الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ودَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿ودَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ﴾ ) قالَ: أحَدُهُما خازِنُ المَلِكِ عَلى طَعامِهِ والآخَرُ ساقِيهِ عَلى شَرابِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ قالَ: في قَوْلِهِ: ( ﴿ودَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ﴾ ) قالَ: غُلامانِ كانا لِلْمَلِكِ الأكْبَرِ الرَّيّانِ بْنِ الوَلِيدِ كانَ أحَدُهُما عَلى شَرابِهِ والآخَرُ عَلى بَعْضِ أمْرِهِ في سَخْطَةٍ سَخِطَها (p-٢٥٠) عَلَيْهِما اسْمُ أحَدِهِما مُجْلِثُ والآخَرُ نَبُو ونَبُو الَّذِي كانَ عَلى الشَّرابِ، فَلَمّا رَأياهُ قالا: يا فَتى واللَّهِ لَقَدْ أحْبَبْناكَ حِينَ رَأيْناكَ. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجاهِدٍ أنَّ يُوسُفَ قالَ لَهُما حِينَ قالا لَهُ ذَلِكَ: أنْشُدُكُما بِاللَّهِ أنْ لا تُحِبّانِي فَواللَّهِ ما أحَبَّنِي أحَدٌ قَطُّ إلّا دَخَلَ عَلَيَّ مِن حُبِّهِ بَلاءٌ، لَقَدْ أحَبَّتْنِي عَمَّتِي فَدَخَلَ عَلَيَّ مِن حُبِّها بَلاءٌ ثُمَّ أحَبَّنِي أبِي فَدَخَلَ عَلَيَّ بِحُبِّهِ بَلاءٌ ثُمَّ أحَبَّتْنِي زَوْجَةُ صاحِبَيِ هَذا فَدَخَلَ عَلَيَّ بِحُبِّها إيّايَ بَلاءٌ، فَلا تُحِبّانِي بارَكَ اللَّهُ فِيكُما فَأبَيا إلّا حُبَّهُ وإلْفَهُ حَيْثُ كانَ وجَعَلا يُعْجِبُهُما ما يَرَيانِ مِن فَهْمِهِ وعَقْلِهِ، وقَدْ كانا رَأيا حِينَ أُدْخِلا السِّجْنَ رُؤْيا فَرَأى مُجْلِثُ أنَّهُ يَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِهِ خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنهُ ورَأى نَبُو أنَّهُ يَعْصِرُ خَمْرًا فاسْتَفْتَياهُ فِيهِما وقالا لَهُ ( ﴿نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إنّا نَراكَ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ ) إنْ فَعَلْتَ فَقالَ لَهُما ( ﴿لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ﴾ [يوسف: ٣٧] ) يَقُولُ في نَوْمِكُما ( ﴿إلا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أنْ يَأْتِيَكُما﴾ [يوسف: ٣٧] ) ثُمَّ دَعاهُما إلى اللَّهِ وإلى الإسْلامِ فَقالَ: ( ﴿يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أأرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أمِ اللَّهُ الواحِدُ القَهّارُ﴾ [يوسف: ٣٩] ) أيْ (p-٢٥١) خَيْرٌ أنْ تَعْبُدُوا إلَهًا واحِدًا أمْ آلِهَةً مُتَفَرِّقَةً لا تُغْنِي عَنْكم شَيْئًا، ثُمَّ قالَ لِمُجْلِثَ: أمّا أنْتَ فَتُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَأْسِكَ، وقالَ لِنَبُوَ أمّا أنْتَ فَتُرَدُّ عَلى عَمَلِكَ ويَرْضى عَنْكَ صاحِبُكَ ( ﴿قُضِيَ الأمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ﴾ [يوسف: ٤١] ) . وأخْرَجَ وكِيعٌ في «الغُرَرِ» عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ قالَ: قالَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ: ما لَقِيَ أحَدٌ في الحُبِّ ما لَقِيتُ أحَبَّنِي أبِي فَأُلْقِيتُ في الجُبِّ وأحَبَّتْنِي امْرَأةُ العَزِيزِ فَأُلْقِيتُ في السِّجْنِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿إنِّي أرانِي أعْصِرُ خَمْرًا﴾ ) قالَ: عِنَبًا. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في «تارِيخِهِ»، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ قَرَأ ( إنِّي أرانِي أعْصِرُ عِنَبًا ) وقالَ: واللَّهِ لَقَدْ أخَذْتُها مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ هَكَذا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ( ﴿إنِّي أرانِي أعْصِرُ خَمْرًا﴾ ) يَقُولُ: أعْصِرُ عِنَبًا وهو بِلُغَةِ أهْلِ عُمانَ يُسَمُّونَ العِنَبَ خَمْرًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ ( ﴿نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ﴾ ) قالَ: (p-٢٥٢) عِبارَتِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ( ﴿إنِّي أرانِي أعْصِرُ خَمْرًا﴾ ) قالَ: هو بِلُغَةِ عُمانَ، وفي قَوْلِهِ: ( ﴿إنّا نَراكَ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ ) قالَ: كانَ إحْسانُهُ فِيما ذُكِرَ لَنا أنَّهُ كانَ يُعَزِّي حَزِينَهم ويُداوِي مَرِيضَهم ورَأوْا مِنهُ عِبادَةً واجْتِهادًا فَأحَبُّوهُ بِهِ وقالَ لَمّا انْتَهى يُوسُفُ إلى السِّجْنِ وجَدَ فِيهِ قَوْمًا قَدِ انْقَطَعَ رَجاؤُهم واشْتَدَّ بَلاؤُهم وطالَ حُزْنُهم فَجَعَلَ يَقُولُ: أبْشِرُوا اصْبِرُوا تُؤْجَرُوا إنَّ لِهَذا أجْرًا إنَّ لِهَذا ثَوابًا، فَقالُوا: يا فَتى بارَكَ اللَّهُ فِيكَ، ما أحْسَنَ وجْهَكَ وأحْسَنَ خَلْقَكَ وأحْسَنَ خُلُقَكَ، لَقَدْ بُورِكَ لَنا في جِوارِكَ ما نُحِبَّ أنّا كُنّا في غَيْرِ هَذا مُنْذُ حُبِسْنا لِما تُخْبِرُنا مِنَ الأجْرِ والكَفّارَةِ والطَّهارَةِ فَمَن أنْتَ يا فَتى، قالَ: أنا يُوسُفُ ابْنُ صَفِيِّ اللَّهِ يَعْقُوبَ ابْنِ ذَبِيحِ اللَّهِ إسْحاقَ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ وكانَتْ عَلَيْهِ مَحَبَّةٌ، وقالَ لَهُ عامِلُ السِّجْنِ: يا فَتى واللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْتُ لَخَلَّيْتُ سَبِيلَكَ ولَكِنْ سَأُحْسِنُ جِوارَكَ وأُحْسِنُ إسارَكَ فَكُنْ في أيِّ بُيُوتِ السِّجْنِ شِئْتَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: دَعا يُوسُفُ لِأهْلِ السِّجْنِ فَقالَ: (p-٢٥٣) اللَّهُمَّ لا تُعَمِّ عَلَيْهِمُ الأخْبارَ وهَوِّنْ عَلَيْهِمْ مَرَّ الأيّامِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ» عَنِ الضَّحّاكِ، أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ( ﴿إنّا نَراكَ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ ) ما كانَ إحْسانُ يُوسُفَ قالَ: كانَ إذا مَرِضَ إنْسانٌ في السِّجْنِ قامَ عَلَيْهِ وإذا ضاقَ عَلَيْهِ المَكانُ أوْسَعَ لَهُ، وإذا احْتاجَ جَمَعَ لَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب