الباحث القرآني

﴿ما كانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا﴾ لِلْمُشْرِكِينَ رُوِيَ: «أنَّهُ ﷺ قالَ لِأبِي طالِبٍ لَمّا حَضَرَتْهُ الوَفاةُ: « قُلْ كَلِمَةً أُحاجُّ لَكَ بِها عِنْدَ اللَّهِ» فَأبى فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: « لا أزالُ أسْتَغْفِرُ لَكَ ما لَمْ أُنْهَ عَنْهُ» فَنَزَلَتْ» وقِيلَ لَمّا افْتَتَحَ مَكَّةَ خَرَجَ إلى الأبْواءِ فَزارَ قَبْرَ أُمِّهِ ثُمَّ قامَ مُسْتَعْبِرًا فَقالَ: «إنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي في زِيارَةِ قَبْرِ أُمِّي فَأذِنَ لِي واسْتَأْذَنْتُهُ في الِاسْتِغْفارِ لَها فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وأنْزَلَ عَلَيَّ الآيَتَيْنِ» . ﴿وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهم أنَّهم أصْحابُ الجَحِيمِ﴾ بِأنْ ماتُوا عَلى الكُفْرِ، وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى جَوازِ الِاسْتِغْفارِ لِأحْيائِهِمْ فَإنَّهُ طَلَبُ تَوْفِيقِهِمْ لِلْإيمانِ وبِهِ دَفْعُ النَّقْضِ بِاسْتِغْفارِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِأبِيهِ الكافِرِ فَقالَ: (p-100)﴿وَما كانَ اسْتِغْفارُ إبْراهِيمَ لأبِيهِ إلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وعَدَها إيّاهُ﴾ وعَدَها إبْراهِيمُ أباهُ بِقَوْلِهِ: ﴿لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ أيْ لَأطْلُبَنَّ مَغْفِرَتَكَ بِالتَّوْفِيقِ لِلْإيمانِ فَإنَّهُ يَجُبُّ ما قَبْلَهُ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قِراءَةُ مَن قَرَأ « أباهُ»، أوْ « وعَدَها إبْراهِيمَ أبُوهُ» وهي الوَعْدُ بِالإيمانِ ﴿فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ﴾ بِأنْ ماتَ عَلى الكُفْرِ، أوْ أُوحِيَ إلَيْهِ بِأنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ ﴿تَبَرَّأ مِنهُ﴾ قَطَعَ اسْتِغْفارَهُ. ﴿إنَّ إبْراهِيمَ لأوّاهٌ﴾ لَكَثِيرُ التَّأوُّهِ وهو كِنايَةٌ عَنْ فَرْطِ تَرَحُّمِهِ ورِقَّةِ قَلْبِهِ. ﴿حَلِيمٌ﴾ صَبُورٌ عَلى الأذى، والجُمْلَةُ لِبَيانِ ما حَمَلَهُ عَلى الِاسْتِغْفارِ لَهُ مَعَ شَكاسَتِهِ عَلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب