالِ مِنَ الخَيْرِ في الدُّنْيا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ قالَ: تَجِدُوا ثَوابَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب