الباحث القرآني

﴿وَقالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ إنَّما قالَهُ بَعْضُهم مِن مُتَقَدِّمِيهِمْ أوْ مِمَّنْ كانُوا بِالمَدِينَةِ، وإنَّما قالُوا ذَلِكَ لِأنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِمْ بَعْدَ وقْعَةِ بَخْتُنَصَّرَ مَن يَحْفَظُ التَّوْراةَ، وهو لَمّا أحْياهُ اللَّهُ بَعْدَ مِائَةِ عامٍ أمْلى عَلَيْهِمُ التَّوْراةَ حِفْظًا فَتَعَجَّبُوا مِن ذَلِكَ وقالُوا: ما هَذا إلّا أنَّهُ ابْنُ اللَّهِ. والدَّلِيلُ عَلى أنَّ هَذا القَوْلَ كانَ فِيهِمْ أنَّ الآيَةَ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُكَذِّبُوا مَعَ تَهالُكِهِمْ عَلى التَّكْذِيبِ. وقَرَأ عاصِمٌ والكِسائِيُّ ويَعْقُوبُ ﴿عُزَيْرٌ﴾ بِالتَّنْوِينِ عَلى أنَّهُ عَرَبِيٌّ مُخْبَرٌ عَنْهُ بِابْنٍ غَيْرُ مَوْصُوفٍ بِهِ وحَذْفُهُ في القِراءَةِ الأُخْرى إمّا لِمَنعِ صَرْفِهِ لِلْعُجْمَةِ والتَّعْرِيفِ، أوْ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ تَشْبِيهًا لِلنُّونِ بِحُرُوفِ اللِّينِ أوْ لِأنَّ الِابْنَ وصْفٌ والخَبَرَ مَحْذُوفٌ مِثْلَ مَعْبُودِنا أوْ صاحِبِنا وهو مُزَيَّفٌ لِأنَّهُ يُؤَدِّي إلى تَسْلِيمِ النَّسَبِ وإنْكارِ الخَبَرِ المُقَدَّرِ. ﴿وَقالَتِ النَّصارى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ هو أيْضًا قَوْلُ بَعْضِهِمْ، وإنَّما قالُوهُ اسْتِحالَةً لِأنْ يَكُونَ ولَدٌ بِلا أبٍ أوْ لِأنْ يَفْعَلَ ما فَعَلَهُ مِن إبْراءِ الأكْمَهِ والأبْرَصِ وإحْياءِ المَوْتى مَن لَمْ يَكُنْ إلَهًا. ﴿ذَلِكَ قَوْلُهم بِأفْواهِهِمْ﴾ إمّا تَأْكِيدٌ لِنِسْبَةِ هَذا القَوْلِ إلَيْهِمْ ونَفْيٌ لِلتَّجَوُّزِ عَنْها، أوْ إشْعارٌ بِأنَّهُ قَوْلٌ مُجَرَّدٌ عَنْ بُرْهانٍ وتَحْقِيقٍ مُماثِلٍ لِلْمُهْمَلِ الَّذِي يُوجَدُ في الأفْواهِ ولا يُوجَدُ مَفْهُومُهُ في الأعْيانِ. ﴿يُضاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيْ يُضاهِي قَوْلُهم قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَحُذِفَ المُضافُ وأُقِيمَ المُضافُ إلَيْهِ مَقامَهُ. ﴿مِن قَبْلُ﴾ أيْ مِن قَبْلِهِمْ والمُرادُ قُدَماؤُهم عَلى مَعْنى أنَّ الكُفْرَ قَدِيمٌ فِيهِمْ، أوِ المُشْرِكُونَ الَّذِينَ قالُوا المَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ، أوِ اليَهُودُ عَلى أنَّ الضَّمِيرَ لِلنَّصارى، والمُضاهاةُ المُشابِهَةُ والهَمْزُ لُغَةٌ فِيهِ. وقَرَأ بِهِ عاصِمٌ ومِنهُ قَوْلُهُمُ امْرَأةٌ ضَهْياءُ عَلى فَعِيلٍ لِلَّتِي شابَهَتِ الرِّجالَ في أنَّها لا تَحِيضُ. ﴿قاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾ دُعاءٌ عَلَيْهِمْ بِالإهْلاكِ فَإنَّ مَن قاتَلَهُ اللَّهُ هَلَكَ، أوْ تَعَجُّبٌ مِن شَناعَةِ قَوْلِهِمْ. ﴿أنّى يُؤْفَكُونَ﴾ كَيْفَ يُصْرَفُونَ عَنِ الحَقِّ إلى الباطِلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب