الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ والبُخارِيُّ ومُسْلِمٌ وأبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في كِتابِ «عَذابِ القَبْرِ» عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «المُسْلِمُ إذا سُئِلَ في القَبْرِ يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ [إبراهيم»: ٢٧] ) . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ في قَوْلِ اللَّهِ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ ) قالَ: ذَلِكَ في القَبْرِ إنْ كانَ صالِحًا وُفِّقَ وإنْ كانَ لا خَيْرَ فِيهِ وجَدَ أبَلَةً.(p-٥٢١) وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ في «المُصَنَّفِ» وأحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وهَنّادُ بْنُ السَّرِيِّ في «الزُّهْدِ»، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو داوُدَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في كِتابِ «عَذابِ القَبْرِ» عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قالَ: «خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في جِنازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأنْصارِ فانَتَهَيْنا إلى القَبْرِ ولَمّا يُلْحِدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وجَلَسْنا حَوْلَهُ - وكَأنَّ عَلى رُؤُوسِنا الطَّيْرَ - وفي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ الأرْضَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقالَ: اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِن عَذابِ القَبْرِ - مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثًا، ثُمَّ قالَ: إنَّ العَبْدَ المُؤْمِنَ إذا كانَ في انْقِطاعٍ مِنَ الدُّنْيا وإقْبالٍ مِنَ الآخِرَةِ نَزَلَ إلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنَ السَّماءِ بِيضُ الوُجُوهِ كَأنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ مَعَهم كَفَنٌ مِن أكْفانِ الجَنَّةِ وحَنُوطٌ مِن حَنُوطِ الجَنَّةِ حَتّى يَجْلِسُوا مِنهُ مَدَّ البَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ المَوْتِ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أيَّتُها النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ اخْرُجِي إلى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ ورِضْوانٍ، قالَ: فَتَخْرُجُ، تَسِيلُ كَما تَسِيلُ القَطْرَةُ مِن في السِّقاءِ وإنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ غَيْرَ ذَلِكَ فَيَأْخُذُها فَإذا أخَذَها لَمْ يَدَعُوها في يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتّى يَأْخُذُوها فَيَجْعَلُوها في ذَلِكَ الكَفَنِ وفي ذَلِكَ الحَنُوطِ ويَخْرُجُ مِنها أطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلى وجْهِ الأرْضِ فَيَصْعَدُونَ بِها فَلا يَمُرُّونَ عَلى مَلَأٍ مِنَ المَلائِكَةِ إلّا قالُوا: ما هَذا الرُّوحُ الطَّيِّبُ فَيَقُولُونَ: فُلانُ بْنُ فُلانٍ بِأحْسَنِ أسْمائِهِ الَّتِي كانُوا يُسَمُّونَهُ بِها في الدُّنْيا وحَتّى يَنْتَهُوا بِها إلى السَّماءِ الدُّنْيا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهم فَيُشَيِّعُهُ مِن كُلِّ سَماءٍ مُقَرَّبُوها إلى السَّماءِ الَّتِي تَلِيها حَتّى يُنْتَهى بِهِ إلى السَّماءِ السّابِعَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ: اكْتُبُوا كِتابَ عَبْدِي في عِلِّيِّينَ وأعِيدُوهُ إلى الأرْضِ فَإنِّي مِنها خَلَقْتُهم وفِيها أُعِيدُهم ومِنها أُخْرِجُهم تارَةً أُخْرى، فَتُعادُ (p-٥٢٢) رُوحُهُ في جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكانِ فَيُجْلِسانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ: مَن رَبُّكَ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولانِ لَهُ: ما دِينُكَ فَيَقُولُ: دِينِيَ الإسْلامُ، فَيَقُولانِ لَهُ: ما هَذا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكم فَيَقُولُ: هو رَسُولُ اللَّهِ، فَيَقُولانِ لَهُ: وما عِلْمُكَ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتابَ اللَّهِ فَآمَنتُ بِهِ وصَدَقْتُ، فَيُنادِي مُنادٍ مِنَ السَّماءِ أنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأفْرِشُوهُ مِنَ الجَنَّةِ وألْبِسُوهُ مِنَ الجَنَّةِ وافْتَحُوا لَهُ بابًا إلى الجَنَّةِ فَيَأْتِيهِ مِن رَوْحِها وطِيبِها ويُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ويَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الوَجْهِ حَسَنُ الثِّيابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَن أنْتَ فَوَجْهُكَ الوَجْهُ يَجِيءُ بِالخَيْرِ، فَيَقُولُ لَهُ: أنا عَمَلُكَ الصّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أقِمِ السّاعَةَ، رَبِّ أقِمِ السّاعَةَ حَتّى أرْجِعَ إلى أهْلِي ومالِي، قالَ: وإنَّ العَبْدَ الكافِرَ إذا كانَ في انْقِطاعٍ مِنَ الدُّنْيا وإقْبالٍ مِنَ الآخِرَةِ نَزَلَ إلَيْهِ مِنَ السَّماءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الوُجُوهِ مَعَهم مُسُوحٌ، فَيَجْلِسُونَ مِنهُ مَدَّ البَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ المَوْتِ حَتّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ يَقُولُ: أيَّتُها النَّفْسُ الخَبِيثَةُ اخْرُجِي إلى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وغَضَبٍ، فَتَفَرَّقُ في جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُها كَما يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ المَبْلُولِ فَيَأْخُذُها، فَإذا أخَذَها لَمْ يَدَعُوها في يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتّى يَجْعَلُوها في تِلْكَ المُسُوحِ، ويَخْرُجُ مِنها كَأنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلى وجْهِ الأرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِها، فَلا يَمُرُّونَ بِها عَلى مَلَأٍ مِنَ المَلائِكَةِ، إلّا قالُوا: ما هَذا الرُّوحُ الخَبِيثُ، فَيَقُولُونَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ بِأقْبَحِ أسْمائِهِ الَّتِي كانَ يُسَمّى بِها في الدُّنْيا، حَتّى يُنْتَهى بِها إلى السَّماءِ الدُّنْيا فَيُسْتَفْتَحُ فَلا يُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( ﴿لا تُفَتَّحُ لَهم أبْوابُ السَّماءِ﴾ [الأعراف: ٤٠] ) فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ اكْتُبُوا كِتابَهُ في سِجِّينٍ في الأرْضِ السُّفْلى، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا، ثُمَّ قَرَأ (p-٥٢٣) رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( ﴿ومَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ في مَكانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج: ٣١] ) فَتُعادُ رُوحُهُ في جَسَدِهِ ويَأْتِيهِ مَلَكانِ فَيُجْلِسانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ: مَن رَبُّكَ فَيَقُولُ: مَن رَبُّكَ هاهْ، هاهْ، لا أدْرِي، فَيَقُولانِ لَهُ: ما دِينُكَ فَيَقُولُ: هاهْ، هاهْ لا أدْرِي فَيَقُولانِ لَهُ: ما هَذا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكم فَيَقُولُ: هاهْ، هاهْ، لا أدْرِي فَيُنادِي مُنادٍ مِنَ السَّماءِ أنْ كَذَبَ عَبْدِي فَأفْرِشُوهُ مِنَ النّارِ وافْتَحُوا لَهُ بابًا إلى النّارِ، فَيَأْتِيهِ مِن حَرِّها وسَمُومِها ويَضِيقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أضْلاعُهُ ويَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَن أنْتَ، فَوَجْهُكَ الوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أنا عَمَلُكَ الخَبِيثُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لا تَقُمِ السّاعَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ ) قالَ: التَّثْبِيتُ في الحَياةِ الدُّنْيا إذا جاءَ المَلَكانِ إلى الرَّجُلِ في القَبْرِ فَقالا لَهُ: مَن رَبُّكَ قالَ: رَبِّيَ اللَّهُ، قالا: وما دِينُكَ قالَ: دِينِيَ الإسْلامُ قالا: ومَن نَبِيُّكَ قالَ: نَبِيِّي مُحَمَّدٌ فَذَلِكَ التَّثْبِيتُ في الحَياةِ الدُّنْيا.(p-٥٢٤) وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ في هَذِهِ الآيَةِ ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ ) قالَ: ( في الآخِرَةِ ) القَبْرِ» . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ ) قالَ: المُخاطَبَةُ في القَبْرِ: مَن رَبُّكَ وما دِينُكَ ومَن نَبِيُّكَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «قالَ النَّبِيُّ ﷺ في قَوْلِ اللَّهِ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ ) قالَ: هَذا في القَبْرِ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «عَذابِ القَبْرِ» عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: بِي يُفْتَنُ أهْلُ القُبُورِ وفِيهِ نَزَلَتْ ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ﴾ [إبراهيم»: ٢٧] ) . (p-٥٢٥) وأخْرَجَ البَزّارُ «عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ تُبْتَلى هَذِهِ الأُمَّةُ في قُبُورِها فَكَيْفَ بِي وأنا امْرَأةٌ ضَعِيفَةٌ قالَ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ [إبراهيم»: ٢٧] ) . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ وذَكَرَ قَبْضَ رُوحِ المُؤْمِنِ: فَيَأْتِيهِ آتٍ فَيَقُولُ: مَن رَبُّكَ فَيَقُولُ: اللَّهُ، فَيَقُولُ: وما دِينُكَ فَيَقُولُ: الإسْلامُ، فَيَقُولُ: ومَن نَبِيُّكَ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ، ثُمَّ يُسْألُ الثّانِيَةَ فَيَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُسْألُ الثّالِثَةَ ويُؤْخَذُ أخْذًا شَدِيدًا فَيَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ﴾ [إبراهيم»: ٢٧] ) . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في «عَذابِ القَبْرِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّ المُؤْمِنَ إذا حَضَرَهُ المَوْتُ شَهِدَتْهُ المَلائِكَةُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وبَشَّرُوهُ بِالجَنَّةِ فَإذا ماتَ مَشَوْا مَعَهُ في جِنازَتِهِ ثُمَّ صَلَّوْا عَلَيْهِ مَعَ النّاسِ فَإذا دُفِنَ أُجْلِسَ في قَبْرِهِ فَيُقالُ لَهُ: مَن رَبُّكَ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيُقالُ لَهُ: مَن رَسُولُكَ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيُقالُ لَهُ: ما شَهادَتُكَ فَيَقُولُ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ) الآيَةَ، فَيُوَسَّعُ لَهُ في قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ. وأمّا الكافِرُ فَتَنْزِلُ المَلائِكَةُ فَيَبْسُطُونَ أيْدِيَهم - والبَسْطُ هو الضَّرْبُ - يَضْرِبُونَ وُجُوهَهم وأدْبارَهم عِنْدَ المَوْتِ فَإذا دَخَلَ قَبْرَهُ أُقْعِدَ فَقِيلَ لَهُ مَن رَبُّكَ فَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِمْ شَيْئًا، وأنْساهُ اللَّهُ ذِكْرَ ذَلِكَ، وإذا قِيلَ لَهُ: مَنِ (p-٥٢٦) الرَّسُولُ الَّذِي بُعِثَ إلَيْكم لَمْ يَهْتَدِ لَهُ ولَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِمْ شَيْئًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ( ﴿ويُضِلُّ اللَّهُ الظّالِمِينَ﴾ ) . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ والطَّبَرانِيُّ والبَيْهَقِيُّ في «عَذابِ القَبْرِ» عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: إنَّ المُؤْمِنَ إذا ماتَ أُجْلِسَ في قَبْرِهِ فَيُقالُ لَهُ: مَن رَبُّكَ وما دِينُكَ ومَن نَبِيُّكَ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ ودِينِيَ الإسْلامُ ونَبِيِّي مُحَمَّدٌ، فَيُوَسَّعُ لَهُ في قَبْرِهِ ويُفْرَّجُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَرَأ ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ﴾ ) الآيَةَ، وإنَّ الكافِرَ إذا دَخَلَ قَبْرَهُ أُجْلِسَ فَقِيلَ لَهُ: مَن رَبُّكَ وما دِينُكَ ومَن نَبِيُّكَ فَيَقُولُ لا أدْرِي، فَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ ويُعَذَّبُ فِيهِ، ثُمَّ قَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ ( ﴿ومَن أعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه: ١٢٤] ) . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مِندَهْ والطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ» عَنْ أبِي قَتادَةَ الأنْصارِيِّ قالَ: إنَّ المُؤْمِنَ إذا ماتَ أُجْلِسَ في قَبْرِهِ فَيُقالُ لَهُ: مَن رَبُّكَ فَيَقُولُ: اللَّهُ، فَيُقالُ لَهُ: مَن نَبِيُّكَ فَيَقُولُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَيُقالُ لَهُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرّاتٍ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلى النّارِ فَيُقالُ لَهُ: انْظُرْ إلى مَنزِلَتِكَ لَوْ زِغْتَ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلى الجَنَّةِ فَيُقالُ لَهُ انْظُرْ إلى مَنزِلِكَ في الجَنَّةِ أنْ ثَبَتَّ، وإذا ماتَ الكافِرُ أُجْلِسَ في قَبْرِهِ فَيُقالُ: مَن رَبُّكَ مَن نَبِيُّكَ، فَيَقُولُ: لا أدْرِي، كُنْتُ أسْمَعُ النّاسَ يَقُولُونَ، فَيُقالُ لَهُ: لا دَرَيْتَ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلى الجَنَّةِ فَيُقالُ لَهُ انْظُرْ إلى مَنزِلِكَ لَوْ ثَبَتَّ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلى النّارِ فَيُقالُ لَهُ: انْظُرْ إلى مَنزِلِكَ إذْ زِغْتَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ (p-٥٢٧)الدُّنْيا﴾ ) قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ ( ﴿وفِي الآخِرَةِ﴾ ) قالَ: المَسْألَةُ في القَبْرِ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في ذِكْرِ المَوْتِ، وابْنُ أبِي عاصِمٍ في «السُّنَّةِ» والبَزّارُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في «عَذابِ القَبْرِ» بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ جِنازَةً فَقالَ: يا أيُّها النّاسُ إنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلى في قُبُورِها فَإذا الإنْسانُ دُفِنَ فَتَفَرَّقَ عَنْهُ أصْحابُهُ جاءَهُ مَلَكٌ في يَدِهِ مِطْراقٌ فَأقْعَدَهُ قالَ: ما تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ فَإنْ كانَ مُؤْمِنًا قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ فَيَقُولُ لَهُ: صَدَقْتَ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلى النّارِ فَيَقُولُ لَهُ: هَذا كانَ مَنزِلَكَ لَوْ كَفَرْتَ بِرَبِّكَ فَأمّا إذْ آمَنتَ فَهَذا مَنزِلُكَ، فَيُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلى الجَنَّةِ فَيُرِيدُ أنْ يَنْهَضَ إلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ: اسْكُنْ، ويُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ، وإنْ كانَ كافِرًا أوْ مُنافِقًا قِيلَ لَهُ: ما تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ فَيَقُولُ: لا أدْرِي، سَمِعَتُ النّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا، فَيَقُولُ لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ ولا اهْتَدَيْتَ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلى الجَنَّةِ فَيَقُولُ: هَذا مَنزِلُكَ لَوْ آمَنتَ بِرَبِّكَ فَأمّا إذْ كَفَرْتَ بِهِ فَإنَّ اللَّهَ أبْدَلَكَ مِنهُ هَذا ويُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلى النّارِ ثُمَّ يَقْمَعُهُ مِقْمَعَةً بِالمِطْراقِ يَسْمَعُها خَلْقُ اللَّهِ كُلُّهم غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ، فَقالَ بَعْضُ القَوْمِ: يا رَسُولَ اللَّهِ ما أحَدٌ يَقُومُ عَلَيْهِ مَلَكٌ في يَدِهِ مِطْراقٌ إلّا هِيلَ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ﴾ [إبراهيم»: ٢٧] ) . (p-٥٢٨) وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «شَهِدْنا جِنازَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَمّا فَرَغَ مِن دَفْنِها وانْصَرَفَ النّاسُ قالَ: إنَّهُ الآنَ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعالِكم أتاهُ مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ، أعْيُنُهُما مِثْلُ قُدُورِ النُّحاسِ وأنْيابُهُما مِثْلُ صَياصِي البَقَرِ وأصْواتُهُما مِثْلُ الرَّعْدِ فَيُجْلِسانِهِ فَيَسْألانِهِ ما كانَ يَعْبُدُ ومَن نَبِيُّهِ، فَإنْ كانَ مِمَّنْ يَعْبُدُ اللَّهَ قالَ: كُنْتُ أعْبُدُ اللَّهَ ونَبِيِّي مُحَمَّدٌ ﷺ، جاءَنا بِالبَيِّناتِ والهُدى فَآمَنّا بِهِ واتَّبَعْناهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ ) فَيُقالُ لَهُ: عَلى اليَقِينِ حَيِيتَ وعَلَيْهِ مِتَّ وعَلَيْهِ تُبْعَثُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلى الجَنَّةِ ويُوَسَّعُ لَهُ في حُفْرَتِهِ، وإنْ كانَ مِن أهْلِ الشَّكِّ قالَ: لا أدْرِي، سَمِعَتُ النّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ، فَيُقالُ لَهُ: عَلى الشَّكِّ حَيِيتَ وعَلَيْهِ مِتَّ وعَلَيْهِ تُبْعَثُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلى النّارِ ويُسَلَّطُ عَلَيْهِ عَقارِبُ وتَنانِينُ لَوْ نَفَخَ أحَدُهم في الدُّنْيا ما أنْبَتَتْ شَيْئًا تَنْهَشُهُ وتُؤْمَرُ الأرْضُ فَتَنْضَمُّ عَلَيْهِ حَتّى تَخْتَلِفَ أضْلاعُهُ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وهَنّادٌ في «الزُّهْدِ»، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ حِبّانَ والطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ» والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ المَيِّتَ إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ إنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ فَإذا كانَ مُؤْمِنًا كانَتِ الصَّلاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ والزَّكاةُ عَنْ يَمِينِهِ والصَّوْمُ عَنْ شِمالِهِ، وفِعْلُ الخَيْراتِ والمَعْرُوفُ والإحْسانُ إلى النّاسِ مِن قِبَلِ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتى مِن قِبَلِ رَأْسِهِ فَتَقُولُ الصَّلاةُ: لَيْسَ (p-٥٢٩) قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُؤْتى عَنْ يَمِينِهِ فَتَقُولُ الزَّكاةُ: لَيْسَ قِبَلِي مَدْخَلٌ، ويُؤْتى مِن قِبَلِ شِمالِهِ فَيَقُولُ الصَّوْمُ: لَيْسَ قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتى مِن قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَيَقُولُ فِعْلُ الخَيْراتِ والمَعْرُوفُ والإحْسانُ إلى النّاسِ: لَيْسَ قِبَلِي مُدْخَلٌ، فَيُقالُ لَهُ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ وقَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ قَدْ قَرُبَتْ لِلْغُرُوبِ فَيُقالُ: أخْبِرْنا عَمّا نَسْألُكَ، فَيَقُولُ: دَعْنِي حَتّى أصْلِيَ، فَيُقالُ: إنَّكَ سَتَفْعَلُ فَأخْبِرْنا عَمّا نَسْألُكَ، فَيَقُولُ: عَمَّ تَسْألُونِي فَيُقالُ لَهُ: ما تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ الَّذِي كانَ فِيكم - يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ - فَيَقُولُ: أشْهَدُ أنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ جاءَنا بِالبَيِّناتِ مِن عِنْدِ رَبِّنا فَصَدَّقْنا واتَّبَعْنا، فَيُقالُ لَهُ: صَدَقْتَ، عَلى هَذا حَيِيتَ وعَلى هَذا مِتَّ وعَلَيْهِ تُبْعَثُ إنْ شاءَ اللَّهُ، ويُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ ) ويُقالُ: افْتَحُوا لَهُ بابًا إلى النّارِ فَيُقالُ: هَذا كانَ مَنزِلَكَ لَوْ عَصَيْتَ اللَّهَ، فَيَزْدادُ غِبْطَةً وسُرُورًا فَيُعادُ الجَسَدُ إلى ما بَدا مِنهُ مِنَ التُّرابِ ويُجْعَلُ رُوحُهُ في النَّسِيمِ الطَّيِّبِ وهي طَيْرٌ خُضْرٌ تَعْلَقُ في شَجَرٍ في الجَنَّةِ. وأمّا الكافِرُ فَيُؤْتى في قَبْرِهِ مِن قِبَلِ رَأْسِهِ فَلا يُوجَدُ شَيْءٌ، فَيُؤْتى مِن قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَلا يُوجَدُ شَيْءٌ، فَيَجْلِسُ خائِفًا مَرْعُوبًا، فَيُقالُ لَهُ: ما تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ الَّذِي كانَ فِيكم وما تَشْهَدُ بِهِ فَلا يَهْتَدِي لِاسْمِهِ، فَيُقالُ: مُحَمَّدٌ ﷺ، فَيَقُولُ سَمِعَتُ النّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُ كَما قالُوا: فَيُقالُ لَهُ: صَدَقْتَ، عَلى هَذا (p-٥٣٠) حَيِيتَ وعَلَيْهِ مِتَّ وعَلَيْهِ تُبْعَثُ إنْ شاءَ اللَّهُ ويُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتّى تَخْتَلِفَ أضْلاعُهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ( ﴿ومَن أعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه: ١٢٤] )، فَيُقالُ: افْتَحُوا لَهُ بابًا إلى الجَنَّةِ، فَيُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلى الجَنَّةِ، فَيُقالُ هَذا مَنزِلُكَ وما أعَدَّ اللَّهُ لَكَ لَوْ كُنْتَ أطَعْتَهُ فَيَزْدادُ حَسْرَةً وثُبُورًا، ثُمَّ يُقالُ: افْتَحُوا لَهُ بابًا إلى النّارِ فَيُفْتَحُ لَهُ بابٌ إلَيْها فَيُقالُ لَهُ: هَذا مَنزِلُكَ وما أعَدَّ اللَّهُ لَكَ فَيَزْدادُ حَسْرَةً وثُبُورًا» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «تَلا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ ) قالَ: ذاكَ إذا قِيلَ في القَبْرِ: مَن رَبُّكَ وما دِينُكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ ودِينِيَ الإسْلامُ ونَبِيِّي مُحَمَّدٌ ﷺ جاءَ بِالبَيِّناتِ مِن عِنْدِ اللَّهِ فَآمَنتُ بِهِ وصَدَقْتُ، فَيُقالُ لَهُ: صَدَقْتَ عَلى هَذا عِشْتَ وعَلَيْهِ مِتَّ وعَلَيْهِ تُبْعَثُ إنْ شاءَ اللَّهُ» . (p-٥٣١) وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ طاوُسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ) الآيَةَ، هي فِتْنَةُ القَبْرِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ أبِي الدَّنْيا وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ المُسَيَّبِ بْنِ رافِعٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ) الآيَةَ، قالَ: نَزَلَتْ في صاحِبِ القَبْرِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في الآيَةِ قالَ: نَزَلَتْ في المَيِّتِ الَّذِي يُسْألُ في قَبْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ) الآيَةَ، قالَ: هَذا في القَبْرِ ومُخاطَبَتِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ طاوُسٍ ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ ) قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ ( ﴿وفِي الآخِرَةِ﴾ ) قالَ المَسْألَةُ في القَبْرِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ ) .(p-٥٣٢) قالَ: أمّا الحَياةُ الدُّنْيا فَيُثَبِّتُهم بِالخَيْرِ والعَمَلِ الصّالِحِ. وأمّا قَوْلُهُ: ( ﴿وفِي الآخِرَةِ﴾ ) فَفي القَبْرِ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنِ البَراءِ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ في قَوْلِهِ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ﴾ ) قالَ: نَزَلَتْ في عَذابِ القَبْرِ يُقالُ لَهُ: مَن رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ ونَبِيِّي مُحَمَّدٌ ﷺ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ [إبراهيم»: ٢٧] ) . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ ) قالَ الشَّهادَةُ يُسْألُونَ عَنْها في قُبُورِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ. قِيلَ لِعِكْرِمَةَ: ما هو قالَ يُسْألُونَ عَنْ إيمانٍ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وأمْرِ التَّوْحِيدِ. قالَ: ( ﴿ويُضِلُّ اللَّهُ الظّالِمِينَ﴾ ) قالَ: عَنْ تِلْكَ الشَّهادَةِ، فَلا يَهْتَدُونَ أبَدًا. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ مُجاهِدٍ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ) الآيَةَ قالَ: نَزَلَتْ في عَذابِ القَبْرِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ في قَوْلِهِ تَعالى: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ) قالَ: هو المُؤْمِنُ في قَبْرِهِ عِنْدَ مِحْنَتِهِ يَأْتِيهِ (p-٥٣٣) مُمْتَحِناهُ فَيَقُولانِ: مَن رَبُّكَ وما دِينُكَ ومَن نَبِيُّكَ، فَيَقُولُ: اللَّهُ رَبِّي ودِينِيَ الإسْلامُ، فَيَقُولانِ: ثَبَّتَكَ اللَّهُ لِما يُحِبُّ ويَرْضى، ويُفْسِحانِ لَهُ في قَبْرِهِ مَدَّ البَصَرِ ويَفْتَحانِ لَهُ بابًا إلى الجَنَّةِ ويَقُولانِ: نَمْ قَرِيرَ العَيْنِ نَوْمَةَ الشّابِّ النّائِمِ الآمِنِ في خَيْرِ مَقِيلٍ، وفِيهِ نَزَلَتْ ( ﴿أصْحابُ الجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وأحْسَنُ مَقِيلا﴾ [الفرقان: ٢٤] ) . وأمّا الكافِرُ فَإنَّهُما يَقُولانِ: مَن رَبُّكَ وما دِينُكَ ومَن نَبِيُّكَ فَيَقُولُ: لا أدْرِي، فَيَقُولانِ: لا دَرَيْتَ ولا اهْتَدَيْتَ، فَيَضْرِبانِهِ بِسَوْطٍ مِنَ النّارِ تُذْعَرُ لَها كُلُّ دابَّةٍ ما خَلا الجِنَّ والإنْسَ ثُمَّ يَفْتَحانِ لَهُ بابًا إلى النّارِ ويُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتّى يَخْرُجَ دِماغُهُ مِن بَيْنِ أظْفارِهِ ولَحْمِهِ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إذا وُضِعَ المَيِّتُ في قَبْرِهِ جاءَهُ مَلَكانِ فَسَألاهُ فَقالا: كَيْفَ تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ الَّذِي كانَ بَيْنَ أظْهُرِكُمُ الَّذِي يُقالُ لَهُ مُحَمَّدٌ فَلَقَّنَهُ اللَّهُ الثَّباتَ وثَباتُ القَبْرِ خَمْسٌ: أنْ يَقُولَ العَبْدُ: رَبِّيَ اللَّهُ ودِينِيَ الإسْلامُ، ونَبِيِّي مُحَمَّدٌ أشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ ثُمَّ قالا لَهُ: اسْكُتْ فَإنَّكَ عِشْتَ مُؤْمِنًا ومِتَّ مُؤْمِنًا وتُبْعَثُ مُؤْمِنًا، ثُمَّ أرَياهُ مَنزِلَهُ مِنَ الجَنَّةِ يَتَلَأْلَأُ بِنُورِ عَرْشِ الرَّحْمَنِ» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ مِن طَرِيقِ قَتادَةَ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ العَبْدَ إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ وتَوَلّى (p-٥٣٤)عَنْهُ أصْحابُهُ: إنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعالِهِمْ يَأْتِيهِ مَلَكانِ فَيُقْعِدانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ - زادَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ: - الَّذِي كانَ بَيْنَ أظْهُرِكُمُ الَّذِي يُقالُ لَهُ مُحَمَّدٌ قالَ: فَأمّا المُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أشْهَدُ أنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ، فَيُقالُ لَهُ: انْظُرْ إلى مَقْعَدِكَ مِنَ النّارِ قَدْ أبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، قالَ النَّبِيُّ ﷺ: فَيَراهُما جَمِيعًا قالَ قَتادَةُ: وذُكِرَ لَنا أنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِراعًا ويُمْلَأُ عَلَيْهِ خَضِرًا. وأمّا المُنافِقُ والكافِرُ فَيُقالُ لَهُ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ فَيَقُولُ: لا أدْرِي كُنْتُ أقُولُ كَما يَقُولُ النّاسُ، فَيُقالُ لَهُ لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، ويُضْرَبُ بِمِطْراقٍ مِن حَدِيدٍ ضَرْبَةً فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُها مَن يَلِيهِ إلّا الثَّقَلَيْنِ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ وأبُو داوُدَ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في «عَذابِ القَبْرِ» عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلى في قُبُورِها وإنَّ المُؤْمِنَ إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ أتاهُ مَلَكٌ فَسَألَهُ: ما كُنْتَ تَعْبُدُ فَإنَّ اللَّهَ هَداهُ قالَ: كُنْتُ أعْبُدُ اللَّهَ، فَيُقالُ لَهُ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ فَيَقُولُ هو عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ، فَما يُسْألُ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَيَنْطَلِقُ إلى بَيْتٍ كانَ لَهُ في النّارِ فَيُقالُ لَهُ: هَذا بَيْتُكَ كانَ لَكَ في النّارِ ولَكِنَّ اللَّهَ عَصَمَكَ ورَحِمَكَ فَأبْدَلَكَ بَيْتًا في الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتّى أذْهَبَ فَأُبَشِّرَ أهْلِي، فَيُقالُ لَهُ: اسْكُنْ، وإنَّ الكافِرَ (p-٥٣٥)إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ أتاهُ مَلَكٌ فَيَنْتَهِرُهُ فَيَقُولُ لَهُ: ما كُنْتَ تَعْبُدُ فَيَقُولُ: لا أدْرِي، فَيَقالُ لَهُ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ فَيَقُولُ: كُنْتُ أقُولُ ما يَقُولُ النّاسُ، فَيَضْرِبُونَهُ بِمِطْراقٍ مِن حَدِيدٍ بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُها الخَلْقُ إلّا الثَّقَلَيْنِ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا والطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ» والبَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ ابْنِ الزُّبَيْرِ «أنَّهُ سَألَ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ فَتّانَيِ القَبْرِ فَقالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلى في قُبُورِها فَإذا أُدْخِلَ المُؤْمِنُ قَبْرَهُ وتَوَلّى عَنْهُ أصْحابُهُ جاءَهُ مَلَكٌ شَدِيدُ الِانَتِهارِ فَيَقُولُ لَهُ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ فَيَقُولُ المُؤْمِنُ: أقُولُ إنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وعَبْدُهُ، فَيَقُولُ لَهُ المَلَكُ: انْظُرْ إلى مَقْعَدِكَ الَّذِي كانَ مِنَ النّارِ قَدْ أنْجاكَ اللَّهُ مِنهُ وأبْدَلَهُ بِمَقْعَدِكَ الَّذِي تَرى مِنَ النّارِ مَقْعَدَكَ الَّذِي تَرى مِنَ الجَنَّةِ، فَيَراهُما كِلَيْهِما فَيَقُولُ المُؤْمِنُ: دَعُونِي أُبَشِّرْ أهْلِي، فَيُقالُ لَهُ: اسْكُنْ. وأمّا المُنافِقُ فَيُقْعَدُ إذا تَوَلّى عَنْهُ أهْلُهُ فَيُقالُ لَهُ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ فَيَقُولُ: لا أدْرِي، أقُولُ ما يَقُولُ النّاسُ، فَيُقالُ لَهُ: لا دَرَيْتَ، هَذا مَقْعَدُكَ الَّذِي كانَ لَكَ مِنَ الجَنَّةِ قَدْ أبْدَلَكَ اللَّهُ مَكانَهُ مَقْعَدَكَ مِنَ النّارِ، قالَ جابِرٌ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ في القَبْرِ عَلى ما ماتَ المُؤْمِنُ عَلى إيمانِهِ والمُنافِقُ عَلى نِفاقِهِ» . (p-٥٣٦) وأخْرَجَ ابْنُ أبِي عاصِمٍ في «السُّنَّةِ»، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ أبِي سُفْيانَ، عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إذا وُضِعَ المُؤْمِنُ في قَبْرِهِ أتاهُ مَلَكانِ فانَتَهَراهُ فَقامَ يَهُبُّ كَما يَهُبُّ النّائِمُ فَيُقالُ لَهُ: مَن رَبُّكَ فَيَقُولُ: اللَّهُ رَبِّي والإسْلامُ دِينِي ومُحَمَّدٌ ﷺ نَبِيِّي، فَيُنادِي مُنادٍ أنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأفْرِشُوهُ مِنَ الجَنَّةِ وألْبِسُوهُ مِنَ الجَنَّةِ فَيَقُولُ: دَعُونِي أُخْبِرْ أهْلِي، فَيُقالُ لَهُ: اسْكُنْ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في كِتابِ «عَذابِ القَبْرِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَيْفَ أنْتَ يا عُمَرُ إذا انْتُهِيَ بِكَ إلى الأرْضِ فَحُفِرَ لَكَ ثَلاثَةُ أذْرُعٍ وشِبْرٌ في ذِراعٍ وشِبْرٍ ثُمَّ أتاكَ مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ أسْوَدانِ يَجُرّانِ أشْعارَهُما كَأنَّ أصْواتَهُما الرَّعْدُ القاصِفُ وكَأنَّ أعْيُنَهُما البَرْقُ الخاطِفُ يَحْفِرانِ الأرْضَ بِأنْيابِهِما فَأجْلَساكَ فَزَعًا فَتَلْتَلاكَ وتَوَهَّلاكَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ وأنا يَوْمَئِذٌ عَلى ما أنا عَلَيْهِ (p-٥٣٧)قالَ: نَعَمْ، قالَ: أكْفِيكَهُما بِإذْنِ اللَّهِ يا رَسُولَ اللَّهِ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إنَّ المَيِّتَ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ ثُمَّ يُجْلَسُ فَيُقالُ لَهُ: مَن رَبُّكَ فَيَقُولُ اللَّهُ رَبِّي، ثُمَّ يُقالُ لَهُ: ما دِينُكَ فَيَقُولُ: الإسْلامُ، ثُمَّ يُقالُ لَهُ مَن نَبِيُّكَ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيُقالُ لَهُ: وما عِلْمُكَ فَيَقُولُ: عَرَفْتُهُ وآمَنتُ بِهِ وصَدَّقْتُ بِما جاءَ بِهِ مِنَ الكِتابِ، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ مَدَّ البَصَرِ ويُجْعَلُ رُوحُهُ مَعَ أرْواحِ المُؤْمِنِينَ» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: اسْمُ المَلَكَيْنِ اللَّذَيْنِ يَأْتِيانِ في القَبْرِ مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا والطَّبَرانِيُّ والآجُرِيُّ في الشَّرِيعَةِ، وابْنُ عَدِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَكَرَ فَتّانَيِ القَبْرِ فَقالَ عُمَرُ: أتُرَدُّ إلَيْنا عُقُولُنا يا رَسُولَ اللَّهِ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَعَمْ كَهَيْئَتِكُمُ اليَوْمَ، فَقالَ عُمَرُ بِفِيهِ الحَجَرُ» . (p-٥٣٨) وأخْرَجَ ابْنُ أبِي داوُدَ في «البَعْثِ» والحاكِمُ في «التّارِيخِ» والبَيْهَقِيُّ في «عَذابِ القَبْرِ» «عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَيْفَ أنْتَ إذا كُنْتَ في أرْبَعَةِ أذْرُعٍ في ذِراعَيْنِ ورَأيْتَ مُنْكَرًا ونَكِيرًا قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ وما مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ، قالَ: فَتّانا القَبْرِ يَبْحَثانِ الأرْضَ بِأنْيابِهِما ويَطَآنِ في أشْعارِهِما أصْواتُهُما كالرَّعْدِ القاصِفِ وأبْصارُهُما كالبَرْقِ الخاطِفِ، مَعَهُما مِرْزَبَّةٌ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِما أهْلُ مِنًى لَمْ يُطِيقُوا رَفْعَها هي أيْسَرُ عَلَيْهِما مِن عَصايَ هَذِهِ فامْتَحَناكَ فَإنْ تَعايَيْتَ أوْ تَلَوَّيْتَ ضَرْباكَ ضَرْبَةً تَصِيرُ بِها رَمادًا، قُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ وأنا عَلى حالَتِي هَذِهِ قالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: إذَنْ أكْفِيكَهُما» . وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، وابْنُ أبِي عاصِمٍ والآجُرِيُّ والبَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إذا قُبِرَ المَيِّتُ أتاهُ مَلَكانِ أسْوَدانِ أزْرَقانِ يُقالُ لِأحَدِهِما مُنْكِرٌ ولِلْآخَرِ نَكِيرٌ، فَيَقُولانِ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ فَيَقُولُ ما كانَ يَقُولُ: هو عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، فَيَقُولانِ: قَدْ كُنّا نَعْلَمُ أنَّكَ تَقُولُ هَذا، ثُمَّ (p-٥٣٩)يُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِراعًا في سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ فَيُقالُ لَهُ: نَمْ، فَيَقُولُ: أرْجِعُ إلى أهْلِي فَأُخْبِرُهم، فَيَقُولُونَ: نَمْ كَنَوْمَةِ العَرُوسِ الَّذِي لا يُوقِظُهُ إلّا أحَبُّ أهْلِهِ إلَيْهِ حَتّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِن مَضْجَعِهِ ذَلِكَ فَإنْ كانَ مُنافِقًا قالَ: سَمِعَتُ النّاسَ يَقُولُونَ فَقُلْتُ مِثْلَهُ لا أدْرِي، فَيَقُولُونَ: قَدْ كُنّا نَعْلَمُ أنَّكَ كُنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ، فَيُقالُ لِلْأرْضِ: التَئِمِي عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفُ أضْلاعُهُ فَلا يَزالُ فِيها مُعَذَّبًا حَتّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِن مَضْجَعِهِ ذَلِكَ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِعُمَرَ: كَيْفَ أنْتَ إذا رَأيْتَ مُنْكَرًا ونَكِيرًا قالَ: وما مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ قالَ: فَتّانا القَبْرِ أصْواتُهُما كالرَّعْدِ القاصِفِ وأبْصارُهُما كالبَرْقِ الخاطِفِ يَطَآنِ في أشْعارِهِما ويَحْفِرانِ بِأنْيابِهِما، مَعَهُما عَصًا مِن حَدِيدٍ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْها أهْلُ مِنًى لَمْ يُقِلُّوها» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ عَنْ أسْماءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ أنَّها سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «أنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إلَيَّ أنَّكم تُفْتَنُونَ في القُبُورِ فَيُقالُ ما عِلْمُكَ بِهَذا الرَّجُلِ فَأمّا المُؤْمِنُ أوالمُوقِنُ فَيَقُولُ: هو مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جاءَنا بِالبَيِّناتِ والهُدى فَأجَبْنا واتَّبَعْنا، فَيُقالُ لَهُ: قَدْ عَلِمْنا إنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا نَمْ (p-٥٤٠)صالِحًا. وأمّا المُنافِقُ أوِ المُرْتابُ فَيَقُولُ لا أدْرِي، سَمِعْتُ النّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ عَنْ أسْماءَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إذا دَخَلَ الإنْسانُ قَبْرَهُ فَإنْ كانَ مُؤْمِنًا أحَفَّ بِهِ عَمَلُهُ الصَّلاةُ والصِّيامُ، فَيَأْتِيهِ المَلَكُ مِن نَحْوِ الصَّلاةِ فَتَرُدُّهُ ومِن نَحْوِ الصِّيامِ فَيَرُدُّهُ فَيُنادِيهِ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ فَيَقُولُ لَهُ: ما تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ - يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ - قالَ مَن قالَ مُحَمَّدٌ قالَ أشْهَدُ أنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَيَقُولُ: وما يُدْرِيكَ أدْرَكْتَهُ قالَ: أشْهَدُ أنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَيَقُولُ: عَلى ذَلِكَ عِشْتَ وعَلَيْهِ مِتَّ وعَلَيْهِ تُبْعَثُ، وإنْ كانَ فاجِرًا أوْ كافِرًا جاءَهُ المَلَكُ ولَيْسَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ شَيْءٌ يَرُدُّهُ فَأجْلَسَهُ وقالَ: ما تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ قالَ: أيُّ رَجُلٍ قالَ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: واللَّهِ ما أدْرِي، سَمِعْتُ النّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ، فَيَقُولُ لَهُ المَلَكُ: عَلى ذَلِكَ عِشْتَ وعَلَيْهِ مِتَّ وعَلَيْهِ تُبْعَثُ، وتُسَلَّطُ عَلَيْهِ دابَّةٌ في قَبْرِهِ مَعَها سَوْطٌ ثَمَرَتُهُ جَمْرَةٌ مِثْلُ غَرْبِ البَعِيرِ تَضْرِبُهُ ما شاءَ اللَّهُ، لا تَسْمَعُ صَوْتَهُ فَتَرْحَمَهُ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ والبَيْهَقِيُّ «عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: جاءَتْ يَهُودِيَّةٌ فاسْتَطْعَمَتْ (p-٥٤١) عَلى بابِي فَقالَتْ: أطْعِمُونِي أعاذَكُمُ اللَّهُ مِن فِتْنَةِ الدَّجّالِ ومِن فِتْنَةِ عَذابِ القَبْرِ فَلَمْ أزَلْ أحْبِسُها حَتّى أتى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ ما تَقُولُ هَذِهِ اليَهُودِيَّةُ، قالَ: وما تَقُولُ قُلْتُ: تَقُولُ أعاذَكُمُ اللَّهُ مِن فِتْنَةِ الدَّجّالِ ومِن فِتْنَةِ عَذابِ القَبْرِ، فَقامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا يَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِن فِتْنَةِ الدَّجّالِ ومِن فِتْنَةِ عَذابِ القَبْرِ ثُمَّ قالَ: أمّا فِتْنَةُ الدَّجّالِ فَإنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إلّا قَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ وسَأُحَذِّرُكُمُوهُ بِحَدِيثٍ لَمْ يُحَدِّثْهُ نَبِيٌّ أُمَّتَهُ إنَّهُ أعْوَرُ واللَّهُ لَيْسَ بِأعْوَرَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ. وأمّا فِتْنَةُ القَبْرِ فَبِي تُفْتَنُونَ وعَنِّي تُسْألُونَ فَإذا كانَ الرَّجُلُ الصّالِحُ أُجْلِسَ في قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ ولا مَشْعُوفٍ ثُمَّ يُقالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ فَيَقُولُ: في الإسْلامِ فَيُقالُ: ما هَذا الرَّجُلُ الَّذِي كانَ فِيكم فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جاءَنا بِالبَيِّناتِ مِن عِنْدِ اللَّهِ فَصَدَّقْناهُ، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النّارِ فَيَنْظُرُ إلَيْها يَحْطِمُ بَعْضُها بَعْضًا فَيُقالُ لَهُ: انْظُرْ إلى ما وقاكَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ إلى الجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إلى زَهْرَتِها وما فِيها فَيُقالُ: هَذا مَقْعَدُكَ مِنها، ويُقالُ: عَلى اليَقِينِ كُنْتَ وعَلَيْهِ مِتَّ وعَلَيْهِ تُبْعَثُ إنْ شاءَ اللَّهُ، وإذا كانَ الرَّجُلُ السَّوْءُ جَلَسَ في (p-٥٤٢)قَبْرِهِ فَزِعًا مَشْعُوفًا فَيُقالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ فَيَقُولُ: لا أدْرِي، فَيُقالُ: ما هَذا الرَّجُلُ الَّذِي كانَ فِيكم فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا فَقُلْتُ كَما قالُوا فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ الجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إلى زَهْرَتِها وما فِيها فَيُقالُ: انْظُرْ إلى ما صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النّارِ فَيَنْظُرُ إلَيْها يَحْطِمُ بَعْضُها بَعْضًا ويُقالُ: هَذا مَقْعَدُكَ مِنها عَلى الشَّكِّ كُنْتَ وعَلَيْهِ مِتَّ وعَلَيْهِ تُبْعَثُ إنْ شاءَ اللَّهُ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ في «الزُّهْدِ» وأبُو نُعَيْمٍ في «الحِلْيَةِ»، عَنْ طاوُسٍ قالَ: إنَّ المَوْتى يُفْتَنُونَ في قُبُورِهِمْ سَبْعًا فَكانُوا يَسْتَحِبُّونَ أنْ يُطْعِمَ عَنْهم تِلْكَ الأيّامَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ في مُصَنَّفِهِ عَنِ الحارِثِ بْنِ أبِي الحارِثِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قالَ: يُفْتَنُ رَجُلانِ: مُؤْمِنٌ ومُنافِقٌ فَأمّا المُؤْمِنُ فَيُفْتَنُ سَبْعًا. وأمّا المُنافِقُ فَيُقْتَنُ أرْبَعِينَ صَباحًا. وأخْرَجَ ابْنُ شاهِينٍ في «السُّنَّةِ» عَنْ راشِدِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: «كانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: تَعَلَّمُوا حُجَّتَكم فَإنَّكم مَسْؤُولُونَ حَتّى إنْ كانَ أهْلُ البَيْتِ مِنَ الأنْصارِ يَحْضُرُ الرَّجُلَ مِنهُمُ المَوْتُ فَيُوصُونَهُ والغُلامُ إذا عَقَلَ فَيَقُولُونَ لَهُ: إذا (p-٥٤٣)سَألُوكَ: مَن رَبُّكَ فَقُلْ: اللَّهُ رَبِّي، وما دِينُكَ فَقُلِ الإسْلامُ دِينِي، ومَن نَبِيُّكَ فَقُلْ مُحَمَّدٌ» . وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ عَنْ أنَسٍ: «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وقَفَ عَلى قَبْرِ رَجُلٍ مِن أصْحابِهِ حِينَ فَرَغَ مِنهُ فَقالَ لَهُ: إنّا لِلَّهِ وإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ اللَّهُمَّ نَزَلَ بِكَ وأنْتَ خَيْرُ مَنزُولٍ بِهِ جافِ الأرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ وافْتَحْ أبْوابَ السَّماءِ لِرُوحِهِ واقْبَلْهُ مِنكَ بِقَبُولٍ حَسَنٍ وثَبِّتْ عِنْدَ المَسائِلِ مَنطِقَهُ» . وأخْرَجَ أبُو داوُدَ والحاكِمُ والبَيْهَقِيُّ عَنْ عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ قالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِجِنازَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وصاحِبُهُ يُدْفَنُ فَقالَ: اسْتَغْفِرُوا لِأخِيكم واسْألُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإنَّهُ الآنَ يُسْألُ» . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقِفُ عَلى القَبْرِ بَعْدَما يُسَوّى عَلَيْهِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ نَزَلَ بِكَ صاحِبُنا وخَلَّفَ الدُّنْيا خَلْفَ ظَهْرِهِ اللَّهُمَّ ثَبِّتْ عِنْدَ المَسْألَةِ مَنطِقَهُ ولا تَبْتَلِهِ في قَبْرِهِ بِما لا طاقَةَ لَهُ بِهِ» . (p-٥٤٤) وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مِندَهْ عَنْ أبِي أُمامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: «إذا ماتَ أحَدٌ مِن إخْوانِكم فَسَوَّيْتُمُ التُّرابَ عَلَيْهِ فَلْيَقُمْ أحَدُكم عَلى رَأْسِ قَبْرِهِ ثُمَّ لِيَقُلْ: يا فُلانُ ابْنَ فُلانَةَ فَإنَّهُ يَسْمَعُهُ ولا يُجِيبُ ثُمَّ يَقُولُ: يا فُلانُ ابْنَ فُلانَةَ فَإنَّهُ يَسْتَوِي قاعِدًا ثُمَّ يَقُولُ: يا فُلانُ ابْنَ فُلانَةَ فَإنَّهُ يَقُولُ: أرْشِدْنا رَحِمَكَ اللَّهُ ولَكِنْ لا تَشْعُرُونَ فَلْيَقُلْ: اذْكُرْ ما خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيا شَهادَةَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ وأنَّكَ رَضِيتَ بِاللَّهِ رَبًّا وبِالإسْلامِ دِينًا وبِمُحَمَّدٍ ﷺ نَبِيًّا وبِالقُرْآنِ إمامًا، فَإنَّ مُنْكَرًا ونَكِيرًا يَأْخُذُ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما بِيَدِ صاحِبِهِ ويَقُولُ: انْطَلِقْ بِنا ما نَقْعُدُ عِنْدَ مَن لُقِّنَ حُجَّتَهُ فَيَكُونُ حَجِيجَهُ دُونَهُما، قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ فَإنْ لَمْ يَعْرِفْ أُمَّهُ قالَ: يَنْسُبُهُ إلى حَوّاءَ يا فُلانُ ابْنَ حَوّاءَ» . وأخْرَجَ ابْنُ مِندَهْ عَنْ أبِي أُمامَةَ قالَ: إذا مِتُّ فَدَفَنْتُمُونِي فَلْيَقُمْ إنْسانٌ عِنْدَ رَأْسِي فَلْيَقُلْ: يا صُدَيُّ بْنَ عَجْلانَ اذْكُرْ ما كُنْتَ عَلَيْهِ في الدُّنْيا شَهادَةَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنْ راشِدِ بْنِ سَعْدٍ وضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ (p-٥٤٥) وحَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ قالُوا: إذا سُوِّيَ عَلى المَيِّتِ قَبْرُهُ وانْصَرَفَ النّاسُ عَنْهُ كانَ يُسْتَحَبُّ أنْ يُقالَ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ قَبْرِهِ: يا فُلانُ قُلْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ ثَلاثَ مَرّاتٍ يا فُلانُ قُلْ رَبِّيَ اللَّهُ ودِينِيَ الإسْلامُ ونَبِيِّي مُحَمَّدٌ ﷺ ثُمَّ يَنْصَرِفُ. وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في «نَوادِرِ الأُصُولِ» عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قالَ: كانُوا يَسْتَحِبُّونَ إذا وُضِعَ المَيِّتُ في اللَّحْدِ أنْ يُقُولُوا: اللَّهُمَّ أعِذْهُ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ. وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سُفْيانَ الثَّوْرِيِّ قالَ: إذا سُئِلَ المَيِّتُ مَن رَبُّكَ تَراءى لَهُ الشَّيْطانُ في صُورَةٍ فَيُشِيرُ إلى نَفْسِهِ إنِّي أنا رَبُّكَ. وأخْرَجَ النَّسائِيُّ عَنْ راشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ «أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ ما بالُ المُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ في قُبُورِهِمْ إلّا الشَّهِيدَ، قالَ: كَفى بِبارِقَةِ السُّيُوفِ عَلى رَأْسِهِ فِتْنَةً» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: «خَدَمَ رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ مِنَ الأشْعَرِيِّينَ (p-٥٤٦) سَبْعَ حِجَجٍ فَقالَ: إنَّ لِهَذا عَلَيْنا حَقًّا ادْعُوهُ فَلْيَرْفَعْ إلَيْنا حاجَتَهُ فَدَعَوْهُ فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ارْفَعْ إلَيْنا حاجَتَكَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي حَتّى أُصْبِحَ فَأسْتَخِيرَ اللَّهَ، فَلَمّا أصْبَحَ دَعاهُ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ أسْألُكَ الشَّفاعَةَ يَوْمَ القِيامَةِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ ) قالَ: فَأعِنِّي عَلى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أبِي شَبِيبٍ قالَ: أرَدْتُ الجُمُعَةَ في زَمانِ الحَجّاجِ فَتَهَيَّأْتُ لِلذَّهابِ وقُلْتُ: أيْنَ أذْهَبُ أصْلِي خَلْفَ هَذا فَقُلْتُ مَرَّةً أذْهَبُ ومَرَّةً لا أذْهَبُ فَنادانِي مُنادٍ مِن جِهَةِ البَيْتِ ( ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] ) قالَ: وجَلَسْتُ مَرَّةً أكْتُبُ كِتابًا فَعَرَضَ لِي شَيْءٌ إنْ أنا كَتَبْتُهُ زَيَّنَ كِتابِي وكُنْتُ قَدْ كَذَّبْتُ وإنْ أنا تَرَكْتُهُ كانَ في كِتابِي بَعْضُ القُبْحِ وكُنْتُ قَدْ صَدَقْتُ، فَقُلْتُ مَرَّةً أكْتُبُهُ وقُلْتُ مَرَّةً لا أكْتُبُهُ، فَأجْمَعَ رَأْيِي عَلى تَرْكِهِ فَتَرَكْتُهُ فَنادانِي مُنادٍ مِن جانِبِ البَيْتِ ( ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ ) .(p-٥٤٧)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب