الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأمّا الَّذِينَ شَقُوا﴾ الآيَتَيْنِ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: هاتانِ مِنَ المُخَبَّآتِ قَوْلُ اللَّهِ ( ﴿فَمِنهم شَقِيٌّ وسَعِيدٌ﴾ [هود: ١٠٥] ) و( ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا﴾ [المائدة: ١٠٩] ) أمّا قَوْلُهُ: ( ﴿فَمِنهم شَقِيٌّ وسَعِيدٌ﴾ [هود: ١٠٥] ) فَهم قَوْمٌ مِن أهْلِ الكَبائِرِ مِن أهْلِ هَذِهِ القِبْلَةِ يُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ بِالنّارِ ما شاءَ بِذُنُوبِهِمْ ثُمَّ يَأْذَنُ في الشَّفاعَةِ لَهم فَيَشْفَعُ لَهُمُ المُؤْمِنُونَ فَيُخْرِجُهم مِنَ النّارِ فَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ فَسَمّاهم أشْقِياءَ حِينَ عَذَّبَهم في النّارِ ( ﴿فَأمّا الَّذِينَ شَقُوا فَفي النّارِ لَهم فِيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ﴾ ﴿خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ ) حِينَ أذِنَ في الشَّفاعَةِ لَهم وأخْرَجَهم مِنَ النّارِ وأدْخَلَهُمُ الجَنَّةَ (p-١٤١) وهم هم ( ﴿وأمّا الَّذِينَ سُعِدُوا﴾ ) يَعْنِي بَعْدَ الشَّقاءِ الَّذِي كانُوا فِيهِ ( ﴿فَفِي الجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ ) يَعْنِي الَّذِينَ كانُوا في النّارِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ قَتادَةَ، أنَّهُ تَلا هَذِهِ الآيَةَ ( ﴿فَأمّا الَّذِينَ شَقُوا﴾ ) فَقالَ: حَدَّثَنا أنَسٌ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النّارِ ولا نَقُولُ كَما قالَ أهْلُ حَرُوراءَ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ جابِرٍ قالَ: «قَرَأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( ﴿فَأمّا الَّذِينَ شَقُوا﴾ ) إلى قَوْلِهِ: ( ﴿إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ ) قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إنْ شاءَ اللَّهُ أنْ يُخْرِجَ أُناسًا مِنَ الَّذِينَ شَقُوا مِنَ النّارِ فَيُدْخِلَهُمُ الجَنَّةَ فَعَلَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ خالِدِ بْنِ مَعْدانَ في قَوْلِهِ: ( ﴿إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ ) قالَ: إنَّها في أهْلِ التَّوْحِيدِ مِن أهْلِ القِبْلَةِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ الضَّحّاكِ ( ﴿إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ ) قالَ: إلّا ما اسْتَثْنى مِن أهْلِ القِبْلَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ الضُّرَيْسِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ والطَّبَرانِيُّ والبَيْهَقِيُّ في «الأسْماءِ والصِّفاتِ» عَنْ أبِي نَضْرَةَ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأنْصارِيِّ أوْ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أوْ رَجُلٍ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ (p-١٤٢) فِي قَوْلِهِ: ( ﴿إلا ما شاءَ رَبُّكَ إنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾ ) قالَ: هَذِهِ الآيَةُ قاضِيَةٌ عَلى القُرْآنِ كُلِّهِ يَقُولُ: حَيْثُ كانَ في القُرْآنِ ( ﴿خالِدِينَ فِيها﴾ ) تَأْتِي عَلَيْهِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ والبَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي نَضْرَةَ قالَ: يَنْتَهِي القُرْآنُ كُلُّهُ إلى هَذِهِ الآيَةِ ( ﴿إنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾ ) . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ( ﴿وأمّا الَّذِينَ سُعِدُوا﴾ ) الآيَةَ، قالَ: هو في الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنَ النّارِ فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ يَقُولُ: ( ﴿خالِدِينَ﴾ ) في الجَنَّةِ ( ﴿ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ ) يَقُولُ: إلّا ما مَكَثُوا في النّارِ حَتّى أُدْخِلُوا الجَنَّةَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ سِنانٍ قالَ: اسْتَثْنى في أهْلِ التَّوْحِيدِ ثُمَّ قالَ: ( ﴿عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ ) . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ﴾ ) قالَ: لِكُلِّ جَنَّةٍ سَماءٌ وأرْضٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ( ﴿ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ﴾ ) قالَ: سَماءُ الجَنَّةِ وأرْضُها. ٥٠ (p-١٤٣) وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ( ﴿ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ﴾ ) قالَ: تُبَدَّلُ سَماءٌ غَيْرُ هَذِهِ السَّماءِ وأرْضٌ غَيْرُ هَذِهِ الأرْضِ فَما دامَتْ تِلْكَ السَّماءُ وتِلْكَ الأرْضُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ أخَذَ اللَّهُ السَّماواتِ السَّبْعَ والأرَضِينَ السَّبْعَ فَطَهَّرَهُنَّ مِن كُلِّ قَذَرٍ ودَنَسٍ فَصَيَّرَهُنَّ أرْضًا بَيْضاءَ فِضَّةً نُورًا تَلَأْلَأُ فَصَيَّرَهُنَّ أرْضًا لِلْجَنَّةِ والسَّماواتُ والأرْضُ اليَوْمَ في الجَنَّةِ كالجَنَّةِ في الدُّنْيا فَصَيَّرَهُنَّ اللَّهُ عَلى عَرْضِ الجَنَّةِ ويَضَعُ الجَنَّةَ عَلَيْها وهي اليَوْمَ عَلى أرْضٍ زَعْفَرانِيَّةٍ عَنْ يَمِينِ العَرْشِ فَأهْلُ الشِّرْكِ خالِدِينَ في جَهَنَّمَ ما دامَتْ أرْضًا لِلْجَنَّةِ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «البَعْثِ والنُّشُورِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ ) قالَ: فَقَدْ شاءَ رَبُّكَ أنْ يَخَلِّدَ هَؤُلاءِ في النّارِ وأنْ يُخَلِّدَ هَؤُلاءِ في الجَنَّةِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ( ﴿فَأمّا الَّذِينَ شَقُوا﴾ ) الآيَةَ قالَ: فَجاءَ بَعْدَ ذَلِكَ مِن مَشِيئَةِ اللَّهِ ما نَسَخَها فَأُنْزِلَ بِالمَدِينَةِ ( ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهم ولا لِيَهْدِيَهم طَرِيقًا﴾ [النساء: ١٦٨] ) إلى آخِرِ الآيَةِ، فَذَهَبَ الرَّجاءُ لِأهْلِ النّارِ أنْ يَخْرُجُوا مِنها وأوْجَبَ لَهم خُلُودَ الأبَدِ، وقَوْلُهُ: ( ﴿وأمّا الَّذِينَ سُعِدُوا﴾ ) الآيَةَ، قالَ: فَجاءَ بَعْدَ ذَلِكَ مِن مَشِيئَةِ اللَّهِ ما نَسَخَها فَأُنْزِلَ بِالمَدِينَةِ ( ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ (p-١٤٤)سَنُدْخِلُهم جَنّاتٍ﴾ [النساء: ٥٧] ) إلى قَوْلِهِ: ( ﴿ظِلا ظَلِيلا﴾ [النساء: ٥٧] ) فَأوْجَبَ لَهم خُلُودَ الأبَدِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ ) قالَ: اسْتَثْنى اللَّهُ أمْرَ النّارِ أنْ تَأْكُلَهم. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: قالَ عُمَرُ لَوْ لَبِثَ أهْلُ النّارِ في النّارِ كَقَدْرِ رَمْلِ عالِجٍ لَكانَ لَهم يَوْمٌ عَلى ذَلِكَ يَخْرُجُونَ فِيهِ. وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ راهُوَيْهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: سَيَأْتِي عَلى جَهَنَّمَ يَوْمٌ لا يَبْقى فِيها أحَدٌ وقَرَأ ( ﴿فَأمّا الَّذِينَ شَقُوا﴾ ) الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ إبْراهِيمَ قالَ: ما في القُرْآنِ آيَةٌ أرْجى لِأهْلِ النّارِ مِن هَذِهِ الآيَةِ ( ﴿خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ ) قالَ: وقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْها زَمانٌ تَخْفِقُ أبْوابُها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: جَهَنَّمُ أسْرَعُ الدّارَيْنِ عُمْرانًا وأسْرَعُهُما خَرابًا. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ( ﴿إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ ) قالَ: اللَّهُ أعْلَمُ بِثُنْيَتِهِ عَلى ما وقَعَتْ.(p-١٤٥) وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قالَ: قَدْ أخْبَرَ اللَّهُ بِالَّذِي شاءَ لِأهْلِ الجَنَّةِ فَقالَ: ( ﴿عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ ) ولَمْ يُخْبِرْنا بِالَّذِي يَشاءُ لِأهْلِ النّارِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أبِي وائِلٍ، أنَّهُ كانَ إذا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ مِنَ القُرْآنِ قالَ: قَدْ أصابَ اللَّهُ بِهِ الَّذِي أرادَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في «البَعْثِ والنُّشُورِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿لَهم فِيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ﴾ ) قالَ: الزَّفِيرُ الصَّوْتُ الشَّدِيدُ في الحَلْقِ والشَّهِيقُ الصَّوْتُ الضَّعِيفُ في الصَّدْرِ، وفي قَوْلِهِ: ( ﴿غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ ) قالَ: غَيْرَ مَقْطُوعٍ، وفي لَفْظٍ: غَيْرَ مُنْقَطِعٍ. وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ في «الوَقْفِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: ( ﴿لَهم فِيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ﴾ ) ما الزَّفِيرُ قالَ: زَفِيرٌ كَزَفِيرِ الحِمارِ، قالَ فِيهِ أوْسُ بْنُ حَجَرٍ: ؎ولا عُذْرَ إنْ لاقَيْتَ أسْماءَ بَعْدَها فَيُغْشى عَلَيْنا إنْ فَعَلْتَ وتُعْذَرُ ؎فَتُخْبِرُها أنْ رُبَّ يَوْمٍ وقَفْتَهُ ∗∗∗ عَلى هِضْباتِ السَّفْحِ تَبْكِي وتَزْفِرُ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب