الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ . قالَ: يَهُودُ يَسْألُونَهُ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ حِبّانَ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، وأبُو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ مَعًا في ”الدَّلائِلِ“، عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «كُنْتُ أمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في حَرْثِ المَدِينَةِ وهو مُتَّكِئٌ عَلى عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِقَوْمٍ مِنَ اليَهُودِ، فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وقالَ بَعْضُهم: لا تَسْألُوهُ. فَسَألُوهُ فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ، ما الرُّوحُ؟ فَما زالَ مُتَوَكِّئًا عَلى العَسِيبِ، فَظَنَنْتُ أنَّهُ يُوحى إلَيْهِ، فَقالَ: ”﴿ويَسْألُونَك عَنْ (p-٤٣٢)الرُّوح قُلْ الرُّوحَ مِن أمْرِ رَبِّي وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلّا قَلِيلًا﴾“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ حِبّانَ، وأبُو الشَّيْخِ في ”العَظْمَةِ“، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، وأبُو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ كِلاهُما في ”الدَّلائِلِ“، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: «قالَتْ قُرَيْشٌ لِلْيَهُودِ: أعْطُونا شَيْئًا نَسْألُ هَذا الرَّجُلَ. فَقالُوا: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. فَسَألُوهُ، فَنَزَلَتْ: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أمْرِ رَبِّي وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلا﴾ . قالُوا: أُوتِينا عِلْمًا كَثِيرًا؛ أُوتِينا التَّوْراةَ، ومَن أُوتِيَ التَّوْراةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قُلْ لَوْ كانَ البَحْرُ مِدادًا لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي ولَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ [الكهف: ١٠٩] [الكَهْفِ»: ١٠٩] . وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ، مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ، «أنَّ اليَهُودَ قالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ: أخْبِرْنا ما الرُّوحُ؟ وكَيْفَ تُعَذَّبُ الرُّوحُ الَّتِي في الجَسَدِ؟ وإنَّما الرُّوحُ مِنَ اللَّهِ، ولَمْ يَكُنْ نَزَلَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ، فَلَمْ يُحِرْ إلَيْهِمْ شَيْئًا، فَأتاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ لَهُ: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِن أمْرِ رَبِّي وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلا﴾ . فَأخْبَرَهُمُ النَّبِيُّ (p-٤٣٣)ﷺ بِذَلِكَ، فَقالُوا: مَن جاءَكَ بِهَذا؟ قالَ: جِبْرِيلُ. قالُوا: واللَّهِ ما قالَهُ لَكَ إلّا عَدُوٌّ لَنا. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قُلْ مَن كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ [البقرة: ٩٧] الآيَةَ [البَقَرَةِ»: ٩٧] . وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في كِتابِ ”الأضْدادِ“، وأبُو الشَّيْخِ في ”العَظَمَةِ“، والبَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ . قالَ: هو مَلَكٌ مِنَ المَلائِكَةِ لَهُ سَبْعُونَ ألْفَ وجْهٍ، لِكُلِّ وجْهٍ مِنها سَبْعُونَ ألْفَ لِسانٍ، لِكُلِّ لِسانٍ مِنها سَبْعُونَ ألْفَ لُغَةٍ، يُسَبِّحُ اللَّهَ بِتِلْكَ اللُّغاتِ كُلِّها، يَخْلُقُ اللَّهُ مِن كُلِّ تَسْبِيحَةٍ مَلَكًا يَطِيرُ مَعَ المَلائِكَةِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ. وأخْرَجَ اِبْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، مِن طَرِيقِ عَطاءٍ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ قالَ: هو مَلَكٌ واحِدٌ لَهُ عَشَرَةُ آلافِ جَناحٍ، جَناحانِ مِنهُما ما بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، لَهُ ألْفُ وجْهٍ، لِكُلِّ وجْهٍ لِسانٌ وعَيْنانِ وشَفَتانِ، يُسَبِّحانِ اللَّهَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: الرَّوْحُ أمْرٌ مِن أمْرِ اللَّهِ؛ خَلْقٌ مِن خَلْقِ اللَّهِ، وصُوَرُهم عَلى صُوَرِ بَنِي آدَمَ، وما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ مَلَكٌ إلّا ومَعَهُ واحِدٌ مِنَ الرُّوحِ. ثُمَّ تَلا ﴿يَوْم يَقُومُ الرُّوحُ والمَلائِكَةُ (p-٤٣٤)صَفًّا﴾ [النبإ: ٣٨] [النَّبَأِ: ٣٨] . وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: سُئِلَ اِبْنُ عَبّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أمْرِ رَبِّي﴾: لا تَنالُوا هَذِهِ المَنزِلَةَ، فَلا تَزِيدُوا عَلَيْها، قُولُوا كَما قالَ اللَّهُ وعَلَّمَ نَبِيَّهُ: ﴿وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلا﴾ . وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قالَ: لَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ وما يَعْلَمُ الرُّوحَ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيادٍ، أنَّهُ بَلَّغَهُ أنَّ رَجُلَيْنِ اِخْتَلَفا في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلا﴾ . فَقالَ أحَدُهُما: إنَّما أُرِيدَ بِها أهْلُ الكِتابِ. وقالَ الآخَرُ: بَلْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ . فانْطَلَقَ أحَدُهُما إلى اِبْنِ مَسْعُودٍ فَسَألَهُ، فَقالَ: ألَسْتَ تَقْرَأُ سُورَةَ ”البَقَرَةِ“؟ فَقالَ: بَلى. فَقالَ: وأيُّ العِلْمِ لَيْسَ في سُورَةِ ”البَقَرَةِ“؟! إنَّما أُرِيدَ بِها أهْلُ الكِتابِ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ [٢٦٤و] والصِّفاتِ“ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ . قالَ: الرُّوحُ مَلَكٌ. (p-٤٣٥)وأخْرَجَ اِبْنُ عَساكِرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ الحَكَمِ الثَّقَفِيِّ قالَ: «بَيْنَما رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في بَعْضِ سِكَكِ المَدِينَةِ، إذْ عَرَضَ لَهُ اليَهُودُ فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ، ما الرُّوحُ؟ وبِيَدِهِ عَسِيبُ نَخْلٍ، فاعْتَمَدَ عَلَيْهِ ورَفَعَ رَأْسَهُ إلى السَّماءِ، ثُمَّ قالَ: ”﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾“ . إلى قَوْلِهِ: ”﴿قَلِيلا﴾“» . قالَ اِبْنُ عَساكِرَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ الحَكَمِ، قِيلَ: إنَّ لَهُ صُحْبَةً. وأخْرَجَ اِبْنُ الأنْبارِيِّ في كِتابِ ”الأضْدادِ“ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الرُّوحُ خَلْقٌ مَعَ المَلائِكَةِ لا تَراهُمُ المَلائِكَةُ، كَما لا تَرَوْنَ أنْتُمُ المَلائِكَةَ، والرُّوحُ حَرْفٌ اِسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعالى بِعِلْمِهِ ولَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ أحَدًا مِن خَلْقِهِ، وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أمْرِ رَبِّي﴾ . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنْ سَلْمانَ قالَ: الإنْسُ والجِنُّ عَشَرَةُ أجْزاءٍ؛ فالإنْسُ جُزْءٌ، والجِنُّ تِسْعَةُ أجْزاءٍ، والمَلائِكَةُ والجِنُّ عَشَرَةُ أجْزاءٍ؛ فالجِنُّ مِن ذَلِكَ جُزْءٌ، والمَلائِكَةُ تِسْعَةٌ، والمَلائِكَةُ والرُّوحُ عَشَرَةُ أجْزاءٍ؛ فالمَلائِكَةُ مِن ذَلِكَ جُزْءٌ، والرُّوحُ تِسْعَةُ أجْزاءٍ، والرُّوحُ والكَرُوبِيُّونَ عَشَرَةُ أجْزاءٍ؛ فالرُّوحُ مِن ذَلِكَ جُزْءٌ، والكَرُوبِيُّونَ تِسْعَةُ أجْزاءٍ. وأخْرَجَ اِبْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ قالَ: «نَزَلَتْ بِمَكَّةَ: (p-٤٣٦)﴿وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلا﴾ . فَلَمّا هاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى المَدِينَةِ أتاهُ أحْبارُ يَهُودَ، فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ، ألَمْ يَبْلُغْنا أنَّكَ تَقُولُ: ﴿وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلا﴾ . أفَعَنَيْتَنا أمْ قَوْمَكَ؟ قالَ: ”كُلًّا قَدْ عَنَيْتُ“ . قالُوا: فَإنَّكَ تَتْلُو أنّا أُوتِينا التَّوْراةَ، وفِيها تِبْيانُ كُلِّ شَيْءٍ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”هِيَ في عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ، وقَدْ آتاكُمُ اللَّهُ ما إنْ عَمِلْتُمْ بِهِ اِنْتَفَعْتُمْ“ . فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولَوْ أنَّما في الأرْضِ مِن شَجَرَةٍ أقْلامٌ﴾ [لقمان: ٢٧] . إلى قَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [لقمان: ٢٨] [لُقْمانَ»: ٢٧، ٢٨] . وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ اِبْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلا﴾ . قالَ: يا مُحَمَّدُ، والنّاسُ أجْمَعُونَ. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلا﴾: يَعْنِي اليَهُودَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب