الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ الآيَةَ
. (p-٤٦٧)
أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: قالَتْ قُرَيْشٌ حِينَ أُنْزِلَ ( ﴿وما كانَ لِرَسُولٍ أنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إلا بِإذْنِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣٨] ) ما نَراكَ يا مُحَمَّدُ تَمْلِكُ مِن شَيْءٍ ولَقَدْ فُرِغَ مِنَ الأمْرِ، فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَخْوِيفًا لَهم ووَعِيدًا لَهم ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ ) إنّا إنْ شِئْنا أحْدَثْنا لَهُ مِن أمْرِنا ما شِئْنا ويُحْدِثُ اللَّهُ في كُلِّ رَمَضانَ فَيَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ مِن أرْزاقِ النّاسِ ومَصائِبِهِمْ وما يُعْطِيهِمْ وما يَقْسِمُ لَهم.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ نَصْرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ ) قالَ: يَنْزِلُ اللَّهُ في كُلِّ شَهْرِ رَمَضانَ إلى سَماءِ الدُّنْيا يُدَبِّرُ أمْرَ السَّنَةِ إلى السَّنَةِ في لَيْلَةِ القَدْرِ فَيَمْحُو ما يَشاءُ ويُثْبِتُ إلّا الشِّقْوَةَ والسَّعادَةَ والحَياةَ والمَماتَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ﴾ ) هو الرَّجُلُ يَعْمَلُ الزَّمانَ بِطاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ يَعُودُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَيَمُوتُ عَلى ضَلالِهِ فَهو الَّذِي يَمْحُو والَّذِي يُثْبِتُ الرَّجُلُ يَعْمَلُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وقَدْ سَبَقَ لَهُ خَيْرٌ حَتّى يَمُوتَ وهو في طاعَةِ اللَّهِ.(p-٤٦٨)
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ ) قالَ: مِن أحَدِ الكِتابَيْنِ هُما كِتابانِ يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ مِن أحَدِهِما ويُثْبِتُ ( ﴿وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) أيْ جُمْلَةُ الكِتابِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّ لِلَّهِ لَوْحًا مَحْفُوظًا مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عامٍ مِن دُرَّةٍ بَيْضاءَ لَهُ دَفَّتانِ مِن ياقُوتٍ والدَّفَّتانِ لَوْحانِ لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاثٌ وسِتُّونَ لَحْظَةً يَمْحُو ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ والطَّبَرانِيُّ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ في ثَلاثِ ساعاتٍ يَبْقَيْنَ مِنَ اللَّيْلِ فَيَفْتَحُ الذِّكْرَ في السّاعَةِ الأُولى مِنها يَنْظُرُ في الذِّكْرِ الَّذِي لا يَنْظُرُ فِيهِ أحَدٌ غَيْرُهُ فَيَمْحُو ما يَشاءُ ويُثْبِتُ، ثُمَّ يَنْزِلُ في السّاعَةِ الثّانِيَةِ إلى جَنَّةِ عَدْنٍ وهي دارُهُ الَّتِي لَمْ تَرَها عَيْنٌ ولَمْ تَخْطُرْ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ لا يَسْكُنُها مِن بَنِي آدَمَ غَيْرُ ثَلاثَةٍ: النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ ثُمَّ يَقُولُ: طُوبى لِمَن دَخَلَكِ، ثُمَّ يَنْزِلُ في السّاعَةِ الثّالِثَةِ إلى السَّماءِ الدُّنْيا بِرُوحِهِ ومَلائِكَتِهِ فَتَنْتَفِضُ فَيَقُولُ: قُومِي (p-٤٦٩)
بِعِزَّتِي ثُمَّ يَطَّلِعُ إلى عِبادِهِ فَيَقُولُ: هَلْ مِن مُسْتَغْفِرٍ فَأغْفِرَ لَهُ هَلْ مِن داعٍ فَأُجِيبَهُ حَتّى يُصَلّى الفَجْرُ وذَلِكَ قَوْلُهُ: ( ﴿إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: ٧٨] ) يَقُولُ: يَشْهَدُهُ اللَّهُ ومَلائِكَةُ اللَّيْلِ ومَلائِكَةُ النَّهارِ» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ ) إلّا الشِّقْوَةَ والسَّعادَةَ والحَياةَ والمَوْتَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ الكَلْبِيِّ في الآيَةِ قالَ: «يَمْحُو مِنَ الرِّزْقِ ويَزِيدُ فِيهِ ويَمْحُو مِنَ الأجَلِ ويَزِيدُ فِيهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَن حَدَّثَكَ بِهَذا قالَ: أبُو صالِحٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئابٍ الأنْصارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ» ﷺ . (p-٤٧٠)
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ ) قالَ: ذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةِ القَدْرِ يَرْفَعُ ويَجْبُرُ ويَرْزُقُ غَيْرَ الحَياةِ والمَوْتِ والشَّقاوَةِ والسَّعادَةِ فَإنَّ ذَلِكَ لا يُبَدَّلُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، وابْنُ عَساكِرَ «عَنْ عَلِيٍّ أنَّهُ سَألَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ فَقالَ لَهُ لَأُقِرَّنَّ عَيْنَيْكَ بِتَفْسِيرِها ولَأُقِرَّنَّ عَيْنَ أُمَّتِي بَعْدِي بِتَفْسِيرِها الصَّدَقَةُ عَلى وجْهِها وبِرُّ الوالِدَيْنِ واصْطِناعُ المَعْرُوفِ يُحَوِّلُ الشَّقاءَ سَعادَةً ويَزِيدُ في العُمْرِ ويَقِي مُصارِعَ السُّوءِ» .
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لا يَنْفَعُ الحَذَرُ مِنَ القَدَرِ ولَكِنَّ اللَّهَ يَمْحُو بِالدُّعاءِ ما يَشاءُ مِنَ القَدَرِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبادٍ قالَ: العاشِرُ مِن رَجَبٍ هو يَوْمٌ يَمْحُو اللَّهُ فِيهِ ما يَشاءُ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ» عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبادٍ قالَ: لِلَّهِ أمْرٌ في كُلِّ لَيْلَةِ العاشِرِ مِن أشْهُرِ الحُرُمِ أمّا العَشْرُ مِنَ الأضْحى فَيَوْمُ النَّحْرِ. وأمّا العَشْرُ مِنَ المُحَرَّمِ فَيَوْمُ عاشُوراءَ. وأمّا العَشْرُ مِن رَجَبٍ فَفِيهِ ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ ) قالَ: ونَسِيتُ ما قالَ (p-٤٧١)
فِي ذِي القَعْدَةِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ أنَّهُ قالَ وهو يَطُوفُ بِالبَيْتِ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ كَتَبْتَ عَلَيَّ شَقاوَةً أوْ ذَنْبًا فامْحُهُ فَإنَّكَ تَمْحُو ما تَشاءُ وتُثْبِتُ وعِنْدَكَ أُمُّ الكِتابِ فاجْعَلْهُ سَعادَةً ومَغْفِرَةً.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في «المُصَنَّفِ»، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في الدُّعاءِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: ما دَعا عَبْدٌ قَطُّ بِهَذِهِ الدَّعَواتِ إلّا وسَّعَ اللَّهُ لَهُ في مَعِيشَتِهِ يا ذا المَنِّ ولا يُمَنُّ عَلَيْهِ يا ذا الجَلالِ والإكْرامِ يا ذا الطَّوْلِ لا إلَهَ إلّا أنْتَ ظَهِيرَ اللّاجِئِينَ وجارَ المُسْتَجِيرِينَ ومَأْمَنَ الخائِفِينَ إنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي في أُمِّ الكِتابِ شَقِيًّا فامْحُ عَنِّي اسْمَ الشَّقاءِ وأثْبِتْنِي عِنْدَكَ سَعِيدًا وإنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي عِنْدَكَ في أُمِّ الكِتابِ مَحْرُومًا مُقَتَّرًا عَلَيَّ رِزْقِي فامْحُ حِرْمانِي ويَسِّرْ رِزْقِي وأثْبِتْنِي عِنْدَكَ سَعِيدًا مُوَفَّقًا لِلْخَيْرِ فَإنَّكَ تَقُولُ في كِتابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) .(p-٤٧٢)
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ» عَنِ السّائِبِ بْنِ مَهْجانَ مِن أهْلِ الشّامِ - وكانَ قَدْ أدْرَكَ الصَّحابَةَ - قالَ: «لَمّا دَخَلَ عُمَرُ الشّامَ حَمِدَ اللَّهَ وأثْنى عَلَيْهِ ووَعَظَ وذَكَّرَ وأمَّرَ بِالمَعْرُوفِ ونَهى عَنِ المُنْكَرِ ثُمَّ قالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قامَ فِينا خَطِيبًا كَقِيامِي فِيكم فَأمَرَ بِتَقْوى اللَّهِ وصِلَةِ الرَّحِمِ وصَلاحِ ذاتِ البَيْنِ وقالَ: عَلَيْكم بِالجَماعَةِ فَإنَّ يَدَ اللَّهِ عَلى الجَماعَةِ وإنَّ الشَّيْطانَ مَعَ الواحِدِ وهو مِنَ الإثْنَيْنِ أبْعَدُ، لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأةٍ فَإنَّ الشَّيْطانَ ثالِثُهُما ومَن ساءَتْهُ سَيِّئَتُهُ وسَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ فَهو أمارَةُ المُسْلِمِ المُؤْمِنِ وأمارَةُ المُنافِقِ الَّذِي لا تَسُوءُهُ سَيِّئَتُهُ ولا تَسُرُّهُ حَسَنَتُهُ إنْ عَمِلَ خَيْرًا لَمْ يَرْجُ مِنَ اللَّهِ في ذَلِكَ ثَوابًا وإنْ عَمِلَ شَرًّا لَمْ يَخَفْ مِنَ اللَّهِ في ذَلِكَ الشَّرِّ عُقُوبَةً وأجْمِلُوا في طَلَبِ الدُّنْيا فَإنَّ اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ بِأرْزاقِكم وكُلٌّ سَيَتِمُّ لَهُ عَمَلُهُ الَّذِي كانَ عامِلًا اسْتَعِينُوا اللَّهَ عَلى أعْمالِكم فَإنَّهُ يَمْحُو ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ صَلّى اللَّهُ عَلى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ وعَلَيْهِ السَّلامُ ورَحْمَةُ اللَّهِ السَّلامُ عَلَيْكم، قالَ البَيْهَقِيُّ: هَذِهِ خُطْبَةُ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ عَلى أهْلِ الشّامِ أثَرَها عَنْ رَسُولِ اللَّهِ» ﷺ .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ والدَّيْلَمِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ أبُو رُومِيٍّ مِن شَرِّ أهْلِ زَمانِهِ وكانَ لا يَدَعُ شَيْئًا مِنَ المَحارِمِ إلّا ارْتَكَبَهُ وكانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: (p-٤٧٣)
لَئِنْ رَأيْتُ أبا رُومِيٍّ في بَعْضِ أزِقَّةِ المَدِينَةِ لَأضْرِبَنَّ عُنُقَهُ وإنَّ بَعْضَ أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ أتاهُ ضَيْفٌ لَهُ فَقالَ لِامْرَأتِهِ: اذْهَبِي إلى أبِي رُومِيٍّ فَخُذِي لَنا مِنهُ بِدِرْهَمٍ طَعامًا حَتّى يُيَسِّرَهُ اللَّهُ، فَقالَتْ لَهُ: إنَّكَ تَبْعَثُنِي إلى أبِي رُومِيٍّ وهو مِن أفْسَقِ أهْلِ المَدِينَةِ، فَقالَ: اذْهَبِي فَلَيْسَ عَلَيْكِ مِنهُ بَأْسٌ إنْ شاءَ اللَّهُ فانْطَلَقَتْ إلَيْهِ فَضَرَبَتْ عَلَيْهِ البابَ فَقالَ: مَن هَذا قالَتْ: فُلانَةُ، قالَ: ما كُنْتِ لَنا بِزَوّارَةٍ فَفَتَحَ لَها البابَ فَأخَذَها بِكَلامٍ رَفَثٍ ومَدَّ يَدَهُ إلَيْها فَأخَذَها رِعْدَةٌ شَدِيدَةٌ، فَقالَ لَها: ما شَأْنُكِ قالَتْ: إنَّ هَذا عَمَلٌ ما عَمِلْتُهُ قَطُّ، قالَ أبُو رُومِيٍّ: ثَكِلَتْ أبا رُومِيٍّ أُمُّهُ هَذا عَمَلٌ عَمِلَهُ مُنْذُ هو صَغِيرٌ لا تَأْخُذُهُ رِعْدَةٌ ولا يُبالِي عَلى أبِي رُومِيٍّ عَهْدُ اللَّهِ إنْ عادَ لِشَيْءٍ مِن هَذا أبَدًا فَلَمّا أصْبَحَ غَدا عَلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: مَرْحَبًا بِأبِي رُومِيٍّ وأخَذَ يُوَسِّعُ لَهُ بِالمَكانِ وقالَ لَهُ يا أبا رُومِيٍّ ما عَمِلْتَ البارِحَةَ فَقالَ: ما عَسى أنْ أعْمَلَ يا نَبِيَّ اللَّهِ أنا شَرُّ أهْلِ الأرْضِ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: إنَّ اللَّهَ قَدْ حَوَّلَ مَكْتَبَكَ إلى الجَنَّةِ، فَقالَ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ [الرعد»: ٣٩] ) .
وأخْرَجَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيانَ وأبُو نُعَيْمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ أبُو رُومِيٍّ مِن شَرِّ أهْلِ زَمانِهِ وكانَ لا يَدَعُ شَيْئًا مِنَ المَحارِمِ إلّا ارْتَكَبَهُ فَلَمّا أصْبَحَ غَدا عَلى النَّبِيِّ ﷺ فَلَمّا رَآهُ النَّبِيُّ ﷺ مِن بَعِيدٍ قالَ: مَرْحَبًا بِأبِي رُومِيٍّ وأخَذَ (p-٤٧٤)
يُوَسِّعُ لَهُ المَكانَ فَقالَ: يا أبا رُومِيٍّ ما عَمِلْتَ البارِحَةَ قالَ: ما عَسى أنْ أعْمَلَ يا نَبِيَّ اللَّهِ أنا شَرُّ أهْلِ الأرْضِ فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: إنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ مَكْتَبَكَ إلى الجَنَّةِ فَقالَ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ [الرعد»: ٣٩] ) .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ ) قالَ: إنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ في السَّنَةِ في لَيْلَةِ القَدْرِ فَيَمْحُو ما يَشاءُ مِنَ الآجالِ والأرْزاقِ والمَقادِيرِ إلّا الشَّقاءَ والسَّعادَةَ فَإنَّهُما ثابِتانِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مَنصُورٍ قالَ: سَألْتُ مُجاهِدًا فَقُلْتُ: أرَأيْتَ دُعاءَ أحَدِنا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنْ كانَ اسْمِي في السُّعَداءِ فَأثْبِتْهُ فِيهِمْ وإنْ كانَ في الأشْقِياءِ فامْحُهُ مِنهم واجْعَلْهُ في السُّعَداءِ، فَقالَ: حَسَنٌ، ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَوْلٍ أوْ أكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَسَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقالَ: ( ﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إنّا كُنّا مُنْذِرِينَ﴾ [الدخان: ٣] ﴿فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: ٤] ) قالَ: يَعْنِي في لَيْلَةِ القَدْرِ ما يَكُونُ في السَّنَةِ مِن رِزْقٍ أوْ مُصِيبَةٍ ثُمَّ يُقَدِّمُ ما يَشاءُ ويُؤَخِّرُ ما يَشاءُ، فَأمّا كِتابُ الشَّقاءِ والسَّعادَةِ فَهو ثابِتٌ لا يُغَيَّرُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ (p-٤٧٥)ويُثْبِتُ﴾ ) قالَ: إلّا الحَياةَ والمَوْتَ والشَّقاءَ والسَّعادَةَ فَإنَّهُما لا يَتَغَيَّرانِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ أبِي وائِلٍ قالَ: كانَ مِمّا يَكْثُرُ أنْ يَدْعُوَ بِهَؤُلاءِ الدَّعَواتِ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ كَتَبْتَنا أشْقِياءَ فامْحُنا واكْتُبْنا سُعَداءَ وإنْ كُنْتَ كَتَبْتَنا سُعَداءَ فَأثْبِتْنا فَإنَّكَ تَمْحُو ما تَشاءُ وتُثْبِتُ وعِنْدَكَ أُمُّ الكِتابِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ والطَّبَرانِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ كانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي في السُّعَداءِ فَأثْبِتْنِي في السُّعَداءِ وإنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي في الأشْقِياءِ فامْحُنِي مِنَ الأشْقِياءِ وأثْبِتْنِي في السُّعَداءِ فَإنَّكَ تَمْحُو ما تَشاءُ وتُثْبِتُ وعِنْدَكَ أُمُّ الكِتابِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ كَعْبٍ أنَّهُ قالَ لِعُمَرَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ لَوْلا آيَةٌ في كِتابِ اللَّهِ لَأنْبَأْتُكَ بِما هو كائِنٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، قالَ: وما هي قالَ: قَوْلُ اللَّهِ ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الضَّحّاكِ في الآيَةِ قالَ: يَقُولُ: أنْسَخُ ما شِئْتُ (p-٤٧٦)
وأصْنَعُ في الآجالِ ما شِئْتُ إنْ شِئْتُ زِدْتُ فِيها وإنْ شِئْتُ نَقَصْتُ ( ﴿وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) قالَ: جُمْلَةُ الكِتابِ وعِلْمُهُ يَعْنِي بِذَلِكَ ما يَنْسَخُ مِنهُ وما يُثْبِتُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في «المَدْخَلِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ ) قالَ: يُبَدِّلُ اللَّهُ ما يَشاءُ مِنَ القُرْآنِ فَيَنْسَخُهُ ويُثْبِتُ ما يَشاءُ فَلا يُبَدِّلُهُ ( ﴿وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) يَقُولُ: وجُمْلَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُ في أُمِّ الكِتابِ النّاسِخُ والمَنسُوخُ وما يُبَدِّلُ وما يُثْبِتُ كُلُّ ذَلِكَ في كِتابٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ ) قالَ: هي مِثْلُ قَوْلِهِ: ( ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنها أوْ مِثْلِها﴾ [البقرة: ١٠٦] ) وقَوْلُهُ: ( ﴿وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) أيْ جُمْلَةُ الكِتابِ وأصْلُهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في الآيَةِ قالَ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ (p-٤٧٧)ما يَشاءُ﴾ ): مِمّا يُنَزِّلُ عَلى الأنْبِياءِ ( ﴿ويُثْبِتُ﴾ ) ما يَشاءُ مِمّا يُنَزِّلُ عَلى الأنْبِياءِ ( ﴿وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) لا يُغَيَّرُ ولا يُبَدَّلُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ﴾ ) قالَ: يَنْسَخُ ( ﴿وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) قالَ: الذِّكْرُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ ) قالَ: يَمْحُو الآيَةَ بِالآيَةِ ( ﴿وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) قالَ: أصْلُ الكِتابِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ( ﴿لِكُلِّ أجَلٍ كِتابٌ﴾ [الرعد: ٣٨] ) قالَ: أجَلُ بَنِي آدَمَ في كِتابٍ ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ﴾ ) قالَ: مَن جاءَ أجَلُهُ ( ﴿ويُثْبِتُ﴾ ) قالَ: مَن لَمْ يَجِئْ أجَلُهُ بَعْدُ فَهو يَجْرِي إلى أجَلِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ في الآيَةِ قالَ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ﴾ ) رِزْقَ هَذا المَيِّتِ ( ﴿ويُثْبِتُ﴾ ) رِزْقَ هَذا المَخْلُوقِ الحَيِّ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ ) قالَ: يُثْبِتُ في البَطْنِ الشَّقاءَ والسَّعادَةَ وكُلَّ شَيْءٍ هو كائِنٌ فَيُقَدِّمُ مِنهُ ما يَشاءُ ويُؤَخِّرُ ما يَشاءُ.
وأخْرَجَ الحاكِمُ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأ ( يَمْحُو اللَّهُ ما (p-٤٧٨)يَشاءُ ويُثْبِتُ ) مُخَفَّفَةً» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) قالَ: الذِّكْرُ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ ( ﴿وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) قالَ: الذِّكْرُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَيّارٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ سَألَ كَعْبًا عَنْ أُمِّ الكِتابِ فَقالَ: عَلِمَ اللَّهُ ما هو خالِقٌ وما خَلْقُهُ عامِلُونَ، فَقالَ لِعِلْمِهِ: كُنْ كِتابًا، فَكانَ كِتابًا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ ( ﴿وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾ ) يَقُولُ: عِنْدَهُ الَّذِي لا يُبَدَّلُ.
{"ayah":"یَمۡحُوا۟ ٱللَّهُ مَا یَشَاۤءُ وَیُثۡبِتُۖ وَعِندَهُۥۤ أُمُّ ٱلۡكِتَـٰبِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











