الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ الآيَتَيْنِ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها﴾ ) قالَ: نَزَلَتْ في اليَهُودِ والنَّصارى. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ قالَ: قامَ رَجُلٌ إلى عَلِيٍّ فَقالَ: أخْبِرْنا عَنْ هَذِهِ الآيَةِ ( ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ ) إلى قَوْلِهِ: ( ﴿وباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ) قالَ: ويْحَكَ، ذاكَ مَن كانَ يُرِيدُ الدُّنْيا لا يُرِيدُ (p-٢٣) الآخِرَةَ. وأخْرَجَ النَّحّاسُ في «ناسِخِهِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ( ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ ) أيْ ثَوابَها ( ﴿وزِينَتَها﴾ ) مالَها ( ﴿نُوَفِّ إلَيْهِمْ﴾ ) نُوَفِّرْ لَهم ثَوابَ أعْمالِهِمْ بِالصِّحَّةِ والسُّرُورِ في الأهْلِ والمالِ والوَلَدِ ( ﴿وهم فِيها لا يُبْخَسُونَ﴾ ) لا يُنْقَصُونَ ثُمَّ نَسَخَها ( ﴿مَن كانَ يُرِيدُ العاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ﴾ [الإسراء: ١٨] ) الآيَةَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: مَن عَمِلَ صالِحًا التِماسَ الدُّنْيا صَوْمًا أوْ صَلاةً أوْ تَهَجُّدًا بِاللَّيْلِ لا يَعْمَلُهُ إلّا لِالتِماسِ الدُّنْيا يَقُولُ اللَّهُ: أُوَفِّيهِ الَّذِي التَمَسَ في الدُّنْيا مِنَ المَثابَةِ وحَبِطَ عَمَلُهُ الَّذِي كانَ يَعْمَلُ وهو في الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وهَنّادٌ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ ) قالَ: هو الرَّجُلُ يَعْمَلُ العَمَلَ لِلدُّنْيا لا يُرِيدُ بِهِ اللَّهَ.(p-٢٤) وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ في الآيَةِ قالَ: نَزَلَتْ في أهْلِ الشِّرْكِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في الآيَةِ قالَ: هم أهْلُ الرِّياءِ. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ» عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «أوَّلُ مَن يُدْعى يَوْمَ القِيامَةِ رَجُلٌ جَمَعَ القُرْآنَ يَقُولُ اللَّهُ تَعالى لَهُ: ألَمْ أُعَلِّمْكَ ما أنْزَلْتُ عَلى رَسُولِي فَيَقُولُ: بَلى يا رَبِّ، فَيَقُولُ: فَماذا عَمِلْتَ فِيما عَلَّمْتُكَ فَيَقُولُ: يا رَبِّ كُنْتُ أقُومُ بِهِ آناءَ اللَّيْلِ وآناءَ والنَّهارِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: كَذَبْتَ، وتَقُولُ المَلائِكَةُ: كَذَبْتَ ويَقُولُ اللَّهُ لَهُ: بَلْ أرَدْتَ أنْ يُقالَ فُلانٌ قارِئٌ فَقَدْ قِيلَ اذْهَبْ فَلَيْسَ لَكَ اليَوْمَ عِنْدَنا شَيْءٌ ثُمَّ يُدْعى صاحِبُ المالِ فَيَقُولُ اللَّهُ: عَبْدِي ألَمْ أُنْعِمْ عَلَيْكَ ألَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ فَيَقُولُ: بَلى يا رَبِّ، فَيَقُولُ: فَماذا عَمِلْتَ فِيما آتَيْتُكَ فَيَقُولُ: يا رَبِّ كُنْتُ أصِلُ الأرْحامَ وأتَصَدَّقُ وأفْعَلُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: كَذَبْتَ بَلْ أرَدْتَ أنْ يُقالَ فُلانٌ جَوادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ اذْهَبْ فَلَيْسَ لَكَ اليَوْمَ عِنْدَنا شَيْءٌ، ويُدْعى المَقْتُولُ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: عَبْدِي فِيمَ قُتِلْتَ فَيَقُولُ: يا رَبِّ فِيكَ وفي سَبِيلِكَ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: كَذَبْتَ وتَقُولُ المَلائِكَةُ: كَذَبْتَ بَلْ أرَدْتَ أنْ يُقالَ فُلانٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ اذْهَبْ فَلَيْسَ لَكَ اليَوْمَ عِنْدَنا شَيْءٌ، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (p-٢٥) أُولَئِكَ الثَّلاثَةُ شَرُّ خَلْقِ اللَّهِ يُسَعَّرُ بِهِمُ النّارُ يَوْمَ القِيامَةِ، فَحُدِّثَ مُعاوِيَةُ بِهَذا الحَدِيثِ فَبَكى، وقالَ صَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ، ( ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها﴾ إلى قَوْلِهِ: ( ﴿وباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [هود»: ١٦] ) . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ» عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ صارَتْ أُمَّتِي ثَلاثَ فِرَقٍ، فِرْقَةٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ خالِصًا: وفِرْقَةٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ رِياءً وفِرْقَةٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ يُصِيبُونَ بِهِ دُنْيا فَيَقُولُ لِلَّذِي كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ لِلدُّنْيا: بِعِزَّتِي وجَلالِي ما أرَدْتَ بِعِبادَتِي فَيَقُولُ: الدُّنْيا، فَيَقُولُ: لا جَرَمَ لا يَنْفَعُكَ ما جَمَعْتَ ولا تَرْجِعُ إلَيْهِ انْطَلِقُوا بِهِ إلى النّارِ ويَقُولُ لِلَّذِي يَعْبُدُ اللَّهَ رِياءً: بِعِزَّتِي وجَلالِي ما أرَدْتَ بِعِبادَتِي قالَ: الرِّياءَ، فَيَقُولُ: إنَّما كانَتْ عِبادَتُكَ الَّتِي كُنْتَ تُرائِي بِها لا يَصْعَدُ إلَيَّ مِنها شَيْءٌ ولا يَنْفَعُكَ اليَوْمَ انْطَلِقُوا بِهِ إلى النّارِ ويَقُولُ لِلَّذِي يَعْبُدُ اللَّهَ خالِصًا: بِعِزَّتِي وجَلالِي ما أرَدْتَ بِعِبادَتِي فَيَقُولُ: بِعِزَّتِكَ وجَلالِكَ لَأنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي كُنْتُ أعْبُدُكَ لِوَجْهِكَ ولِدارِكَ، قالَ: صَدَقَ عَبْدِي انْطَلِقُوا بِهِ إلى الجَنَّةِ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ» عَنْ عَدِيِّ بْنِ حاتِمٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُؤْتى يَوْمَ القِيامَةِ بِناسٍ مِنَ النّاسِ إلى الجَنَّةِ حَتّى إذا دَنَوْا مِنها اسْتَنْشَقُوا (p-٢٦)رائِحَتَها ونَظَرُوا إلى قُصُورِها وإلى ما أعَدَّ اللَّهُ لِأهْلِها فِيها فَيَقُولُونَ: يا رَبَّنا لَوْ أدْخَلْتَنا النّارَ قَبْلَ أنْ تُرِيَنا ما أرَيْتَنا مِنَ الثَّوابِ وما أعْدَدْتَ فِيها لِأُولَئِكَ كانَ أهْوَنَ، قالَ: ذاكَ أرَدْتُ بِكم كُنْتُمْ إذا خَلَوْتُمْ بارَزْتُمُونِي بِالعَظِيمِ وإذا لَقِيتُمُ النّاسَ لَقِيتُمُوهم مُخْبِتِينَ ولَمْ تُجِلُّونِي وتَرَكْتُمْ لِلنّاسِ ولَمْ تَتْرُكُوا لِي فاليَوْمَ أُذِيقُكُمُ العَذابَ الألِيمَ مَعَ ما حُرِمْتُمْ مِنَ الثَّوابِ» . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ( ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعْمالَهم فِيها وهم فِيها لا يُبْخَسُونَ﴾ ) قالَ: يُؤْتَوْنَ ثَوابَ ما عَمِلُوا في الدُّنْيا ولَيْسَ لَهم في الآخِرَةِ مِن شَيْءٍ وقالَ: هَذِهِ مِثْلُ الآيَةِ الَّتِي في الرُّومِ ( ﴿وما آتَيْتُمْ مِن رِبًا لِيَرْبُوَ في أمْوالِ النّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الروم: ٣٩] ) . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ ( ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها﴾ ) الآيَةَ، يَقُولُ: مَن كانَتِ الدُّنْيا هَمَّهُ وسَدَمَهُ وطَلِبَتَهُ ونِيَّتَهُ وحاجَتَهُ جازاهُ اللَّهُ بِحَسَناتِهِ في الدُّنْيا ثُمَّ يُفْضِي إلى الآخِرَةِ لَيْسَ لَهُ فِيها حَسَنَةٌ وأمّا المُؤْمِنُ فَيُجازى بِحَسَناتِهِ في الدُّنْيا ويُثابُ عَلَيْها في الآخِرَةِ ( ﴿وهم فِيها لا يُبْخَسُونَ﴾ ) أيْ لا يُظْلَمُونَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ ( ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ ) قالَ: مَن عَمِلَ لِلدُّنْيا لا يُرِيدُ بِهِ اللَّهَ وفّاهُ اللَّهُ ذَلِكَ العَمَلَ في الدُّنْيا أجْرَ ما عَمِلَ، (p-٢٧) فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ( ﴿نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعْمالَهم فِيها وهم فِيها لا يُبْخَسُونَ﴾ ) أيْ لا يُنْقَصُونَ أيْ يُعْطَوْا مِنها أجْرَ ما عَمِلُوا. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرانَ قالَ: مَن كانَ يُرِيدُ أنْ يَعْلَمَ ما مَنزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَنْظُرْ في عَمَلِهِ فَإنَّهُ قادِمٌ عَلى عَمَلِهِ كائِنًا ما كانَ ولا عَمِلَ مُؤْمِنٌ ولا كافِرٌ مِن عَمَلٍ صالِحٍ إلّا جَزاهُ اللَّهُ بِهِ فَأمّا المُؤْمِنُ فَيَجْزِيهِ بِهِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ بِما شاءَ وأمّا الكافِرُ فَيَجْزِيهِ في الدُّنْيا ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ ) مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها ) . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ( ﴿نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعْمالَهُمْ﴾ ) قالَ: طَيِّباتُهم. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ( ﴿نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعْمالَهم فِيها﴾ ) قالَ: نُعَجِّلُ لَهم كُلَّ طَيِّبَةٍ لَهم فِيها وهم لا يُظْلَمُونَ بِما لَمْ يُعَجَّلُوا مِن طَيِّباتِهِمْ لَمْ يَظْلِمْهم لِأنَّهم لَمْ يَعْلَمُوا إلّا لِلدُّنْيا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعْمالَهم فِيها﴾ ) قالَ: نُعَجِّلٌ لِمَن لا يُتَقَبَّلُ مِنهُ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ( ﴿وحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها﴾ ) قالَ: حَبِطَ ما عَمِلُوا مِن خَيْرٍ وبَطَلَ في الآخِرَةِ لَيْسَ لَهم فِيها جَزاءٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي مالِكٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿وحَبِطَ﴾ ) يَعْنِي بَطَلَ.(p-٢٨) وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أنَّهُ قَرَأ ( وباطِلًا ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب