الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أمْ حَسِبْتَ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: الكَهْفُ هو غارُ الوادِي. وأخْرَجَ اِبْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: الرَّقِيمُ الكِتابُ. /وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: الرَّقِيمُ وادٍ دُونَ فِلَسْطِينَ، قَرِيبٌ مِن أيْلَةَ. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ اِبْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: الرَّقِيمُ الجَبَلُ الَّذِي فِيهِ الكَهْفُ. وأخْرَجَ اِبْنُ المُنْذِرِ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما الرَّقِيمُ؛ أكِتابٌ أمْ (p-٤٨٨)بُنْيانٌ؟ وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الرَّقِيمُ؛ مِنهم مَن يَقُولُ: كِتابُ قَصَصِهِمْ. ومِنهم مَن يَقُولُ: الوادِي. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أبِي صالِحٍ قالَ: الرَّقِيمُ لَوْحٌ مَكْتُوبٌ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: الرَّقِيمُ لَوْحٌ مِن حِجارَةٍ كَتَبُوا فِيهِ قِصَّةَ أصْحابِ الكَهْفِ وأمْرَهُمْ، ثُمَّ وُضِعَ عَلى بابِ الكَهْفِ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: الرَّقِيمُ حِينَ رُقِمَتْ أسْماؤُهم في الصَّخْرَةِ، كَتَبَ المَلِكُ فِيها أسْماءَهُمْ، وكَتَبَ أنَّهم هَلَكُوا في زَمانِ كَذا وكَذا في مُلْكِ دَقْيُوسَ، ثُمَّ ضَرَبَها في سُورِ المَدِينَةِ عَلى البابِ، فَكانَ مَن دَخَلَ أوْ خَرَجَ قَرَأها، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أصْحابَ الكَهْفِ والرَّقِيمِ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والزَّجّاجِيُّ في ”أمالِيهِ“، وابْنُ مَرْدُويَهْ، مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: لا أدْرِي ما الرَّقِيمُ، وسَألْتُ كَعْبًا فَقالَ: اِسْمُ القَرْيَةِ الَّتِي خَرَجُوا مِنها. (p-٤٨٩)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: كُلُّ القُرْآنِ أعْلَمُهُ إلّا أرْبَعًا؛ غِسْلِينَ، وحَنانًا، والأوّاهَ، والرَّقِيمَ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: الرَّقِيمُ الكَلْبُ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿أمْ حَسِبْتَ أنَّ أصْحابَ الكَهْفِ والرَّقِيمِ كانُوا مِن آياتِنا عَجَبًا﴾ . يَقُولُ: الَّذِي آتَيْتُكَ مِنَ العِلْمِ والسُّنَّةِ والكِتابِ، أفْضَلُ مِن شَأْنِ أصْحابِ الكَهْفِ والرَّقِيمِ. وأخْرَجَ اِبْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿أمْ حَسِبْتَ أنَّ أصْحابَ الكَهْفِ والرَّقِيمِ كانُوا مِن آياتِنا عَجَبًا﴾: كانُوا بِقَوْلِهِمْ أعْجَبَ آياتِنا، لَيْسُوا بِأعْجَبِ آياتِنا. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿أمْ حَسِبْتَ أنَّ أصْحابَ الكَهْفِ والرَّقِيمِ كانُوا مِن آياتِنا عَجَبًا﴾ . قالَ: لَيْسُوا بِأعْجَبِ آياتِنا، كانُوا مِن أبْناءِ المُلُوكِ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ قالَ: كانَ أصْحابُ الكَهْفِ صَيارِفَةً. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ، أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُحَدِّثُ عَنْ أصْحابِ الرَّقِيمِ: «”إنَّ ثَلاثَةَ نَفَرٍ دَخَلُوا إلى الكَهْفِ، فَوَقَعَ مِنَ الجَبَلِ حَجَرٌ عَلى (p-٤٩٠)الكَهْفِ فَأُوصِدَ عَلَيْهِمْ، فَقالَ قائِلٌ مِنهم: تَذَكَّرُوا أيُّكم عَمِلَ حَسَنَةً، لَعَلَّ اللَّهَ أنْ يَرْحَمَنا. فَقالَ أحَدُهم: نَعَمْ، قَدْ عَمِلْتُ حَسَنَةً مَرَّةً؛ إنَّهُ كانَ لِي عُمّالٌ اِسْتَأْجَرْتُهم في عَمَلٍ لِي، كُلُّ رَجُلٍ مِنهم بِأجْرٍ مَعْلُومٍ، فَجاءَنِي رَجُلٌ ذاتَ يَوْمٍ، وذَلِكَ في شَطْرِ النَّهارِ، فاسْتَأْجَرْتُهُ بِقَدْرِ ما بَقِيَ مِنَ النَّهارِ بِشَرْطِ أصْحابِهِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ في بَقِيَّةِ نَهارِهِمْ ذَلِكَ، كُلُّ رَجُلٍ مِنهم نَهارَهُ كُلَّهُ، فَرَأيْتُ مِنَ الحَقِّ ألّا أنْقُصَهُ شَيْئًا مِمّا اِسْتَأْجَرْتُ عَلَيْهِ أصْحابَهُ. فَقالَ رَجُلٌ مِنهم: يُعْطِي هَذا مِثْلَ ما يُعْطِينِي ولَمْ يَعْمَلْ إلّا نِصْفَ نَهارِهِ! فَقُلْتُ لَهُ: إنِّي لا أبْخَسُكَ شَيْئًا مِن شَرْطِكَ، وإنَّما هو مالِي أحْكُمُ فِيهِ بِما شِئْتُ. فَغَضِبَ وتَرَكَ أجْرَهُ، فَلَمّا رَأيْتُ ذَلِكَ عَزَلْتُ حَقَّهُ في جانِبِ البَيْتِ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ مَرَّ بِي بَعْدَ ذَلِكَ بَقَرٌ، فاشْتَرَيْتُ لَهُ فَصِيلًا مِنَ البَقَرِ حَتّى بَلَغَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ مَرَّ بِيَ الرَّجُلُ بَعْدَ حِينٍ وهو شَيْخٌ ضَعِيفٌ وأنا لا أعْرِفُهُ، فَقالَ لِي: إنَّ لِي عِنْدَكَ حَقًّا. فَلَمْ أذْكُرْهُ حَتّى عَرَّفَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ، إيّاكَ أبْغِي. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ ما قَدْ أخْرَجَ اللَّهُ مِن ذَلِكَ الفَصِيلِ مِنَ البَقَرِ، فَقُلْتُ لَهُ: هَذا حَقُّكَ مِنَ البَقَرِ. فَقالَ لِي: يا عَبْدَ اللَّهِ، لا تَسْخَرْ بِي، إلّا (p-٤٩١)تَتَصَدَّقْ عَلَيَّ، فَأعْطِنِي حَقِّي. فَقُلْتُ: واللَّهِ ما أسْخَرُ مِنكَ، إنَّ هَذا لَحَقُّكَ. فَدَفَعْتُهُ إلَيْهِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي قَدْ كُنْتُ صادِقًا وأنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ لِوَجْهِكَ، فافْرِجْ عَنّا هَذا الحَجَرَ. فانْصَدَعَ حَتّى رَأوُا الضَّوْءَ وأبْصَرُوا. وقالَ الآخَرُ: قَدْ عَمِلْتُ حَسَنَةً مَرَّةً؛ وذَلِكَ أنَّهُ كانَ عِنْدِي فَضْلٌ فَأصابَ النّاسَ شِدَّةٌ، فَجاءَتْنِي اِمْرَأةٌ فَطَلَبَتْ مِنِّي مَعْرُوفًا، فَقُلْتُ: لا واللَّهِ، ما هو دُونَ نَفْسِكِ. فَأبَتْ عَلَيَّ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَذَكَّرَتْنِي بِاللَّهِ، فَأبَيْتُ عَلَيْها وقُلْتُ: لا واللَّهِ، ما هو دُونَ نَفْسِكِ. فَأبَتْ عَلَيَّ، فَذَكَرَتْ [٢٦٧و] ذَلِكَ لِزَوْجِها، فَقالَ: أعْطِيهِ نَفْسَكِ وأغْنِي عِيالَكِ. فَلَمّا رَأتْ ذَلِكَ سَمَحَتْ بِنَفْسِها، فَلَمّا هَمَمْتُ بِها قالَتْ: إنِّي أخافُ اللَّهَ رَبَّ العالَمِينَ. فَقُلْتُ لَها: تَخافِينَ اللَّهَ في الشِّدَّةِ ولَمْ أخَفْهُ في الرَّخاءِ! فَأعْطَيْتُها ما اِسْتَغْنَتْ هي وعِيالُها، اللَّهُمَّ فَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ لِوَجْهِكَ، فافْرِجْ عَنّا هَذا الحَجَرَ. فانْصَدَعَ الحَجَرُ حَتّى رَأوُا الضَّوْءَ وأيْقَنُوا الفَرَجَ. ثُمَّ قالَ الثّالِثُ: قَدْ عَمِلْتُ حَسَنَةً مَرَّةً؛ كانَ لِي أبَوانِ شَيْخانِ كَبِيرانِ قَدْ بَلَغَهُما الكِبَرُ، وكانَتْ لِي غَنَمٌ فَكُنْتُ أرْعاها، وأخْتَلِفُ فِيما بَيْنَ غَنَمِي وبَيْنَ أبَوِيَّ، أُطْعِمُهُما وأُشْبِعُهُما، وأرْجِعُ إلى غَنَمِي، فَلَمّا كانَ ذاتَ يَوْمٍ أصابَنِي غَيْثٌ شَدِيدٌ فَحَبَسَنِي، فَلَمْ أرْجِعْ إلّا مُؤَخَّرًا، فَأتَيْتُ أهْلِي فَلَمْ أدْخُلْ مَنزِلِي حَتّى حَلَبْتُ غَنَمِي، ثُمَّ مَضَيْتُ إلى أبَوَيَّ أسْقِيهُما فَوَجَدْتُهُما قَدْ ناما، فَشَقَّ عَلَيَّ أنْ (p-٤٩٢)أُوقِظَهُما، وشَقَّ عَلِيَّ أنْ أتْرُكَ غَنَمِي، فَلَمْ أبْرَحْ جالِسًا ومِحْلَبِي عَلى يَدِي، حَتّى أيْقَظَهُما الصُّبْحُ فَسَقَيْتُهُما، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ لِوَجْهِكَ فافْرِجْ عَنّا هَذا الحَجَرَ. فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهم وخَرَجُوا إلى أهْلِيهِمْ راجِعِينَ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «”أنَّ ثَلاثَةَ نَفَرٍ في ما سَلَفَ مِنَ النّاسِ اِنْطَلَقُوا يَرْتادُونَ لِأهْلِهِمْ، فَأخَذَتْهُمُ السَّماءُ فَدَخَلُوا غارًا، فَسَقَطَ عَلَيْهِمْ حَجَرٌ، اِنْجافَ حَتّى ما يَرَوْنَ مِنهُ خَصاصَةً، فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: قَدْ وقَعَ الحَجَرُ وعَفا الأثَرُ، ولا يَعْلَمُ مَكانَكم إلّا اللَّهُ، فادْعُوا اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ بِأوْثَقِ أعْمالِكم. فَقالَ رَجُلٌ مِنهم: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّهُ كانَ لِي والِدانِ، فَكُنْتُ أحْلِبُ لَهُما في إنائِهِما فَآتِيهِما، فَإذا وجَدْتُهُما راقِدَيْنِ قُمْتُ عَلى رُءُوسِهِما كَراهَةَ أنْ أرُدَّ سِنَتَهُما في رُءُوسِهِما، حَتّى يَسْتَيْقِظا مَتى اِسْتَيْقَظا، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي إنَّما فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجاءَ رَحْمَتِكَ، ومَخافَةَ عَذابِكَ، فَفَرِّجْ عَنّا. فَزالَ ثُلْثُ الحَجَرِ وقالَ الثّانِي: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي (p-٤٩٣)اِسْتَأْجَرْتُ أجِيرًا عَلى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ، فَأتانِي يَطْلُبُ أجْرَهُ وأنا غَضْبانُ، فَزَبَرْتُهُ، فانْطَلَقَ وتَرَكَ أجْرَهُ، فَجَمَعْتُهُ وثَمَّرْتَهُ حَتّى كانَ مِنهُ كُلُّ المالِ، فَأتانِي يَطْلُبُ أجْرَهُ، فَدَفَعْتُ إلَيْهِ ذَلِكَ كُلَّهُ، ولَوْ شِئْتُ لَمْ أُعْطِهِ إلّا أجْرَهُ الأوَّلَ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي إنَّما فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجاءَ رَحْمَتِكَ ومَخافَةَ عَذابِكَ، فَفَرِّجْ عَنّا. فَزالَ ثُلُثا الحَجَرِ. وقالَ الثّالِثُ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّهُ أعْجَبَتْهُ اِمْرَأةٌ فَجَعَلَ لَها جُعْلًا، فَلَمّا قَدَرَ عَلَيْها وفَرَّ لَها نَفْسَها، وسَلَّمَ لَها جُعْلَها. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي إنَّما فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجاءَ رَحْمَتِكَ ومَخافَةَ عَذابِكَ، فَفَرِّجْ عَنّا. فَزالَ الحَجَرُ وخَرَجُوا مَعانِيقَ يَمْشُونَ“» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ اِبْنِ عُمَرَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «”بَيْنَما ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كانَ قَبْلَكم يَمْشُونَ، إذْ أصابَهم مَطَرٌ فَأوَوْا إلى غارٍ، فانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ، فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: إنَّهُ واللَّهِ يا هَؤُلاءِ لا يُنْجِيكم إلّا الصِّدْقُ، فَلْيَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنكم بِما يَعْلَمُ أنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ. فَقالَ واحِدٌ مِنهم: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّهُ كانَ لِي أجِيرٌ عَمِلَ لِي عَلى فَرَقٍ مِن أُرْزٍ، فَذَهَبَ وتَرَكَهُ، وإنِّي عَمَدْتُ إلى ذَلِكَ الفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، فَصارَ مَن أمْرِهِ أنِّي (p-٤٩٤)اِشْتَرَيْتُ مِنهُ بَقَرًا، وأنَّهُ أتانِي يَطْلُبُ أجْرَهُ، فَقُلْتُ: اِعْمَدْ إلى تِلْكَ البَقَرِ، فِسُقْها. فَقالَ لِي: إنَّما لِي عِنْدَكَ فَرَقٌ مِن أُرْزٍ. فَقُلْتُ لَهُ: اِعْمَدْ إلى تِلْكَ البَقَرِ، فَإنَّها مِن ذَلِكَ الفَرْقِ. فَساقَها، فَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِن خَشْيَتِكَ، فَفَرِّجْ عَنّا. فانْساخَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ. فَقالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّهُ كانَ لِي أبَوانِ شَيْخانِ كَبِيرانِ، فَكُنْتُ آتِيهِما كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِي، فَأبْطَأْتُ عَلَيْهِما لَيْلَةً، فَجِئْتُ وقَدْ رَقَدا، وأهْلِي وعِيالِي يَتَضاغَوْنَ مِنَ الجُوعِ، فَكُنْتُ لا أسْقِيهِمْ حَتّى يَشْرَبَ أبَوايَ، فَكَرِهْتُ أنْ أُوقِظَهُما، وكَرِهْتُ أنْ أدَعَهُما فَيَسْتَكِنّا لِشَرْبَتِهِما، فَلَمْ أزَلْ أنْتَظِرُ حَتّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِن خَشْيَتِكَ، فَفَرِّجْ عَنّا، فانْساخَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ حَتّى نَظَرُوا إلى السَّماءِ. فَقالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّهُ كانَ لِيَ اِبْنَةُ عَمٍّ مِن أحَبِّ النّاسِ إلَيَّ، وإنِّي راوَدْتُها عَنْ نَفْسِها، فَأبَتْ إلّا أنْ آتِيَها بِمِائَةِ دِينارٍ، فَطَلَبْتُها حَتّى قَدَرْتُ، فَأتَيْتُها بِها فَدَفَعْتُها إلَيْها، فَأمْكَنَتْنِي مِن نَفْسِها، فَلَمّا قَعَدْتُ (p-٤٩٥)بَيْنَ رِجْلَيْها قالَتْ: اِتَّقِ اللَّهَ ولا تَفُضَّ الخاتَمَ إلّا بِحَقِّهِ. فَقُمْتُ وتَرَكْتُ المِائَةَ دِينارٍ، فَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِن خَشْيَتِكَ، فَفَرِّجْ عَنّا. فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهم فَخَرَجُوا“» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ في ”تارِيخِهِ“ مِن حَدِيثِ اِبْنِ عَبّاسٍ، مِثْلَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب