الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقَضى رَبُّكَ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ الأنْبارِيِّ (p-٢٨٧)فِي ”المَصاحِفِ“، مِن طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قَرَأ: ( ووَصّى رَبُّكَ ألّا تَعْبُدُوا إلّا إيّاهُ) . وقالَ: اِلْتَزَقَتِ الواوُ والصّادُ، وأنْتُمْ تَقْرَءُونَها: ﴿وقَضى رَبُّكَ﴾ . وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ الضَّحّاكِ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وابْنُ مَنِيعٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، مِن طَرِيقِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرانَ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: أنْزَلَ اللَّهُ هَذا الحَرْفَ عَلى لِسانِ نَبِيِّكم ﷺ: (ووَصّى رَبُّكَ ألّا تَعْبُدُوا إلّا إيّاهُ) فَلَصِقَتْ إحْدى الواوَيْنِ بِالصّادِ، فَقَرَأ النّاسُ: ﴿وقَضى رَبُّكَ﴾ . ولَوْ نَزَلَتْ عَلى القَضاءِ ما أشْرَكَ بِهِ أحَدٌ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنِ الأعْمَشِ قالَ: كانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَأُ: (ووَصّى رَبُّكَ ألّا تَعْبُدُوا إلّا إيّاهُ) . وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أبِي ثابِتٍ قالَ: أعْطانِي اِبْنُ عَبّاسٍ مُصْحَفًا فَقالَ: هَذا عَلى قِراءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. فَرَأيْتُ فِيهِ: (ووَصّى رَبُّكَ) . (p-٢٨٨)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: في حَرْفِ اِبْنِ مَسْعُودٍ: ووَصّى رَبُّكَ ألّا تَعْبُدُوا إلّا إيّاهُ) . وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ /المُنْذِرِ، عَنِ الضَّحّاكِ بْنِ مُزاحِمٍ، أنَّهُ قَرَأها: (ووَصّى رَبُّكَ) . وقالَ: إنَّهم ألْصَقُوا الواوَ بِالصّادِ فَصارَتْ قافًا. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، مِن طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَلْحَةَ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وقَضى رَبُّكَ﴾ قالَ: أمَرَ. وأخْرَجَ اِبْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وقَضى رَبُّكَ ألا تَعْبُدُوا إلا إيّاهُ﴾ . قالَ: عَهِدَ رَبُّكَ ألّا تَعْبُدُوا إلّا إيّاهُ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿وبِالوالِدَيْنِ إحْسانًا﴾ . يَقُولُ: بِرًّا. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ﴾ لِما تُمِيطُ عَنْهُما مِنَ الأذى؛ الخَلاءِ والبَوْلِ، كَما كانا لا (p-٢٨٩)يَقُولانِهِ، فِيما كانا يُمِيطانِ عَنْكَ مِنَ الخَلاءِ والبَوْلِ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في الآيَةِ قالَ: لا تَقُلْ لَهُما: أُفٍّ. فَما سِواهُ. وأخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: ”لَوْ عَلِمَ اللَّهُ شَيْئًا مِنَ العُقُوقِ أدْنى مِن أُفٍّ لَحَرَّمَهُ“ . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عُرْوَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وقُلْ لَهُما قَوْلا كَرِيمًا﴾ . قالَ: لا تَمْنَعْهُما شَيْئًا أرادا. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في ”المُصَنَّفِ“ عَنِ الحَسَنِ، أنَّهُ سُئِلَ: ما بِرُّ الوالِدَيْنِ؟ قالَ: أنْ تَبْذُلَ لَهُما ما مَلَكْتَ، وأنْ تُطِيعَهُما فِيما أمَراكَ بِهِ، إلّا أنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنِ الحَسَنِ، أنَّهُ قِيلَ لَهُ: إلامَ يَنْتَهِي العُقُوقُ؟ قالَ: أنْ يَحْرِمَهُما ويَهْجُرَهُما ويَحِدَّ النَّظَرَ إلى وجْهِهِما. (p-٢٩٠)وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿وقُلْ لَهُما قَوْلا كَرِيمًا﴾ . قالَ: يَقُولُ: يا أبَهْ، يا أُمَّهْ. ولا يُسَمِّيهِما بِأسْمائِهِما. وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: أتى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَجُلٌ ومَعَهُ شَيْخٌ فَقالَ: ”مَن هَذا مَعَكَ؟“ . قالَ: أبِي. قالَ: ”لا تَمْشِيَنَّ أمامَهُ، ولا تَقْعُدَنَّ قَبْلَهُ، ولا تَدْعُهُ بِاسْمِهِ، ولا تَسْتَسِبَّ لَهُ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وقُلْ لَهُما قَوْلا كَرِيمًا﴾ . قالَ: إذا دَعَواكَ فَقُلْ لَهُما: لَبَّيْكُما وسَعْدَيْكُما. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وقُلْ لَهُما قَوْلا كَرِيمًا﴾ قالَ: قَوْلًا لَيِّنًا سَهْلًا. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي الهَدّاجِ التُّجِيبِيِّ قالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ: كُلُّ ما ذَكَرَ اللَّهُ في القُرْآنِ مِن بِرِّ الوالِدَيْنِ فَقَدْ عَرَفْتُهُ إلّا قَوْلَهُ: ﴿وقُلْ لَهُما قَوْلا كَرِيمًا﴾ ما هَذا القَوْلُ الكَرِيمُ؟ قالَ اِبْنُ المُسَيَّبِ: قَوْلُ العَبْدِ المُذْنِبِ لِلسَّيِّدِ الفَظِّ. (p-٢٩١)وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“الأدَبِ المُفْرَدِ”، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عُرْوَةَ في قَوْلِهِ: ﴿واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾ . قالَ: يَلِينُ لَهُما حَتّى لا يَمْتَنِعَ مِن شَيْءٍ أحَبّاهُ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾ . يَقُولُ: اِخْضَعْ لِوالِدَيْكَ كَما يَخْضَعُ العَبْدُ لِلسَّيِّدِ الفَظِّ الغَلِيظِ. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ في قَوْلِهِ: ﴿واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾ . قالَ: لا تَرْفَعْ يَدَيْكَ عَلَيْهِما إذا كَلَّمْتَهُما. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عُرْوَةَ في قَوْلِهِ: ﴿واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾ . قالَ: إنْ أغْضَباكَ فَلا تَنْظُرْ إلَيْهِما شَزَرًا، فَإنَّهُ أوَّلُ ما يُعْرَفُ غَضَبُ المَرْءِ بِشِدَّةِ نَظَرِهِ إلى مَن غَضِبَ عَلَيْهِ. وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في“شُعَبِ الإيمانِ”، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ما بَرَّ أباهُ مَن شَدَّ إلَيْهِ الطَّرْفَ”. (p-٢٩٢)وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ في قَوْلِهِ: ﴿واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾ . قالَ: إنْ سَبّاكَ أوْ لَعَناكَ، فَقُلْ رَحِمَكُما اللَّهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَكُما. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أنَّهُ قَرَأ (واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذِّلِّ) بِكَسْرِ الذّالِ. وأخْرَجَ عَنْ عاصِمٍ الجَحْدَرِيِّ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“الأدَبِ المُفْرَدِ”عَنْ أبِي مُرَّةَ مَوْلى عَقِيلٍ، أنَّ أبا هُرَيْرَةَ كانَتْ أُمُّهُ في بَيْتٍ وهو في آخَرَ، فَكانَ يَقِفُ عَلى بابِها ويَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكِ يا أُمَّتاهُ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ. فَتَقُولُ: وعَلَيْكَ يا بُنَيَّ. فَيَقُولُ: رَحِمَكِ اللَّهُ كَما رَبَّيْتِنِي صَغِيرًا. فَتَقُولُ: رَحِمَكَ اللَّهُ كَما بَرَرْتَنِي كَبِيرًا. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا﴾ . ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ هَذا: ﴿ما كانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ولَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى﴾ [التوبة: ١١٣] [التَّوْبَةِ: ١١٣] . وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“الأدَبِ المُفْرَدِ”، وأبُو داوُدَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، (p-٢٩٣)مِن طُرُقٍ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ﴾ . إلى قَوْلِهِ: ﴿كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا﴾ . قَدْ نَسَخَتْها الآيَةُ الَّتِي في“بَراءَةَ”: ﴿ما كانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] الآيَةَ [التَّوْبَةِ: ١١٣] . وأخْرَجَ اِبْنُ المُنْذِرِ، والنَّحّاسُ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في“المَصاحِفِ”، عَنْ قَتادَةَ قالَ: نُسِخَ مِن هَذِهِ الآيَةِ /حَرْفٌ واحِدٌ، لا يَنْبَغِي لِأحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ أنْ يَسْتَغْفِرَ لِوالِدَيْهِ إذا كانا مُشْرِكَيْنِ، ولا يَقُلْ: رَبِّ اِرْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا. ولَكِنْ لِيَخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ، ولْيَقُلْ لَهُما قَوْلًا مَعْرُوفًا، قالَ اللَّهُ: ﴿ما كانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] . وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿رَبُّكم أعْلَمُ بِما في نُفُوسِكُمْ﴾ . قالَ: تَكُونُ البادِرَةُ مِنَ الوَلَدِ إلى الوالِدِ، فَقالَ اللَّهُ: ﴿إنْ تَكُونُوا صالِحِينَ﴾ إنْ تَكُنِ النِّيَّةُ صادِقَةً بِبَرِّهِ، ﴿فَإنَّهُ كانَ لِلأوّابِينَ غَفُورًا﴾ لِلْبادِرَةِ الَّتِي بَدَرَتْ مِنهُ. (p-٢٩٤)وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ في“شُعَبِ الإيمانِ”، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنَّهُ كانَ لِلأوّابِينَ﴾ . قالَ: الرَّجّاعِينَ إلى الخَيْرِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وهَنّادٌ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنَّهُ كانَ لِلأوّابِينَ﴾ . قالَ: الرِّجّاعِينَ مِنَ الذَّنْبِ إلى التَّوْبَةِ، ومِنَ السَّيِّئاتِ إلى الحَسَناتِ. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لِلأوّابِينَ﴾ . قالَ: لِلْمُطِيعِينَ المُحْسِنِينَ. وأخْرَجَ اِبْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في“شُعَبِ الإيمانِ”، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لِلأوّابِينَ﴾ . قالَ: لِلتَّوّابِينَ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: الأوّابُ التَّوّابُ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ قالَ: سَألْتُ النَّبِيَّ ﷺ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ:“الصَّلاةُ عَلى وقْتِها”. قُلْتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قالَ:“ثُمَّ بِرُّ (p-٢٩٥)الوالِدَيْنِ”. قُلْتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قالَ:“ثُمَّ الجِهادُ في سَبِيلِ اللَّهِ”. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“الأدَبِ المُفْرَدِ”، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قالَ: رِضا الرَّبِّ في رِضا الوالِدِ، وسَخَطُ الرَّبِّ في سَخَطِ الوالِدِ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ في“الأدَبِ المُفْرَدِ”، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في“شُعَبِ الإيمانِ”، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَن أبَرُّ؟ قالَ:“أُمَّكَ”. قُلْتُ: مَن أبَرُّ؟ قالَ:“أُمَّكَ”. قُلْتُ: مَن أبَرُّ؟ قالَ:“أُمَّكَ”. قُلْتُ: مَن أبَرُّ؟ قالَ:“أباكَ، ثُمَّ الأقْرَبَ فالأقْرَبَ”. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“الأدَبِ المُفْرَدِ”، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ أتاهُ رَجُلٌ فَقالَ: إنِّي خَطَبْتُ اِمْرَأةً فَأبَتْ أنْ تَنْكِحَنِي، [٢٥٧ظ] وخَطَبَها غَيْرِي، فَأحَبَّتْ أنْ تَنْكِحَهُ، فَغِرْتُ عَلَيْها فَقَتَلْتُها، فَهَلْ لِي مِن تَوْبَةٍ؟ قالَ: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ قالَ: لا. قالَ: تُبْ إلى اللَّهِ، وتَقَرَّبْ إلَيْهِ ما اِسْتَطَعْتَ. فَذَهَبْتُ فَسَألْتُ اِبْنَ (p-٢٩٦)عَبّاسٍ: لِمَ سَألْتَ عَنْ حَياةِ أُمِّهِ؟ فَقالَ: إنِّي لا أعْلَمُ عَمَلًا أقْرَبَ إلى اللَّهِ مِن بَرِّ الوالِدَةِ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وابْنُ ماجَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: أتى رَجُلٌ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قالَ: ما تَأْمُرُنِي؟ قالَ:“بَرَّ أُمَّكَ”. ثُمَّ عادَ فَقالَ:“بَرَّ أُمَّكَ”. ثُمَّ عادَ فَقالَ:“بَرَّ أُمَّكَ”. ثُمَّ عادَ الرّابِعَةَ فَقالَ:“بَرَّ أباكَ”. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“الأدَبِ المُفْرَدِ”، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: ما مِن مُسْلِمٍ لَهُ والِدانِ مُسْلِمانِ يُصْبِحُ إلَيْهِما مُحْسِنًا إلّا فَتَحَ اللَّهُ لَهُ بابَيْنِ - يَعْنِي مِنَ الجَنَّةِ - وإنْ كانَ واحِدًا فَواحِدٌ، وإنْ أغْضَبَ أحَدَهُما، لَمْ يَرْضَ اللَّهُ عَنْهُ، حَتّى يَرْضى عَنْهُ. قِيلَ: وإنْ ظَلَماهُ؟ قالَ: وإنْ ظَلَماهُ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ في“الأدَبِ المُفْرَدِ”، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، (p-٢٩٧)والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ:“لا يَجْزِي ولَدٌ والِدَهُ، إلّا أنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ”. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في“المُصَنَّفِ”، والبُخارِيُّ في“الأدَبِ”، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ يُبايِعُهُ عَلى الهِجْرَةِ، وتَرَكَ أبَوَيْهِ يَبْكِيانِ فَقالَ:“اِرْجِعْ إلَيْهِما فَأضْحِكْهُما كَما أبْكَيْتَهُما”. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ يُرِيدُ الجِهادَ، فَقالَ:“أحَيٌّ والِداكَ؟”. قالَ: نَعَمْ، قالَ:“فَفِيهِما فَجاهِدْ”. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“الأدَبِ”، ومُسْلِمٌ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ:“رَغِمَ أنْفُهُ، رَغِمَ أنْفُهُ، رَغِمَ أنْفُهُ”. قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَن؟ قالَ:“مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَهُ الكِبَرُ أوْ أحَدَهُما فَدَخَلَ النّارَ”. (p-٢٩٨)وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“الأدَبِ”، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في“شُعَبِ الإيمانِ”، عَنْ مُعاذِ بْنِ أنَسٍ قالَ: قالَ النَّبِيُّ ﷺ:“مَن بَرَّ والِدَيْهِ طُوبى لَهُ، زادَ اللَّهُ في عُمُرِهِ”. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في“المُصَنَّفِ”، والبُخارِيُّ في“الأدَبِ”، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّهُ أبْصَرَ رَجُلَيْنِ، فَقالَ: لِأحَدِهِما: ما هَذا مِنكَ؟ فَقالَ: أبِي. فَقالَ: لا تُسَمِّهِ - وفي لَفْظٍ: لا تَدْعُهُ بِاسْمِهِ - ولا تَمْشِ أمامَهُ، ولا تَجْلِسْ قَبْلَهُ حَتّى يَجْلِسَ، ولا تَسْتَسِبَّ لَهُ. وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“رِضا اللَّهِ في رِضا الوالِدَيْنِ، وسَخَطُ اللَّهِ في سَخَطِ الوالِدَيْنِ”. وأخْرَجَ اِبْنُ سَعْدٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ جاهِمَةَ، عَنْ /أبِيهِ قالَ: أتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ أسْتَشِيرُهُ في الجِهادِ، فَقالَ:“ألَكَ والِدَةٌ؟”. قُلْتُ: نَعَمْ. قالَ: (p-٢٩٩)“اِذْهَبْ فالزَمْها؛ فَإنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْها”. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، أنَّ رَجُلًا جاءَ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أُرِيدُ الغَزْوَ، وقَدْ جِئْتُكَ أسْتَشِيرُكَ. قالَ:“هَلْ لَكَ مِن أُمٍّ؟”. قالَ: نَعَمْ. قالَ:“فالزَمْها؛ فَإنَّ الجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلَيْها”. ثُمَّ الثّانِيَةَ، ثُمَّ الثّالِثَةَ كَمِثْلِ ذَلِكَ. وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أنَسٍ قالَ: أتى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: إنِّي أشْتَهِي الجِهادَ ولا أقْدِرُ عَلَيْهِ. فَقالَ:“هَلْ بَقِيَ أحَدٌ مِن والِدَيْكَ؟”. قالَ: أُمِّي. قالَ:“فاتَّقِ اللَّهَ فِيها، فَإذا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأنْتَ حاجٌّ ومُعْتَمِرٌ ومُجاهِدٌ، فَإذا دَعَتْكَ أُمُّكَ فاتَّقِ اللَّهَ وبَرَّها”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“لَنَوْمُكَ عَلى (p-٣٠٠)السَّرِيرِ بِرًّا بِوالِدَيْكَ، تُضْحِكُهُما ويُضْحِكانِكَ أفْضَلُ مِن جِهادِكَ بِالسَّيْفِ في سَبِيلِ اللَّهِ”. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ خِداشِ بْنِ أبِي سَلامَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“أُوصِي اِمْرَأً بِأُمِّهِ”. ثَلاثَ مِرارٍ،“أُوصِي اِمْرَأً بِأبِيهِ”مَرَّتَيْنِ،“أُوصِي اِمْرَأً بِمَوْلاهُ الَّذِي يَلِيهِ، وإنْ كانَ عَلَيْهِ مِنهُ أذًى يُؤْذِيهِ”. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:“الوالِدُ أوْسَطُ أبْوابِ الجَنَّةِ، فاحْفَظْ ذَلِكَ البابَ، أوْ ضَيِّعْهُ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“إنِّي أرانِي في (p-٣٠١)الجَنَّةِ، فَبَيْنَما أنا فِيها سَمِعْتُ صَوْتَ رَجُلٍ بِالقُرْآنِ، فَقُلْتُ: مَن هَذا؟ قالُوا: حارِثَةُ بْنُ النُّعْمانِ، كَذَلِكَ البِرُّ كَذَلِكَ البِرُّ”. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“نِمْتُ فَرَأيْتُنِي في الجَنَّةِ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ قارِئٍ يَقْرَأُ، فَقُلْتُ: مَن هَذا؟ قالُوا: حارِثَةُ بْنُ النُّعْمانِ”. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“كَذاكَ البِرُّ، كَذاكَ البِرُّ، كَذاكَ البِرُّ”. قالَ:“وكانَ أبَرَّ النّاسِ بِأُمِّهِ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قالَ: مَرَّ رَجُلٌ لَهُ جِسْمٌ، يَعْنِي خَلْقًا، فَقالُوا: لَوْ كانَ هَذا في سَبِيلِ اللَّهِ. فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ:“لَعَلَّهُ يَكِدُّ عَلى أبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهو في سَبِيلِ اللَّهِ، لَعَلَّهُ يَكِدُّ عَلى صِبْيَةٍ صِغارٍ فَهو في سَبِيلِ اللَّهِ، لَعَلَّهُ يَكِدُّ عَلى نَفْسِهِ لِيُغْنِيَها عَنِ النّاسِ فَهو في سَبِيلِ اللَّهِ”. (p-٣٠٢)وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“مَن أحَبَّ أنْ يُمِدَّ اللَّهُ في عُمُرِهِ، ويَزِيدَ في رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ والِدَيْهِ ولِيَصِلْ رَحِمَهُ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ:“ما مِن ولَدٍ بارٍّ يَنْظُرُ إلى والِدَيْهِ نَظْرَةَ رَحْمَةٍ، إلّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ نَظْرَةٍ حِجَّةً مَبْرُورَةً”. قالُوا: وإنْ نَظَرَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؟ قالَ:“نَعَمْ، اللَّهُ أكْبَرُ وأطْيَبُ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“إذا نَظَرَ الوالِدُ إلى ولَدِهِ - يَعْنِي فَسُرَّ بِهِ - كانَ لِلْوَلَدِ، عِتْقُ نَسَمَةٍ”. قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، وإنْ نَظَرَ سِتِّينَ وثَلاثَمِائَةِ نَظْرَةٍ؟ قالَ:“اللَّهُ أكْبَرُ مِن ذَلِكَ”. (p-٣٠٣)وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ قالَ: النَّظَرُ إلى الوالِدِ عِبادَةٌ، والنَّظَرُ إلى الكَعْبَةِ عِبادَةٌ، والنَّظَرُ إلى المُصْحَفِ عِبادَةٌ، والنَّظَرُ إلى أخِيكَ حُبًّا لَهُ في اللَّهِ عِبادَةٌ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ وضَعَّفَهُ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ:“مَن قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْ أُمِّهِ كانَ لَهُ سِتْرًا مِنَ النّارِ”. وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أذْنَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي مِن تَوْبَةٍ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ألَكَ والِدانِ؟”. قالَ: لا. قالَ:“ألَكَ خالَةٌ؟”. قالَ: نَعَمْ. قالَ:“فَبَرَّها إذَنْ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أُمِّ أيْمَنَ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أوْصى بَعْضَ أهْلِ بَيْتِهِ فَقالَ:“لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ وإنْ عُذِّبْتَ وإنْ حُرِقْتَ، وأطِعْ رَبَّكَ ووالِدَيْكَ وإنْ أمَراكَ أنْ تَخْرُجَ مَن كُلِّ شَيْءٍ فاخْرُجْ، ولا تَتْرُكِ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا، فَإنَّ مَن تَرَكَ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، إيّاكَ والخَمْرَ؛ فَإنَّها مِفْتاحُ كُلِّ شَرٍّ، وإيّاكَ والمَعْصِيَةَ، فَإنَّها تُسْخِطُ اللَّهَ، لا تُنازِعَنَّ الأمْرَ أهْلَهُ وإنْ رَأيْتَ أنَّ لَكَ، لا تَفِرَّ مِنَ الزَّحْفِ، وإنْ (p-٣٠٤)أصابَ النّاسَ مَوْتٌ وأنْتَ فِيهِمْ فاثْبُتْ، أنْفِقْ عَلى أهْلِكَ مِن طَوْلِكَ، ولا تَرْفَعْ عَصاكَ عَنْهُمْ، وأخِفْهم في اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ”. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ في“الأدَبِ”، وأبُو داوُدَ، وابْنُ ماجَهْ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي أُسَيْدٍ السّاعِدِيِّ قالَ: كُنّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَقِيَ عَلَيَّ مِن بِرِّ أبَوَيَّ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِهِما أبَرُّهُما بِهِ؟ قالَ:“نَعَمْ، خِصالٌ أرْبَعُ؛ الدُّعاءُ لَهُما، والِاسْتِغْفارُ لَهُما، وإنْفاذُ عَهْدِهِما، وإكْرامُ صَدِيقِهِما، وصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لا رَحِمَ لَكَ إلّا مِن قِبَلِهِما”. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“الأدَبِ”، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ حِبّانَ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ اِبْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ:“ /إنَّ أبَرَّ البِرِّ أنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أهْلَ وُدِّ أبِيهِ بَعْدَ أنْ يُوَلِّيَ الأبُ”. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“الأدَبِ”عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قالَ: والَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالحَقِّ، إنَّهُ لَفي كِتابِ اللَّهِ: لا تَقْطَعْ مَن كانَ يَصِلُ أباكَ، فَتُطْفِئَ بِذَلِكَ نُورَكَ. (p-٣٠٥)وأخْرَجَ الحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ، مِن طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنْ أبِيهِ، أنَّ أبا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قالَ لِرَجُلٍ مِنَ العَرَبِ كانَ يَصْحَبُهُ يُقالُ لَهُ عُفَيْرٌ: يا عُفَيْرُ، كَيْفَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ في الوُدِّ؟ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:“الوُدُّ يُتَوارَثُ، والعَداوَةُ كَذَلِكَ”. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، والنَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:“لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عاقٌّ، ولا ولَدُ زِنًى، ولا مُدْمِنُ خَمْرٍ، ولا مَنّانٌ”. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والنَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ اِبْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ:“لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عاقُّ والِدَيْهِ، ولا مَنّانٌ، ولا ولَدُ زانِيَةٍ، ولا مُدْمِنُ خَمْرٍ، ولا قاطِعُ رَحِمٍ، ولا مَن أتى ذاتَ مَحْرَمٍ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ وضَعَّفَهُ عَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:“لَوْ أدْرَكْتُ والِدَيَّ أوْ أحَدَهُما وأنا في صَلاةِ العِشاءِ، وقَدْ قَرَأْتُ فِيها (p-٣٠٦)بِفاتِحَةِ الكِتابِ، تُنادِي: يا مُحَمَّدُ. لَأجَبْتُها: لَبَّيْكِ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ وضَعَّفَهُ، مِن طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَوْشَبٍ الفِهْرِيُّ، عَنْ أبِيهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:“لَوْ كانَ جُرَيْجٌ الرّاهِبُ فَقِيهًا عالِمًا، لَعَلِمَ أنَّ إجابَتَهُ أُمَّهُ أفْضَلُ مِن عِبادَةِ رَبِّهِ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ قالَ: إذا دَعَتْكَ والِدَتُكَ وأنْتَ في الصَّلاةِ فَأجِبْها، وإذا دَعاكَ أبُوكَ فَلا تُجِبْهُ حَتّى تَفْرُغَ مِن صَلاتِكَ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“إذا دَعَتْكَ أُمُّكَ في الصَّلاةِ فَأجِبْها، وإذا دَعاكَ أبُوكَ فَلا تُجِبْهُ”. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ مالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ:“مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ أوْ أحَدَهُما، ثُمَّ دَخَلَ النّارَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ، فَأبْعَدَهُ اللَّهُ وأسْحَقُهُ”. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعاذٍ، عَنْ أبِيهِ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ (p-٣٠٧)قالَ:“مِنَ العِبادِ عِبادٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيامَةِ، ولا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، ولا يُزَكِّيهِمْ، ولا يُطَهِّرُهُمْ”. قالَ: مَن أُولَئِكَ [٢٥٨و] يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ:“المُتَبَرِّئُ مِن والِدَيْهِ رَغْبَةً عَنْهُما، والمُتَبَرِّئُ مِن ولَدِهِ، ورَجُلٌ أنْعَمَ عَلَيْهِ قَوْمٌ فَكَفَرَ نِعْمَتَهم وتَبَرَّأ مِنهُمْ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“إنَّ أشَدَّ النّاسِ عَذابًا يَوْمَ القِيامَةِ مَن قَتَلَ نَبِيًّا، أوْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ، أوْ قَتَلَ أحَدَ والِدَيْهِ، والمُصَوِّرُونَ، وعالِمٌ لَمْ يَنْتَفِعْ بِعِلْمِهِ”. وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ وتَعَقُّبَهُ الذَّهَبِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، والطَّبَرانِيُّ، والخَرائِطِيُّ في“مَساوِئِ الأخْلاقِ”، مِن طَرِيقِ بَكّارِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أبِي بَكْرَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ:“كُلُّ الذُّنُوبِ يُؤَخِّرُ اللَّهُ مِنها ما شاءَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، إلّا عُقُوقَ الوالِدَيْنِ؛ فَإنَّهُ يُعَجِّلُهُ لِصاحِبِهِ في الحَياةِ قَبْلَ المَماتِ، ومَن رايا رايا اللَّهُ بِهِ، ومَن سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ”. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في“المُصَنَّفِ”، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ طاوُسٍ قالَ: إنَّ مِنَ (p-٣٠٨)السُّنَّةِ أنْ تُوَقِّرَ أرْبَعَةً؛ العالِمُ، وذُو الشَّيْبَةِ، والسُّلْطانُ، والوالِدُ. قالَ: ويُقالُ: أنَّ مِنَ الجَفاءِ أنْ يَدْعُوَ الرَّجُلُ والِدَهُ بِاسْمِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ كَعْبٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ العُقُوقِ: ما تَجِدُونَهُ في كِتابِ اللَّهِ عُقُوقَ الوالِدَيْنِ؟ قالَ: إذا أقْسَمَ عَلَيْهِ لَمْ يَبَرَّهُ، وإذا سَألَهُ لَمْ يُعْطِهِ، وإذا اِئْتَمَنَهُ خانَ، فَذَلِكَ العُقُوقُ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ثَلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٍ؛ دُعاءُ الوالِدِ عَلى ولَدِهِ، ودَعْوَةُ المَظْلُومِ، ودَعْوَةُ المُسافِرِ”. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي الدُّنْيا، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمانِ، يَرْفَعُ الحَدِيثَ إلى النَّبِيِّ ﷺ قالَ:“مَن زارَ قَبْرَ أبَوَيْهِ أوْ أحَدِهِما في كُلِّ جُمُعَةٍ، غُفِرَ لَهُ وكُتِبَ بَرًّا”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“إنَّ الرَّجُلَ لَيَمُوتُ والِداهُ وهو عاقٌّ لَهُما، فَيَدْعُو لَهُما مِن بُعْدِهِما، فَيَكْتُبُهُ اللَّهُ مِنَ البارِّينَ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“إنَّ العَبْدَ يَمُوتُ (p-٣٠٩)والِداهُ أوْ أحَدُهُما، وإنَّهُ لَهُما لَعاقٌّ، فَلا يَزالُ يَدْعُو لَهُما ويَسْتَغْفِرُ لَهُما حَتّى يَكْتُبَهُ اللَّهُ بارًّا”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ الأوْزاعِيِّ قالَ: بَلَغَنِي أنَّ مَن عَقَّ والِدَيْهِ في حَياتِهِما، ثُمَّ قَضى دَيْنًا إنْ كانَ عَلَيْهِما واسْتَغْفَرَ لَهُما، ولَمْ يَسْتَسِبَّ لَهُما، كُتِبَ بارًّا، ومَن بَرَّ والِدَيْهِ في حَياتِهِما، ثُمَّ لَمْ يَقْضِ دَيْنًا إذا كانَ عَلَيْهِما ولَمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُما، واسْتَسَبَّ لَهُما، كُتِبَ عاقًّا. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“مَن أصْبَحَ مُطِيعًا لِلَّهِ في والِدَيْهِ أصْبَحَ لَهُ بابانِ مَفْتُوحانِ مِنَ الجَنَّةِ، وإنْ كانَ واحِدًا فَواحِدًا، ومَن أمْسى /عاصِيًا لِلَّهِ في والِدَيْهِ أصْبَحَ لَهُ بابانِ مَفْتُوحانِ مِنَ النّارِ، وإنْ كانَ واحِدًا فَواحِدًا”. فَقالَ رَجُلٌ: وإنْ ظَلَماهُ؟ قالَ:“وإنْ ظَلَماهُ، وإنْ ظَلَماهُ، وإنْ ظَلَماهُ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ المُنْكَدِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ قالَ: كانَ أبِي يَبِيتُ عَلى السَّطْحِ يُرَوِّحُ عَنْ أُمِّهِ، وعَمِّي يُصَلِّي إلى الصَّباحِ، فَقالَ لَهُ أبِي: ما يَسُرُّنِي (p-٣١٠)لَيْلَتِي بِلَيْلَتِكَ. وأخْرَجَ اِبْنُ سَعْدٍ، وأحْمَدُ في“الزُّهْدِ”والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المُبارَكِ قالَ: قالَ مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ: باتَ عُمَرُ – أخُوهُ – يُصَلِّي، وبِتُّ أغْمِزُ رِجْلَ أُمِّي، وما أُحِبُّ أنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ. وأخْرَجَ اِبْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، أنَّهُ كانَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلى الأرْضِ ثُمَّ يَقُولُ لِأُمِّهِ: يا أُمَّهْ، قُومِي فَضَعِي قَدَمَكِ عَلى خَدِّي. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في“المُصَنَّفِ”، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ طاوُسٍ قالَ: كانَ رَجُلٌ لَهُ أرْبَعَةُ بَنِينَ، فَمَرِضَ فَقالَ أحَدُهم: إمّا أنْ تُمَرِّضُوهُ ولَيْسَ لَكم مِن مِيراثِهِ شَيْءٌ، وإمّا أنْ أُمَرِّضَهُ ولَيْسَ لِي مِن مِيراثِهِ شَيْءٌ؟ قالُوا: بَلْ مَرِّضْهُ ولَيْسَ لَكَ مِن مِيراثِهِ شَيْءٌ. فَمَرَّضَهُ حَتّى ماتَ ولَمْ يَأْخُذْ مِن مالِهِ شَيْئًا، فَأُتِيَ في النَّوْمِ، فَقِيلَ لَهُ: اِئْتِ مَكانَ كَذا وكَذا، فَخُذْ مِنهُ مِائَةَ دِينارٍ. فَقالَ في نَوْمِهِ: أفِيها بَرَكَةٌ؟ قالُوا: لا. فَأصْبَحَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِاِمْرَأتِهِ، فَقالَتْ لَهُ: خُذْها، فَإنَّ مِن بَرَكَتِها أنْ تَكْتَسِيَ مِنها وتَعِيشَ مِنها. فَأبى، فَلَمّا أمْسى أُتِيَ في النَّوْمِ فَقِيلَ لَهُ: اِئْتِ مَكانَ كَذا وكَذا، فَخُذْ مِنهُ عَشَرَةَ دَنانِيرَ. فَقالَ: أفِيها بَرَكَةٌ؟ قالُوا: لا. فَلَمّا أصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ (p-٣١١)لِاِمْرَأتِهِ، فَقالَتْ لَهُ مِثْلَ مَقالَتِها الأُولى، فَأبى أنْ يَأْخُذَها، فَأُتِيَ في النَّوْمِ في اللَّيْلَةِ الثّالِثَةِ: أنِ اِئْتِ مَكانَ كَذا وكَذا، فَخُذْ مِنهُ دِينارًا. فَقالَ: أفِيهِ بَرَكَةٌ؟ قالُوا: نَعَمْ. فَذَهَبَ فَأخَذَ الدِّينارَ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِ إلى السُّوقِ، فَإذا هو بِرَجُلٍ يَحْمِلُ حُوتَيْنِ، فَقالَ: بِكَمْ هَذا؟ قالَ: بِدِينارٍ. فَأخَذَهُما مِنهُ بِالدِّينارِ، ثُمَّ اِنْطَلَقَ بِهِما، فَلَمّا دَخَلَ بَيْتَهُ شَقَّ الحُوتَيْنِ، فَوَجَدَ في بَطْنِ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما دُرَّةً لَمْ يَرَ النّاسَ مِثْلَها، فَبَعَثَ المَلِكُ بِدُرَّةٍ يَشْتَرِيها، فَلَمْ تُوجَدْ إلّا عِنْدَهُ، فَباعَها بِوَقْرِ ثَلاثِينَ بَغْلًا ذَهَبًا، فَلَمّا رَآها المَلِكُ قالَ: ما تَصْلُحُ هَذِهِ إلّا بِأُخْتٍ؟ فاطْلُبُوا مِثْلَها وإنْ أضْعَفْتُمْ. قالَ: فَجاءُوهُ فَقالُوا: عِنْدَكَ أُخْتُها نُعْطِيكَ ضِعْفَ ما أعْطَيْناكَ؟ قالَ: أوَتَفْعَلُونَ؟ قالُوا: نَعَمْ. فَأعْطاهم أُخْتَها بِضِعْفِ ما أخَذُوا الأُولى. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في“المُصَنَّفِ”، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ يَحْيى بْنِ أبِي كَثِيرٍ قالَ: لَمّا قَدِمَ أبُو مُوسى وأبُو عامِرٍ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَبايَعُوهُ وأسْلَمُوا، قالَ:“ما فَعَلَتِ اِمْرَأةٌ مِنكم تُدْعى كَذا وكَذا؟”. قالُوا: تَرَكْناها في أهْلِها. قالَ:“فَإنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَها”. قالُوا: بِمَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ:“بِبَرِّها والِدَتَها”. قالَ:“كانَتْ لَها أُمٌّ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ، فَجاءَهُمُ النَّذِيرُ: إنَّ العَدُوَّ يُرِيدُ أنْ يُغِيرُوا عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ. (p-٣١٢)فارْتَحَلُوا لِيَلْحَقُوا بِعَظِيمِ قَوْمِهِمْ، ولَمْ يَكُنْ مَعَها ما تَحْتَمِلُ عَلَيْهِ، فَعَمَدَتْ إلى أُمِّها، فَجَعَلَتْ تَحْمِلُها عَلى ظَهْرِها، فَإذا أعْيَتْ وضَعَتْها، ثُمَّ ألْصَقَتْ بَطْنَها بِبَطْنِ أُمِّها، وجَعَلَتْ رِجْلَيْها تَحْتَ رِجْلَيْ أُمِّها مِنَ الرَّمْضاءِ حَتّى نَجَتْ”. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: بَيْنَما نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذْ طَلَعَ شابٌّ، فَقُلْنا: لَوْ كانَ هَذا الشّابُّ جَعَلَ شَبابَهُ ونَشاطَهُ وقُوَّتَهُ في سَبِيلِ اللَّهِ. فَسَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ مَقالَتَنا، فَقالَ:“وما في سَبِيلِ اللَّهِ إلّا مَن قُتِلَ؟ مَن سَعى عَلى والِدَيْهِ فَفي سَبِيلِ اللَّهِ، ومَن سَعى عَلى عِيالِهِ فَفي سَبِيلِ اللَّهِ، ومَن سَعى عَلى نَفْسِهِ يُغْنِيها فَفي سَبِيلِ اللَّهِ”. وأخْرَجَ الحاكِمُ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أيُّ النّاسِ أعْظَمُ حَقًّا عَلى المَرْأةِ؟ قالَ:“زَوْجُها”. قُلْتُ: فَأيُّ النّاسِ أعْظَمُ حَقًّا عَلى الرَّجُلِ؟ قالَ:“أُمُّهُ”. وأخْرَجَ الحاكِمُ عَنْ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:“لَعَنَ اللَّهُ مَن ذَبَحَ (p-٣١٣)لِغَيْرِ اللَّهِ، ومَن تَوَلّى غَيْرَ مَوالِيهِ، ولَعَنَ اللَّهُ العاقَّ لِوالِدَيْهِ، ولَعَنَ اللَّهُ مَن مُنْتَقِضَ مَنارِ الأرْضِ”. وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وضَعَّفَهُ الذَّهَبِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:“عِفُّوا عَنْ نِساءِ النّاسِ تَعِفَّ نِساؤُكُمْ، وبَرُّوا آباءَكم تَبَرَّكم أبْناؤُكُمْ، ومَن أتاهُ أخُوهُ مُتَنَصِّلًا فَلْيَقْبَلْ ذَلِكَ مِنهُ؛ مُحِقًّا كانَ أوْ مُبْطِلًا، فَإنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الحَوْضَ”. وأخْرَجَ الحاكِمُ عَنْ جابِرٍ مَرْفُوعًا:“بَرُّوا آباءَكُمْ”. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: إنْ رَجُلًا هاجَرَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ اليَمَنِ، فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“قَدْ هَجَرْتَ مِنَ الشِّرْكِ، ولَكِنَّهُ الجِهادُ، هَلْ لَكَ أحَدٌ بِاليَمَنِ؟”. قالَ: أبَوايَ. قالَ:“أذِنا لَكَ؟”. قالَ: لا. قالَ:“فارْجِعْ فاسْتَأْذِنْهُما، فَإنْ أذِنا لَكَ فَجاهِدْ، وإلّا فَبَرَّهُما”. وأخْرَجَ أحْمَدُ في“الزُّهْدِ”، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أنَّ مُوسى سَألَ رَبَّهُ عَزَّ وجَلَّ (p-٣١٤)فَقالَ: يا رَبِّ، بِمَ تَأْمُرُنِي؟ قالَ: بِألّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا. قالَ: وبِمَهْ؟ قالَ: وبَرَّ والِدَتَكَ. قالَ: وبِمَهْ؟ قالَ: بَرَّ والِدَتَكَ. قالَ: وبِمَهْ؟ قالَ: وبِوالِدَتِكَ. قالَ وهْبٌ: إنَّ البِرَّ بِالوالِدَيْنِ يَزِيدُ في العُمُرِ، والبَرَّ بِالوالِدَةِ يُثْبِتُ الأصْلَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ في“الزُّهْدِ”عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قالَ: رَأى مُوسى رَجُلًا عِنْدَ العَرْشِ، فَغَبَطَهُ بِمَكانِهِ، فَسَألَ عَنْهُ، فَقالُوا: نُخْبِرُكَ بِعَمَلِهِ؛ لا يَحْسُدُ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ، ولا /يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، ولا يَعُقُّ والِدَيْهِ. قالَ: أيْ رَبِّ، ومَن يَعُقُّ والِدَيْهِ؟ قالَ: يَسْتَسِبُّ لَهُما حَتّى يُسَبّا. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، وابْنُ ماجَهْ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ، أنَّ رَجُلًا أتاهُ فَقالَ: إنَّ اِمْرَأتِي بِنْتُ عَمِّي وإنِّي أُحِبُّها، وإنَّ والِدَتِي تَأْمُرُنِي أنْ أُطَلِّقَها. فَقالَ: لا آمُرُكَ أنْ تُطَلِّقَها، ولا آمُرُكَ أنْ تَعْصِيَ والِدَتَكَ، ولَكِنْ أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ:“إنَّ الوالِدَةَ أوْسَطُ بابٍ مِن أبْوابِ الجَنَّةِ”. فَإنْ شِئْتَ فَأمْسِكْ وإنْ شِئْتَ فَدَعْ. (p-٣١٥)وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ الحَسَنِ قالَ: لِلْأُمِّ ثُلُثا البِرِّ ولِلْأبِ الثُّلُثُ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ ماجَهْ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ:“لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عاقٌّ، ولا مُدْمِنُ خَمْرٍ، ولا مُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ”. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ الحَسَنِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“بِرُّ الوالِدَيْنِ يُجْزِئُ مِنَ الجِهادِ" . وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ، أنَّهُ قِيلَ لَهُ: ما حَقُّ الوالِدِ عَلى الوَلَدِ؟ قالَ: لَوْ خَرَجْتَ مِن أهْلِكَ ومالِكَ ما أدَّيْتَ حَقَّهُما. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، وهَنّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: إذا مالَتِ الأفْياءُ، وراحَتِ الأرْواحُ، فاطْلُبُوا الحَوائِجَ إلى اللَّهِ، فَإنَّها ساعَةُ الأوّابِينَ. وقَرَأ ﴿فَإنَّهُ كانَ لِلأوّابِينَ غَفُورًا﴾ . وأخْرَجَ هَنّادٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنَّهُ كانَ لِلأوّابِينَ غَفُورًا﴾ . قالَ: الأوّابُ الَّذِي يُذْنِبُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ، ثُمَّ يُذْنِبُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ. (p-٣١٦)وأخْرَجَ هَنّادٌ عَنْ عَبِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنَّهُ كانَ لِلأوّابِينَ غَفُورًا﴾ . قالَ: الأوّابُ الَّذِي يَتَذَكَّرُ ذُنُوبَهُ في الخَلاءِ فَيَسْتَغْفِرُ مِنها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب