الباحث القرآني

(p-286)سُورَةُ عَبَسَ مَكِّيَّةٌ وآيُها ثَنَتانِ وأرْبَعُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿عَبَسَ وتَوَلّى﴾ ﴿أنْ جاءَهُ الأعْمى﴾ رُوِيَ: «أنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ أتى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وعِنْدَهُ صَنادِيدُ قُرَيْشٍ يَدْعُوهُمُ الى الإسْلامِ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مِمّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، وكَرَّرَ ذَلِكَ ولَمْ يَعْلَمْ تَشاغُلَهُ بِالقَوْمِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَطْعَهُ لِكَلامِهِ وعَبَسَ وأعْرَضَ عَنْهُ فَنَزَلَتْ، فَكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكْرِمُهُ ويَقُولُ إذا رَآهُ: مَرْحَبًا بِمَن عاتَبَنِي فِيهِ رُبِّي، واسْتَخْلَفَهُ عَلى المَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ.» وَقُرِئَ «عَبَّسَ» بِالتَّشْدِيدِ لِلْمُبالَغَةِ وأنْ جاءَهُ عِلَّةٌ لِـ تَوَلّى، أوْ عَبَسَ عَلى اخْتِلافِ المَذْهَبَيْنِ، وقُرِئَ «أإنْ» بِهَمْزَتَيْنِ وبِألِفٍ بَيْنَهُما بِمَعْنى ألَئِنْ جاءَهُ الأعْمى فَعَلَ ذَلِكَ، وذِكْرُ الأعْمى لِلْإشْعارِ بِعُذْرِهِ في الإقْدامِ عَلى قَطْعِ كَلامِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالقَوْمِ والدَّلالَةِ عَلى أنَّهُ أحَقُّ بِالرَّأْفَةِ والرِّفْقِ، أوْ لِزِيادَةِ الإنْكارِ كَأنَّهُ قالَ: تَوَلّى لِكَوْنِهِ أعْمى كالِالتِفاتِ في قَوْلِهِ: ﴿وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكّى﴾ أيْ: وأيُّ شَيْءٍ يَجْعَلُكَ دارِيًا بِحالِهِ لَعَلَّهُ يَتَطَهَّرُ مِنَ الآثامِ بِما يَتَلَقَّفُ مِنكَ. وَفِيهِ إيماءٌ بِأنَّ إعْراضَهُ كانَ لِتَزْكِيَةِ غَيْرِهِ. ﴿أوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى﴾ أوْ يَتَّعِظُ فَتَنْفَعَهُ مَوْعِظَتُكَ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ في لَعَلَّهُ لِلْكافِرِ أيْ أنَّكَ طَمِعْتَ في تَزَكِّيهِ بِالإسْلامِ وتَذَكُّرِهِ بِالمَوْعِظَةِ ولِذَلِكَ أعْرَضْتَ عَنْ غَيْرِهِ، فَما يُدْرِيكَ أنَّ ما طَمِعْتَ فِيهِ كائِنٌ، وقَرَأ عاصِمٌ فَتَنْفَعَهُ بِالنَّصْبِ جَوابًا لِـ لَعَلَّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب