الباحث القرآني

﴿إنَّما النَّسِيءُ﴾ أيْ تَأْخِيرُ حُرْمَةِ الشَّهْرِ إلى شَهْرٍ آخَرَ، كانُوا إذا جاءَ شَهْرٌ حَرامٌ وهم مُحارِبُونَ أحَلُّوهُ وحَرَّمُوا مَكانَهُ شَهْرًا آخَرَ حَتّى رَفَضُوا خُصُوصَ الأشْهُرِ واعْتَبَرُوا مُجَرَّدَ العَدَدِ، وعَنْ نافِعٍ بِرِوايَةِ ورْشٍ (إنَّما النَّسِيُّ) بِقَلْبِ الهَمْزَةِ ياءً وإدْغامِ الياءِ فِيها. وقُرِئَ « النَّسِي» بِحَذْفِها و « النَّسْءُ» و « النَّساءُ» وثَلاثَتُها مَصادِرُ نَسَأهُ إذا أخَّرَهُ. ﴿زِيادَةٌ في الكُفْرِ﴾ لِأنَّهُ تَحْرِيمُ ما أحَلَّهُ اللَّهُ وتَحْلِيلُ ما حَرَّمَهُ اللَّهُ فَهو كَفْرٌ آخَرُ ضَمُّوهُ إلى كَفْرِهِمْ. ﴿يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ضَلالًا زائِدًا. وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وحَفْصٌ ﴿يُضَلُّ﴾ عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ، وعَنْ يَعْقُوبَ (يُضِلُّ) عَلى أنَّ الفِعْلَ لِلَّهِ تَعالى. ﴿يُحِلُّونَهُ عامًا﴾ يُحِلُّونَ المَنسِيَّ مِنَ الأشْهُرِ الحُرُمِ سَنَةً ويُحَرِّمُونَ مَكانَهُ شَهْرًا آخَرَ. ﴿وَيُحَرِّمُونَهُ عامًا﴾ فَيَتْرُكُونَهُ عَلى حُرْمَتِهِ. قِيلَ: أوَّلُ مَن أحْدَثَ ذَلِكَ جَنادَةُ بْنُ عَوْفٍ الكِنانِيُّ كانَ يَقُومُ عَلى جَمَلٍ في المَوْسِمِ فَيُنادِي: إنَّ آلِهَتَكم قَدْ أحَلَّتْ لَكُمُ المُحَرَّمَ فَأحِلُّوهُ ثُمَّ يُنادِي في القَبائِلِ إنَّ آلِهَتَكم قَدْ حَرَّمَتْ عَلَيْكُمُ المُحَرَّمَ فَحَرِّمُوهُ. والجُمْلَتانِ تَفْسِيرٌ لِلضَّلالِ أوْ حالٌ. ﴿لِيُواطِئُوا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ﴾ أيْ لِيُوافِقُوا عِدَّةَ الأرْبَعَةِ المُحَرَّمَةِ، واللّامُ مُتَعَلِّقَةٌ (p-81)بِيُحَرِّمُونَهُ أوْ بِما دَلَّ عَلَيْهِ مَجْمُوعُ الفِعْلَيْنِ ﴿فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ﴾ بِمُواطَأةِ العِدَّةِ وحْدَها مِن غَيْرِ مُراعاةِ الوَقْتِ. ﴿زُيِّنَ لَهم سُوءُ أعْمالِهِمْ﴾ وقُرِئَ عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ وهو اللَّهُ تَعالى، والمَعْنى خَذَلَهم وأضَلَّهم حَتّى حَسِبُوا قَبِيحَ أعْمالِهِمْ حَسَنًا. ﴿واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الكافِرِينَ﴾ هِدايَةً مُوَصِّلَةً إلى الِاهْتِداءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب